1

تحقيق جديد وأدلة عن إعدام المسعفين في تل السلطان برفح: “قتلوا من مسافة قريبة”

نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تحقيقا شارك فيه عدد من مراسيلها، مريام بيرغر ولويزا لافلاك وإيموغين بايبر وحازم بلوشة وهاجر حرب وأبي جيزمان، حاولوا فيه الكشف عن الكيفية التي انتهى فيها مسعفون فلسطينيون في مقبرة جماعية بغزة.

وقالت الصحيفة إن إسرائيل تزعم أن إطلاق النار وقتل عمال الطوارئ جاء لأنهم تحركوا “بطريقة مشبوهة”. لكن سجل المسعفين والشهادات ولقطات الفيديو والتسجيلات الصوتية تقدم صورة مثيرة للقلق وسردا آخر. فقد ظل 14 مسعفا فلسطينيا في عداد المفقودين لمدة أسبوع، عندما عثر عليهم أفراد من الأمم المتحدة والدفاع المدني أواخر الشهر الماضي في مقبرة جماعية محفورة في الرمال.

وأظهرت مقاطع فيديو أن الجنود الإسرائيليين دفنوهم، بالإضافة إلى حطام سيارات الإسعاف الخاصة بهم، خارج مدينة رفح جنوب غزة حيث تميز مقرهم الأخير بأحد أضواء الطوارئ الحمراء الخاصة بهم.

أظهرت مقاطع فيديو أن الجنود الإسرائيليين دفنوهم، بالإضافة إلى حطام سيارات الإسعاف الخاصة بهم، خارج مدينة رفح جنوب غزة

 إلا أن تحليل صحيفة “واشنطن بوست” لأحداث ذلك اليوم وقبل انبلاج الفجر، استنادا إلى سجلات المراسلات وشهادات الشهود ولقطات الفيديو وصور الأقمار الصناعية وصور القتلى، يتناقض مع الرواية الإسرائيلية الرسمية في جوانب رئيسية.

فبينما زعم الجيش الإسرائيلي أن الجنود أطلقوا النار من بعيد، جاء إطلاق النار في البداية من مسافة 150 قدما أو أقل، وفي وقت لاحق، من مسافة حوالي 50 قدما، وذلك حسب تقديرات خبيرين في الأدلة الجنائية الصوتية قاما بتحليل فيديو للأحداث بناء على طلب صحيفة “واشنطن بوست”.

وبينما زعم الجيش الإسرائيلي أن السيارة التي أطلق جنوده النار عليها في البداية كانت تابعة لـ “شرطة حماس” تقل “إرهابيين”، تشير سجلات الإرسال التي حصلت عليها الصحيفة والمقابلات إلى أنها كانت سيارة إسعاف أرسلها الهلال الأحمر الفلسطيني قبل وقت قصير من تلقيه نداء طوارئ. وكان على متنها فريق من ثلاثة مسعفين لديهم 55 عاما من العمل مع الجمعية.

وتضيف الصحيفة أن سيارات الإسعاف الأخرى والتي تعرضت لاحقا لإطلاق النار كانت تحمل علامات واضحة على أنها تابعة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني والدفاع المدني الفلسطيني. وكان المسعفون الذين خرجوا من مركباتهم يرتدون في الغالب ملابس فسفورية تميزهم كعمال طوارئ، كما يظهر في الفيديو.

وبينما أخبر الجيش الإسرائيلي الصحافيين في البداية أن الجنود أطلقوا النار على المركبات لأن أضواء الطوارئ الحمراء المشعة لم تكن مضاءة، فإن الفيديو يظهر العكس.

وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن التحقيق يتركز على لواء النخبة غولاني. فقبل أيام من نشر لواء غولاني في جنوب قطاع غزة، أظهر مقطع فيديو بثته القناة 14 الإسرائيلية أحد القادة، المقدم د، وهو يخاطب قواته قائلا لهم: “كل من نواجهه عدو، إذا تم تحديد هوية شخص ما، نطلق النار عليه، ونقضي عليه، ثم نتقدم للأمام. لا تخلطوا الأمر”.

وتشير الصحيفة إلى تسلسل اكتشاف المذبحة، ففي مساء يوم 22 آذار/مارس قال سكان حي تل السلطان والمخيم السعودي في رفح إنهم تعرضوا لقصف إسرائيلي كثيف.

وقبل أيام قليلة، انتهكت إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار مع حماس، وسرعان ما أعادت نشر الكثير من القوات البرية إلى القطاع.

وقد انطلقت أول سيارة إسعاف من مواقف جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في خربة العدس، شرقي رفح، حوالي الساعة 3:50 صباح يوم 23 آذار/مارس، استجابةً لقصف منزل في تل السلطان، حسب نبال فرسخ، المتحدثة باسم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.

https://x.com/RamAbdu/status/1908458589137645757?ref_src=twsrc%5Etfw%7Ctwcamp%5Etweetembed%7Ctwterm%5E1908458589137645757%7Ctwgr%5Eca36c60eba460114a38fbadc55a4045b4dfa69e1%7Ctwcon%5Es1_c10&ref_url=https%3A%2F%2Fwww.alquds.co.uk%2FD8AAD8ADD982D98AD982-D8ACD8AFD98AD8AF-D988D8A3D8AFD984D8A9-D8B9D986-D8A5D8B9D8AFD8A7D985-D8A7D984D985D8B3D8B9D981D98AD986-D981D98A-D8AA%2F

وانتشل الطاقم ثلاث جثث من ذلك الموقع ونقلت إلى مستشفى ناصر، قبل أن يعود إلى القاعدة حوالي الساعة 4:35 صباحًا. في غضون ذلك، أُرسلت سيارة إسعاف ثانية من المستشفى الميداني البريطاني في شمال رفح للمساعدة في موقع قصف تل السلطان. وبعد فترة وجيزة، اتصلت سيارة الإسعاف الأولى عبر الراديو لتخبر أن الحادث قد انتهى، ولكن لم يكن هناك رد من الثانية. وقالت فرسخ إن مسعفيها، منذر عابد ومصطفى خفاجة وعز الدين شعث لم يعودوا يردون على هواتفهم. وبدأ عمال الطوارئ الفلسطينيون بتوقع الأسوأ. وروى عابد، الناجي الوحيد من سيارة الإسعاف الثانية، لاحقا في مقابلة هاتفية أن سيارته تعرضت لإطلاق نار في طريقها إلى تل السلطان، مما أدى إلى توقفها.

وساد الصمت في المقدمة، حيث قال عابد إنه لم يكن يعلم حينها إن كان الراكبين في المقدمة أحياء أم قتلى. وقال عابد، 27 عاما والذي يعمل في الهلال الأحمر منذ عام 2015، إنه نجا بسبب تمدده على أرضية سيارة الإسعاف، حتى فتح جنود إسرائيليون يحملون أسلحة ويرتدون نظارات ليلية باب السيارة.

وقال: “جروني من السيارة على الرمال”، واحتجز في حفرة على جانب الطريق بعيدا عن سيارات الإسعاف التي اخترقها الرصاص. وتظهر صور الأقمار الاصطناعية الملتقطة الساعة 10:48 صباحا من ذلك اليوم حفرة عميقة على الجانب الغربي من الطريق، بداخلها علامات داكنة مشوهة. وشاركت الصحيفة الصور مع عابد، الذي أكد أن هذا هو مكان احتجازه. وقال خبراء صور الأقمار الاصطناعية إن العلامات تشير إلى احتمال وجود أشخاص.

تظهر صور الأقمار الاصطناعية الملتقطة الساعة 10:48 صباحا من ذلك اليوم حفرة عميقة على الجانب الغربي من الطريق، بداخلها علامات داكنة مشوهة

وقال عابد إنه جرد من ملابسه وضرب وكانت يداه مقيدتين، وسأله الجنود عن عائلته وما إذا كان قد شارك في هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023. وقال إنه في لحظة ما، ضغط أحد الجنود بخنجر على جلد يده.

وفي وصفه للحادث، قال مسؤول عسكري إسرائيلي في إحاطة للصحافيين الأجانب إن جنودا إسرائيليين أطلقوا النار على مركبة تابعة لـ”شرطة حماس”، ما أسفر عن مقتل “إرهابيين” واعتقال أحدهم. ولم يستجب الجيش لطلبات الحصول على مزيد من التفاصيل، بما في ذلك ما إذا كان المعتقل هو عابد، وإذا كان كذلك، فلماذا أُطلق سراحه لاحقا. وفي مقطع فيديو صوره مسعف فلسطيني آخر أُرسل إلى موقع الحادث، وصف عابد وطاقمه بأنهم زملاء في فرق الطوارئ.

 ولم تشاهد أي مركبات أخرى في المنطقة في ذلك الوقت، وفقا لمراجعة اللقطات المتاحة. ورفض الجيش الإسرائيلي التعليق على مزاعم إساءة معاملة السجناء، قائلا إن التحقيق في أحداث 23 آذار/مارس جار.

وقالت فرسخ إن سيارة الإسعاف الأولى عادت بسلام إلى مركزها في خربة العدس. وانطلقت مجددا حوالي الساعة 4:50 صباحا مع طاقمها، صلاح معمر ورائد الشريف وأشرف أبو لبدة، لتحديد مكان زملائهم المفقودين. وبعد ثلاث دقائق فقط، اتصل المسعفون ليبلغوا عن عثورهم عليهم، كما قال فرسخ. ورأوا مصابين على الأرض، وكانت هناك حاجة ماسة للدعم، فانطلقت سيارتا إسعاف تابعتان لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني للانضمام إليهم.

وسجل رفعت رضوان، وهو مسعف في إحدى هاتين السيارتين، فيديو مدته 19 دقيقة عبر هاتف محمول وثق فيه المحادثات أثناء محاولتهم الاتصال بالسيارة المفقودة. وقد سمع وهو يقول من خلف الكاميرا: “نتصل بهواتفهم، ولا أحد يجيب”. وأجاب مسعف آخر وهو أسعد النصاصرة: “مستحيل، عز الدين عادة يجيب على الهاتف”. ورد رضوان: “كذلك مصطفى ومنذر”.

وقال مسؤولو الإغاثة إنه بموجب الإجراءات التي تتبعها المنظمات الإنسانية في غزة، لم تكن طواقم الإسعاف بحاجة إلى التنسيق، لأن المنطقة لا تعتبر منطقة قتال. وبحسب كل من جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني والجيش الإسرائيلي، وصلت آخر مركبات الطوارئ الفلسطينية إلى موقع إطلاق النار في ذلك الصباح بحلول الساعة السادسة صباحا. ولم يصدر الجيش أمرا رسميا بإخلاء المنطقة، وهو بروتوكوله المعتاد لإعلان منطقة قتال – حتى الساعة 8:31 صباحا.

ويظهر مقطع فيديو رضوان الذي صوره على هاتفه المحمول أنه بعد أن أخطأ في البداية موقع سيارة الإسعاف العالقة في الظلام، عادت سيارته أدراجها، برفقة سيارتي الإسعاف الأخريين وعدة سيارات دفاع مدني أُرسلت لدعم مهمة الإنقاذ. وصرخ معمر، وفقا للصوت المسجل: “نحن مكشوفون للإسرائيليين هنا. هيا نتحرك في قافلة”.

ويظهر الفيديو أن السيارات كانت تحمل علامات واضحة وأن أضواءها الحمراء المتوهجة واضحة. وكانت صحيفة “نيويورك تايمز” أول من أشار إلى وجود الفيديو والأضواء المتوهجة. وبينما كانت فرق الإنقاذ تقترب من سيارة الإسعاف العالقة، شاهد المسعفون ضحايا على الأرض، كما يظهر الفيديو.

وصرخ رضوان: “إنهم ملقون هناك”. يمكن رؤية العديد من الرجال يرتدون سترات عاكسة يركضون من سياراتهم نحو سيارة الإسعاف. وبعد لحظات، بدأ إطلاق النار وخرج رضوان من السيارة. وسجل الفيديو صرخات استغاثته. وبعد عدة دقائق، هدأ الجو لفترة وأصبح صوته أكثر هدوءا، وبنبرة متوسلة: “سامحيني يما سامحيني”، ظل يردد، و”هذا هو الطريق الذي اخترته، لمساعدة الناس”. ثم استؤنف إطلاق النار. وسمعت صيحات باللغة العبرية لفترة وجيزة.

يشير التحليل الصوتي للتسجيل إلى أن تلك الأصوات الإسرائيلية كانت على بعد حوالي 100 قدم من هاتف رضوان المحمول، مما يشير إلى أن القوات كانت تتقدم

ويشير التحليل الصوتي للتسجيل إلى أن تلك الأصوات الإسرائيلية كانت على بعد حوالي 100 قدم من هاتف رضوان المحمول، مما يشير إلى أن القوات كانت تتقدم، وفقا لروب ماهر، خبير الأدلة الجنائية الصوتية في جامعة ولاية مونتانا. وكان آخر ما قاله رضوان بذعر قبل انتهاء التسجيل هو أن الجنود “قادمون”. وعثر لاحقا على جثة رضوان في المقبرة الجماعية. وبرر المسؤول العسكري الإسرائيلي إطلاق القوات لنار لاعتقادها بوجود كمين، وأضاف: “لقد أطلقوا النار على هؤلاء الأشخاص من بعيد. لم يكن ذلك من مسافة قريبة. لقد أطلقوا النار من بعيد”.

ونقلت الصحيفة عن خبيرين في الأدلة الجنائية الصوتية راجعا الفيديو بناء على طلب “واشنطن بوست” قولهما إنه يمكن سماع أكثر من 100 طلقة نارية من أسلحة نارية متعددة لأكثر من خمس دقائق. وقال ماهر إن تحليله وجد أن مطلق نار واحدا على الأقل كان في البداية على بعد حوالي 150 قدما، حسب نوع الذخيرة. وأضاف أنه في النهاية، جاء إطلاق النار من مسافة حوالي 40 قدما.

وقدر ستيفن بيك، خبير الأدلة الجنائية الصوتية الذي عمل مستشارا لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي أي) لأكثر من عقد، أن اثنين على الأقل من مطلقي النار كانا في البداية على بعد حوالي 130 قدما من الهاتف المحمول. وأضاف أنه مع اقتراب نهاية التسجيل الصوتي، بدا أن إطلاق النار يأتي من مسافات تتراوح بين 60 و50 و40 قدما.

كما وتظهر صور الأقمار الصناعية الملتقطة الساعة 10:48 صباحا، والتي نشرتها الجزيرة، 20 مركبة عسكرية مدرعة ضمن دائرة نصف قطرها نصف ميل، بما في ذلك دبابة ميركافا وناقلات جنود مدرعة وجرافة كاتربيلر واحدة على الأقل تابعة للجيش الإسرائيلي إلى جانب مركبات هندسية مجنزرة أخرى.

ويتذكر عابد، الذي احتجز في حفرة على جانب الطريق، أنه سمع صوت سيارات الإنقاذ تقترب ثم صوت إطلاق نار. وفي وقت لاحق، نقل نصاصرة، أحد المسعفين الذين كانوا في سيارة إسعاف رضوان، إلى نفس الحفرة، كما يتذكر عابد. وقال إن الرجلين تحدثا لفترة وجيزة. وقال نصاصرة إن رضوان مات، وفقا لعابد. وكذلك أبو لبدة، وزميليه المسعفين محمد الحيلة ومحمد بهلول، اللذين كانا في سيارة الإسعاف الرابعة. إلا أن معمر وزميله رائد الشريف كانا على قيد الحياة، رغم إصابتهما، كما أفاد نصاصرة. وقال عابد: “أخبرني أنه رآهما بأم عينيه”.

وقد عثر لاحقا على جثتي معمر والشريف في المقبرة الجماعية. وقال عابد إن الجنود أطلقوا سراحه بعد ساعات من اعتقاله. ولا يزال نصاصرة مفقودا. وقد وثق مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة عمليات استخراج الجثث في 30 آذار/مارس. وكانت الجثث متحللة جزئيا ومغطاة بالرمال. وعثر على عامل فلسطيني في الأمم المتحدة ضمن القتلى، ولم تتضح ملابسات وفاته.

وقال جوناثان ويتال، الممثل الرئيسي لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في غزة، بالفيديو: “ننبش قبورهم بزيهم الطبي وقفازاتهم. لقد كانوا هنا لإنقاذ الأرواح، لكنهم انتهوا في مقبرة جماعية”.

صحيفة واشنطن بوست

ترجمة صحيفة القدس العربي




نيويورك تايمز تكشف تفاصيل لقاءات الأمريكيين مع حماس ومحاولات إسرائيل تخريبها وفشلها النهائي

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا أعده كل من آدم راسغون ورونين بيرغمان، قالا فيه إن الأمريكيين كانوا في عجلة من أمرهم. فقد أراد آدم بوهلر، المسؤول الأمريكي الكبير، أن توافق حماس على إطلاق سراح آخر أسير أمريكي إسرائيلي على قيد الحياة في غزة حتى يتمكن الرئيس ترامب من إعلان إطلاق سراحه خلال خطاب حالة الاتحاد أمام الكونغرس.

وفي الوقت الذي وصل فيه ترامب إلى الكونغرس، كان الجانبان لا يزالان يتساومان ولم يلتزما بالموعد النهائي، وفقا لأربعة أشخاص مطلعين على النقاش، تاركين للرئيس إشارة عابرة فقط عن الأسرى في غزة.

مع ذلك، استمرت المحادثات التي تجاوزت عقودا من العداء المتجذر، في اليوم التالي، مما يدل على مدى حرص الجانبين على إبرام صفقة.

بدأ كل شيء وانتهى في آذار/ مارس. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة دعمت إسرائيل في حربها ضد حماس، إلا أن مسؤولي إدارة ترامب التقوا بكبار مسؤولي حماس في قطر ثلاث مرات، حسبما قال الأشخاص الأربعة.

كانت الاجتماعات بمثابة انحراف عن السياسة الأمريكية الراسخة ضد الاتصال بالجماعة المسلحة، التي تعتبرها الولايات المتحدة منظمة إرهابية.

فقد جعل ترامب من إطلاق سراح جميع الأسرى هدفا رئيسيا، لإظهار النجاح في وقت فشلت فيه إدارة بايدن.

ومع ذلك، في اجتماع مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هذا الأسبوع، طغت تصريحاته عن التعرفات الجمركية والدبلوماسية الإيرانية على حديثه بشأن الأسرى.

وأكدت محادثات آذار/ مارس على نهج إدارة ترامب المؤقت في الدبلوماسية، ولكن في مواجهة المعارضة الإسرائيلية الغاضبة وتردد حماس وموقف إدارة ترامب المتغير، لم يتم التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الأسير عيدان ألكسندر.

وقد استندت “نيويورك تايمز” في تقريرها هذا على محادثات مع ستة أشخاص مطلعين على الاجتماعات المغلقة، وجميعهم تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة الدبلوماسية الحساسة.

فقد كانت المحادثات منفصلة عن محاولات إسرائيل وحماس المتعثرة لتمديد وقف إطلاق النار المتعثر، حيث انتهت المرحلة الأولى من تلك الاتفاقية الموقعة في كانون الثاني/ يناير دون التوصل إلى اتفاق للانتقال إلى المرحلة الثانية، التي دعت إلى إنهاء الحرب وانسحاب إسرائيل من غزة.

ذلك أن نتنياهو قال إن الحرب لن تنتهي حتى يتم تفكيك الجناح العسكري لحماس وحكومتها، بينما تبدو حماس مستعدة فقط للتخلي عن السيطرة على الحكومة المدنية ولكن ليس أسلحتها.

وقال شخصان مطلعان على الأمر، إن الجمود ترك المسؤولين الأمريكيين بانطباع أن الأمر مجرد مسألة وقت حتى تستأنف إسرائيل عملياتها العسكرية في غزة، مما يعرض  ألكسندر والإفراج عن جثث أربعة أمريكيين- إسرائيليين آخرين للخطر.

وقال المصدران إن بوهلر كان يعتقد أن حماس قد ترغب في تقديم لفتة لترامب، وأن اتفاقا جانبيا يمكن أن يبني زخما نحو مناقشات جادة حول المرحلة الثانية.

ولم يستجب مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض لطلب التعليق على هذا التقرير.

في يوم الاجتماع الأول، بعد وجبة الإفطار الرمضانية، استقبل ثلاثة مسؤولين من حماس بوهلر، مستثمر الأسهم الخاصة الذي كان مرشح  ترامب لمنصب المبعوث الخاص لشؤون الرهائن، ومستشاره، وهو خريج حديث من كلية هارفارد للأعمال. وقد التقيا في غرفة جلوس بها جدارية كبيرة للمسجد الأقصى في القدس وصورة لإسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس الذي اغتالته إسرائيل في تموز/ يوليو.

وبعد منتصف الليل، تأمل المسؤولون في الطابع التاريخي للاجتماع وتناولوا الكنافة، وشربوا عصير البرتقال الطازج. كما ناقشوا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وهجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر، حسبما ذكر أربعة أشخاص مطلعين على المحادثة.

ووفقا للأشخاص، بذل مسؤولو حماس، طاهر النونو وباسم نعيم وأسامة حمدان، جهدا لمخاطبة نظرائهم الأمريكيين. جادل النونو بأن حماس كانت تحاول ضمان حرية الفلسطينيين، وهي قيمة قال إنها عزيزة على الأمريكيين.

بعد يومين من الاجتماع الأول، عاد بوهلر للتحدث مع خليل الحية، كبير مفاوضي حماس، وفقا لما ذكره الأشخاص الأربعة. قال الحية إن حماس ستطالب عادة بالإفراج عن 500 أسير فلسطيني من المعتقلات الإسرائيلية مقابل رهينة مثل ألكسندر، ولكن في بادرة حسن نية ولتوفير الوقت، ستطلب 250 فقط، من بينهم 100 يقضون أحكاما بالسجن المؤبد.

وقال الحية إنه يعتقد أن الولايات المتحدة قادرة على دفع الإسرائيليين للإفراج عن هذا العدد الكبير من الأشخاص، وفقا لشخصين مطلعين على النقاش. ولم يستجب أحد مساعدي الحية و نعيم، المتحدث باسم حماس والذي يتحدث باسم الحركة بشكل عام، لطلبات مفصلة للتعليق.

وأكد مسؤول فلسطيني التفاصيل العامة للمحادثات شريطة عدم الكشف عن هويته.

وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، عرض بوهلر 100 أسير يقضون أحكاما بالسجن المؤبد ووعد بالإفراج عن 150 أسيرا من الدرجة الأدنى في تاريخ لاحق مقابل ألكسندر، وفقا لثلاثة أشخاص مطلعين على الأمر.

وتحتجز إسرائيل ما يقرب من 300 أسير فلسطيني يقضون أحكاما بالسجن المؤبد، وكان المسؤولون حذرين من تسليم عدد كبير منهم مقابل أسير واحد.

وتعرّض بوهلر لضغوط من إسرائيل بشأن المحادثات. وتلقى مكالمة هاتفية غاضبة من رون ديرمر، مستشار نتنياهو، أعرب فيها عن إحباطه من عدم إبلاغ  إسرائيل مسبقا، وفقا لشخصين مطلعين على المكالمة. في اليوم التالي، أفاد موقع “أكسيوس” أن بوهلر قد التقى بمسؤولين من حماس، وهو تسريب قال مسؤولون أمريكيون إنهم يعتقدون أنه من تدبير مسؤولين إسرائيليين لتخريب المحادثات. لم يرد  ديرمر على طلب التعليق.

وغالبا ما تتشاور الولايات المتحدة مع إسرائيل بشأن مسائل الأمن القومي الحساسة، لكن ربما لم يرغب مسؤولو إدارة ترامب في إبقاء المسؤولين الإسرائيليين على اطّلاع لأن إسرائيل عطلت محاولة سابقة للقاء قادة حماس.

في تلك المرة، فور تنصيب ترامب في 20 كانون الثاني/ يناير، سافر بوهلر إلى الدوحة حيث كان يأمل في مقابلة مسؤولي حماس، من بين أسباب أخرى للرحلة. ولكن عندما علم مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بخطط  بوهلر، تدخل المسؤولون الإسرائيليون لدى البيت الأبيض، وفقا لشخصين مطلعين على الأحداث. وألغى البيت الأبيض الاجتماع.

خلال اجتماعات آذار/ مارس، كان  بوهلر على اتصال وثيق مع ستيف ويتكوف، مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط، حيث كان ينسق المواقف ويقدم التحديثات، حسبما قال الشخصان.

قبل الاجتماع الثالث والأخير مع حماس، في 5 آذار/ مارس، لم يعد المسؤولون الأمريكيون يرون أن عرضهم ممكن. وقرروا أن أقصى ما يمكنهم اقتراحه هو 100 أسير، دون وعد بأن يكونوا من ذوي أحكام السجن المؤبد، مقابل ألكسندر.

وكان العرض يشمل أيضا إطلاق سراح نساء وأطفال فلسطينيين مقابل جثث الأسرى الأمريكيين الإسرائيليين الأربعة، واستئناف إيصال المساعدات إلى غزة، وخطة لإرسال ويتكوف إلى الدوحة لتسوية تفاصيل التبادل وبدء حوار حول المرحلة الثانية، وفقا لما ذكره شخصان مطلعان على الأمر. قبل أيام، قطعت إسرائيل دخول المساعدات إلى القطاع للضغط على حماس.

وتناولت الاجتماعات أيضا رؤية حماس لمستقبل غزة. وأبلغ الحية محاوريه الأمريكيين أن حماس منفتحة على هدنة تتراوح بين خمس وعشر سنوات، تُلقي فيها الحركة سلاحها.

من بين اقتراحات أخرى، قال الحية أيضا إن حماس تريد إطلاق سراح اثنين من قادة مؤسسة الأرض المقدسة المنحلة ومقرها تكساس، والذين أدينوا في الولايات المتحدة عام 2008 بتقديم “دعم مادي” للحركة، وفقا لأربعة أشخاص مطلعين على المحادثة.

وفي نهاية الاجتماع الأخير، أخبر بوهلر الحية أن عرضه الأخير نهائي وقد لا يكون مطروحا على الطاولة إذا لم تقبله حماس بحلول الوقت الذي تقلع فيه طائرته في غضون ساعات قليلة، وفقا لأربعة أشخاص مطلعين على الأمر. وأشار الحية إلى أن حماس لن تقبله، حتى لو أراد الصفقة بنفسه.

وبعد أسبوع، أصدرت حماس بيانا أعلنت فيه استعدادها لإبرام صفقة لإطلاق سراح  ألكسندر وجثث الرهائن الأمريكيين الإسرائيليين. وقال شخصان مطلعان على محتواه إن العرض كان مشابها للعرض الذي اقترحه بوهلر، ولكنه كان متأخرا جدا: لم يعد بوهلر يتفاوض مباشرة مع الحركة.

وعندما سافر ويتكوف إلى الدوحة في منتصف آذار/ مارس، طالب حماس بالموافقة على إطلاق سراح العديد من الأسرى الأحياء دون ضمانات بنهاية الحرب.

وبعد أيام، استأنفت إسرائيل حملة القصف على غزة، ولا يزال ألكسندر أسيرا.

صحيفة نيويورك تايمز

ترجمة ابراهيم درويش




إيكونوميست: إسرائيل عازمة على تدمير غزة بالكامل.. وبدون ضغط أمريكي فلن يمنعها أحد

قالت مجلة “إيكونوميست” إن إسرائيل تنوي تدمير غزة بالكامل، وبدون ضغط أمريكي، فمن الصعب رؤية من سيوقفها.

وقالت المجلة إن الجنرالات الإسرائيليين أرادوا ألا يلاحظ أحد العملية العسكرية التي شنت في الأول من نيسان/ أبريل وإلى حين تمركز جنودهم في مواقع آمنة.

لكن السياسيين سارعوا إلى التباهي بها، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، إن الجيش شرع في عملية جديدة “لسحق المنطقة وتطهيرها من الإرهابيين”. وأضاف أن العملية تهدف إلى “الاستيلاء على مساحات واسعة [من غزة] وضمها إلى المناطق الأمنية الإسرائيلية”.

وبعد ساعات قليلة، نشر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مقطع فيديو تباهى فيه بأن إسرائيل “تغير مسارها”. مما أثار استياء الجنرالات، حيث كشف نتنياهو أيضا عن اسم العملية وموقعها: “ممر موراغ”.

وقد كان الفيديو بمثابة رسالة إلى قاعدته الشعبية المتطرفة. فموراغ كانت مستوطنة إسرائيلية صغيرة تقع بين رفح وخان يونس، عندما احتلت إسرائيل قطاع غزة بأكمله. الآن، عادت القوات الإسرائيلية، والهدف هو تقسيم الشريط الساحلي الذي تبلغ مساحته 365 كيلومترا مربعا إلى مناطق منفصلة، ​​حيث سيدمر الجيش الإسرائيلي أحياء بأكملها، على أمل القضاء أخيرا على حماس، الحركة التي لا تزال تسيطر على جزء من غزة.

وأصدر الجيش أوامر إلى سكان رفح باللجوء إلى “ملاجئ” ضيقة على الساحل. وأكد مسؤولون أمنيون إسرائيليون لصحيفة “الإيكونوميست” أن الخطة تهدف إلى إخلاء منطقة رفح، جنوب قطاع غزة، بشكل دائم، والتي تمثل حوالي 20% من إجمالي مساحة القطاع. وتجري حاليا عملية مماثلة في منطقة أصغر شمال القطاع.

وتشير المجلة إلى أن هذه الخطوات هي جزء من خطة أوسع لإجبار أكثر من مليوني فلسطيني في غزة على مغادرة المدن والبلدات والتوجه إلى الساحل.

ويهدف هذا على المدى القصير، إلى إنشاء “مناطق إبادة” لا يبقى فيها، نظريا، سوى مقاتلي حماس. أما على المدى البعيد، فتأمل إسرائيل أن يهاجر سكان غزة “طواعية”. وتشير المجلة إلى أن الإسرائيليين يهدفون من حصر السكان في منطقة الساحل لتحقيق هدف آخر. ففي ظل الحصار ومنع دخول المواد الغذائية والطبية، يقول مسؤولون إسرائيليون إن ممر موراغ سيكون الخط لنقل المواد الإنسانية لهذه التجمعات الساحلية، وحرمان حماس من السيطرة على المواد الغذائية، كما يزعمون. وأيضا يزعمون أن هناك وفرة كبيرة في المواد الغذائية والإنسانية.

 وتقول المجلة إن هذا سيكون تغييرا كبيرا في السياسة الإسرائيلية. فحتى وقت قريب، رفض الجيش الإسرائيلي تحمل مسؤولية الاحتياجات الإنسانية في غزة، مفضلا تنسيق قوافل المساعدات مع المنظمات الدولية. وفي جلسات خاصة، قال الجنرالات إنهم يريدون تجنب إعادة احتلال فعلي لغزة.

أما الآن، وتحت ضغط السياسيين الذين يريدون السيطرة على الإمدادات إلى غزة تمهيدا لإقامة سلطة إسرائيلية طويلة الأمد، فقد رضخ الجنرالات. وبموجب الخطط الجديدة، سيوزع الجيش الإسرائيلي الإمدادات مباشرة على المدنيين النازحين إلى الساحل. أما في بقية غزة، فستطبق عليها سياسة الأرض المحروقة التي تهدف إلى القضاء على حماس نهائيا.

وليس من الواضح متى ستبدأ هذه المرحلة. ففي هذه الأثناء، بدأت الإمدادات تنفد مجددا. وقد أغلق برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة 25 مخبزا تنتج الخبز اليومي، إذ لم يعد بإمكانه تزويدها بالوقود أو الدقيق. كما لا تستطيع العائلات إعداد خبزها بنفسها، إذ يبلغ سعر كيلوغرام غاز الطهي الآن 250 شيكلا على الأقل (66 دولارا)، وكيس الدقيق الذي يزن 25 كيلوغراما هو ضعف هذا السعر. كما أن مواد أساسية كالسكر وزيت الطهي تختفي من الأسواق. وأصبحت المياه نادرة، فقد انخفضت القدرة الإنتاجية لمحطة تحلية المياه الرئيسية في غزة إلى نسبة 85% منذ توقف إسرائيل عن تزويد القطاع بالطاقة الكهربائية الشهر الماضي.

وتقول الأمم المتحدة إن معظم سكان غزة يحصلون على 6 لترات من المياه يوميا. ولا يعتبر الجوع التهديد الوحيد للحياة. ففي الشهر الماضي، قتلت القوات الإسرائيلية 15 مسعفا فلسطينيا قرب رفح. وزعم الجيش الإسرائيلي أن السيارات كانت تسير بشكل مثير للريبة، دون أضواء أو صفارات إنذار.

وأظهر مقطع فيديو حصلت عليه صحيفة “نيويورك تايمز” أن رواية الجيش كاذبة. فقد كانت سيارات الإسعاف مزودة بأضواء وإشارات طوارئ.

وقُتل المسعفون الذين يرتدون الزي الطبي بوابل من الرصاص. وأشارت الصحيفة لاحتجاجات بين السكان في غزة على الأوضاع هناك. وانتهكت إسرائيل وقف إطلاق النار في غزة أولا بغارات جوية، في 18 آذار/ مارس. وقد أسفرت عملياتها البرية منذ ذلك الحين عن مقتل أكثر من ألف شخص.

وتزعم المجلة أن حماس، التي تخشى المزيد من الاحتجاجات، تبدي استعدادها لقبول هدنة مؤقتة أخرى تستمر لبضعة أسابيع، والتي ستتبادل خلالها عددا صغيرا من الأسرى الإسرائيليين البالغ عددهم 59 الذين ما زالوا في غزة، مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين.

ولكن حتى لو حدث ذلك، فإن إسرائيل تنوي استئناف حربها. وهي توقعات قائمة، حيث يقول دبلوماسي شارك سابقا في مثل هذه المحادثات: “لا توجد حاليا أي خطط قيد المناقشة بجدية لليوم التالي للحرب في غزة”.

وتقول المجلة إن بصيص الأمل الوحيد جاء في اجتماع بين دونالد ترامب ونتنياهو في 7 نيسان/ أبريل، وقال فيه الرئيس الأمريكي: “أود أن أرى الحرب [في غزة] تتوقف. أعتقد أن الحرب ستتوقف في مرحلة ما، ولن يكون هذا في المستقبل البعيد جدا”.

وفي الوقت الذي فرض فيه فريق ترامب المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار على إسرائيل، إلا أن الرئيس يبدو منشغلا الآن بأمور أخرى. فبدون ضغط منه، يصعب تصور أي شيء آخر يمكن أن يمنع إسرائيل من تدمير غزة نهائيا.

مجلة ايكونوميست البريطانية

ترجمة ابراهيم درويش




هل سيكون “الغاز الإسرائيلي” أقرب الاحتمالات لتزويد سوريا بالطاقة؟

يعيش الحكم الجديد في سوريا في ذروة جهد مكثف لتوسيع سيطرته في الدولة؛ فهو مطالب بالتصدي للبنى التحتية المتهالكة ولا سيما في مجال الطاقة، ولقدرته على ضمان توريد منتظم للكهرباء على مدى أكثر من بضع ساعات في اليوم. الإمكانيات المتوفرة له قليلة في هذا الموضوع. صحيح أن هناك اتفاقاً مع الأكراد، الذين يتحكمون بحقول النفط في شمال – شرق الدولة على توريد النفط للحكم المركزي، منذ عهد الأسد، لكن التفاصيل اليوم غير واضحة، وليس في ذلك ما يغير صورة الوضع البشعة جوهرياً.

ربما تتردد شركات دولية في التوقيع على عقود مع النظام الجديد عقب علامات الاستفهام القائمة في شأنه وأساساً في ضوء العقوبات الأمريكية. من هنا توجد بضع مصادر محتملة للطاقة بالنسبة لسوريا.

روسيا – شبكة علاقاتها مع النظام السوري الجديد متضعضعة، لكن الطرفين يبديان اهتماماً بفتح “صفحة جديدة”. في الأسابيع الأخيرة، ثمة تقارير بشأن سفن روسية شقت طريقها إلى ميناء بانياس. الشرع ملزم أن يأخذ بالحسبان شبكة علاقاته المستقبلية مع واشنطن في حالة قرر الالتفاف على العقوبات.

الأردن – للمملكة مصلحة واضحة في استقرار الساحة السورية وبتقدم شبكة علاقات بناءة مع النظام الجديد. وحسب تقارير مختلفة، تلقى الأردن إذناً من الولايات المتحدة لتوريد 250 ميغاواط من الكهرباء ليس في ساعات الضغط، لجارته من الشمال. ليس في ذلك ما يلبي احتياجات السوريين كثيراً، لكنها خطوة تدل على استعداد أردني للمساعدة.

تركيا – شبكة علاقات سوريا الجديدة مع أنقرة مقربة جداً. فسقوط الأسد يفتح أمام تركيا بدائل مشوقة لمسارات جديدة للطاقة، ومنها ربط تركيا بأنبوب الغاز العربي من خلال تمديده إلى ما وراء النقطة التي يصل اليها في سوريا، ومشروع إقامة أنبوب غاز بين قطر وتركيا عبر سوريا. لا يوجد في مثل هذه الخطوات ما يحل مشاكل سوريا.

قطر – علم في الأيام الأخيرة بمبادرة قطرية تلقت ضوءاً أخضر من الولايات المتحدة لضخ الغاز إلى سوريا عبر الأردن. إذا ما راجعنا الاحتمالات الفنية لأنبوب الغاز العربي، فإن ضخ الغاز شمالاً ليس ممكنا. فالغاز يمر من خلاله باتجاه واحد، من الشمال إلى الجنوب، أي غاز إسرائيلي إلى الأردن ومن هناك إلى مصر. وثمة ارتباط شمالي بين إسرائيل والأردن ربما يسمح بضخ غاز إسرائيلي إلى أنبوب الغاز العربي، ومن هناك شمالاً إلى سوريا. رسمياً، سيدور الحديث عن “غاز أردني/مصري”. عملياً، هذا “غاز إسرائيلي”.

خطوة دائرية من هذا القبيل، إذا ما خرجت إلى حيز التنفيذ، ستجسد الإمكانية السياسية – الاستراتيجية الكامنة في “دبلوماسية الطاقة”. وهذه وجدت تعبيرها في التعاون الإقليمي، الذي بني في شرق البحر المتوسط في العقد الأخير. إن إمكانية توسيعه وتعميقه قائمة في ظل سياسة إسرائيلية عقلانية وتوافقية. إن مساعدة إسرائيلية كهذه بالطاقة قد تساعد في بناء شبكة علاقات بناءة مع النظام الجديد في سوريا. علامات الاستفهام والشكوك في إسرائيل لا تستبعد التقاء المصالح حيثما توجد هذه.

ميخائيل هراري

صحيفة معاريف العبرية

ترجمة صحيفة القدس العربي




مذبحة قتل إسرائيل للصحافيين في غزة هي الأسوأ في تاريخ الصحافة

كشفت دراسة لجامعة براون الأمريكية أن الحرب في غزة هي الأسوأ على الصحافيين. واتهم تقرير إسرائيل بأنها تخوض “حربا لا هوادة على المراسلين الصحافيين”.

وفي تقرير أعده جون هالتيوانغر نشره في مجلة “فورين بوليسي” أشار فيه إلى أن الحرب التي بدأت في عزة بعد هجمات حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر قتل صحافيين وعاملين في مجال الإعلام أكثر مما قتل أثناء الحرب الأهلية الأمريكية والحربين العالميتين الأولى والثانية والحرب الكورية وحرب فيتنام وحروب يوغسلافييا ومرحلة ما بعد هجمات 9/11 والحرب في أفغانستان، مجموعة وليس كل حرب على حدة. وحتى 26 آذار/مارس، ذكر تقرير أعده برنامج “ثمن الحرب” في جامعة براون أن عدد الصحافيين والإعلاميين الذين قتلوا في الحرب المستمرة منذ عام ونصف وصل إلى 232 صحافيا وعاملا إعلاميا.

 وبالمقارنة، يذكر التقرير أن 69 صحافيا قتلوا خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية. وقتل 19 صحافيا في أوكرانيا منذ أن شنت روسيا غزوها الشامل عام 2022.

ويقول التقرير عن حرب غزة: “إنها، بكل بساطة، أسوأ صراع على الإطلاق للصحافيين”، متهما الحكومة الإسرائيلية بشن “حرب لا هوادة فيها على الصحافة”. وتتفاوت تقديرات عدد الصحافيين الذين قتلوا في غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، فقد استند موقع “ثمن الحرب” في إحصاءاته إلى تحقيق أجرته قناة الجزيرة وتحديثات حديثة من لجنة حماية الصحفيين. إلا أن اللجنة ذكرت على موقعها الإلكتروني عددا إجماليا أقل، حيث ذكرت أن “173 صحفيا وعاملا إعلاميا على الأقل” قتلوا حتى 31 آذار/مارس. وتعتبر الغالبية العظمى من الصحافيين والإعلاميين القتلى من العاملين المحليين في القطاع.

وذكر التقرير أنه في الأسبوع الماضي، قتل صحفيان فلسطينيان وهما حسام شبات ومحمد منصور في غارات جوية إسرائيلية على القطاع. وزعمت إسرائيل في عدد من الحالات أن الصحافيين القتلى كانوا على علاقة مع جماعات مسلحة في غزة وبخاصة حماس أو أعضاء فيها. إلا أن لجنة حماية الصحافيين رفضت هذه الادعاءات.

ودعت اللجنة إسرائيل إلى “التوقف عن الادعاءات التي لا تقوم على أدلة وأن الصحافيين الذين قتلوا على يد قواتها هم إرهابيون أو منخرطون في أنشطة مسلحة، وتطالب بتحقيقات دولية سريعة ومستقلة في عمليات القتل هذه”.

وقد أعربت اللجنة ومنظمات أخرى، مثل منظمة مراسلون بلا حدود، التي تقدر عدد الصحافيين الذين قتلوا في غزة بنحو 200 صحافيا، عن مخاوفها من أن إسرائيل استهدفت الصحافيين عمدا، وهو ما يعد جريمة حرب، وأنها تفعل ذلك بدون خوف من المحاسبة أو العقاب.

ذكر تقرير أعده برنامج “ثمن الحرب” في جامعة براون أن عدد العاملين في الإعلام الذين قتلوا غزة من في الحرب المستمرة منذ عام ونصف وصل إلى 232  بالمقارنة قُتل 69 صحافيا خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية

وفي بيان صدر الأسبوع الماضي، دعت منظمة مراسلون بلا حدود المجتمع الدولي إلى “الضغط بشكل عاجل على الحكومة الإسرائيلية لإنهاء مجزرة الصحافيين الفلسطينيين”. كما أعرب خبراء الأمم المتحدة عن قلقهم إزاء “الأعداد الكبيرة للغاية من الصحافيين والعاملين في وسائل الإعلام الذين قتلوا، واعتدي عليهم وجرحوا واعتقلوا” في غزة. و

وذكر التقرير أن الجيش الإسرائيلي أنه لا يستهدف الصحافيين عمدا. وأن وزارة الدفاع الإسرائيلية لم ترد فورا على طلب التعليق. ومنعت إسرائيل الصحافيين الأجانب من العمل في غزة او الوصول إليها، إلا في حالات نادرة. مع ان المؤسسات الإخبارية والصحافيين حول العالم إسرائيل حثوا إسرائيل على السماح لوسائل الإعلام الأجنبية بدخول غزة، لكنهم لم ينجحوا في ذلك، حيث بررت الحكومة الإسرائيلية هذه السياسة الصارمة بأسباب أمنية. ويذكر تقرير “ثمن الحرب” هذا المنع قائلا: “لقد منعت إسرائيل المراسلين الأجانب المستقلين من دخول غزة، بينما قتلت صحافيين محليين بأعداد قياسية، ودون أي عواقب”. ويعتبر مشروع “ثمن الحرب” مبادرة بحثية غير متحزبة تابعة لمعهد واتسون للشؤون الدولية والعامة بجامعة براون، تركز على التكاليف المباشرة وغير المباشرة لجهود مكافحة الإرهاب الأمريكية.

وقد راقب المشروع عن كثب المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل. على الرغم من أن وضع الصحافيين في غزة حرج للغاية، إلا أن تقرير “ثمن الحرب” حذر من تزايد المخاطر التي يتعرض لها العاملون في مجال الصحافة حول العالم. وأشار التقرير إلى أن “التهديدات التي يتعرض لها الصحافيون في مناطق النزاع تتزايد في وقت تتعرض فيه الصحافة لتهديد غير مسبوق، ويغرق قطاع الأخبار في دوامة هبوط مستمر منذ عقود”. وحذر التقرير من أن الجماعات الإرهابية والحكومات الوطنية تسعى جاهدة إلى “تقليص تغطية النزاعات”، بما في ذلك من خلال الهجمات المسلحة. وقد أدى ذلك إلى ما يطلق عليه التقرير “مقابر الأخبار” في مناطق النزاع.  وتوصلت لجنة حماية الصحافيين  إلى نفس النتائج، وذكرت قبل فترة أن ما لا يقل عن 124 صحافيا حول العالم في عام 2024، وهو أعلى رقم تسجله المنظمة غير الربحية في عام واحد منذ أن بدأت جمع البيانات قبل أكثر من ثلاثة عقود. ووفقا للمجموعة، فإن ما يقرب من ثلثي هؤلاء الصحافيين كانوا صحافيين فلسطينيين قتلتهم إسرائيل.

وقالت اللجنة: “تشير جميع عمليات القتل التي وقعت في عام 2024 إلى تزايد المخاطر التي يواجهها الصحافيون والعاملون في وسائل الإعلام، وما يشكله ذلك من تهديد لتدفق المعلومات في جميع أنحاء العالم”.

وفي الوقت نفسه، دعا برنامج “ثمن الحرب” إلى “جهد عالمي لمساعدة الصحافيين” ومواجهة “التهديد العالمي لمنظومة المعلومات”.

وأكد على “أن المعلومات الموثوقة ضرورية في مناطق النزاع من أجل السكان المحليين، وهي ضرورية لتوعية العالم بالقوى التي تقف وراء الحروب والثمن الذي يدفعه المدنيون” و”من غير المقبول أن يدفع الصحافيون، ومعظمهم من المراسلين المحليين، حياتهم ثمنا للقيام بهذا العمل الحيوي”.

مجلة فورين بوليسي

ترجمة ابراهيم درويش




واشنطن بوست: تنمّر ترامب على مؤيدي فلسطين لا يحمي اليهود.. وصمت رابطة مكافحة التشهير يقوّض مصداقيتها

نشرت صحيفة “واشنطن بوست” مقالا للصحافي مات باي قال فيه إنه كثيرا ما يقال إن حماية الحريات الأساسية تكون في غاية الأهمية عندما يصعب تحقيقها. وتزداد أهميتها بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن أشخاص قد نعتبر نظرتهم للعالم بغيضة أو حتى مهددة.

وأضاف كاتب المقال: “ولهذا السبب شعرت بخيبة أمل تجاه رابطة مكافحة التشهير وزعيمها، جوناثان غرينبلات، الذي أعرفه منذ عقود. تعتقد رابطة مكافحة التشهير أنها تحمي اليهود الأمريكيين بالتزامها الصمت خلال حملة إدارة ترامب الوحشية ضد النشطاء المؤيدين للفلسطينيين. الأمر ليس كذلك، ومن يملك فهما للتاريخ يدرك ذلك”.

وأشار باي إلى أنه عندما اعتقلت سلطات الهجرة الشهر الماضي محمود خليل، أحد قادة الاحتجاجات الطلابية في جامعة كولومبيا، أصدرت رابطة مكافحة التشهير بيانا قالت فيه إنها تدعم “الجهود الجريئة”، التي يبذلها ترامب لقمع معاداة السامية في الحرم الجامعي. وأشار البيان إلى ضرورة اتباع الإجراءات القانونية الواجبة – رغم أن هذه الإجراءات، كما اتضح، تضمنت ترحيل خليل خارج الولاية قبل أن يحصل حتى على جلسة استماع.

تعتقد رابطة مكافحة التشهير أنها تحمي اليهود الأمريكيين بالتزامها الصمت خلال حملة إدارة ترامب الوحشية ضد النشطاء المؤيدين للفلسطينيين. الأمر ليس كذلك، ومن يملك فهما للتاريخ يدرك ذلك

وذكر أنه تبع ذلك المزيد من الاعتقالات. في جامعة جورج تاون، تعرّض بدر خان سوري، وهو زميل ما بعد الدكتوراه من أصول هندية، للاختطاف من منزله قرابة منتصف الليل على يد عناصر ملثمين. ويُرجَّح أن يكون السبب وراء ذلك هو كون زوجته، وهي مواطنة أمريكية، ابنة شخصية سياسية فلسطينية. في المقابل، تزعم وزارة الخارجية أن سوري كان يروّج لدعاية مؤيدة لحماس.

وفي الأسبوع الماضي، اختطف عناصر ملثمون روميساء أوزتيرك، وهي باحثة تركية حاصلة على منحة فولبرايت وطالبة دكتوراه في جامعة تافتس، من أحد شوارع إحدى ضواحي بوسطن. وعلى حد علم الجميع، كانت جريمة أوزتورك هي التوقيع على مقال رأي في صحيفة تافتس ديلي الطلابية اتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية.

ولفت الكاتب إلى أنه لم يصدر عن رابطة مكافحة التشهير أي رد فعل رسمي على كل ذلك.

وأشار إلى أن ما جرى لطالبة جامعة تافتس ترك أثره الكبير عليه، وبخاصة أنها مسجلة في فيديو مروع. وكان يجب أن تؤثر على غرينبلات الذي نشأ والكاتب في نفس المدينة بولاية كونيتيكت، وفي أواخر ثمانينيات القرن الماضي، وتداخل عملهما كمحررين للصحيفة الأسبوعية بجامعة تافتس.
وأوضح أن غرينبلات كان محررا لمقالات الرأي، ورغم النقاشات الحادة بينهما حول الآراء التحريرية للصحيفة، لم يكن هناك شك قط في أن نشر الآراء المسيئة وتسهيل النقاشات داخل الحرم الجامعي كانت جزءا من عملنا.

وأشار إلى أن غرينبلات انتقد معاداة السامية في جدل جامعي شمل أمة الإسلام في عام 1992، بعد تخرج الكاتب. في تلك الحالة، كما ذكرت صحيفة “فوروارد” العام الماضي، دافع بحزم عن حق المتحدث المُسيء في عرض قضيته.

وقال: “أنا متأكد من أن غرينبلات يتذكر الحي الذي اختطفت فيه أوزتيرك في سومرفيل، ماساتشوستس، بوضوح مثلي. ويعلم أن مقالها، الذي كتبته مع عدد من الطلاب الآخرين، كان ضمن حدود النقاش الجامعي الاعتيادي. ويعلم أن العديد من مقالات الرأي التي ينشرها طلاب جامعة تافتس تثير الفتنة، لكن لا يفترض أن تؤدي إلى سحب تأشيرة الطالب وإلقائه في مركز احتجاز في لويزيانا”.

وأكد أن غرينبلات على دراية بكل هذه التطورات، ومع ذلك، لم تتخذ رابطة مكافحة التشهير أي موقف حتى الآن. بل قدّمت موافقة حذرة باسم اليهود الأمريكيين، في وقت تنزلق فيه البلاد نحو نزعة قومية خارجة عن القانون.

وأشار إلى ما وصفه بازدواجية المعايير في الجامعات، حيث يُسمح لجميع الجماعات بالتعبير عن مواقفها، باستثناء اليهود، وفقًا لزعمه. لكنه شدد على أن علاج هذه الازدواجية لا يكون بالانضمام إلى صفوف المجموعات المحمية التي ترفض أي تحدٍّ لرؤيتها للعالم، وكأن جوهر الحرم الجامعي لا يقوم أساسًا على مثل هذه النقاشات. بل يكمن الحل، برأيه، في الدفاع بقوة عن حق الجميع في حرية التعبير، حتى وإن كان جارحًا، طالما أنه لا يصل إلى حدّ التهديد بالعنف.

وقال: “إن الدفاع علنا عن الطلاب اليهود الذين يشعرون بأن أصواتهم مكمّمة في الحرم الجامعي، بينما يتم في الوقت نفسه تأييد أو تجاهل اعتقال المهاجرين بسبب آرائهم المخالفة، ليس مجرد تصرف غير أمريكي؛ بل إنه يُشكّل أيضا إهانة للقيمة اليهودية الجوهرية للنقاش الفكري، ويعكس افتقارا مؤلمًا للفهم التاريخي”.

الدفاع علنا عن الطلاب اليهود الذين يشعرون بأن أصواتهم مكمّمة في الحرم الجامعي، بينما يتم في الوقت نفسه تأييد أو تجاهل اعتقال المهاجرين بسبب آرائهم المخالفة، ليس مجرد تصرف غير أمريكي؛ بل إنه يُشكّل أيضا إهانة للقيمة اليهودية الجوهرية للنقاش الفكري

وتساءل الكاتب إن كان هناك لحظة تاريخية استفاد فيها اليهود في أي مكان من مزيج من القومية المتفشية والقمع، مشيرا إلى أن البحث عن مثل تلك اللحظة سيطول.

وأوضح أن هذه هي مشكلته الأساسية مع تصريحات غرينبلات ورابطة مكافحة التشهير، أو بالأحرى، مع صمتهما حتى الآن. فلا يمكن لأي جهة أن تدّعي أنها منظمة حقوق مدنية في الولايات المتحدة اليوم – فضلًا عن كونها منظمة تدافع عن أقلية تعرّضت للاضطهاد الوحشي في جميع أنحاء العالم – بينما تلتزم الصمت حيال الترحيل القاسي وغير القانوني للأجانب لمجرد أن آراؤهم لا تتماشى مع السائد. أو بالأحرى، يمكنها أن تفعل ذلك، ولكن لا ينبغي لأحد أن يأخذها على محمل الجد عندما تتذمر من التهديدات التي تطال حرية التعبير.

وشدد على أن الفكرة الأمريكية تمر بلحظة وجودية حاسمة، موجهًا خطابه إلى نائب الرئيس جيه دي فانس، ومؤكدًا أن “أمريكا ليست مجرد مكان، بل فكرة”. وأوضح أن كبرى الشركات القانونية تستسلم لليأس، وأن أكثر المؤسسات الإعلامية شهرة باتت تمالئ الرئيس. وأضاف أن أمريكا استنفدت كل احتياطاتها، محذرا من أن اليهود الأمريكيين لا ينبغي لهم الشعور بالرضا لمجرد أن سهام القومية البيضاء لم تصبهم بعد.

لفت الكاتب إلى بيان منظمة “جيه ستريت”، وهي جماعة أخرى تدافع عن حقوق اليهود الأمريكيين، الذي صدر الأسبوع الماضي، وجاء فيه: “يبدو أن الإدارة عازمة على تدمير كل ما جعل هذا البلد موطنًا آمنًا ومرحّبًا باليهود الأمريكيين لأجيال”. وأعرب عن تأييده لهذا الرأي، مشددًا على أن رابطة مكافحة التشهير ينبغي أن تشاركه هذا الموقف أيضًا.

صحيفة واشنطن بوست

ترجمة ابراهيم درويش




باستبداله رئيس “الشاباك”.. نتنياهو: لمَ لا أتلاعب بائتلافي وأضلل أعدائي وسط فوضى عامة؟

ظاهراً، أعلن نتنياهو أمس عن قراره تولي إيلي شاربيت، قائد سلاح البحرية سابقاً، لمنصب رئيس “الشاباك” التالي. وذلك رغم أن الالتماسات التي رفعت إلى محكمة العدل العليا ضد إقالة رئيس الجهاز الحالي رونين بار، لن تبحث إلا في 8 نيسان. عملياً، فعّل نتنياهو آلية الفوضى المتماثلة معه من جديد.

لا يدور الحديث عن تعيين وظيفي ولا عن تعيين تحركه اعتبارات مهنية أو يجري بنية طيبة. بل عن مناورة سياسية تضع كل اللاعبين في الساحة في وضعية متعذرة.

هكذا هو نتنياهو: بجرة إعلان واحد ينجح في لذع المؤسسات التي يصطدم بها – محكمة العدل العليا، المستشارة القانونية للحكومة، رئيس “الشاباك” المنصرف – وفي الوقت نفسه يحشر المعارضة وحركة الاحتجاج في فخ. فهو يقترح مرشحاً معقولاً، تماثل حتى مع الاحتجاج ضد الانقلاب النظامي، أغلب الظن كي يعترض رفاقه في الائتلاف على التعيين.

هكذا يعلق أناس الاحتجاج والمعارضة في معضلة: هل سيدافعون عن شاربيت كونه يتعرض للهجوم على تأييده للاحتجاج أم يعترض على التعيين لأنه جاء استفزازاً للإجراء القضائي الذي لا يزال يجري في موضوع إقالة بار – وكل هذا على خلفية تحقيق “قطر غيت”، الذي تسارع أمس، حين اعتقل يونتان اوريخ وايلي فيلدشتاين ونتنياهو نفسه استدعي للإدلاء بإفادته.

من اللحظة التي نشر فيها البيان عن التعيين، كان يمكن لنتنياهو أن يرتاح في كرسيه ويستمتع بردود الفعل العاصفة من كل نحو وصوب. أفادت حركة جودة الحكم، إحدى الجهات التي رفعت التماسا ضد إقالة بار، بأن نشر البيان عن تعيين شاربيت قبل أسبوع من البحث في الالتماسات يشكل “محاولة لتثبيت حقائق على الأرض”. بالتوازي، أناس المركز السياسي ومعظمهم جنرالات سابقون، استعرضوا انعدام فهمهم السياسي حين أغدقوا ثناء على التعيين في ظل تحفظ فني صرف على الخطوة – وبذلك سوغوا تجاهل نتنياهو للإجراء القضائي.

لكن “إنجاز” نتنياهو الحقيقي يكمن في قدرته على تفعيل اليمين في صالح الفوضى العامة. نواب في الائتلاف هاجموه على التعيين بسبب مواقف شاربيت في الماضي ضد المس بجهاز القضاء. وزير التراث عميحاي إلياهو، غرد ضد “الفكر الكابلاني” لشاربيت، وتوجهت النائبة تالي غوتليف، بأسلوبها المميز، إلى نتنياهو في شريط مسجل: “سيدي رئيس الوزراء، من يهمس في أذنك؟”. عقب ذلك، مورس ضغط في الليكود ومحيط نتنياهو بأن يتراجع عن قراره، ويتعاظم في الساحة السياسية تقدير بإلغاء التعيين بالفعل، وهو ما كان هدفه منذ البداية.

محظور السماح لمخادعات نتنياهو بأن تخفي الجوهر: محكمة العدل العليا ملزمة بمنع تغيير رئيس “الشاباك”، قبل استنفاد التحقيق المتفرع في قضية “قطر غيت”.

صحيفة هآرتس العبرية

ترجمة صحيفة القدس العربي




جامعة هارفارد ألغت شراكة مع جامعة فلسطينية وقبلت بتعريف للهولوكوست ومع ذلك هددها ترامب

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا أعده فيرمال باتل، قال فيه إن أساتذة جامعة هارفارد أغنى جامعة في العالم طلبوا من جامعتهم مقاومة دونالد ترامب، واليوم يهدد بسحب مليارات الدولارات منها.

 وقال إن هارفارد حاولت التوصل لتسوية وسط الضغوط عليها لمكافحة معاداة السامية، لكن إدارة ترامب قررت فحص الدعم لها، مهما كان الأمر.

وأضاف أن إدارة ترامب حولت وعودها الانتخابية لمواجهة الجامعات إلى فعل مدمر حيث سحبت مئات الملايين من الأموال الفدرالية من جامعتي كولومبيا وبنسلفانيا. وفي يوم الاثنين، هاجمت إدارة ترامب جامعة هارفارد، أغنى جامعة في العالم، معلنة أنها ستراجع عقودا ومنحا متعددة السنوات بقيمة 9 مليارات دولار تقريبا. واتهمت الجامعة بالفشل في حماية الطلاب اليهود والترويج “لأيديولوجيات مثيرة للانقسام على حساب حرية البحث”.

وكانت هارفارد تستعد لهذا التطور، حيث تحركت في الأشهر الأخيرة بحذر، ساعية إلى حلول وسط، وقال النقاد إنها اتخذت إجراءات صارمة ضد حرية التعبير. وقد أثار هذا النهج حفيظة البعض الذين قلقوا من استسلام هارفارد في لحظة من الاستبداد الزاحف.

قال النقاد إنها اتخذت إجراءات صارمة ضد حرية التعبير. وقد أثار هذا النهج حفيظة البعض الذين قلقوا من استسلام هارفارد في لحظة من الاستبداد الزاحف

ومن غير الواضح بعد، كم ستخسر الجامعة، هذا إن خسرت فعلا، إلا أن خطوة يوم الاثنين كشفت عن فشل النهج التصالحي لصد منتقديها.

ففي الأيام التي سبقت إعلان إدارة ترامب، دعا أعضاء هيئة التدريس الجامعة إلى الدفاع عن نفسها وعن التعليم العالي بشكل عام بقوة أكبر. وفي رسالة، دعا أكثر من 700 عضو هيئة تدريس جامعة هارفارد إلى “تنظيم معارضة منسقة لهذه الهجمات المناهضة للديمقراطية”.

ونقلت الصحيفة عن ستيفن ليفيتسكي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة هارفارد الذي وزع الرسالة: “بقدر ما قد تؤلمنا ضربةٌ من الإدارة، فإن هارفارد قادرة على تحمّلها”. لكن هناك أموالا قد تكون عرضة للخسارة، كما أن الرهانات في جامعة هارفارد تؤكد على المعضلة المرهقة التي تواجه الجامعات الرائدة والمؤسسات المدنية ومكاتب المحاماة وكذا المؤسسات غير الربحية، وتتمحور هذه المعضلة بمسالة العمل على حماية النفس أم الدفاع عن المبادئ؟ ويرد ليفيتسكي، المختص بدراسة الأنظمة الاستبدادية: “مسألة الرد القائم على أن كل واحد لنفسه ستكلفنا ديمقراطيتنا”.

وتشير الصحيفة إلى أنه مع اقتراب موعد تنصيب ترامب في كانون الثاني/يناير قررت هارفارد التعاقد مع شركة بالارد بارتنرز، وهي شركة ضغط ذات علاقات وثيقة بترامب. في اليوم الأول من رئاسة ترامب، أعلنت الجامعة تبنيها تعريفا مثيرا للجدل لمعاداة السامية، والذي يعتبر بعض الانتقادات الموجهة لإسرائيل، مثل وصف وجودها بالعنصرية، على أنها معادية للسامية، وهي خطوة شجعتها الإدارة الجديدة، لكنها قوبلت بانتقادات لاذعة من دعاة حرية التعبير.

وبحلول فصل الربيع، أثارت الأفعال المؤيدة للفلسطينيين رسائل على مستوى الحرم الجامعي، حتى مع التزام هارفارد الصمت عندما زارها رئيس وزراء إسرائيلي سابق ومزح بشأن تزويد الطلاب المشاغبين بأجهزة بيجر، وفقا لما ذكره ريان إينوس، أستاذ العلوم السياسية في هارفارد. وقد كان التعليق إشارة واضحة إلى أجهزة بيجر المتفجرة التي استخدمتها إسرائيل لاستهداف حزب الله الخريف الماضي. ونتيجة للضغوط قررت هارفارد تعليق شراكتها مع جامعة فلسطينية واستبدلتها بجامعة إسرائيلية.

نتيجة للضغوط قررت هارفارد تعليق شراكتها مع جامعة فلسطينية واستبدلتها بجامعة إسرائيلية.

 وفي الأسبوع الماضي، طرد مسؤولان بارزان من مركز هارفارد لدراسات الشرق الأوسط من منصبيهما بعد أن اشتكت مجموعة من خريجي الجامعة اليهود من البرامج، وذلك حسب أعضاء هيئة التدريس. وبالنسبة لبعض أعضاء هيئة التدريس، كانت هذه الخطوة دليلا إضافيا على استسلام هارفارد في لحظة من الاستبداد الزاحف.

وقال الدكتور إينوس: “إن ما يحدث واضح تماما، تحاول هارفارد أن تتخذ موقفا يهدئ منتقديها”.

 ويرى الكثيرون أن تصرفات هارفارد منطقية، بالنظر إلى حجم الأموال المعرضة للخطر. وبالنسبة للكثيرين من اليمين وحتى بعض اليسار، تعد هذه التصرفات الأخيرة للجامعة تصحيحا.

ولطالما تعرضت جامعة هارفارد لانتقادات المحافظين الذين يقولون إن السياسات ذات الميول اليسارية تترسخ في الحرم الجامعي وتجعل من الصعب سماع وجهات النظر المختلفة. كما وظلت لسنوات هدفا للمحافظين الذين يقولون إن الجهود المبذولة لجعل التعليم العالي أكثر شمولا للأقليات العرقية كانت مفرطة. على سبيل المثال، دخلت جامعة هارفارد، إلى جانب جامعة نورث كارولينا، في قضية أمام المحكمة العليا بشأن مراعاتها للعرق في القبول. وخسرت في النهاية في المحكمة ذات الميول المحافظة، مما أدى إلى حظر وطني على القبول الذي يأخذ العرق بعين الإعتبار.

ووسط ضغوط في العام الماضي، أنهى أكبر قسم في هارفارد شرطا يلزم المرشحين للوظائف بتقديم بيانات حول كيفية مساهمتهم في التنوع.

ومع اندلاع الحرب في غزة وتصاعد احتجاجات طلابية والجدل حول ردود فعل الجامعات، دفع البعض الحكومة الفدرالية إلى استخدام سلطتها ومحفظتها المالية لفرض التغيير. ونقلت الصحيفة عن جيفري فلاير قوله إن هارفارد تسامحت مع تصرفات ضد الطلاب اليهود لم تكن لتتسامح معها لو استهدفت طلابا من الأقليات.

ولكن الجامعة حسب قوله بدأت بمعالجة بعض هذه القضايا، والابتعاد عن التعليق على القضايا السياسية، على سبيل المثال وقبل تولي ترامب منصبه. وأضاف فلاير “كنا بدأنا في الطريق الصحيح” و”كان هناك تحول في المشاعر وتحول بالوعي. وقد تغير كل ذلك مرة أخرى بسبب الهجمات الهائلة وغير المبررة التي شنتها إدارة ترامب بحجج واهية”. وثبت في النهاية أن الرضوخ للضغوط الفدرالية لم يكن حلا أيضا.

وفي الأسبوع الماضي، استقالت الرئيسة المؤقتة لجامعة كولومبيا، وهي ثاني رئيسة في الجامعة تفعل ذلك خلال عام – وسط ضغوط داخلية وخارجية مكثفة بشأن مطالب إدارة ترامب من الجامعة.

وأشار ديلان سابا، المحامي في منظمة فلسطين القانونية، إلى أن جامعة كولومبيا قد التزمت بالعديد من مطالب الجمهوريين قبل تولي ترامب منصبه واتخذت موقفًا عدوانيا بشكل خاص ضد النشطاء المؤيدين للفلسطينيين، بما في ذلك إدانة باحثين بالاسم في جلسة استماع في الكونغرس. وقال سابا إن ذلك لم يهدئ ترامب، بل أدى إلى المزيد من النشاط الطلابي. وقال: “في سعيهم لإيجاد مخرج سلس، انتهى بهم الأمر إلى إنتاج صراع أكبر بكثير”.

 وفي خضم سرعة وفوضى هجوم ترامب على التعليم العالي، لم تجد الجامعات طريقة بشأن كيفية الرد بطريقة ترضي خصومها، إن وجدوا.

ويتساءل بعض أعضاء هيئة التدريس عما إذا كان النهج التصالحي قد شجع المنتقدين فقط. وحتى بالنسبة للجامعات ذات الأوقاف الضخمة، فإن الأضرار المالية التي وعدت بها الإدارة قد تكون مؤلمة. ويتجاوز حجم الأوقاف في جامعة هارفارد الـ 50 مليار دولار. وأعلنت جامعة جونز هوبكنز، التي تمتلك أيضا أوقافا كبيرة، مؤخرا أنها ستسرح أكثر من 2,000 موظف بسبب انخفاض التمويل الفدرالي. ولم تستجب جامعة هارفارد لطلب التعليق.

في وقت سابق من ربيع هذا العام، كتب آلان غاربر، رئيس جامعة هارفارد، في رسالة إلى الحرم الجامعي، أن على أعضاء المجتمع “الاطمئنان إلى أن جامعة هارفارد تعمل بجد لدعم التعليم العالي في عاصمة بلادنا وخارجها”. وتقول الصحيفة إن هارفارد كانت هدفا دائما للجمهوريين الذين كانوا يريدون تقليص نفوذها. وفي الأيام التي أعقبت هجوم حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أصدرت جماعات طلابية بيانا يحمل إسرائيل مسؤولية الهجوم. وردا على ذلك، أصدرت رئيسة جامعة هارفارد في ذلك الوقت، كلودين غاي، بيانا فاترا يدين الهجوم. ثم أتبعته ببيان قوي بعد انتقادات واسعة لها. وكانت هارفارد واحدة من ثلاثة جامعات طلب من رئيستها تقديم شهادة أمام الكونغرس في عام 2023. وبعد شهر كانت غاي خارج المكتب حيث استقالت بسبب الهجوم عليها من أعضاء الكونغرس أثناء تقديم الشهادة.

ظلت جامعة هارفارد محطا للأنظار بسبب الاحتجاجات والاضطرابات والدعاوى القضائية المستمرة ضدها، مع أنها من أنها هدأت بشكل كبير منذ الربيع الماضي

وظلت جامعة هارفارد محطا للأنظار بسبب الاحتجاجات والاضطرابات والدعاوى القضائية المستمرة ضدها، مع أنها من أنها هدأت بشكل كبير منذ الربيع الماضي. وفي الخريف، نظم متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين “دراسة داخلية” صامتة في إحدى المكتبات، ومنعتهم الجامعة مؤقتا من دخولها.

وفي دعاوى قضائية رفعت خلال العام الماضي، قال طلاب يهود إن هارفارد سمحت للكراهية والتمييز بالاستمرار دون رادع، وإنه لا يزال أمامها طريق طويل لإصلاح المشاكل المتفشية. واتهموا هارفارد بتجاهل معاداة السامية، من خلال السماح بهتافات مثل “من النهر إلى البحر” وعرض فيلم “إسرائيلية”، وهو فيلم وثائقي ينتقد إسرائيل.

وفي هذا الشتاء وضعت إدارة ترامب هافارد ضمن قائمة 10 جامعات تثير قلقها. قال كينيث روث، المدير السابق لمنظمة هيومان رايتس ووتش والزميل في جامعة هارفارد، والذي يريد من جامعة هارفارد أن تحسن استغلال الفرص المتاحة للنقاش الجاد والحرية الأكاديمية: “تدور أسماك القرش عندما تشم رائحة الدم في الماء”.

ولم يوضح إعلان يوم الاثنين الخطوات الأخرى التي سيتعين على الجامعة اتخاذها للحفاظ على مكانتها الجيدة لدى الحكومة الفدرالية. وكانت بعض الجامعات أكثر صراحةً في ظل الهجوم الفدرالي. رد عميد كلية الحقوق في جامعة جورج تاون بقوة في وقت سابق من الشهر الماضي على المدعي العام الأعلى في واشنطن، الموالي لترامب، قائلا إن جهوده للسيطرة على مناهج الجامعة غير دستورية. وكتب رئيس جامعة براون مؤخرا أن الجامعة ستدافع عن حريتها الأكاديمية في المحاكم، إذا لزم الأمر.

وأدان رئيس جامعة برينستون في الآونة الأخيرة الهجوم على جامعة كولومبيا، واصفا إياه بأنه “أكبر تهديد للجامعات الأمريكية منذ فترة الخوف الأحمر في خمسينيات القرن الماضي”. إلا أن هناك جامعات تتخذ نهجا أكثر حذرا. في الشهر الماضي، أعلنت جامعة كاليفورنيا أنها ستنهي استخدام بيانات التنوع في التوظيف في نظامها، وهي ممارسةٌ كانت موضع انتقاداتٍ من المحافظين لسنوات.

وكان مايكل ف. دريك، رئيس الجامعة، قد أبلغ أعضاء هيئة التدريس بأنه لا يريد للنظام أن يكون “العنصر الأهم” وأن يبرز، وفقا لشون مالوي، الأستاذ الذي حضر الاجتماع. وقالت الرئيسة سيان ليا بيلوك في بيان لها إن كلية دارتموث عينت قبل فترة مستشارا قانونيا سابقا في اللجنة الوطنية الجمهورية نائبا للرئيس ومستشارا عاما للجامعة، للمساعدة في “فهم المشهد القانوني المحيط بالتعليم العالي والتعامل معه”.

ويرى نوح فيلدمان، أستاذ القانون في جامعة هارفارد، أنه من المنطقي أن تحاول هارفارد، أو أي جامعة أخرى، التفاوض على حل مع إدارة ترامب، نظرا للطبيعة التعسفية لإجراءات ترامب ضد التعليم العالي وعدد الوظائف المهددة. وأضاف فيلدمان، الذي انتقد إجراءات ترامب، أن هارفارد تصرفت بمسؤولية، نظرا للمناخ السياسي السائد. وقال: “أحيانا، يكون لدى الأشخاص المتحمسين للرد القوي من الجامعة والإدلاء بتصريحات كبيرة تصور غير واقعي إلى حد ما عن التأثير الحقيقي لتلك التصريحات”.

صحيفة نيويورك تايمز البريطانية

ترجمة ابراهيم درويش




محافظ بنك إسرائيل واقتصاديون: الميزانية الجديدة قنبلة موقوتة.. نطلق النار على أنفسنا

تم المصادقة على ميزانية الدولة أول أمس، كان يبدو أن متخذي القرارات في إسرائيل سيستريحون ولو للحظة. في الحقيقة، هذه ميزانية أحكام قاسية، لكن صودق عليها مع عجز أقل بقليل من 5 في المئة. هو يكفي لتمويل تكلفة الحرب حتى الآن والبدء في مهمة إعادة الإعمار، من خلال إعادة الاقتصاد في إسرائيل إلى سكة الثبات.
تقرير بنك إسرائيل الذي سينشر اليوم، بعد أقل من 24 ساعة من المصادقة على الميزانية، يوضح أن من يعتقد ذلك فإنه يعيش في وهم.
في الفترة التي تُنتقد فيها الحكومة، الانتقاد المبرر من جهة مهنية، قد يؤدي إلى اعتباره عدواً للشعب. التقرير السنوي للبنك المركزي يعلن بلغته المهذبة أن على متخذي القرارات العمل بصعوبة أكثر مما عملوا حتى الآن لإعادة الاقتصاد إلى المكان الذي كان فيه قبل الحرب. يدرك بنك إسرائيل ذلك من المؤشر الأساسي للاستدامة المالية – نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، التي قفزت منذ تشرين الأول 2023.
الحرب أعادت إسرائيل إلى الوراء
حسب تحليل الاقتصاديين في البنك، فإن التخفيضات ورفع الضرائب ستكون كافية على الأكثر لتغطية زيادة تكاليف الحكومة التي لحقت وستلحق بسبب الحرب، التغطية ليس إلا. بهذه الصورة، فإن نسبة الدين إلى الناتج قد تتوقف عن الصعود، لكنها لن تنخفض. سبب ذلك مزدوج: جزء من الأحكام في ميزانية 2025 مؤقت، وسينتهي قريباً إذا لم يتم تجديدها، والنفقات غير الأمنية ربما تزداد.
لكن ليس كل شيء يرتبط بالأموال؛ فـ”ارتفاع عبء الخدمة العسكرية، لا سيما خدمة الاحتياط، سيواصل جبي ثمن اقتصادي باهظ”، كتب في مقدمة تقرير محافظ بنك إسرائيل، البروفيسور أمير يارون. من هنا، هو يصل إلى استنتاج آخر يؤكده، وهو أن طريقة خفض هذا السعر، حسب قوله، هي دمج مجموعات سكانية أخرى في الخدمة العسكرية – هذه أقوال موجهة من أجل الحاجة إلى تجنيد الحريديم.
عدم المساواة في تحمل العبء ليس مشكلة أخلاقية أو اجتماعية فقط، بل يشمل أيضاً ضعف دمج الشباب الحريديم في سوق العمل. ويتضح من التقرير أن عدم مشاركة الرجال الحريديم في تحمل العبء في الجيش وتحمل العبء الاقتصادي في إسرائيل، لا سيما في هذه الفترة، هو العائق الرئيسي أمام إسرائيل في الطريق إلى تحسين الوضع الاقتصادي بعد الحرب.
مستوى التشغيل المنخفض في أوساط الرجال الحريديم يغذيه نظام التعليم الحريدي، الذي لا يوفر للخريجين المهارات المطلوبة للاقتصاد الحديث – وهي قضية أبرزها التقرير – وبواسطة مليارات الشواقل في ميزانية الدولة التي تموله وتمول تعليم طلاب التوراة الحريديم كل سنة. ولكن الاعتبارات الائتلافية تفوق الاعتبارات الاقتصادية. والميزانية الجديدة لا تعمل إلا على تشجيع هذا الوضع. لكن في الواقع، لا يمكن تعريف ذلك إلا أنه بمثابة إطلاق اقتصاد إسرائيل النار على قدمه.
في التقرير، وجه بنك إسرائيل انتقاداً لسياسة الحكومة في كل ما يتعلق بالشباب الحريديم، في المقام الأول تمويل عدم عمل الشباب الحريديم وغياب تعليم المواضيع الأساسية. بيانات التشغيل المتدنية للرجال الحريديم تعكس “محفزات اقتصادية تعطى لمن يمكنهم العمل ولكنهم لا يعملون”، كتب في التقرير. وفي الوضع الحالي “تم إعطاء تمويل عام كبير جداً لمؤسسات لا تعلم المواضيع الأساسية”.
التحديات التي نشأت عقب الحرب، أشار المحافظ، أضيفت إلى مشكلات واجهت الاقتصاد قبل الحرب ولم يغيرها. الآن علاج المشكلات الرئيسية في إسرائيل أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى. “المستوى الأعلى لنفقات الدفاع في المستقبل القريب، وضرورة الحفاظ على هامش مالي، تؤكد بدرجة أشد على ضرورة التكيف حتى في تركيبة نفقات الحكومة، التي ستعكس سلم أولويات مناسباً لتحديات الاقتصاد”، كتب المحافظ في التقرير.
في مكان آخر في التقرير، شرح الاقتصاديون أن التعديلات التي أجرتها الحكومة حتى الآن، بما في ذلك ميزانية 2025 الغضة، لا تناسب تحديات الاقتصاد. وعلى المدى المتوسط والبعيد، ما لم يتم تنفيذ خطوات مهمة أخرى فقد تجر سياسة الحكومة الاقتصادية إسرائيل إلى الفساد أو التدهور الاقتصادي.
لا توجد زيادة في النجاعة ولا خطوات تشجع على النمو
حسب بنك إسرائيل، بلغت تكلفة الحرب في ميزانية 2023 – 2024، وهي إجمالي تكلفة الحرب التي أضيفت إلى الميزانية الأصلية لسنة 2023، 135 مليار شيكل. ويضاف إلى ذلك ما تم دفعه من صندوق ضريبة الأملاك كتعويض مباشر وغير مباشر عن أضرار الحرب، 19 مليار شيكل. زيادة النفقات الحادة تم تمويلها بالأساس بواسطة زيادة عجز الميزانية، الذي بلغ في 2024، 6.8 في المئة من الإنتاج. ويقدر البنك أن النفقات العامة على المدى المتوسط (2026 – 2030) ربما تزداد 50 مليار شيكل في السنة، مقارنة مع تقديره قبل الحرب.
بقول بنك إسرائيل بصراحة إن خطوات التقليص في ميزانية 2025 هي في جانب المداخيل، وعلى رأسها أحكام اقتصادية على المواطنين العاملين، مثل زيادة ضريبة القيمة المضافة ورسوم التأمين الوطني، وأيضاً الضريبة الجديدة على الأرباح غير الموزعة للشركات، ولكن لن يتم فيها دمج خطوات زيادة النجاعة في النفقات العامة المدنية، مثلاً بواسطة إغلاق وزارات حكومية أو بواسطة خطوات تشجع على النمو مثل تقليص المحفزات للشباب الحريديم الذين لا يعملون.
وعلى المدى المتوسط (2026 – 2030) حذر اقتصاديو البنك من أن لا يساهم التقليص في الميزانية الحالية في تغطية الارتفاع الذي سببته الحرب في العجز، لأن خطوات كثيرة تبدو مؤقتة، ولن تكون سارية المفعول إلا في السنتين القادمتين، مثل زيادة مدفوعات العاملين والمشغلين للتأمين الوطني، وتقليل الأجور في القطاع العام – التي قد تبلغ 10 مليارات شيكل في السنة معاً – التي ستنتهي في بداية العام 2027.
يردين بن غال هيرشهورن

صحيفة هآرتس العبرية

ترجمة صحيفة القدس العربي




إيكونوميست: إسرائيل تتصرف بطريقة غير مقيدة من أجل إعادة تشكيل الشرق الأوسط.. بأي ثمن؟

نشرت مجلة “إيكونوميست” تقريرا قالت فيه إن إسرائيل بقيادة نتنياهو تتصرف بطريقة غير مقيدة من أجل إعادة تشكيل الشرق الأوسط، وإنه في محاولة إسرائيل للهيمنة فإنها تؤثر على التماسك الإجتماعي والتحالفات الغربية.

 وذكرت أنه قبل عشرة أعوام أخبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لجنة برلمانية في الكنيست أنه لن يكون هناك أبدا سلام مع الفلسطينيين، وقال “سئلت إن كنا سنعيش للأبد على حد السيف”، والجواب “نعم”، وكانت كلماته حينها محلا للجدل، وليس أقل من القادة العسكريين الذين يرون أنه يجب عدم التخلي عن الدبلوماسية.

ووفق المجلة فكلام نتنياهو يبدو اليوم حقيقة لا يجادل فيها أحد، ولا تزال قائمة، حتى بعد هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر التي نفذتها حركة حماس، والتي أضعفتها حرب مستمرة منذ أكثر من 15 شهرا في غزة. كما يعاني حزب الله اللبناني من ضربات إسرائيلية أدت لمقتل قياداته وتدمير بناه، وهو يحاول التعافي وبناء نفسه من جديد وسط الظروف الحالية. وأدى انهيار نظام بشار الأسد في سوريا لقطع شريان الدعم العسكري للحزب من إيران. وقد احترق “جدار النار” الذي بنته إيران حول إسرائيل إلى جمرات.

قبل عشرة أعوام أخبر نتنياهو لجنة برلمانية في الكنيست أنه لن يكون هناك أبدا سلام مع الفلسطينيين، وقال “سئلت إن كنا سنعيش للأبد على حد السيف”، والجواب “نعم”

 وبحسب المجلة فقد صمدت إسرائيل أمام الضربات الإيرانية ودمرت الدفاعات الجوية لإيران. وربما قررت إسرائيل وفي السنوات المقبلة التوقف عند هذا الحد. لكن قادتها حاليا يفضلون فرض سيطرتهم المطلقة، بعضهم لأسباب براغماتية، والبعض الآخر لأسباب أيديولوجية. فهم يستولون على أراض خارج حدودهم، ويدعون إلى شن المزيد من الضربات على إيران، ويفكرون في ضم الأراضي الفلسطينية بالكامل. ويبدو أن الهدف هو الهيمنة الإقليمية، لكن الشكوك حول هذا النهج لا تزال قائمة كما كانت عندما أيد نتنياهو لأول مرة خيار الحرب: هل تستطيع إسرائيل تحمل حربا غير أبدية، وهل يجب عليها فعل هذا؟

 وتشير المجلة إلى أن تغير النهج الإسرائيلي من غزة، تكشف عن تزايد طموحاتها الإستراتيجية.

ففي السنة الأولى من الحرب، تردد الجيش الإسرائيلي في احتلال مساحة كبيرة من الأراضي داخل القطاع. وعوضا عن ذلك، استولى على منطقة عازلة داخل حدوده، وممرين يفصلانها، ولكنه لم يفعل شيئًا آخر: فقد خشي الجيش من حرب مقاومة إلى ما لا نهاية. ثم جاء وقف إطلاق النار لمدة ستة أسابيع مع حماس، والذي تم الاتفاق عليه في كانون الثاني/يناير، وكان الهدف منه كسب الوقت للتفاوض على إنهاء دائم للحرب. وفي 18 آذار/مارس تخلت إسرائيل عن اتفاق النار وعادت للحرب وضرب غزة. وتستعد إسرائيل لهجوم بري جديد. وقد وعد الجنرال إيال زامير، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجديد، بتكتيكات أكثر عدوانية. وتخطط إسرائيل لإخلاء أجزاء كبيرة من القطاع وحصار كل من تبقى فيه، كما تنوي الاحتفاظ بالأرض. وتشير المجلة لتحذير وزير الدفاع، يسرائيل كاتس، من أن الاحتلال قد يكون دائما. ولم يتم تنفيذ الخطط، ولو نفذت فستكون تصعيدا في الحرب الدموية التي أدت إلى مقتل أكثر من 50,000 فلسطينيا في غزة.

وذكرت أنه في الضفة الغربية، يشن الجيش الإسرائيلي حربا تعتبر الأوسع منذ عقود وأدت إلى تهجير أكثر من 40,000 فلسطينينا من مخيمات اللاجئين في شمال المناطق. وقال كاتس إن القوات الإسرائيلية قد تبقى في هذه المخيمات حتى نهاية العام. وفي نفس الوقت، يواصل نواب اليمين المتطرف خططهم لتوسيع المستوطنات اليهودية، المخالفة للقانون الدولي. وفي 23 آذار/مارس صوتت الحكومة الأمنية المصغرة على إضفاء الشرعية على 13 “بؤرة استيطانية”، وهي مستوطنات عشوائية شيدت دون موافقة الحكومة.

ويأمل اليمين في إقناع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بدعم خططهم لضم جزء من الضفة الغربية أو كلها، مما سيجعل إقامة دولة فلسطينية مستحيلا.

وتلفت المجلة إلى أنه في أماكن أخرى، احتلت إسرائيل أراض سورية بما فيها جبل الشيخ، أعلى قمة بالمنطقة، ولا نية لديها للمغادرة على ما يبدو. وتعمل إسرائيل على استمالة الدروز في جنوب سوريا. وربما كانت تأمل في تقسيم سوريا إلى اتحاد فدرالي من دويلات عرقية مستقلة. وقد حث بعض المعلقين الإسرائيليين الدروز على الانفصال. كما لا تزال إسرائيل تحتل خمس تلال في جنوب لبنان، رغم وعدها بالانسحاب منها أواخر كانون الثاني/يناير بموجب شروط وقف إطلاق النار مع حزب الله.

ثم هناك إيران، التي طالما حلم نتنياهو بشن ضربات عسكرية على المنشآت النووية الإيرانية. وهو يضغط بقوة على الحكومة الأمريكية لتأييد مثل هذا الهجوم، بل ويفضل أن تنضم إليه. ويعتقد جواسيس أمريكا أن إسرائيل ستتحرك على الأرجح خلال ستة أشهر.

وتعلق المجلة أن إسرائيل الباحثة عن الهيمنة في المنطقة هي نتاج صدمة 7 تشرين الأول/أكتوبر، فقبل هجمات حماس، تجنبت إسرائيل الحروب الشاملة مع أعدائها بالمنطقة، واكتف بضربات دورية ضد أعدائها، إما لاغتيال قادة يشكلون تهديدا أو تدمير أسلحة متطورة. وعندما فعلت، كما هو الحال مع حماس، أبقت حروبها قصيرة. وكان الهدف ردع خصومها وإضعافهم، لا القضاء عليهم.

 تقول المجلة أنه بالعودة للوراء، يرى جنرالات وجواسيس إسرائيل أن هذه السياسة كانت “ساذجة”، فهم لن يتسامحوا مع أي تهديد على حدودهم، حتى ولو كان نظريا.

وكان حكام سوريا الجدد واضحين في رغبتهم في علاقة سلمية مع جيرانهم، وبعد عقد من الحرب الأهلية، ليسوا في وضع يسمح لهم بمواجهة أقوى جيش في الشرق الأوسط. لكن ذلك لم يمنع إسرائيل من الاستيلاء على المزيد من الأراضي السورية، لحماية الأراضي التي احتلتها عام 1967.

وبالنسبة لليمين المتطرف، فالهدف ليس حماية الحدود، ولكن توسيعها. فقد حلموا ولسنوات بالعودة إلى غزة وبناء المستوطنات التي خرجوا منها عام 2005، وكذا ضم الضفة الغربية. وهناك من يحلم بـ “إسرائيل الكبرى” التي تمتد من النيل إلى الفرات. ومع أنهم أقلية إلا أنهم أصبحوا أقوياء وبشكل متزايد. وربما لم يكن نتنياهو يشترك معهم في تحقيق مملكتهم التوراتية، لكنه يريد دعمهم إن كان يريد البقاء في السلطة. وكان إيتمار بن غفير زعيم حزب القوة اليهودية قد خرج من الحكومة بعد وقف إطلاق النار، ثم عاد إليها بعد استنئاف القتال، فلو لم ينضم مرة أخرى، لكانت إسرائيل تحضر لانتخابات برلمانية، ذلك أن نتنياهو كان قادرا على تمرير الميزانية التي تضمن بقاءه في السلطة حتى 2026. كما ويريد نتنياهو البقاء خارج السجن، فهو يحاكم منذ 2020، ومن هنا فحالة الحرب الدائمة تجعله بعيدا عنه. وجادل بأنه مشغول بشؤون الحكم لدرجة تمنعه ​​من قضاء وقت طويل على منصة الشهود: “أنا أقود البلاد في حربٍ على سبع جبهات”، هذا ما قاله للقضاة في كانون الأول/ ديسمبر. وفي شباط/فبراير، وافقت المحكمة على طلبه الإدلاء بشهادته يومين فقط في الأسبوع، بدلا من ثلاثة. وترى المجلة أن حلفاء إسرائيل في الماضي ربما حاولوا الحد من النزعة الحربية لإسرائيل.

فمع أن ترامب ضغط على نتنياهو للقبول بوقف إطلاق النار في غزة ولبنان إلا أن زيارة نتنياهو لواشنطن جعلته يعود منتصرا بعدما طرح ترامب فكرة تهجير سكان غزة.

كما لم يحدث أي رد فعل من قادة المنطقة الذين يوصفون بالمعتدلين. فعندما اندلعت حرب غزة، خشي العديد من الحكام العرب المستبدين أن تشعل الحرب فتيل الاضطرابات في بلدانهم، لكن هذا لم يحدث. فمع هدوء شوارعهم، اكتفى الحكام بالإدانات الخطابية للحرب ولم يقطع أي منهم العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل.

وتعلق المجلة أن كل العوامل الحالية، تلعب لصالح إسرائيل، إلا أن الأخيرة تجد صعوبة في لعب دور القوة المهينة.

كل العوامل الحالية، تلعب لصالح إسرائيل، إلا أن الأخيرة تجد صعوبة في لعب دور القوة المهينة مع جيشها المنهك بالحروب

فمن جهة تقوم بالضغط على الجيش الذي أنهكته حروب المنطقة. فقد توقفت حياة جنود الإحتياط بانتظار دعوتهم للخدمة. ويبلغ معدل ما خدمه الجنود الـ 295,000 منذ بداية الحرب حوالي 61 يوما، وهذا مقارنة مع 25 يوما قبل الحرب. وأمضى ثلثهم بالزي العسكري 150 يوما وبدأ الإرهاق يتسلل إلى بعض الوحدات، حيث وجدت دراسة أن 60-70% فقط من الجنود يلتحقون بالخدمة عند استدعائهم. ومع أن العجز في الميزانية سيصل إلى 4.9% من الناتج المحلي العام إلا أن الدين العام زاد من 60% من الدخل المحلي العام في 2022 إلى69% العام الماضي. وفي الميزانية الجديدة سيحصل حلفاء نتنياهو على 5 مليارات شيكل على شكل “ميزانية التحالف” وذلك للإنفاق على المدارس الدينية، مليار دولار. ووصف زعيم المعارضة يائيرلابيد الميزانية الجديدة بأنها “أكبر سرقة في تاريخ البلد”، كل هذا يؤشر إلى أزمة أعمق.

فقد كسرت السنوات الماضية ثقة الرأي العام بالدولة، وقبل هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر التي سبقته إضطرابات ومحاولات نتنياهو شل المحكمة العليا. وفي عام 2018 قالت نسبة 55% أن البلد في حالة جيدة، أما اليوم فالنسبة هي 11%. ولا يبذل نتنياهو الجهد للحصول على ثقتهم. وت

وتذكر المجلة أنه في استطلاع آخر دعمت نسبة 73% مواصلة تنفيذ مراحل وقف إطلاق النار وتحرير الأسرى لدى حماس. ومع استئناف القتال، بات الإسرائيليون يتحدثون عن تلاعب نتنياهو بالدولة لمصالحه، وهناك جنود احتياط يناقشون فكرة تجاهل الدعوة للمشاركة في هجوم بري.

 ثم جاءت أزمة مدير الشاباك رونين بار وعزله، لمنع تحقيقات تطال نتنياهو. وهناك نوع من المزيج السام، حيث تطالب الحكومة السكان بالتضحيات الكبرى مع أنهم يائسون منها. وعليه فاحتلال طويل إن لم يكن ضما للضفة الغربية وقطاع غزة سيزيد من الخلافات.

وتقول المجلة أنه رغم موافقة الرأي العام بشأن استحالة صنع السلام مع الفلسطينيين، إلا أنهم لا يشاركون اليمين في أحلامه عن “إسرائيل الكبرى”. فالفلسطينيون وإن ضعفوا في ساحة المعركة ودبلوماسيا، لكنهم لن يظلوا هكذا للأبد. وتقدم المواجهة في جنوب سوريا، يوم 25 آذار/مارس تحذيرا لإسرائيل.

وتؤكد المجلة على أن الأهم من كل هذا، هل يمكن لإسرائيل الاعتماد على الرئيس الأمريكي الزئبقي كحليف يمكن الوثوق به. وربما استطاع رون ديرمر، المسؤول في حكومة نتنياهو إقناع جماعة ترامب أن إسرائيل قادرة على هزيمة حماس في الأشهر المقبلة وعمل نفس الأمر في سوريا. لكن دعم إسرائيل مكلف، فقد حرقت أمريكا فوق الـ 18 مليار دولار منذ بداية الحرب، 5 مليارات أخرى على دفاعها في المنطقة. وترامب في النهاية يريد أن يكون صانع سلام، ولهذا لا يتفق مع نهج إسرائيل الحربي وبخاصة في إيران.

مجلة ايكونوميست البريطانية

ترجمة ابراهيم درويش