1

من هو ميشال بارنييه الذي عيّنه ماكرون رئيساً للحكومة الفرنسية؟

مع تعيينه من قبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رئيساً للحكومة اليوم (الخميس)، يضع الرئيس الفرنسي حداً لشهرين من البحث عن تشكيل حكومة، تأخرت بفعل نتائج الانتخابات البرلمانية المبكرة التي لم تأت بأغلبية حزبية قادرة بمفردها على تعيين رئيس للوزراء.

فمن هو ميشال بارنييه المفاوض السابق للاتحاد الأوروبي في قضية خروج بريطانيا من الاتحاد؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع كبير مفاوضي المفوضية الأوروبية ميشال بارنييه في قصر الإليزيه بباريس يوم 31 يناير 2020 قبل ساعات قليلة من خروج بريطانيا رسمياً من الاتحاد الأوروبي (أ.ف.ب)

أبرز مهامه

ولد ميشال بارنييه في 9 يناير (كانون الثاني) سنة 1951 في لا ترونش، إحدى ضواحي مدينة غرونوبل الفرنسية الألبية، حسب وكالة «رويترز» للأنباء.

تخرج العام 1972 من ESCP، وهو معهد لإدارة الأعمال الأوروبية في باريس، وفق موقع البرلمان الأوروبي.

انتخب عضواً في البرلمان الفرنسي سنة 1978 وعمره آنذاك 27 عاماً، ممثلاً لمنطقة سافوا الديغولية التي تميل نحو يمين الوسط.

شارك عام 1992 في تنظيم دورة الألعاب الأولمبية الشتوية التي أقيمت في ألبرتفيل في دائرته الانتخابية، وهو الحدث الذي لا يزال محورياً لصورته العامة، وفق «رويترز».

شغل منصب وزير البيئة بين العامين 1993 و1995، ووزير فرنسا لأوروبا بين 1995 و1997.

تولى منصب مفوّض السياسة الإقليمية للاتحاد الأوروبي (1999 – 2004)، وهو منصب مسؤول عن المنح والإعانات التي تمثّل ثلث ميزانية الاتحاد.

تولى وزارة الخارجية الفرنسية (2004 – 2005)، ووزيراً للزراعة (2007 – 2009)، وانتخب عضواً في البرلمان الأوروبي (2009 – 2010).

شغل منصب مفوّض الاتحاد الأوروبي للسوق الداخلية والخدمات (2010 – 2014). تفاوض على تنظيم جديد واسع النطاق للأسواق المالية الأوروبية بعد الانهيار العالمي، بما في ذلك الإصلاحات غير الشعبية في مدينة لندن.

تم تعيينه عام 2016 مفاوضاً للاتحاد الأوروبي بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بعد استفتاء بريطانيا على الخروج من الكتلة فيما عُرف ببريكست.

فشل سنة 2021 في محاولة الحصول على ترشيح حزبه المحافظ للانتخابات الرئاسية لعام 2022.

رئيس فريق العمل للعلاقات مع المملكة المتحدة ميشال بارنييه خلال جلسة تصوير في 11 مايو 2021 في باريس (أ.ف.ب)

أنشطة أخرى:

بحسب موقع البرلمان الأوروبي، من أبرز المناصب الأخرى التي تولاها ميشال بارنييه:

رئيس الجمعية الفرنسية لمجلس البلديات والمناطق الأوروبية (1997 – 1999).

عضو في «مجلس الدولة» الفرنسي (2005 – 2016).

مستشار خاص لرئيس المفوضية الأوروبية، خوسيه مانويل باروسو. قدّم تقرير «من أجل قوة حماية مدنية أوروبية: مساعدة أوروبا».

مستشار سياسي لحزب «الجمهوريين» منذ العام 2006. وتجدر الإشارة إلى أنّ حزب «الجمهوريين» محسوب على يمين الوسط.

نائب رئيس حزب الشعب الأوروبي (2006 – 2015).

رئيس مجموعة حزب الشعب الأوروبي المعنية بقضايا الدفاع والأمن الأوروبيين (2015).

لميشال بارنييه 10 مؤلّفات في السياسة والبيئة والاقتصاد بين العامين 1985 و2014، بحسب موقع البرلمان الأوروبي.

ميشال بارنييه من حزب «الجمهوريين» الفرنسي المحافظ يصل لحضور اجتماع طارئ دعا إليه زعماء حزب الجمهوريين في باريس 12 يونيو 2024 (رويترز)

طمأنة بروكسل

كتبت صحيفة «لوموند» الفرنسية، اليوم (الخميس)، في تعريفها بميشال بارنييه:

«أصبح (ميشال بارنييه) المفاوض السابق بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي رئيساً للوزراء، عن عمر يناهز 73 عاماً، في خضم أزمة سياسية، مع مهمة دقيقة تتمثل في إيجاد طريق في الجمعية الوطنية (البرلمان) المنقسمة إلى ثلاث كتل، في أعقاب الانتخابات التشريعية للبرلمان في 30 يونيو (حزيران) و7 يوليو (تموز). ومن شأن خبرته الطويلة في ألغاز السلطة أن تساعده في مهمته».

وأضاف التقرير: «ميشال بارنييه، الذي سيتعين عليه طمأنة بروكسل، في حين أن فرنسا مستهدفة منذ يونيو بإجراءات العجز العام المفرط، يحظى باحترام على الساحة الأوروبية، التي عمل فيها لمدة خمسة عشر عاماً، حتى اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الذي تم الحصول عليه بعد صراع شاق في ديسمبر (كانون الأول) 2020».

وأشاد أعضاء اللجنة المفاوضة السبعة والعشرون بالمفوض الأوروبي السابق ميشال بارنييه، مركّزين على مهارته في إيجاد التوافق، وصبره ومثابرته، عندما كان المفاوض المعيّن لإتمام اتفاق، وفق «لوموند»، حتى أنّ رئيس الوزراء المجري المثير للجدل، فيكتور أوربان، يقدره. وقال عنه كليمان بون، وزير الدولة للشؤون الأوروبية آنذاك، في عام 2021: «إنه مفاوض جيد وشامل، وكان قريباً جداً منا».

شادي عبد الساتر

صحيفة الشرق الاوسط




ميديا بارت: الغموض يحيط بملايين اليوروهات من الأسلحة الفرنسية التي سُلّمت لإسرائيل

تحت عنوان “الغموض يحيط بملايين اليوروهات من الأسلحة الفرنسية التي سُلّمت لإسرائيل”، وعلى خلفية إعلان المملكة المتحدة أنها ستعلّق جزئياً تراخيص تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، كشف موقع  “ميديا بارت” الإخباري- الاستقصائي الفرنسي عن مضمون تقرير حكومي فرنسي بشأن تسليم فرنسا باريس أسلحة بقيمة 30 مليون يورو لإسرائيل في عام 2023، قائلاً إن الحكومة الفرنسية ما تزال ترفض القول ما إذا كانت عمليات تسليم معينة قد تمت بعد بدء الحرب في غزة، وربما تم استخدامها لاستهداف المدنيين.

على الرغم من الأدلة المتراكمة على جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية محتملة ارتكبها الجيش الإسرائيلي في غزة، فإن فرنسا لم تعلن قط حظرًا كليًا أو جزئيًا على شحنات الأسلحة إلى تل أبيب

وأوضح “ميديا بارت” أن فرنسا وقّعت على العديد من النصوص (بما في ذلك معاهدة تجارة الأسلحة) التي تحظر عليها تسليم الأسلحة إذا كان هناك خطر استخدامها لارتكاب جرائم حرب، أو هجمات موجهة ضد المدنيين. لكن من الواضح أنها لا تتوصل إلى نفس الاستنتاجات.. فعلى الرغم من الأدلة المتراكمة على جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية محتملة ارتكبها الجيش الإسرائيلي في غزة منذ خريف عام 2023 بعد مجازر 7 أكتوبر، إلا أن فرنسا لم تعلن قط حظرًا كليًا أو جزئيًا على شحنات الأسلحة إلى إسرائيل، يقول “ميديا بارت”.

وتؤكد الحكومة الفرنسية- يوضح الموقع الفرنسي- أنها تسلّم الأسلحة لإسرائيل لأغراض دفاعية فقط، لكنها لا توفر وسيلة للتحقّق من ذلك: على الرغم من الطلبات المتكررة من وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية، فإن القائمة الدقيقة للأسلحة التي باعتها و/أو سلّمتها فرنسا إلى إسرائيل ما تزال غير معروفة.

والأكثر إثارة للدهشة- يقول “ميديا بارت”- أن الحكومة لا تحترم حتى القواعد القليلة التي وضعتها لنفسها من أجل ضمان الشفافية (النسبية) في مبيعاتها من الأسلحة. ففي حين أن السلطة التنفيذية الفرنسية مطالبة بتقديم تقرير إلى البرلمان كل عام، قبل الأول من يونيو/حزيران، حول صادرات الأسلحة الفرنسية، فإن تقرير 2024 (الذي يغطي صادرات 2023) لم يتم تقديمه رسميًا بعد في الدورة النصفية، ولم يتم نشره للعامة.

ويقول “ميديا بارت”، الذي تمكّن من الحصول عليه، إن هذه الوثيقة المؤلفة، من 135 صفحة، تبدأ بنص طويل يشيد بسياسة التصدير “المتماسكة” والخاضعة لرقابة صارمة، والتي تتضمن بشكل عابر الأرقام المضخمة عن عمد للمساعدات العسكرية الفرنسية لأوكرانيا.

يكشف هذا التقرير أولاً أن مبيعات الأسلحة الفرنسية آخذة في الانخفاض: 8.2 مليار يورو من الطلبات المسجلة في عام 2023، مقارنة بـ 27  مليارًا في عام 2022. وهو تطور يمكن تفسيره بالمبيعات الاستثنائية (لا سيّما طائرات رافال إلى الإمارات العربية المتحدة) لعام 2022.

تكمن الفائدة الحقيقية لهذا التقرير في مَلاحقِهِ، وبشكل أكثر دقة في الجداول الطويلة التي تلخّص عدد وكمية تراخيص التصدير (الوثيقة التي بدونها يستحيل أيّ بيع للأسلحة) التي منحتها الحكومة الفرنسية، بالإضافة إلى المبلغ باليورو للمعدات التي تم تسليمها فعليًا للسنة المعنية – لأن كل ترخيص لا يؤدي بالضرورة إلى البيع، وفي حالة البيع، قد لا يكون التسليم ساريًا إلا بعد سنوات، يوضّح “ميديا بارت”.

لكن قبل كل شيء- يواصل الموقع الفرنسي- ترفع الوثيقة جزءًا من الحجاب عن السياسة الفرنسية المتمثلة في تصدير الأسلحة إلى إسرائيل.. نعلم أنه في عام 2023، سلمت فرنسا 30 مليون يورو من المعدات العسكرية. وبما أن الأشهر المعنية غير محددة، فمن المستحيل معرفة ما إذا كانت هذه الشحنات قد استمرت بعد شن الأعمال الانتقامية الإسرائيلية الوحشية في قطاع غزة. كما صدقت فرنسا، حتى عام 2023، على طلبات إسرائيلية بقيمة 20 مليون يورو من المصنّعين الفرنسيين، ومنحت 75 ترخيصَ تصدير لإسرائيل، بقيمة إجمالية 176 مليون يورو. تتعلق هذه التراخيص على وجه الخصوص بفئات المعدات المعروفة باسم ML2 ، وML4 (قنابل وطوربيدات وصواريخ وقذائف وأجهزة أخرى) والشحنات المتفجرة ML6 .. إلخ.

لن تؤدي جميع هذه التراخيص إلى المبيعات. لكن الحقيقة تبقى: بدون مزيد من التفاصيل من السلطات الفرنسية، من الصعب أن نفهم كيف تمكّنت باريس من الحصول على ضمانة بعدم استخدام أي شيء في هذه الترسانة لارتكاب جرائم في غزة، يقول “ميديا بارت”.

ميديا بارت: بدون مزيد من التفاصيل من السلطات الفرنسية، من الصعب أن نفهم كيف تمكّنت باريس من الحصول على ضمانة بعدم استخدام أي شيء في هذه الترسانة لارتكاب جرائم في غزة

يضاف إلى كل ذلك بيع المعدات العسكرية: ما يسمى بالسلع “ذات الاستخدام المزدوج”، أي المنتجات التي تعتبر حساسة لأنه يمكن استخدامها لأغراض مدنية وعسكرية على حد سواء. فهي ذات طبيعة متنوعة للغاية: طائرات بدون طيار يمكن استخدامها للترفيه، أو لإسقاط الذخائر، وسلالات فيروسية يمكن استخدامها للبحث الطبي أو لتطوير سلاح بكتريولوجي، ومفاصل تستخدم في مصنع مدني، أو في محطة طاقة نووية، يوضح “ميديا بارت”.

في عام 2024، تم إنشاء لجنة برلمانية مسؤولة عن تحليل ومراقبة صادرات الأسلحة الفرنسية، التي وعدت بها لسنوات عديدة. وتم تعيين أعضائها في شهر أبريل/نيسان .

ومنذ قرار الحل المفاجئ الذي قرره إيمانويل ماكرون، للجمعية الوطنية، ظلت هذه اللجنة في عداد المفقودين، يشير “ميديا بارت”.

موقع ميديا بارت الفرنسي

ترجمة صحيفة القدس العربي




ما الدول التي حظرت أو فرضت قيوداً على مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل؟

مع تحوُّل موقف الحكومة البريطانية بشأن توريد الأسلحة، استعرضت صحيفة «الغارديان» البريطانية كيف استجابت الدول المختلفة للحرب في غزة.

وتعد بريطانيا أحدث دولة تُغير موقفها بشأن مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل، التي كانت تعتمد على الأسلحة المستوردة في هجومها على غزة لمدة 11 شهرًا، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 40 ألف شخص.

ما موقف الدول التي تصدر الأسلحة إلى إسرائيل؟

حظر أو تقييد مبيعات الأسلحة

بريطانيا

أعلن وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، الاثنين الماضي، أن لندن علقّت 30 من أصل 350 ترخيصاً للأسلحة.

واستشهد بمراجعة داخلية استمرت شهرين، وجدت أن إسرائيل، بوصفها قوة احتلال، لم تفِ بواجبها في ضمان تسليم الإمدادات الأساسية «لبقاء سكان غزة».

وانتقدت منظمات حقوق الإنسان القرار؛ لأنه لا يشمل الأجزاء المصنوعة في المملكة المتحدة لطائرات «F35» المقاتلة التي تستخدمها إسرائيل.

إيطاليا

أعلن وزير الخارجية الإيطالي، أنتونيو تاياني في يناير (كانون الثاني) أن روما قررت بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) -وهو اليوم الذي هاجمت فيه حركة «حماس» إسرائيل، ما أشعل فتيل الحرب في غزةـ عدم إرسال مزيد من الأسلحة إلى إسرائيل، ولكن الحكومة اعترفت منذ ذلك الحين بأن الاتفاقات الموقعة سابقاً يتم احترامها.

وتعد إيطاليا ثالث أكبر مورد معدات عسكرية إلى إسرائيل، ولكنها تسهم بأقل من 1 في المائة من إجمالي واردات إسرائيل من الأسلحة، وفقاً لمنظمة «أكشن أون أرمد فايولنس» البحثية التي تتخذ من لندن مقراً لها.

أحد الفلسطينيين النازحين يتفقد منزله المدمر أثناء عودته إلى بلدة دير البلح بعد أن سحب الجيش الإسرائيلي قواته من شرق وسط قطاع غزة (إ.ب.أ)

إسبانيا

صرح وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، في يناير (كانون الثاني) أن إسبانيا لم تبع أسلحة إلى إسرائيل منذ السابع من أكتوبر.

وفي مايو (أيار)، ذهبت الحكومة إلى أبعد من ذلك، بعدما أعلنت أنها ستحظر على السفن التي تحمل أسلحة إلى إسرائيل الرسو في المواني الإسبانية.

وكانت مدريد واحدة من أكثر الدول الأوروبية انتقاداً للهجوم على غزة.

كندا

وافق البرلمان الكندي في مارس (آذار) في تصويت غير ملزم، على وقف المبيعات العسكرية المستقبلية إلى إسرائيل.

وقالت وزيرة الخارجية ميلاني جولي لصحيفة «تورنتو ستار» في ذلك الوقت إن شحنات الأسلحة ستتوقف.

بلجيكا

قيّدت السلطات مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل، كما شنّت الحكومة حملة من أجل حظر على مستوى الاتحاد الأوروبي.

فلسطينيون في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

هولندا

أمرت محكمة هولندية في فبراير (شباط) الحكومة بوقف توريد أجزاء طائرات مقاتلة من طراز «إف-35» إلى إسرائيل، بسبب الخطر الواضح المتمثل في حدوث انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي.

ومع ذلك، لم يشمل الحكم المكونات المرسلة إلى دول مثل الولايات المتحدة التي يمكن تسليمها بعد ذلك إلى إسرائيل.

دول لا تحظر بيع السلاح

الولايات المتحدة

بسبب الجدل حول مبيعات الأسلحة، لا تكشف الولايات المتحدة وعدد من الدول الأخرى عن التفاصيل الكاملة لتجارة الأسلحة الخاصة بها.

ومع ذلك، وفقًا لمعهد «ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام»، فإن واشنطن هي أكبر داعم عسكري لإسرائيل، حيث تقدم ما يقدر بنحو 69 في المائة من أسلحتها من مصادر أجنبية.

وانتقد الرئيس الأميركي، جو بايدن، سلوك إسرائيل، ووصف حملتها بأنها «عشوائية»، لكن الرئيس رفض وقف بيع القنابل.

وفي مايو (أيار)، علّقت الإدارة الأميركية شحنات القنابل الثقيلة الخارقة للتحصينات إلى إسرائيل، لكنها استأنفت بعض عمليات التسليم في يوليو (تموز).

قوات إسرائيلية تدخل إلى مخيم جنين للاجئين السبت (إ.ب.أ)

ألمانيا

وفقاً لمعهد «ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام»، فإن نحو 30 في المائة من صادرات الأسلحة إلى إسرائيل تأتي من ألمانيا.

وتشمل المبيعات أسلحة محمولة مضادة للدبابات وطلقات ذخيرة للأسلحة النارية الأوتوماتيكية أو شبه الأوتوماتيكية.

وتعدّ برلين دعم الدولة اليهودية مسألة تتعلق بأسباب الدولة، بسبب مسؤوليتها عن المحرقة.

الدنمارك

تسهم الدنمارك في برنامج «إف-35» وتقاوم طلباً قضائياً تقدمت به عدة جماعات حقوقية، بما في ذلك منظمة العفو الدولية، التي تسعى إلى منع مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل.

صحيفة الشرق الاوسط




الأمير هشام العلوي: الحرب على غزة أصبحت ثقافية وحضارية أكثر منها جيوسياسية.. والغرب يساوي بين تأييد فلسطين ومعاداة السامية

في مقال بالموقع التحليلي الفرنسي المتخصص في العالم العربي “أوريون 21” بعنوان “الحرب في غزة، توسيع نطاق عدم الاستقرار”، اتهم الأمير المغربي والأستاذ في جامعة بيركلي الأمريكية، هشام العلوي، الغرب بفقدان المصداقية التامة في حرب قطاع غزة، وأصبح الأمر يتعلق بحرب ثقافية وحضارية أكثر منها جيوسياسية.

ويبرز، في مقاله المنشور الأربعاء، عدة جوانب لحرب غزة، ومنها موقف الدول العربية، مثل الأردن ومصر والمغرب والجزائر، والدول الإسلامية مثل إيران، غير أنه يركز كثيراً على دور الغرب الذي يصفه بالفاقد للمصداقية في هذا النزاع.

العلوي: النخبة والحكومة الفرنسية تربط بين هجمات “حماس” والمهاجرين واللاجئين المسلمين، وينظرون إلى الرد العسكري الإسرائيلي باعتباره جهداً شجاعاً لاستعادة الديمقراطية والدفاع عن الحضارة الغربية

في هذا الصدد، يكتب: “وأخيراً، فإن حرب غزة تؤدي إلى تساؤل جدي حول موقف الغرب في المنطقة. إن الدعم الثابت الذي تقدمه الحكومات الغربية لإسرائيل لا ينبع من حسابات جيوسياسية فحسب. فهي تتشابك بشكل متزايد مع الحروب الثقافية المستمرة داخل النسيج الاجتماعي والسياسي لأمريكا وأوروبا”.

ويرى العلوي كيف أصبحت هذه الحرب ذات طابع حضاري بسبب المفاهيم التي يتعامل بها الغرب مع الفلسطينيين وبطريقة غير مباشرة مع جميع العرب والمسلمين.

ويلقي الضوء على سلاح معاداة السامية، إذ كيف أصبح الغربيون المؤيدون لإسرائيل يساوون أي تعاطف مع القضية الفلسطينية مع معاداة السامية، متناسين معاداة السامية التي تتسم بها قوى اليمين المتطرف التقليدية التي تدعم إسرائيل.

وفي أمريكا، على سبيل المثال، يعتمد السياسيون اليمينيون مثل دونالد ترامب على الدعم الشعبي من أولئك الذين يكرهون اليهود. ولكن بالنسبة لهم، لا يعد هذا معاداة للسامية، لأنه يأتي من الأمريكيين الذين يدافعون عن وطنهم العنصري. كما تنظر هذه الأصوات إلى الصراع بين حماس وإسرائيل باعتباره صورة مصغرة لمخاوفها من غزو الأجانب لمجتمعاتها التي يفترض أنها نقية.

وعليه، فإن النخبة والحكومة الفرنسية تربط بين هجمات حماس في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، والمهاجرين واللاجئين المسلمين الذين يشوهون الثقافة الفرنسية. وينظرون إلى الرد العسكري الإسرائيلي باعتباره جهداً شجاعاً لاستعادة الديمقراطية والدفاع عن الحضارة الغربية ضد من تعتبرهم غير المتحضرين.

العلوي: الخطاب المزدوج للغرب حول القانون الدولي، خاصة بإرساء استثناءات فيه كما يحدث مع القضية الفلسطينية بسبب الانحياز الأعمى لإسرائيل، يضعف الديمقراطية الغربية، ويعزّز الديكتاتوريات

ويستمر الأمير هشام في انتقاده للغرب وخاصة فرنسا، قائلا: “بالنسبة لهذه الجهات الفاعلة، فإن اتهامات معاداة السامية الموجهة ضد النشطاء المؤيدين للفلسطينيين لا تهدف فقط إلى الدفاع عن إسرائيل. إنها جزء من حماية أسوار القوة الغربية ضد الجحافل التي تحاصر الاستثنائية الفرنسية. بالنسبة لهم، يُعتبر يوم 7 أكتوبر بمثابة نسخة طبق الأصل من هجوم باتاكلان الذي وقع في نوفمبر 2015. وقد تزايدت هذه الرؤية المعادية للأجانب في السنوات الأخيرة في جميع أنحاء القارة الأوروبية”.

ويعتبر الكاتب أن الخطاب المزدوج للغرب حول القانون الدولي خاصة بإرساء استثناءات فيه كما يحدث مع القضية الفلسطينية بسبب الانحياز الأعمى لإسرائيل يضعف الديمقراطية الغربية، وهذا يعمل بشكل أو آخر على تعزيز الديكتاتوريات العربية التي تستفيد من التشكيك في الديمقراطية الغربية.

وهكذا، يبرز الأمير هشام، ابن عم ملك المغرب، كيف اتخذت هذه الحرب في قطاع غزة طابعا حضاريا وثقافيا أكثر منها حربا جيوسياسية تتعلق بالتموقع العسكري والاقتصادي، مشيرا إلى تحرك الغرب في مجمله ككتلة واحدة، وإن تفاوت مواقف دوله. بينما الدول العربية كل واحدة منها لديها حسابات خاصة تتماشى ومصالحها الفردية وليس الجماعية.

موقع “أوريان 21” الفرنسي

ترجمة صحيفة القدس العربي




تحت وطأة الحرب.. الاستثمارات الأجنبية تهرب من السوق الإسرائيلية

لطالما تفاخرت تل أبيب بكونها عاصمة الشركات الناشئة، و”وادي السيلكون” في الشرق الأوسط، لكن تتوالى أخبار هروب رؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية من شركاتها وأصولها ومقراتها، إذ لم تقتصر الحرب على غزة على التطورات الميدانية العسكرية فحسب، بل امتدت لتضرب قلب الاقتصاد الإسرائيلي، في مشهد غير مسبوق، شمل كذلك الشركات المحلية حيث اختارت 80% من الشركات الإسرائيلية الناشئة ولاية “ديلاوير” الأمريكية كمقر لها، وحتى قبل الحرب انخفض الاستثمار الأجنبي بنسبة 60% في الربع الأول من 2023.

تزامنًا مع الانسحاب المتتالي للاستثمارات المحلية والأجنبية، تلاشت أحلام الازدهار وحلت محلها مخاوف وتساؤلات مصيرية حول قدرة “إسرائيل” على الصمود أمام هذه التحديات المتزايدة التي أفقدتها جاذبيتها الاستثمارية، فما أهم الشركات والصناديق السيادية والبنوك التي انسحبت من السوق الإسرائيلية؟

شركات وصناديق سيادة انسحبت من “إسرائيل”

منذ اندلاع الحرب على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، شهدت “إسرائيل” موجة غير مسبوقة من هروب الاستثمارات، حيث تسابقت الشركات الكبرى والصناديق السيادية للخروج من السوق الإسرائيلي، وفيما يلي قائمة بأبرز المنسحبين وتفاصيل قراراتهم الحاسمة:

نون بوست
تحركات وضغوط شعبية في لندن ضد باركليز.

الصناديق السيادية والتقاعدية والاستثمارية:

  • صندوق الثروة السيادي النرويجي: سحب استثماراته بالكامل من “إسرائيل”، محذرًا من “حالة عدم اليقين الخطيرة” في السوق.
  • صندوق التقاعد الدنماركي “بنسيون” (Danske Bank): سحب جميع استثماراته من البنوك الإسرائيلية.
  • صناديق التقاعد البريطانية: واجهت ضغوطًا كبيرة للتخلص من استثماراتها في الشركات التي تزود “إسرائيل” بالأسلحة.
  • صندوق تقاعد الجامعات البريطاني (USS): قلل استثماراته في الديون الحكومية الإسرائيلية والشيكل خلال الأشهر الستة الماضية.
  • الوكالة الوطنية الأيرلندية لإدارة الخزانة: سحبت ما يقرب من 3 ملايين يورو من محفظة الأسهم العالمية الخاصة بها في صندوق الاستثمار الإستراتيجي الأيرلندي، وتحديدًا من الشركات الست التالية: بنك هبوعليم، وبنك لئومي، وبنك الخصم الإسرائيلي، وبنك مزواجي، والبنك الدولي الأول، ومتاجر رامي ليفي.

البنوك:

  • بنك باركليز (Barclays): أعلن البنك البريطاني انسحابه المفاجئ من مزادات السندات الحكومية الإسرائيلية تحت ضغط نشطاء معارضين للعدوان الإسرائيلي على غزة.
  • بنك HSBC: قلص البنك البريطاني استثماراته بشكل حاد في “إسرائيل”، محذرًا من عدم الاستقرار في السوق الإسرائيلي.

الشركات:

  • إنتل (Intel): أوقفت الشركة الأمريكية العملاقة استثماراتها الاستراتيجية في “إسرائيل”، استجابةً للضغوط الدولية المتزايدة وحملات المقاطعة.
  • نيلسن (Nielsen): قررت الشركة الأمريكية المتخصصة في المعلومات والبيانات وقياس السوق إغلاق فرعها في “إسرائيل”.

أسباب الانسحاب المستمر

في خضم العاصفة الاقتصادية التي تجتاح “إسرائيل”، تتجلى أسباب هروب الاستثمارات بوضوح في عدة عوامل رئيسية، كل منها يلعب دورًا حاسمًا في تشكيل المشهد الاقتصادي الحالي:

  1. الإبادة الجماعية في غزة: ألقى الصراع المستمر بظلاله الثقيلة على الاقتصاد الإسرائيلي، فالحرب لم تقتصر على ساحات المعارك، لكن امتدت لتضرب في صميم الثقة الاستثمارية، فالخسائر البشرية والمادية الفادحة، إلى جانب الإنفاق العسكري الهائل، خلقوا حالة من عدم اليقين دفعت المستثمرين للبحث عن ملاذات آمنة بعيدًا عن “إسرائيل”.
  2. تصاعد حملات المقاطعة الدولية، حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) اكتسبت زخمًا غير مسبوق، ونجحت الحركة في التأثير على الرأي العام العالمي والضغط على الشركات والمؤسسات المالية. هذا الضغط الأخلاقي والاقتصادي دفع العديد من المستثمرين لإعادة النظر في علاقاتهم مع “إسرائيل”، خوفًا من الأضرار التي قد تلحق بسمعتهم وأعمالهم.
  3. تراجع الاستقرار السياسي الداخلي: الانقسامات السياسية الحادة داخل “إسرائيل”، والتي تفاقمت مع الإصلاحات القضائية المثيرة للجدل، زعزعت ثقة المستثمرين في استقرار البلاد، وأثارت مخاوف حول قدرة “إسرائيل” على الحفاظ على بيئة أعمال مستقرة وقابلة للتنبؤ.
  4. تآكل الميزة التنافسية في قطاع التكنولوجيا، مع هجرة الكفاءات وبحث الشركات عن بدائل أكثر استقرارًا.

توقعات مقلقة

في لحظة مفصلية من تاريخها الاقتصادي، تواجه “إسرائيل” عاصفة غير مسبوقة تهدد كيانها الاقتصادي، من تداعيات انسحاب الشركات والصناديق السيادية على الاقتصاد الإسرائيلي وتدهور تصنيفها الائتماني إلى “A2” مع نظرة مستقبلية سلبية تعكس عمق الأزمة الحالية.

على المدى القصير:

  • الاقتصاد الإسرائيلي يعاني من انكماش هائل بنسبة 19.4% في الربع الرابع من عام 2023، هذا الانهيار الحاد يعكس تأثير الحرب على غزة على كل القطاعات.
  • تراجع حاد في الاستهلاك الخاص بنسبة 27%، والاستهلاك العام انكمش بنسبة 90%.
  • ارتفع الإنفاق العام بنسبة 7.1% في الربع الأول من 2024 على أساس سنوي، بعد ارتفاع غير مسبوق بنسبة 86% في الربع الأخير من 2023، ويرجع ذلك أساسًا إلى الإنفاق الدفاعي.
  • انهيار في الاستثمارات بنسبة 70%.
  • سوق الأسهم لم يسلم من هذه العاصفة، مع تراجع مؤشر تل أبيب 35 بأكثر من 20% منذ بداية الحرب. في الوقت نفسه، يفقد الشيكل الإسرائيلي قيمته، مما يزيد من تكاليف الاستيراد ويؤجج التضخم.

على المدى البعيد:

  • انخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.1% على أساس سنوي.
  • تباطؤ النمو الاقتصادي إلى 2% لعام 2023 مقارنة بـ6.5% في 2022، مع نمو سلبي لنصيب الفرد بنسبة 0.1%.
  • تراجع الاستثمارات الأجنبية يهدد القطاعات الحيوية، وخاصة التكنولوجيا.
  • تآكل الميزة التنافسية في سوق الابتكار العالمي بسبب هجرة الكفاءات.
  • ارتفاع تكلفة الاقتراض مع تدهور التصنيف الائتماني.
  • احتمال تحول جذري في هيكل الاقتصاد الإسرائيلي، مع تقلص دور القطاعات المعتمدة على الاستثمار الأجنبي.

تداعيات انسحاب الاستثمارات على الاقتصاد الإسرائيلي

نون بوست

في ظل هذه الظروف الاستثنائية، تبرز أربعة سيناريوهات محتملة لمستقبل الاقتصاد الإسرائيلي عن تداعيات انسحاب الاستثمارات، كل منها يرسم مسارًا مختلفًا للسنوات القادمة. هذه السيناريوهات تتراوح بين الانكماش الحاد والتكيف الهيكلي، مرورًا بالانتعاش التدريجي البطيء، وصولًا إلى نموذج الاعتماد على الذات والانغلاق النسبي.

1. سيناريو الانكماش الحاد:

  • تراجع الاستثمارات الأجنبية: استمرار الانخفاض بنسبة قد تصل إلى 70-80% بحلول نهاية العام مقارنة بفترة ما قبل الحرب، ما يعمق الأزمة الاقتصادية.
  • انهيار قطاع السياحة: قد تتجاوز خسائر القطاع 90% من عائداته مقارنة بعام 2023، مع تداعيات خطيرة على الوظائف والإيرادات.
  • ارتفاع البطالة: زيادة غير مسبوقة في معدلات البطالة، خاصة في القطاعات الحساسة مثل التكنولوجيا والسياحة والخدمات.
  • انكماش الناتج المحلي الإجمالي: تراجع قد يتجاوز 10% سنويًا، مما يقود البلاد إلى ركود اقتصادي عميق.
  • تدهور قيمة الشيكل: انخفاض حاد في قيمة العملة الوطنية، يزيد من تكاليف الاستيراد ويؤجج التضخم.
  • انخفاض الإنفاق: تراجع حاد في الاستهلاك والاستثمار، مما يؤدي إلى دوامة انكماش يصعب السيطرة عليها.

2. سيناريو التكيف والتحول الهيكلي:

  • تحول اقتصادي جذري: انتقال نحو قطاعات أقل اعتمادًا على الاستثمار الأجنبي والسياحة، مثل التكنولوجيا الحيوية والطاقة النظيفة.
  • تعزيز السياحة المحلية: تطوير برامج مكثفة لتشجيع السياحة الداخلية وسياحة المغتربين لتعويض الخسائر.
  • زيادة الاستثمار الحكومي: دعم البحث والتطوير في القطاعات الاستراتيجية، مما يخلق فرصًا جديدة ويعزز النمو.
  • تعزيز الشراكات الاقتصادية: استغلال اتفاقيات التطبيع مع دول الجوار لفتح أسواق جديدة وتنويع مصادر الاستثمار.
  • تنمية الصناعات المحلية: توجيه الموارد نحو تعزيز الاكتفاء الذاتي في القطاعات الحيوية.

3. سيناريو الانتعاش التدريجي البطيء:

  • عودة تدريجية للاستثمارات: استعادة ما بين 50-60% من مستويات ما قبل الحرب بحلول 2026، ما يدعم الانتعاش الاقتصادي.
  • تحسن بطيء في السياحة: توقعات بالوصول إلى 70% من مستويات 2023 بحلول 2027، مع تركيز على حملات ترويجية مكثفة.
  • تحسن في مؤشرات الاقتصاد الكلي: بدء عودة النمو الإيجابي بحلول 2026، لكن بمعدلات أقل من فترة ما قبل الحرب.
  • استقرار قيمة الشيكل: تحسن جزئي لقيمة العملة الوطنية، مما يساعد في تخفيف الضغوط التضخمية واستقرار الأسعار.

4. سيناريو الاعتماد على الذات والانغلاق النسبي:

  • نموذج اقتصادي انغلاقي: تركيز أكبر على تنمية السوق المحلية وتشجيع الاستهلاك الداخلي، مع تقليص الاعتماد على الاستثمارات الخارجية.
  • زيادة الإنفاق العسكري: تحويل موارد كبيرة نحو القطاعات الأمنية، مما يؤثر سلبًا على القطاعات الإنتاجية والخدمية.
  • دعم الشركات الناشئة المحلية: تعزيز برامج حكومية مكثفة لدعم الابتكار وتعويض تراجع الاستثمارات الأجنبية.
  • سياسات حمائية: فرض قيود على حركة رؤوس الأموال وتبني سياسات حمائية لحماية الصناعات المحلية.
  • تراجع مستوى المعيشة: انخفاض القوة الشرائية للمواطنين نتيجة ارتفاع الأسعار وتراجع التنافسية.

في نهاية المطاف، يقف الاقتصاد الإسرائيلي على مفترق طرق تاريخي، في لحظة فارقة تحمل في طياتها تحديات غير مسبوقة وفرصًا للتحول الجذري، فالعاصفة التي تجتاح أركان الاقتصاد اليوم ليست مجرد نكسة عابرة، لكنها زلزال عميق يهز أسس النموذج الاقتصادي الذي اعتمدت عليه “إسرائيل” لعقود.

إن انسحاب الاستثمارات وانهيار الثقة في “الدولة الآمنة” يكشفان عن هشاشة كامنة في بنية الاقتصاد الإسرائيلي، فما كان يُنظر إليه سابقًا على أنه قوة أصبح اليوم نقطة ضعف في مواجهة الاضطرابات الجيوسياسية.

احمد حسني

موقع نون بوست




أي دور لـ”إسرائيل” في تصاعد العنف ضد المسلمين في بريطانيا؟

تصدرت أعمال الشغب العنصرية الأخيرة ضد المسلمين والمهاجرين في بريطانيا عناوين الصحف العالمية، لتوصف بأنها الأعنف منذ 13 عامًا، ومع ذلك، هناك جانب لم يركز عليه أحد تقريبًا، وهو كيف يحاول المؤثرون من أقصى اليمين الذين حركوا الاحتجاجات العنيفة ربط قضية معاداة المهاجرين بـ”إسرائيل”، وكيف أن معظمهم من المأجورين للدفاع عن الحرب الإسرائيلية على غزة.

الفتيل الذي أشعل العنصرية

ما شهدته بريطانيا مؤخرًا من “عنصرية متفشية” ليس سوى مثالًا على كيف أشعلت وسائل التواصل الاجتماعي والكراهية اليمينية المتطرفة العنف في جميع أنحاء بريطانيا، في أعقاب هجوم وقع في 29 يوليو/تموز الماضي، وأسفر عن مقتل 3 فتيات صغيرات وإصابة 8 أطفال آخرين واثنين من البالغين في ساوثبورت بشمال إنجلترا.

حسابات يمينية على منصات التواصل استغلت الحدث، وأججت الأوضاع بزعم أن المشتبه به الرئيسي كان مهاجرًا ومسلمًا متطرفًا، وصل إلى بريطانيا بشكل غير قانوني في قارب.

انتشر هذا الخبر الكاذب بسرعة على وسائل التواصل الاجتماعي، ما أثار احتجاجات عنيفة ضد المسلمين في ساوثبورت، وهاجم المتظاهرون المناهضون للمسلمين مسجدًا محليًا، وأشعلوا النيران في المركبات، وألقوا الحجارة على الشرطة، وأصيب أكثر من 50 ضابط شرطة في الاشتباكات.

وعلى الرغم من تأكيد الشرطة لاحقًا أن الحادث لم يكن مرتبطًا بالإرهاب، وتحديد هوية المشتبه به على أنه شاب مراهق في الـ17 من عمره، ليس مسلمًا ولا حتى مهاجرًا، ولد في بريطانيا لأبوين مسيحيين من رواندا، انتشرت الاحتجاجات في أكثر من 20 مدينة بجميع أنحاء بريطانيا، وشملت هجمات عنصرية على المسلمين والبريطانيين الآسيويين والبريطانيين السود.

وتعرضت فنادق المهاجرين للهجوم، وتم اقتحام المتاجر وإشعال النار في السيارات، وامتدت الممارسات العنصرية لتشمل مقبرة إسلامية في بورنلي، حيث دنس متظاهرون شواهد بعض القبور بالطلاء، وهو ما أدى إلى تعزيز شعور الخوف والقلق في أوساط ما يناهز 4 ملايين مسلم في بريطانيا.

ووصف العديد من المحتجين أنفسهم بأنهم “وطنيون مهتمون بارتفاع مستويات الهجرة”، وهذا سرد يغذيه زعيم حزب “إصلاح بريطانيا” اليميني المناهض للهجرة نايجل فاراج الذي فاز حزبه بـ4 ملايين صوت و4 مقاعد في البرلمان في الانتخابات العامة لعام 2024.

ورغم أن المشاعر المعادية للمسلمين والعرب كانت مرتفعة منذ بدأت حرب الغرب على الإرهاب، خاصة في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/أيلول، فإن حدة هذا الخطاب خفتت قليلًا على مدى السنوات القليلة الماضية، ومع ذلك، تصاعد الخطاب المعادي للإسلام بشكل غير مسبوق في أعقاب هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

وفقًا لمجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير)، كان عدد الشكاوى الواردة بشأن الحوادث المعادية للإسلام في عام 2023 – التي جاءت معظمها بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول – هو الأكبر على الإطلاق في تاريخ مجموعة الحقوق المدنية للمسلمين الأمريكيين أو الاجانب الممتد على مدار 30 عامًا. ووفقًا للإحصاءات المقدمة لهذا العام، ارتفعت الحوادث المعادية للإسلام بنسبة بلغت 70% في النصف الأول من عام 2024.

وفي المملكة المتحدة، كان ارتفاع معدلات الإسلاموفوبيا أسوأ بكثير حيث تشير بيانات “وحدة الاستجابة للإسلاموفوبيا IRU”، وهي منظمة خيرية مقرها لندن، إلى ارتفاع حالات الكراهية التي سُجلت ضد المسلمين في البلاد بنسبة تزيد على 300% خلال الأشهر التي تلت السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

ما تخبرنا به هذه البيانات هو أن هناك زيادة كبيرة في المشاعر المعادية للمسلمين، التي ترتبط ارتباطًا مباشرًا بالتغطية المتعلقة بالعدوان الإسرائيلي على غزة، سواء كان ذلك في وسائل الإعلام المؤسساتية المتحيزة أم على وسائل التواصل الاجتماعي التي يبدو أن غالبية الآراء المتشددة اليوم تتشكل عليها.

من يقف وراء هذا التحريض؟

مجموعات عديدة من اليمين المتطرف شاركت في أعمال الشغب أو روجت لها على وسائل التواصل، مثل الحركة البريطانية، وهي مجموعة من النازيين الجدد، ومجموعة البديل الوطني الفاشية التي تستخدم العنف، وتحاول تأجيج هذه المواجهات.

ثالث المنظمات الرئيسية التي تنسب لليمين المتطرف هي رابطة الدفاع الإنجليزية، وهي حركة عنصرية معادية للمسلمين والمهاجرين، من أبرز مؤسسيها ستيفن كريستوفر ياكسلي لينون، الذي غير اسمه الحقيقي إلى تومي روبنسون، أحد أبرز نشطاء اليمين المتطرف الموالين لـ”إسرائيل” والمعادين للإسلام.

يُتهم روبنسون بلعب دور مهم في التحريض على العنف القائم في بريطانيا، فقد استقطبت مظاهرة له ضمت العديد من أنصار “إسرائيل” حشدًا من نحو 20 ألف شخص في لندن قبل أيام قليلة من بدء أعمال الشغب، لكن روابط روبنسون بـ”إسرائيل” أعمق بكثير من اللافتات المرفوعة في مسيراته.

نون بوست
تومي روبنسون يميني متطرف متهم بالتحريض على أعمال الشغب في بريطانيا.

ساهم اليمينيون المتطرفون بما في ذلك روبنسون، في نشر اسم مزيف للمشتبه به، مدعيًا أنه طالب لجوء، رغم التشكيك في هذه المعلومات المضللة حتى على التلفزيون الإسرائيلي، لكن روبنسون ضاعف جهوده، وألقى بظلاله مرة أخرى على الحقيقة، وعمد إلى الترويج لذلك وكأنه دليل على وجود مشكلة مع طالبي اللجوء المسلمين في بريطانيا، ما أدى إلى المزيد من الاستقطاب، ومن ثم ضمان تضليل الجمهور الإسرائيلي أيضًا.

وبعد إثارة التوترات، وربط الحادث المروع بالهجرة غير الشرعية والحث على القيام بشيء حيال ذلك، سارع أمثال تومي روبنسون إلى النأي بأنفسهم عن العنف على الإنترنت، ولكنهم برروا أعمال الشغب، فلم تكن النقطة الأولى التي أثارها في مقطع الفيديو الذي تناول فيه أعمال الشغب تتعلق بالهجرة غير الشرعية، بل بحركة حماس.

وقدَّم روبنسون التفسير التالي لغضب بلطجيته وأعمال الشغب العنصرية المناهضة للمسلمين: “لماذا الناس غاضبون؟ سأخبرك لماذا هم غاضبون، لأن حماس سُمح لها بالسيطرة على لندن. الاستيلاء على عاصمتنا. كل أسبوع تُرفع أعلام داعش وحماس. تدعو إلى الجهاد. الشرطة لم تفعل شيئًا. بدلًا من ذلك ألقت القبض علي” وأضاف: “إن تصرفاتك في الأسابيع الثلاثة الماضية أو منذ السابع من أكتوبر، خلقت الآلاف من تومي روبنسون”.

هناك أيضًا سبب يدفع روبنسون إلى محاولة الإيحاء بأن أعمال الشغب تحدث بسبب استيلاء حماس على لندن، وهو ما يعني به المحتجين السلميين المؤيدين للفلسطينيين، لأن هذا في الواقع لا علاقة له بالسبب وراء حدوث أعمال الشغب العنصرية على الإطلاق.

ومن خلال إضافة المعلومات المضللة المنتشرة عبر حسابات وسائل التواصل الاجتماعي اليمينية المتطرفة بأن المحتجين المؤيدين للفلسطينيين جميعهم من حماس وأنهم كانوا يحملون أيضًا أعلام داعش، فإن هذا يصب الوقود إلى النار، ويساعد في توجيه الكراهية نحو الفلسطينيين ودعم “إسرائيل”.

على خطى المنظمات الإرهابية الصهيونية

ليس من المستغرب أن يتم التحريض على أعمال العنف التي تشهدها بريطانيا، وأن تصدر هذه التصريحات العنصرية عن رجل لطالما اعتبر نفسه صهيونيًا، ويعمل لصالح “إسرائيل” كجزء من حركة الإسلاموفوبيا “المناهضة للجهاد” التي أنشأتها دولة الاحتلال، إذ صرح في وقت سابق بأنه “سيكون في الخطوط الأمامية للقتال من أجل إسرائيل”، ولكن لماذا يعتبر روبنسون مهووسًا بجعل كل قضية تتعلق بـ”إسرائيل” والسابع من أكتوبر/تشرين الأول؟

اكتسب روبنسون شهرة واسعة عندما شارك عام 2009 في تأسيس رابطة الدفاع الإنجليزية (EDL) اليمينية العنصرية المتطرفة والمعادية للإسلام بشكل صريح، والمعروفة بأعمال العنف والشغب والمسيرات العنصرية ضد المسلمين والمهاجرين، وقاد المجموعة حتى عام 2013.

بعد عامين من تأسيسها تم تسمية المنظمة باسم رابطة الدفاع الإنجليزية واليهودية، استنادًا إلى رابطة الدفاع اليهودية، وهي منظمة إرهابية صهيونية أسسها الحاخام مائير كاهانا في الولايات المتحدة على أيديولوجية يمينية متطرفة عام 1968، وكانت جزءًا رئيسيًا من أعمال البلطجة العنيفة المعادية للإسلام في شوارع بريطانيا على مدى العقد الماضي.

ومع ذلك، لم يُذكر إلا القليل عن المؤسس المشارك لرابطة الدفاع الإنجليزية، وهو بول راي، الذي عمل لصالح المخابرات الإسرائيلية، حيث قام بالتسلل والتجسس على حركة التضامن الدولية المؤيدة للفلسطينيين (ISM)، التي كانت الأمريكية راشيل كوري التي قتلت بجرافة إسرائيلية عضوًا فيها، وقدم المعلومات التي جمعها عن أعضائها إلى العديد من وكالات الاستخبارات.

في سلسلة تغريدات نُشرت على موقع إكس (تويتر سابقًا)، يكشف مغني الراب الشهير البريطاني من أصل عراقي كريم دينيس المعروف باسمه الفني “لوكي”، بالتفصيل علاقة رابطة الدفاع الإنجليزية بالحركة الصهيونية، مشيرًا إلى أن “رابطة الدفاع الإنجليزية مسجلة في سجل الشركات (موقع الحكومة البريطانية) عن طريق الجندية السابقة في جيش الاحتلال الإسرائيلي روبرتا مور”.

ووفقًا لمغني الراب الشهير المعروف بمواقفه الداعمة للقضية الفلسطينية، والذي تعرض لهجوم من جماعات اللوبي البريطانية الموالية لـ”إسرائيل”، كانت مور تخضع لتدريب عسكري في إحدى المستوطنات الإسرائيلية، وتتولى رئاسة الوحدة اليهودية في رابطة الدفاع الإنجليزية، التي كان عدد أعضائها نحو 100 عضو.

ولسنوات طويلة، نظَّمت رابطة الدفاع الإنجليزية تظاهرة داعمة لـ”إسرائيل” بالتعاون مع الاتحاد الصهيوني، وظهرت مور في صورة مع النائب السابق لرئيسه جوناثان هوفمان، وعندما سُئلت مور عما إذا كانت رابطة الدفاع الإنجليزية تستغل الحركة الصهيونية، ردت قائلة: “إذا كان هناك أي شيء، فهو أننا نستغلهم”.

في فبراير/شباط 2013، غيَّرت روبرتا مور اسم رابطة الدفاع الإنجليزية على الموقع الرسمي لسجل الشركات البريطانية إلى رابطة الدفاع اليهودية في المملكة المتحدة، واستخدمت شعار حركة كاهانا، وهي جماعة إرهابية أخرى، وظهرت روبرتا في صورة لها إلى جانب عضو الكنيست الإسرائيلي السابق موشيه فيجلين ورئيس الفرع الكندي لرابطة الدفاع اليهودية مائير وينشتاين.

كانت رابطة الدفاع اليهودية محظورة كمنظمة إرهابية في الولايات المتحدة، ويُفهم على نطاق واسع أنها الجناح المسلح لحركة “كاخ” الإسرائيلية اليمينية المتطرفة التي تأسست عام 1971 في “إسرائيل”، وهي من أشهر الجماعات المتطرفة التي تنادي بهدم المسجد الأقصى، وتتبع لعضو الكنيست الإسرائيلي السابق اليميني المتطرف الحاخام الأمريكي مائير كاهانا.

وعرفت كاخ بأفكارها العنصرية وسلوكها العنيف ضد الشعب الفلسطيني ودعوتها لطرد الفلسطينيين من الأراضي المحتلة وإيمانها بأفضلية اليهود على غيرهم، وشكلت مجموعات مسلحة للاعتداء على قرى الفلسطينيين وتخريب ممتلكاتهم، كما تبنت عمليات قتل بحقهم، وأنتجت حركات وشخصيات متطرفة أخرى من أبرزها وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، الذي انضم إليها في الـ16 من عمره، وأسس حزبًا متطرفًا يدعى “عوتسما يهوديت”.

وعندما تشكلت رابطة الدفاع الإنجليزية لأول مرة، كان أحد المتحدثين الرئيسيين في مسيراتهم هو أيضًا المدرب العسكري الإسرائيلي السابق والحاخام اليهودي الأمريكي المتطرف ناخوم شيفرين، الذي وُصف بأنه أحد كبار الناشطين في احتجاجات حركة حزب الشاي “تي بي إم” التي ظهرت في المشهد السياسي الأمريكي عام 2009.

عنصرية بتمويل إسرائيلي

كشف تحقيق لصحيفة “الغارديان” البريطانية أن الناشط اليميني المتطرف يتلقى دعمًا من مجموعة واسعة من الجهات والأفراد خارج بريطانيا بما في ذلك مراكز أبحاث أمريكية ويمينيون أستراليون ومتصيدون روس.

ووفقًا للتحقيق، فإن أحد مصادر التمويل هو الملياردير الأمريكي في مجال التكنولوجيا روبرت شيلمان الذي كان – حتى وقت قريب – مديرًا لمنظمة أصدقاء قوات الدفاع الإسرائيلية، وموَّل السياسيين اليمينيين المتطرفين الهولنديين مثل النائب الهولندي المعروف بعدائه للإسلام خيرت فيلدرز.

ويمول شيلمان أيضًا مشروعات كثيرة مناهضة للإسلام، بما في ذلك مركز “هوروويتز Horowitz” الذي يُوصف بأنه “شبكة من المشروعات التي تمنح الأصوات المعادية للمسلمين والأيديولوجيات الراديكالية منصة لنشر الكراهية والتضليل الإعلامي”، كما يمول العديد من قنوات البروباغندا السياسية مثل موقع الأخبار اليميني الكندي “ريبل نيوز Rebel News”.

وبتمويل من شيلمان، دفع “ريبل نيوز” لروبنسون راتبًا قدره 5 آلاف جنيه إسترليني شهريًا، لكن صحيفة “تايمز” البريطانية تحدثت إلى زميلة سابقة عملت عن كثب إلى جانب روبنسون، تدعى لوسي براون، وقالت إن شيلمان ساعد في دفع راتب روبنسون الذي يصل إلى 5 أرقام شهريًا للعمل هناك.

بالإضافة إلى ذلك، حصل صحفي “ريبل نيوز” على أموال من منظمة أخرى مؤيدة لـ”إسرائيل”، حيث اعترفت مؤسسة الفكر المسماة منتدى الشرق الأوسط، بتنظيم مسيرة يمينية متطرفة مؤيدة لروبنسون في لندن، ودفع 60 ألف دولار على الأقل كنفقات قانونية بعد اعتقاله بتهمة ازدراء المحكمة في عام 2018، لبثه مقطع فيديو مباشر على فيسبوك للمتهمين المتورطين في عصابة التحرش الجنسي، منتهكًا حظر التغطية الإعلامية للمحاكمة، ومع ذلك، قضى شهرين فقط من عقوبته البالغة 13 شهرًا.

مدير مركز الأبحاث المحافظ المؤيد لـ”إسرائيل” هو جريج رومان، وهو موظف سابق في الحكومة الإسرائيلية ومنسق سابق للأنشطة في الضفة الغربية لوزارة الدفاع الإسرائيلية، وقد صرح بأنهم يساعدون روبنسون من خلال تمويل دفاعه القانوني، وممارسة الضغوط الخارجية على الحكومة البريطانية من أجل سلامته، وتنظيم المسيرات لدعمه.

كان روبنسون – وربما لا يزال – يتلقى التمويل من منظمات مؤيدة لـ”إسرائيل” ومعادية للمسلمين، ففي عام 2016، سافر إلى “إسرائيل” في جولة عسكرية، وظهر على دبابة إسرائيلية وهو يحمل بندقية وارتدى قميصًا مكتوبًا عليه جيش الدفاع الإسرائيلي، في الضفة الغربية، بل وقام أيضًا بزيارة مخيم للاجئين في بيت لحم.

نون بوست
صورة تظهر تومي روبنسون يقف على دبابة إسرائيلية وهو يحمل سلاحًا في أثناء رحلة إلى “إسرائيل”.

على الرغم من هذه الجولة التي قال عنها إنه “استفاد كثيرًا من التجول حول هذا المكان”، فقد أطلق مؤخرًا على فلسطين “المدينة المليئة بالطفيليات والإرهابيين الإسلاميين المتأصلين”، وكتب فوق ملصق يحمل علم فلسطين: “اللعنة على فلسطين” و”هل تحبهم؟ اذهب إلى الجحيم وادعمهم”.

ووفقًا لأستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة بريستول الإنجليزية ديفيد مولر، فإن روبنسون يعد جزءًا من برنامج المؤثرين عبر الإنترنت الذي تموله “إسرائيل”، ويظهر كضيف دائم على شاشات القنوات الإسرائيلية والغربية المؤيدة للاحتلال بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، للترويج للدعاية الصهيونية، التي تعتبر التصدي للاحتجاجات المؤيدة لفلسطين وزرع الإسلاموفوبيا هدفين مهمين ومترابطين.

وبذلك، يكفي أن نقول إن روبنسون لديه تاريخ طويل في تلقي الأموال من الصهاينة، بالإضافة إلى حقيقة أن اليمينيين المتطرفين مرتبطون بشكل مباشر برابطة الدفاع الإنجليزية العنصرية، وليس من المستغرب إذًا أن يلجأ إلى استخدام خطاب معاد للفلسطينيين لا علاقة له بالموضوع في تعليقاته على أعمال الشغب التي ساعد في تشجيعها، في حين يستمر في تبريرها، على الرغم من حرصه على عدم تأييد العنف.

شبكة يمينية معادية للمسلمين

إذا نظرنا أيضًا إلى مجموعة الشخصيات اليمينية المتطرفة الأخرى التي ظهرت مؤخرًا على نطاق واسع في أعقاب السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ما أثار مشاعر معادية للمسلمين، فسوف نجد أنهم يعملون دائمًا على ربط “إسرائيل” بأي نقاط معادية للمهاجرين يتبنونها.

ولنتأمل هنا على سبيل المثال الكاتب البريطاني اليميني المشهور بدعمه للاحتلال الإسرائيلي دوغلاس موراي، الذي ظهر من العدم ليقدم دعاية معدة بعناية عن الشرق الأوسط والمسلمين وطالبي اللجوء وما يسمى بـ”القيم الغربية”، ومن مؤلفاته كتاب “الحرب على الغرب”.

سافر موراي إلى “إسرائيل” التي يعتبرها “مثالًا يجب أن تحتذي به بقية دول العالم الديمقراطية”، وأصبح مدافعًا بارزًا عن الإبادة الجماعية التي ارتكبتها في غزة، في حين كان يروج لخدع الدعاية التي روجت لها “إسرائيل” في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

في فبراير/شباط الماضي، رفض موظفو مسارح نيماكس بلندن العمل على نشاط جمع تمويلات كان يعتزم موراي تنظيمه لصالح جنود جيش الاحتلال، رغم تعهد إدارة المسارح لهم بـ3 أضعاف الأجر، وبدلًا من ذلك، اتهمه متظاهرون أمام المسرح بتمويل الإبادة.

نون بوست
الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ (يمين) مع الكاتب البريطاني اليميني المشهور بدعمه للاحتلال دوغلاس موراي

إذا أخذنا آخرين، مثل كاتي هوبكنز، وهي شخصية يمينية متطرفة ومذيعة معروفة بوصف المهاجرين بـ”الصراصير” و”الحشرات” في الصحف الوطنية، نجد أنهم أيضًا يربطون رسائلهم المناهضة للإسلام والهجرة بنقاط نقاش مؤيدة لـ”إسرائيل”.

إلى جانب روبنسون، كانت هوبكنز واحدة من الشخصيات الرئيسية التي ساهمت في بدء أعمال الشغب العنصرية، وكانت تستخدم حساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي التي يتابعها أكثر من مليوني شخص للمساعدة في نشر المعلومات المضللة وحشد المسيرات العنصرية، ولا يزال مقطع الفيديو الذي أطلقت فيه اسمًا عربيًا على قاتل الأطفال في ساوثبورت منشورًا على الإنترنت.

مثل روبنسون، كانت هوبكنز زميلة في “ريبل نيوز”، وواحدة من الذين اصطحبتهم وسيلة الإعلام اليمينية الكندية الممولة من شيلمان، في رحلة مدفوعة إلى “إسرائيل”، ونشرت صورًا لها وهي ترتدي زي جيش الاحتلال الإسرائيلي، ووصفت رحلتها بكلمات عنصرية: “كل ما أستطيع سماعه هو نداء الصلاة، أشعر كأنني أتعرض للتعذيب في زنزانة على يد تنظيم القاعدة”.

وتدير كاتي مجموعة أخرى معادية للمسلمين تسمى مركز ديفيد هورويتز للحرية، وتتحدث بانتظام في الفعاليات التي ينظمها المركز، وتتلقى أجرًا مقابل إلقاء خطابات عنصرية ساخرة بعد العشاء ونشر الكراهية ضد المسلمين، ففي إحداها تقول بسخرية: “على عكس أصدقائي المسلمين الذين لديهم 15 طفلًا تحت سن الثالثة، أنا أمزح، أنا أمزح، ليس لدي أي أصدقاء مسلمين”.

بخلاف هؤلاء الذين يبعدون آلاف الكيلومترات عن “إسرائيل”، اتُهم نائب رئيس بلدية القدس، أرييه كينج، بمحاولة إثارة أعمال شغب وتوترات اليمين المتطرف في بريطانيا بعد نشره مرارًا وتكرارًا في الأيام الأخيرة صورًا ومقاطع فيديو تغذي الكراهية وتسيء إلى المجتمع الإسلامي في بريطانيا، مدعيًا ​​أن مقاتلي حماس الذين قتلوا مدنيين إسرائيليين في 7 أكتوبر/تشرين الأول مدعومون من المسلمين في بريطانيا.

كينج، مؤسس منظمة استيطانية تسمى “صندوق أرض إسرائيل”، صاحب تاريخ طويل من الكراهية ضد المسلمين، ومعروف بعمله على توطين الإسرائيليين بشكل غير قانوني في القدس الشرقية المحتلة وطرد العائلات الفلسطينية من حي الشيخ جراح، واتهمه المنتقدون على نطاق واسع بالعنصرية، وقد رد على اتهام بأنه كان يحاول إثارة حرب عرقية، مدعيًا أنه كان يحاول إنقاذ إنجلترا من الحركة الإسلامية المتطرفة.

وبينما كانت الهجمات العنصرية والمناهضة للمسلمين تجتاح المدن والبلدات في أنحاء مختلفة من المدن البريطانية، نشر كينج صورة كاريكاتورية تُظهر رجلًا أسمر اللون ذا مظهر مسلم ولحية وقلنسوة يحتضن ضابط شرطة بريطاني أبيض، يضع ذراعيه حول المسلم، قال الشرطي: “معًا سنجعل هذا البلد ملكك”، وكان المسلم يقول: “شكرًا لك على كونك ضعيفًا جدًا”.

وبشكل عام، تحولت السياسة الإسرائيلية تحت قيادة رؤساء مثل بنيامين نتنياهو إلى اليمين بشكل أكبر من خلال تشكيل تحالفات مع شخصيات اليمين المتطرف على مستوى العالم، وهذا يشمل العلاقات مع زعماء مثل رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان والرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذين تعرضوا أيضًا لانتقادات بسبب آرائهم عن الإسلام والهجرة.

لا شيء يحدث بالصدفة

السؤال الآن: ما الذي يربط “إسرائيل” بمثيري العنف العنصري الأخير في بريطانيا؟ تكمن الإجابة في شبكة عالمية من السياسيين المناهضين للمسلمين والمؤيدين لـ”إسرائيل” ومراكز البحوث والأثرياء الذين يمولون نشاطًا مناهضًا للمسلمين في جميع أنحاء أوروبا والولايات المتحدة، ويروجون لشخصيات اليمين المتطرف الرائدة في بريطانيا التي تشوه سمعة المسلمين والمهاجرين غير البيض، تمامًا مثل القادة الإسرائيليين الذين شوهوا سمعة الفلسطينيين الذين هم أيضًا مسلمون.

كما أن شخصيات مثل تومي روبنسون وكيتي هوبكنز لم يحرضوا ويحشدوا للعنف العنصري الأخير فحسب، بل كانوا أيضًا يحرضون ضد المسلمين والمهاجرين لعقود من الزمن، وهذا التوجه هو جزء من اتجاه أوسع، حيث يرى اليمين المتطرف في أوروبا “إسرائيل” كمدافع عن الحضارة الغربية ضد التهديدات الإسلامية المزعومة.

ويعتبر روبنسون نفسه من أشد المؤيدين لـ”إسرائيل”، ويؤيد السياسة الإسرائيلية، ففي عام 2004، بدأ طريقه في الحزب الوطني البريطاني الفاشي، الذي تشكل من حزب الجبهة الوطنية البريطانية التي بدأ في الظهور سبعينيات القرن الماضي من أقصى اليمين وتأثر بالفكر الفاشي، وتبنى الترويج لأفكار مناهضة للهجرة والتعددية الثقافية، كما ترأس الفرع البريطاني لحركة أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب (بيغيدا) المعادية للإسلام، التي تأسست في ألمانيا.

كانت كلتا الحركتين معاديتين للسامية وعنصريتين بشدة، لكنهما أقرب إلى أيديولوجيات الفاشية مثل النازية، والآن أصبحت الكراهية ضد المسلمين والمهاجرين هي الأجندة الأساسية لهذه المجموعات، وجعلتهم معاداتهم للإسلام حلفاء طبيعيين لأيديولوجيات أخرى مثل الصهيونية في “إسرائيل” أو القومية الهندوسية في الهند.

لذا فإن الحرب في غزة واحتلال فلسطين والموجة الأخيرة من العنف العنصري في بريطانيا مرتبطة بشبكة من المنظمات المؤيدة لـ”إسرائيل” والمعادية للمسلمين، التي تروج للكراهية ضد المسلمين في بريطانيا بينما تدعم التطهير العرقي والاحتلال العسكري للمسلمين في فلسطين.

لا شيء من كل هذا يحدث بالصدفة، فالدور الذي تلعبه “إسرائيل” في دعم هذه الشخصيات المعادية للإسلام أو استخدام المؤثرين من اليمين المتطرف لتبني نقاط حوار معادية للفلسطينيين، هو جزء من حملة طويلة لإثارة الكراهية ضد المسلمين وطالبي اللجوء مع ربط هذه الكراهية بدعم “إسرائيل”.

وفي حين أن أعمال الشغب العنصرية في بريطانيا قد لا تكون ناجمة بشكل مباشر عن تمويل اللوبي الصهيوني لشخصيات اليمين المتطرف، فإن هؤلاء الأفراد موجودون بسبب الدعم المالي الكبير الذي يتلقونه في المقام الأول.

وهنا يمكن القول إن إثارة مشاعر الإسلاموفوبيا بين الناس الذين يتسمون بالفعل بالعنصرية الواضحة، وتوجيه هذا الغضب نحو الفلسطينيين، هو جزء واضح من أجندة معينة، وعلى الرغم من الروابط الواضحة بين اليمين المتطرف و”إسرائيل”، فإن هناك صمتًا شبه كامل في وسائل الإعلام الرسمية فيما يتعلق بهذه القضية.

ومع استمرار الحرب في غزة، من المتوقع أن تستمر التعبئة اليمينية المتطرفة في بريطانيا التي ستحتاج الآن إلى معالجة المعلومات المضللة المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والكراهية اليمينية المتطرفة التي أدت إلى اندلاع أسوأ اضطرابات في البلاد منذ أكثر من عقد من الزمان.

إسراء سيد

موقع نون بوست




بعد اعتقاله في فرنسا… ماذا نعرف عن مؤسس تطبيق «تلغرام» بافيل دوروف؟

جرى اعتقال الملياردير الروسي بافيل دوروف، مؤسس تطبيق الرسائل المشفرة «تلغرام»، بعد هبوط طائرته الخاصة في مطار «لوبورجيه» على مشارف العاصمة الفرنسية باريس.

ونقلت وسائل إعلام فرنسية أنه قُبض على دوروف (39 عاماً) بموجب مذكرة تفتيش أصدرها بحقه محققون فرنسيون على خلفية انتهاكات مختلفة منسوبة إلى تطبيق «تلغرام».

وكان دوروف قد وصل إلى فرنسا قادماً من أذربيجان. وأُلقي القبض عليه بين الساعة السابعة والنصف والثامنة مساءً برفقة حارسه الشخصي ومساعدته، وفق ما أوضح مصدر لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وذكرت إذاعة «تي إف1» أنه قد يُفتح تحقيق أولي مع الملياردير الفرنسي الروسي دوروف بدءاً من اليوم الأحد.

تطبيق «المعركة الافتراضية»

وبافيل دوروف رجل أعمال روسي المولد. وفي مجال التكنولوجيا اشتهر بتأسيس تطبيق «تلغرام»، وقد حصل على الجنسية الفرنسية في عام 2021.

ويعدّ «تلغرام» أحد أكثر التطبيقات تحميلاً في العالم، مع توقعات بأن يصل إلى نحو مليار مستخدم في غضون عام، وفقاً لشبكة «سكاي نيوز» البريطانية، والتطبيق يتنافس مع منصات مثل «واتساب» و«إنستغرام» و«تيك توك».

مؤسس تطبيق «تلغرام» بافيل دوروف (أ.ف.ب)

ويشتهر «تلغرام» بميزات الخصوصية القوية، وقد جمع قاعدة مستخدمين كبيرة، خصوصاً في روسيا وأوكرانيا ودول سوفياتية سابقة أخرى، كما يُستخدم التطبيق في روسيا، ويستخدم من قبل كثير من السلطات والسياسيين للتواصل.

وأصبح «تلغرام» قناة لنقل المعلومات المتعلقة بالصراع الدائر بين روسيا وأوكرانيا، حيث يستخدمه الجانبان على نطاق واسع، مما دفع بعض المحللين إلى وصفه بأنه «ساحة معركة افتراضية»، وفق «وكالة الأنباء الألمانية».

مغادرة روسيا وحظر «تلغرام»

وغادر دوروف روسيا في عام 2014 بعد رفضه الامتثال لمطالب الحكومة بإغلاق مجموعات المعارضة على «فكونتاكتي»؛ منصة التواصل الاجتماعي التي شارك في تأسيسها.

وكان دوروف قد ابتكر «تلغرام» بمشاركة شقيقه نيكولاي. وبعد رحيل دوروف عن روسيا، باع «فكونتاكتي» وانتقل إلى مكان آخر، وأنشأ في النهاية «تلغرام» في دبي عام 2017.

بافيل دوروف مؤسس تطبيق «تلغرام»… (حسابه على التطبيق)

حُظر تطبيق «تلغرام» في روسيا عام 2018، بعد رفض سابق من دوروف تسليم بيانات المستخدمين. ولكن أُلغي الحظر في عام 2021. وعلى الرغم من التزام الأخوين دوروف بحماية بيانات المستخدمين، فإنهما قد واجها انتقادات لعدم تعاملهما بشكل متسق مع خطاب الكراهية والتحريض على العنف، وفق ما أفاد تقرير من شبكة «سكاي نيوز» البريطانية.

100 طفل دون زواج

وقدرت مجلة «فوربس» ثروة دوروف بنحو 15.5 مليار دولار. وعلى الرغم من ثروته، فإن دوروف تحدث كثيراً عن أسلوب حياته البسيط؛ ففي مقابلة أجراها معه الصحافي الأميركي تاكر كارلسون، في أبريل (نيسان) الماضي، أكد على رغبته في الحرية على حساب الممتلكات المادية.

وأشار دوروف في حواره مع كارلسون إلى أنه لا يملك سوى القليل من المال والـ«بتكوين»، متجنباً العقارات والطائرات النفاثة واليخوت.

بافيل دوروف (تلغرام)

وزعم دوروف، في منشور على «تلغرام»، أنه أنجب ما لا يقل عن 100 طفل في 12 دولة من خلال التبرع بالحيوانات المنوية. وذكر دوروف أنه قبل 15 عاماً، طلب منه صديق مقرب التبرع بالحيوانات المنوية. وكتب عبر «تلغرام»: «لقد اكتشفت للتو أن لديّ أكثر من 100 طفل بيولوجي. كيف يكون هذا ممكناً لشخص لم يتزوج مطلقاً ويفضل العيش بمفرده؟».

اتهامات قضائية… وانتقادات لاعتقاله

يتهم القضاء الفرنسي دوروف بعدم اتخاذ إجراءات ضد الاستعمال المسيء لتطبيقه من جانب بعض المستخدمين.

وقال أحد المحققين لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يكفي إفلاتاً لـ(تلغرام) من العقاب»، مبدياً دهشته من أن الملياردير قرر المجيء إلى باريس رغم علمه بأنه مطلوب في فرنسا. وقال أحد المصادر المطلعة على الملف، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنه فعل ذلك «ربما بدافع الشعور بالإفلات من العقاب».

وفي الوقت نفسه، أعربت وزارة الخارجية الروسية عن قلقها بشأن اعتقال دوروف، وذكرت أنها تتخذ خطوات لتوضيح الموقف. كما تساءلت عما إذا كانت المنظمات غير الحكومية الغربية ستتدخل نيابة عن دوروف.

وكتبت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، على «تلغرام» متسائلة عما إذا كانت منظمات حقوق الإنسان الغربية ستلتزم الصمت بشأن اعتقال دوروف.

وأدان كثير من المسؤولين الروس اعتقال رجل الأعمال البارز، كما وضع مالك موقع «إكس»، الملياردير الأميركي إيلون ماسك، علامة تصنيف على أحد المنشورات #freepavel، وفي منشور آخر كتب: «وجهة نظر: إنه عام 2030 في أوروبا وتُعدَم لإعجابك بميم (منشور ساخر)».

ويعتقد المعلق الأميركي تاكر كارلسون في مقال له على موقع «إكس» أن دوروف محتجز في فرنسا بسبب رفضه «فرض الرقابة على الحقيقة».

كما سارع ممثل روسيا لدى المنظمات الدولية في فيينا، ميخائيل أوليانوف، وكثير من السياسيين الروس الآخرين، إلى اتهام فرنسا بالتصرف بدكتاتورية. وكتب أوليانوف على موقع «إكس»: «لا يزال بعض السذج لا يفهمون أنهم إذا لعبوا دوراً أشد أو أقل وضوحاً في الفضاء الدولي للمعلومات، فليس من الآمن لهم زيارة بلدان تتجه نحو أن تكون مجتمعات أكثر شمولية».

يسرا سلامة

صحيفة الشرق الاوسط




فرنسا في مواجهة مأزق البرلمان المُعلق والغموض السياسي

بعد انتهاء الهدنة السياسية التي كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد أعلنها بسبب الألعاب الأولمبية 2024، عادت الأنظار من جديد إلى «قصر ماتينيون»، حيث مقر رئاسة الوزراء، في انتظار قرار تعيين رئيس حكومة جديد. ذلك أنه بعد مرور أكثر من شهر على استقالة حكومة غبريال آتال لم يُقدم ماكرون بعد على تشكيل الحكومة العتيدة. وبالمناسبة، لم يسبق في تاريخ فرنسا أن استغرق رئيس جمهورية كل هذا الوقت لتعيين رئيس حكومة بعد انتخابات تشريعية. وأيضاً، لم يسبق أن انتُخبت جمعية وطنية (مجلس نواب) مشرذمة كالجمعية الحالية التي لم تتبلور فيها أي غالبية، ما حمل البعض على وصفها بأنها «جمعية خارجة تماماً عن تقاليد الجمهورية الخامسة، ولا أحد يعرف حقاً كيف يقاربها».

لوسي كاستيه (آ ف ب/غيتي)

تتوزّع مقاعد الجمعية الوطنية الفرنسية الجديدة على 3 تشكيلات سياسية كبرى، هي تحالف «الجبهة الشعبية» اليساري الذي حصل على 182 مقعداً، يليه تحالف «معاً من أجل الجمهورية» الوسطي الموالي للرئيس ماكرون برصيد 168 مقعداً، ثم تكتل اليمين المتطرف الذي يمثله «التجمّع الوطني» وحلفاؤه بـ143 مقعداً، وعلى مسافة بعدها يأتي «حزب الجمهوريين» اليميني بـ60 مقعداً.

وهكذا، نظراً لإخفاق كل من الكتل السياسية في جمع العدد المطلوب من المقاعد لضمان الغالبية المطلقة، وهو 289 مقعداً، من مجموع 577، وجدت البلاد نفسها أمام ما يسمى بمعضلة «البرلمان المعلّق». وهذا يعني احتمال فشل أي كتلة في الحصول على الدعم من الغالبية المطلقة، وبالتالي التعرّض لحجب الثقة الفوري والدخول في مأزق قد يّشل عمل الحكومة وتسيير مؤسسات الدولة.

بنجامان مولير، أستاذ القانون الدستوري في جامعة باريس – السوربون، صرح لصحيفة «ليبيراسيون» شارحاً: «إنها وضعية مضطربة للغاية لأن التصويت بحجب الثقة قد يحدث تكراراً بما أن المطلوب لتحقيق ذلك هو عُشر أعضاء البرلمان فقط». وتابع أن «وضعية كهذه قد تؤدي إلى تعاقب سريع لعدة حكومات، تسقط واحدة تلو أخرى، مع ما قد يترتّب عليه من فوضى سياسية وتعليق لملفات مهمة لا تحتمل التأخير كالهجرة وملف التقاعد والبطالة».

ضغوط اليسار

من جهة ثانية، رغم إعلان الرئيس ماكرون نيته في التمهل، يبقى حسم الموقف أمراً لا بد منه. ولذا تحرّك، فدعا رؤساء الكتل النيابية والتشكيلات السياسية المُمثلة في البرلمان الفرنسي أخيراً إلى مباحثات من أجل التوصل إلى اتفاق بخصوص تشكيل الحكومة العتيدة. خطوة الرئيس هذه حرّكتها الضغوط الشديدة الذي يمارسها تحالف اليسار لتعيين رئيس حكومة، علماً بأن شخصيات بارزة من اليسار أعربت بالفعل عن استيائها من مماطلة الرئيس. واقترح النائب السابق لحزب «فرنسا الأبيّة» اليساري أدريان كاتونس تنظيم مسيرة احتجاجية في اتجاه مقر الحكومة (قصر ماتينيون) إذ نشر على منصّة «إكس» ما يلي: «إنذار! ماكرون يريد أن يسرق منا الفوز، وهو يراوغ من أجل عرقلة تطبيق برنامج الجبهة الوطنية. صاحب السيادة الوحيد هو الشعب وهو الوحيد القادر على إيقافه، فلماذا لا ننظم مسيرة شعبية كبيرة نحو ماتينيون؟».

الفكرة لقيت أصداء عند شخصيات أخرى، كالنائب لوي بوايار الذي دافع عنها بعدما كان قد اتهم حزب «فرنسا الأبية» بمحاولة زرع الفوضى وتكرار «سيناريو» أحداث «الكابيتول»، مقرّ مجلسي الكونغرس الأميركي، في قلب العاصمة الفرنسية. وصّرح هذا الأخير لقناة «بي إف إم» الإخبارية بالقول: «أنا خائف على بلادي. نحن أمام رئيس جمهورية خسر رهان الانتخابات، لكنه يواصل تنسيق التحالفات وكأن الشعب الفرنسي لم يقترع. وحين ندعو لتنظيم مسيرة للمطالبة باحترام الديمقراطية، يقال لنا أنتم تحثّون على الفوضى، بينما الفوضى الحقيقية هي ما يفعله الرئيس الذي لا يحترم الديمقراطية، وكأنه يريد من الفرنسيين أن يمحوا من ذاكراتهم أنهم شاركوا في انتخابات تشريعية مبكرة».

شخصيات أخرى، كأبرز زعماء تحالف اليسار جان لوك ميلونشون، وماتيلد بانو رئيسة الكتلة البرلمانية لحزب «فرنسا الأبية»، وإيمانويل بومبار الناطق الرسمي باسم الحزب ذهبوا أبعد من ذلك، إذ نشروا بياناً في صحيفة «لا تريبون» يوم 18 أغسطس (آب) الحالي بعنوان «إقالة الرئيس بدلاً من الرضوخ»، ورد فيه تهديد واضح باللجوء إلى المادة 68 من الدستور الفرنسي التي تنّص على إمكانية طلب إقالة الرئيس بتهمة الإخفاق في مهامه، منها الامتناع عن تعيين رئيس حكومة. وممّا تضمنه البيان المنشور في «لا تريبون» قول أصحابه إنه تجب «معاقبة» المتسبب في إساءة استخدام السلطة. ولكن هنا، لا يشارك حزب اليسار الاشتراكي حلفاءه فكرة «الإقالة»، وبدلاً من ذلك أعلن أوليفييه فور، زعيم الكتلة الحزبية، أنه في حالة ما إذا رفض الرئيس تعيين الشخصية التي اختارها تحالف اليسار رئيساً للحكومة العتيدة فإن الحزب سيستعمل ورقة «حجب الثقة».

لوسي كاستيه… الخيار الوحيد!

في هذا السياق، وباعتبار أن «الجبهة الشعبية» هي اليوم القوة السياسية الأكبر تمثيلاً في البرلمان، فإن التقليد المتداول في السياسة الفرنسية هو أن يختار رئيس الجمهورية رئيساً للحكومة من هذه المجموعة. ولذا اقترحت قوى «الجبهة»، بعد مشاورات حثيثة استغرقت أسبوعين اسم لوسي كاستيه (37 سنة)، وهي موظفة عالية الرتبة في بلدية باريس، رئيسة للحكومة العتيدة. وحقاً، أطلقت كاستيه حملة إعلامية واسعة لتقديم نفسها إلى الفرنسيين على أساس أنها شخصية من المجتمع المدني، وبالتالي، غير معروفة على نطاق شعبي. وشرحت بالتفصيل في حوار على صفحات صحيفة «ليبيراسيون» الاستراتيجية التي تنوي اعتمادها للحكم، حتى دون أغلبية مطلقة. وفي مقال آخر بصحيفة «لا تريبون» قدّمت كاستيه خطّتها لإنعاش الاقتصاد الفرنسي الذي يشهد حالياً ركوداً، كما استضافتها وسائل إعلام سمعية وبصرية، وشاركت في المشاورات التي نظمتها الرئاسة. ولكن، مع أن كاستيه تبدو مستّعدة لتسلّم مهامها، فالأمور ليست بهذه البساطة، فالرئيس ماكرون لا يعدّ أن هناك فائزاً في هذه الانتخابات. وأعلن هذا في رسالة إلى الفرنسيين يوم 10 يوليو (تموز) حين قال حرفياً: «لم يفز أحد في هذه الانتخابات». ومن هذا المنطلق، يتجه ماكرون نحو اختيار شخصية يرى أنها تستطيع قيادة حكومة تمثل بأفضل صورة القوى السياسية الرئيسة في البلاد، رافضاً الاكتفاء باقتراح تحالف اليسار. عدة أسماء وردت في هذا السياق، أهمها شخصية كزافييه برتران، السياسي البارز في حزب «التجمع الجمهوري» (اليمين) وكان قد رحّب بالفكرة، إذ أكّد عبر عمود في صحيفة «لو فيغارو» يوم 6 أغسطس الحالي أنه «جاهز للتحدي». كذلك من الأسماء التي تملك حظاً طيباً في ترؤس الحكومة اسم برنار كازنوف، وهو رئيس حكومة من عهد رئاسة فرنسوا هولند، وهو ينتمي كهولند للحزب الاشتراكي ويتمتع بخبرة كبيرة، وهو أيضاً رحّب بالفكرة، فأجاب على سؤال طرحه إعلامي بأنه «سيكون دائماً جاهزاً». غير أن أياً من الشخصيات المتداولة أسماؤها لم تحظَ بموافقة اليسار الذي لا يزال متشبثاً بخيار كاستيه، على اعتبار أنها «الأكثر شرعية» من وجهة نظرهم.

ماذا يقول القانون؟

في سياق موازٍ، خلال حوار مع صحيفة «لي زيكو» أوضح جوليان بوني، أستاذ القانون في جامعة مونبلييه، أنه «لا شيء في الدستور الفرنسي يُلزم الرئيس بتعيين مرشحة تحالف اليسار، فهو قانونياً حّر في التصرف، بيد أن واقع النتائج الانتخابية قد يفرض قيوداً بحكم أنه تعبير عن الإرادة الشعبية». وأردف بوني: «لكن إذا افترضنا أن الرئيس أقدم على تعيين شخصية من خارج تحالف اليسار، فإن الحكومة ستكون بالتأكيد قصيرة الأجل، لأنها ستكون معرضة لتصويت الغالبية من أجل إسقاطها».

وأضاف خبير قانوني آخر، هو بنجامان موريل من جامعة باريس – السوربون، في مداخلة على قناة « بوبليك سينا»، ما يلي: «جرت العادة أن يُعين رئيس الجمهورية رئيساً للحكومة من الكتلة السياسية التي تتمتع بالغالبية المطلقة، وهذا ليس وضعنا اليوم… فـ(الجبهة الشعبية) تشكل غالبية جّد نسبية، وهذا أمر غير مسبوق. ففي الانتخابات التي نظمت في 1988 و1993 ظهرت غالبية نسبية أيضاً، لكنها كانت واسعة جداً، أما اليوم فإن (الجبهة الشعبية) ينقصها أكثر من 100 مقعد للوصول إلى الغالبية المطلقة».

إلى متى يستطيع الرئيس الاستمرار في مشاوراته قبل إعلان قرار التعيين؟ حتى بالنسبة لهذه النقطة لا يبدو أن الدستور الفرنسي قد حدّد مدة معينة للتفكير، وهو ما يستغله الرئيس ماكرون من أجل المماطلة وربح الوقت.

في عمود بصحيفة «لوموند» تحت عنوان «يجب على إيمانويل ماكرون أن يتوقف عن المماطلة» نقرأ ما يلي: «مرت أكثر من 6 أسابيع على الانتخابات التشريعية، ولا توجد بعد حكومة في فرنسا (…) مثل هذه الوضعية توّلد عواقب خطيرة، فبحجة تصريف الشؤون الجارية، تتخذ الحكومة المستقيلة، من دون أي شرعية ديمقراطية قرارات مهمة، كتلك التي تخص الميزانية المالية لـ2025».

وبالفعل، كانت قضية الميزانية بالذات موضوع جدل كبير، بعدما وجّه غبريال آتال، المكلف منذ 16 يوليو بتصريف الأعمال، الرسائل التي تحدد سقف الأموال والوظائف الممنوحة لكل وزارة، في مبادرة أوضح مكتبه أن هدفها السماح للفريق الحكومي المقبل بوضع ميزانية، بينما ندّد اليسار بـ«فضيحة حقيقية» وخطوة «مذهلة»، منتقداً الاستمرار في سياسة «التقشف».

البعض انتقد أيضاً قلة احترام الجدول الزمني في إقرار ميزانية 2025، الحاصل تقليدياً في منتصف أغسطس الحالي، ودراستها في البرلمان في الأول من أكتوبر (تشرين الأول). إلا أن الأمر مختلف اليوم، بما أن الحكومة الانتقالية لم تقدّم الوثائق في الوقت المطلوب، ما يُعدّ إنذاراً سيئاً تتلقاه الأسواق المالية من فرنسا، حيث تؤثر الشكوك السياسية سلباً على الأوضاع الاقتصادية.

فريق آخر من المراقبين يرى أن ماكرون يماطل في اتخاذ قرار التعيين لأنه يرفض مواجهة الحقيقة، وكأن الانتخابات التي دعا هو إليها لم تحدث، وبذا يُبقي على سياسته الراهنة دون إحداث أي تغيير. كذلك، من الواضح أن الرئيس يريد «كسب الوقت»، لإضعاف حزب «فرنسا الأبيّة» أكبر قوى المعارضة، مراهناً على «انقسامات اليسار»، وآملاً بأنه مع مرور الوقت سيتصّدع صرح التحالف اليساري وسيضطر الاشتراكيون والخُضر للانفصال عن «فرنسا الأبيّة» للدخول إلى الائتلاف الحكومي.

انيسة مخالدي

صحيفة الشرق الاوسط




إرث حكومات المحافظين البغيض… إلى أين تقود كراهية المهاجرين والمسلمين بريطانيا؟

انطلقت موجة من التظاهرات والاحتجاجات العنيفة في مدن بريطانية عديدة بدعوة من اليمين المتطرف، تركزت في المدن التي تنتشر فيها جاليات مهاجرة ومسلمة بكثافة مثل هال، وليفربول، وبريستول، ومانشستر، وستوك أون ترينت، وبلاكبول، وبلفاست وغيرها. 

أطلق المتظاهرون المتطرفون شعارات وأغاني تحريضية تدعو إلى طرد الأجانب من البلاد وتمجد العرق البريطاني مثل أغنية “حكم بريطانيا” وهي أغنية وطنية بريطانية. كما رددوا هتافات عنصرية على غرار: “إنكلترا  حتى أموت” و”نريد استعادة بلدنا”.

استمرت الاضطرابات يومين متتاليين شهدا اقتحام متاجر خاصة بمهاجرين ومسلمين وأعمال عنف ضد عدد من المساجد ومراكز إيواء طالبي اللجوء، وإشعال النيران في حاويات القمامة وإطلاق صواريخ والاعتداء على أفراد الشرطة ونشر مظاهر الفوضى والعنف في شوارع المدن المذكورة سلفاً.

وصفت صحيفة الغاردن البريطانية الأمر بقولها إن شوارع بعض المدن البريطانية الهامة تحوّلت إلى ما يشبه ساحات معركة بين الشرطة البريطانية والمتظاهرين من أنصار اليمين المتطرف. علماً أن شرارة تلك الاحتجاجات انطلقت بعدما قام مراهق ولد في بريطانيا من أصول راوندية مسيحي بقتل ثلاث طفلات بريطانيات تراوح أعمارهن بين 6 و9 سنوات طعناً في 29 تموز/ يوليو 2024، في هجوم على حفل راقص لأطفال بلدة ساوثبورت شمال إنكلترا.

أسفر الهجوم، علاوة على مقتل الطفلات الثلاث، عن إصابة ثمانية أطفال واثنين من البالغين، واعتقل المهاجم البالغ من العمر 17 عاماً، ووجهت إليه تهماً جنائية ولم تصنّف الشرطة الحادث هجوماً إرهابياً.

بعد موجة العنف الواسعة الأخيرة ضد المسلمين والمهاجرين، والتي لم تشهدها البلاد منذ عام 2011، هل تدفع حكومة العمال في بريطانيا ضريبة السياسات العنصرية لحكومات المحافظين السابقة؟ وهل يتمكن كير ستارمر ورفاقه من لجم اليمين المتطرّف؟ 

لكن معلومات مضللة تدعي أن المهاجم مهاجر مسلم بدأت موجةً من التحريض ضد المهاجرين والمسلمين في بريطانيا انتهزها اليمين المتطرف لنشر أفكاره العنصرية المناهضة للهجرة والإسلام. 

أسفرت أعمال العنف عن توقيف أكثر من 150 شخصاً في نحو 20 منطقة بريطانية، وجهت الشرطة اتهامات لأكثر من 140 منهم، وصدرت أحكام إدانة بحق البعض منهم بعدما تعهدت الحكومة برئاسة كير ستارمر بتوقيع “عقوبات جنائية عاجلة” بحق المعتدين لردعهم.

الأسباب والجذور لهذه الظاهرة 

ترجع آخر موجة من الاحتجاجات العنيفة شهدتها بريطانيا إلى عام 2011 والتي حدثت احتجاجاً على إطلاق الشرطة النار على رجل أسود البشرة في لندن وقتله.  

أما عن الموجة الأخيرة، فيوضح الباحث في الشؤون البريطانية كامل حواش، لرصيف22: “الكراهية والعداء للمسلمين في بريطانيا بدأا منذ سنوات طويلة، وهما ليسا ظاهرة آنية أو لحظية عابرة بل هي متجذّرة في بريطانيا وتعود إلى ما قبل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في ما عُرف بقضية ‘بريكست'”.

السبب في هذا العداء برأي حواش أن “المهاجرين في بريطانيا عليهم نقمة من قبل اليمين المتطرف الذي استعمل قضية المهاجرين من أجل تحريض البريطانيين على التصويت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، وهناك تخوّف كبير بشكل عام لدى الأوروبيين والبريطانيين من أن المسلمين يسعون إلى تطبيق الشريعة في أوروبا وبريطانيا في المستقبل، وهذا شيء من المستحيل طبعاً ولكن يتم ترويجه وتضخميه من قبل اليمين المتطرف لنشر العداء للمسلمين”.

يضيف حواش: “هناك أيضاً مجموعة من أنصار اليمين المتطرف ممن أصبحوا أعضاءً في البرلمان البريطاني لأول مرة مثل نايجل فاراج وحزبه الذي يريد أن يُحمِّل كل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية في بريطانيا للمهاجرين انطلاقاً من  خلفية عنصرية ضدهم وضد المسلمين، وهناك أيضاً دوافع دعم لإسرائيل ممن يمثلون قطاعاً من اليمين المتطرف، وكانت هناك أعلام فلسطينية في كل المظاهرات التي خرجت مناهضة لليمين المتطرف”.

وبحسب موقع العرب في المملكة المتحدة، فإن الصوت المرتفع لليمين المتطرف لا يمثل الوزن الحقيقي لهم في الشارع البريطاني حيث كان يدعمه نحو 12% استناداً إلى نسبة المصوتين في انتخابات عام 2010، ولم تتجاوز نسبة تأييده في الانتخابات الأخيرة 14%. علماً أنه كان لأنصار هذا التيار إقبال وحضور قويان إلى صناديق الاقتراع  من أجل إيصال أكبر عدد من ممثليه إلى مقاعد البرلمان.

 إضافة إلى ذلك، شهدت الانتخابات الأخيرة أقل مشاركة من قبل الناخبين البريطانيين منذ قرابة 50 عاماً، لذلك يمكن التكهّن بأن المشاركة الكبيرة من أنصار اليمين المتطرف والعزوف عن المشاركة من قبل عامة الناس في بريطانيا، تعكس أن نسبة الـ14% لا تمثل وزنهم الحقيقي حتّى في المجتمع البريطاني بل إن تمثيلهم في المجتمع ربما يكون أقل بكثير.

يقول المحلل السياسي البريطاني الصادق أمين، لرصيف22، إن الأسباب والخلفيات الحقيقية للعنف في بريطانيا “متعددة، وأهمها خطاب الكراهية الذي يستهدف المسلمين والمهاجرين والذي يروجه الإعلام المعادي لهم وجماعات الإسلاموفوبيا. يصوّر هذا الخطاب المسلمين أعداءً ويربطهم بالإرهاب. ومع انتشار تيارات التطرف واليمين القومي والشعبوي في كل أوروبا بما في ذلك بريطانيا، يتكرر الترويج لأن ‘المسلمين هم سبب مشاكل أوروبا’ وأنهم ‘استحوذوا على فرص العمل من المواطنين الأصليين'”.

يشدد أمين على أن كل هذه الأفكار المغلوطة والعنصرية ساهمت في “تعزيز الخطاب القومي المتطرف الذي يلعب على وتر الطبقات الهشة في أوساط القوميين البريطانيين، خاصة في المدن النائية وفي الشمال البريطاني حيث يستغل خطاب شعبوي للحصول على مكاسب سياسية على حساب النسيج البريطاني وعلى حساب القانون البريطاني الذي يحفظ حقوق جميع المواطنين دون تمييز بغض النظر عن دياناتهم وأصولهم”.

ويضيف أمين إلى ما سبق تأثير اللوبيات المعادية للقضية الفلسطينية والتي برأيه “تستغل مثل تلك الأحداث لاستثارة مشاعر الغضب والكراهية ضد المسلمين،  خاصة وأن المسلمين وطيفاً من البريطانيين الداعمين للقضايا العادلة يؤيدون حقوق الشعب الفلسطيني”.

لم تتجاوز نسبة تأييد اليمين المتطرّف في الانتخابات الأخيرة في بريطانيا 14% على الرغم من المشاركة الكثيفة لأنصاره وانخفاض مشاركة أنصار التيارات الأخرى. ما الذي ساعده إذاً في تحريك موجة الاحتجاجات والاعتداءات العنيفة الواسعة ضد المهاجرين والمسلمين في الآونة الأخيرة؟ 

نقطة أفاضت كأس العنف والكراهية المتجذرين

يتابع المحلل السياسي، أمين أن العنف ضد المسلمين في بريطانيا يقع في سياق سلسلة من الأحداث المتشابكة في ما بينها، مستدركاً بأن قضية مقتل الفتيات الثلاث  “هي النقطة التي أفاضت كأس العنف والكراهية المتجذّر في المجتمع البريطاني، خاصةً في مناطق ارتفاع معدلات البطالة التي يلوم فيها العديد من أنصار التيار القومي المتطرف تزايد عدد المهاجرين إلى بريطانيا وخاصة المسلمين منهم”.

أدى تصاعد خطاب الكراهية ضد الأقليات في بريطانيا سيّما في ظل احتدام حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، إلى إقرار الحكومة تعريف جديد للتطرف في البلاد، منتصف آذار/ مارس 2024، يحدد التطرف على أنه كل عمل أو فعل يهدف إلى تعزيز أو ترويج أيدولوجيا قائمة على العنف و/أو التعصب أو خطاب الكراهية بهدف المساس بالحقوق والحريات والاعتداء عليها أو تقويض الديمقراطية البرلمانية في البلاد أو خلق ظروف مواتية للآخرين بشكل مقصود ومتعمّد لتحقيق تلك النتائج. علماً أن التعريف السابق للتطرف  كان يصفه  بالمعارضة الواضحة والصريحة لقيم الديمقراطية والحرية الفردية وسيادة القانون والتسامح بين الأديان. 

دلالات تركز العنف في مناطق دون أخرى

ويلفت أمين إلى أن العنف ضد المسلمين منتشر في جميع أنحاء بريطانيا ولكن بصفة خاصة في المناطق التي ينتشر فيها المسلمون بشكل كبير، منبهاً إلى أن هناك محاولات حثيثة من الحكومة البريطانية للتصدي لعنف القوميين المتطرفين.

هذه المرة، تركّزت أعمال العنف في مدن كبيرة مثل ليفربول ومانشستر وبراتفورد وهول، وساوث هامتون وبلفاسف في إيرلندا الشمالية، وهي مناطق فيها نسبة كبيرة من المسلمين، وأيضاً تنامى فيها التيار القومي المتطرف البريطاني الذي يتزعمه نايجل فاراج الذي يروج لفكرة “إصلاح المملكة المتحدة”.

لا يمكن إغفال حقيقة أن هذه الموجة العنيفة من اليمين المتطرف واجهتها بالأساس مظاهرات شعبية مضادة نظمتها مجموعات بريطانية في عدد من المدن.

خروج المسلمين والمتعاطفين مع القضية الفلسطينية في مظاهرات كبيرة حاشدة تدعو إلى وقف حرب الإبادة بحق الشعب الفلسطيني في غزة في تلك المناطق عادةً “لا يرضي اللوبيات المؤيدة لإسرائيل ووسائل الإعلام التي تسيطر عليها هذه اللوبيات” بحسب أمين الذي يقول إن تأجيج العنف والكراهية من قبل اليمين المتطرفين ضد المسلمين ينعكس سلباً على الجاليات المسلمة في بريطانيا والتي تشعر بتخوف كبير – وخاصة على النساء المسلمات اللواتي يرتدين الحجاب – من أن يصبح المسلمين عرضة للاعتداءات الجسدية واللفظية العنيفة، وعلى المساجد التي تعرض البعض منها بالفعل للحرق في سياق الهجمة الأخيرة.

 الكراهية ليست موضع ترحيب 

ولا يمكن إغفال حقيقة أن هذه الموجة العنيفة من اليمين المتطرف واجهتها بالأساس مظاهرات شعبية مضادة نظمتها مجموعات بريطانية في عدد من المدن، بحسب صحيفة الإندبندنت، تحت شعار “الكراهية ليست موضع ترحيب” وهتافات على غرار: “ابتعدوا عن شوارعنا أيها النازيون الحثالة” و”نحن نقاوم” و”اللاجئون مرحب بهم هنا”.

توارى المتطرفون من الشوارع بعدما خرج آلاف البريطانيين الرافضين لخطاب اليمين المتطرف وانتشر قرابة 6000 من أفراد الشرطة في الشوارع تحسباً لأية أعمال عنف قد تحدث بين الجانبين. وبحسب وكالة رويترز، أعلنت الشرطة البريطانية حالة الاستنفار وظلت في حالة تأهب يوم الأربعاء الموافق 7 آب/ أغسطس الجاري، بعد تهديدات اليمين بخروج مظاهرات معادية للمهاجرين والمسلمين، ونشرت عناصرها في كافة المدن.

تعامل الحكومة البريطانية مع العنف

تحذيرات الحكومة البريطانية وإجراءاتها ضد اليمين المتطرف كانت قوية للغاية ربما أكثر من أي وقت مضى. يرجع ذلك إلى إدراك حكومة حزب العمال الجديدة التحديات الكبيرة التي يتطلبها التصدي لهذا العنف الناجم عن إرث ثقيل من الممارسات المنحازة وغير العادلة لحكومة حزب المحافظين التي سبقتها. ويوصي محللون بريطانيون الحكومة الحالية بـ”إعادة النظر في التنمية الاقتصادية للمناطق الأكثر تهميشاً، وزيادة الإنفاق على الخدمات الأساسية بما يساهم في تسريع وتيرة الاندماج ومحاولة التقريب بين الفئات المجتمعية المختلفة”، وفق “بي بي سي”.

وفي تصريح لرئيس الوزراء البريطاني، ستارمر، دان أعمال العنف في البلاد وما أسماه بـ”بلطجة اليمين المتطرف”، حسب ما نقلت رويترز، مشدداً على أن الجناة والمعتدين ومنتهكي القانون والنظام ‘سيندمون’ وسيواجهون مصيرهم، وفق القوانين والأنظمة المعمول بها. كما دعا إلى ضرورة التوقف عن تلك الأعمال والممارسات ومحاسبة كل من يقف وراءها، متعهداً بأن حكومته ستفعل كل ما في وسعها لتطبيق القانون وإعادة الأمن والنظام وقدم دعمه الكامل لجهات إنفاذ القانون والشرطة البريطانية. 

خروج المسلمين والمتعاطفين مع القضية الفلسطينية في مظاهرات كبيرة حاشدة في بعض المدن البريطانية تدعو إلى وقف حرب الإبادة بحق الشعب الفلسطيني في غزة ساهم في تحريك الاحتجاجات العنيفة في هذه المدن التي تشهد وجود نسبة كبيرة من الجاليات المسلمة بتحريض من “اللوبيات المؤيدة لإسرائيل ووسائل الإعلام التي تسيطر عليها هذه اللوبيات”

في هذا السياق، يقول حواش: “طريقة تعامل رئيس الوزراء ستارمر مع هذه التطورات كانت جيدة وفاعلة، من خلال الإيعاز إلى أفراد الشرطة بالتصدي لتلك المظاهرات وأعمال العنف التي يقوم بها أنصار اليمين المتطرف بشكل حازم، وتسريع إصدار العقوبات بحق عدد من المخالفين بالسجن لمدة 5 سنوات في بعض الحالات، بما يشكّل أداة رادعة يقوة لليمين المتطرف، علاوة على إرساله (أي ستارمر) رسائل مشجعة ومطمئنة للجاليات المسلمة بعدم الخوف والاطمئنان، إلا أن الحكومة أيضاً ملامة في ما حدث”.

يشرح حواش أن “استغلال حادثة قتل الفتيات من قبل اليمين المتطرف كان ناجماً عن تضارب الأخبار والضبابية في المعلومات عن مرتكب الجريمة حيث لم توضح الشرطة هوية القاتل، ما أعطى اليمين المتطرف المزيد من الوقت للتحريض ضد المسلمين والمهاجرين”.

لقد انتقدت الكثير من الأوساط والمؤسسات البريطانية حكومة المحافظين السابقة برئاسة، ريشي سوناك، معتبرةً أنها تتبنى خطاب اليمين المتطرف في البلاد، وعلى اثر تلك الانتقادات والاتهامات قامت تلك الحكومة بتقديم نحو 100 مليون جنيه إسترليني لحماية المؤسسات الخاصة بالمسلمين في بريطانيا وأهمها المساجد والمراكز الإسلامية، وذلك بعد تصاعد كبير ومذهل في مستويات جرائم الكراهية ضد المسلمين، في محاولة من حكومة المحافظين للظهور أمام الرأي العام البريطاني بأنها ضد جرائم الكراهية واعتداءات اليمين المتطرف في البلاد. كما أعلنت إعدادها خطة لحماية المسلمين والمؤسسات التابعة لهم ولمكافحة ظاهرة التطرف وخطاب الكراهية ضدهم في البلاد، بالتنسيق ما بين الشرطة ومؤسسات المجتمع المدني.

ويشدد أمين على أن حكومة العمال الحالية في بريطانيا تدفع ثمن أخطاء حكومات المحافظين السابقة التي كانت حكومات يمينة بدرجة لا يستهان بها، ومالت كثيراً إلى التحدث بنبرته العنصرية تجاه المهاجرين، ما ساهم في إضعاف الحكومة الحالية رغم إجراءاتها الحاسمة لاحتواء الأزمة.

يتابع أمين بأن حكومة العمال تعمل جاهدةً إلى تحجيم تنامي التيار المتطرف برئاسة نايجل فاراج وحزب ‘ريفورم يوكي’ الذي ما يزال يرفع شعارات ضد المسلمين، جنباً إلى جنب مع محاولاتها معالجة الأسباب الجذرية لهذا العنف، متوقعاً أن حكومة ستارمر ستراجع العديد من السياسات السابقة للمحافظين لحل تلك المشكلة، وكذلك سياسات حكومات المحافظين الفاشلة في التعامل مع الأزمات الاقتصادية التي جعلت المهاجرين شمّاعة تعلق عليها هذا الفشل.

حسين الديك

موقع رصيف 22




من «العشاء الأخير» إلى تلوث نهر السين والسرقات… الأزمات تطارد أولمبياد باريس

بعد مرور نحو عشرة أيام على انطلاق دورة الألعاب الأولمبية في باريس، كانت الأزمات هي العنوان الأبرز للألعاب التي انطلقت بحفل افتتاح أثار انتقادات لاذعة من مثقفين ورجال دين وسياسيين على مستوى العالم.

والأسبوع الماضي، انطلقت دورة الألعاب الأولمبية (باريس 2024) التي تستمر فعالياتها حتى 11 أغسطس (آب)، بإقامة حفل افتتاح ضخم ومبهر على ضفاف نهر السين شمال فرنسا، وسط حضور غفير من الضيوف ووفود الدول المشاركة والجماهير.

وبخلاف الدورات السابقة، دخلت الوفود المشاركة في الأولمبياد وهي تلوِّح بالأعلام على متن قوارب عبرت نهر السين، بمشاركة رياضيين من 205 دول (على 85 قارباً).

وتزامن ذلك مع تقديم عروض فنية مميزة على النهر، شارك فيها 6800 رياضي أمام معالم تاريخية في العاصمة الفرنسية.

إلا أن بعض العروض خلال حفل الافتتاح فجرت أزمة استدعت اعتذار اللجنة المنظمة، كذلك انتقد العديد من الرياضيين بعض الأمور التنظيمية ومنها تلوث نهر السين الذي يستضيف بعض منافسات السباحة، وكذلك تعرُّض بعضهم للسرقة وعدم وجود وسائل تبريد وسط الحر الشديد.

«العشاء الأخير»

تضمَّن الاحتفال الذي أُقيم الجمعة، على طول نهر السين، عرض «دراغ كوين» الذي «يحاكي لوحة العشاء الأخير» التي رسمها الفنان الإيطالي الشهير، ليوناردو دا فينشي، وجسَّد فيها المسيح مع تلاميذه وهم على مائدة طعام.

وفي اللوحة الاستعراضية التي جرى تقديمها في حفل الافتتاح، ظهر ما يبدو أنه محاكاة ساخرة لـ«العشاء الأخير»، تضمنت وجود أشخاص يعبِّرون عن المثلية.

المدير الفني لحفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية توما جولي نفى أن يكون العرض مستوحى من لوحة «العشاء الأخير» (أ.ب)

وأثار المشهد غضب الكنيسة الكاثوليكية والسياسيين من اليمين المتطرف في فرنسا وتيار اليمين المحافظ في الولايات المتحدة.

وفي هذا الصدد، قال الأساقفة الكاثوليك الفرنسيون في بيان، إن الحفل «تضمَّن للأسف مشاهد تسخر من المسيحية وتستهزئ بها».

واعتذر منظمو دورة باريس 2024 لاحقاً قائلين إنه لم يكن هناك أي نيَّة لإظهار عدم الاحترام تجاه أي مجموعة دينية.

مدة «مخيفة»

نشرت صحيفة «موندو» الإسبانية رسالة من رياضي مشارك في بعثة إسبانيا إلى الألعاب الأولمبية، قال فيها إنه لم يتم إعلام الرياضيين بالكثير بخصوص حفل الافتتاح، ولكن تم إبلاغهم بمدته التي وصفها بالمخيفة، وقد تصل إلى 7 ساعات ونصف الساعة تقريباً.

واشتكت كثير من البلدان المشاركة من إجبار الرياضيين على الوقوف تحت المطر خلال حفل الافتتاح رغم خطورته على الصحة.

تلوث نهر السين

كانت نظافة مياه نهر اسين من النقاط الرئيسية في الألعاب الحالية، وقد أدى التلوّث إلى تأجيل سباق الترياثلون لفردي الرجال والسيدات لمدة 24 ساعة، الثلاثاء. وسبح الرجال والسيدات في نهاية المطاف بعد اعتبار مستويات التلوث «مطابقة».
وألغى منظّمو أولمبياد باريس، السبت، تمارين المسابقة المختلطة لرياضة الترياثلون، بعد أن لوّثت الأمطار الغزيرة الممرّ المائي بحيث لا يمكن السباحة فيه.
وحدها تمارين الركض والدراجات ستقام كما هو مقرّر، بحسب ما أعلن المنظمون في بيان.

وفي السنوات الأخيرة، أنفقت فرنسا 1.4 مليار يورو (1.5 مليار دولار) على محطات معالجة مياه الصرف الصحي، وشبكة الصرف الصحي في منطقة باريس الكبرى، من أجل تحسين جودة المياه.
وللتاكيد على نظافته، سبحت وزيرة الرياضة الفرنسية إميلي أوديا كاستيرا قبل انطلاق الألعاب في مياه نهر السين، والتقطت عدسات المصورين لقطات للوزيرة الفرنسية في أثناء السباحة لفترة وجيزة في النهر الشهير بالقرب من جسري ألكسندر الثالث وأنفاليد.

أزمة مواصلات

كما انتقد عدد من الرياضيين المشاركين في الأولمبياد الصعوبات التي تواجههم أثناء التنقل من أماكن الإقامة باتجاه أماكن إقامة المنافسات.

وانتقدت السباحة الألمانية أنجيلينا كولر بطلة العالم لسباق 100 متر فراشة الوضع، قائلة: «المواصلات لم تسر على النحو المأمول في الأيام الأخيرة. إنها فوضى، وبعض السباحين يفترشون أرضية الحافلات».

وأضافت: «الجميع يعاني من تلك المشكلة، سنرى كيف سيكون الوضع في الأيام المقبلة».

وواجه المنتخب الفرنسي للمبارزة أزمة مرورية خانقة استغرقت ساعة و40 دقيقة، للوصول من القرية الأولمبية إلى موقع المنافسات.

وتسببت إقامة حاجز فحص بتقنية الرمز المربع (كيو آر) التي تسمح بالوصول إلى المنطقة في تكدس عشرات السيارات أمام الفريق الفرنسي.

الحر… والطعام

إلى ذلك، انتقد الرياضيون المصريون دورة الألعاب الأولمبية بسبب عدة أمور يرونها سلبية.

ووفقاً لتقارير إعلامية مصرية، فإن بعثة مصر هي الأكبر عربياً في الأولمبياد، ويبلغ عدد أفرادها 164 رياضياً.

وانتقدت لاعبة منتخب مصر للكرة الطائرة الشاطئية، دعاء الغباشي، العديد من الأمور التنظيمية في أولمبياد باريس، على رأسها عدم وجود وسائل لمواجهة ارتفاع درجات الحرارة.

وقالت دعاء الغباشي في تصريحات: «تنظيم أولمبياد ريو دي جانيرو (2016) كان أفضل بكثير من أولمبياد باريس. نعاني بشدة من ارتفاع درجات الحرارة داخل الغرف بالقرية الأولمبية، حيث لا توجد مكيفات هواء، ونُضطَر لفتح النوافذ للحصول على نسمة هواء».

وأوضحت أن «التنظيم ليس مثالياً، ولا نشعر بالراحة أثناء النوم، وأحيانا لا يتوفر الطعام داخل القرية الأولمبية، وهناك كثير من الرياضيين يشتكون من سوء التنظيم».

وكان لاعب منتخب مصر لكرة اليد، علي زين، قد انتقد في وقت سابق تنظيم أولمبياد باريس كما تحدث عن أزمة الطعام أيضاً.

وقال زين في تصريحات عقب مباراة المجر في الجولة الأولى إن هناك «معاناة في توفير الطعام والمياه»، وإن هذا الأمر يعاني منه الجميع، وليس منتخب مصر فقط.

واعتبر أن «تنظيم دورة الألعاب الأفريقية أفضل من تنظيم أولمبياد باريس».

سرقات

أيضاً، قال منظمون للألعاب إن رياضيين وقعوا ضحية لعمليات سرقة في القرية الأولمبية خلال المشاركة في أولمبياد باريس، وتم إبلاغ الشرطة عن تلك الحوادث.

وكشفت وكالة «كيودو» اليابانية للأنباء، يوم الاثنين الماضي، أن لاعباً في فريق الرغبي السباعي الوطني، تعرض لسرقة خاتم زفافه وعقد ومبلغ مالي من غرفته في القرية.

كما وقع درَّاجون من سلوفاكيا ضحايا لسرقة معداتهم في القرية الأولمبية بالقرب من باريس، حسبما أفاد به صحافي من مجلة «أموري بريليه» الفرنسية، نقلاً عن مصدر في الشرطة.

وأفاد المدير الفني لمنتخب الأرجنتين الأولمبي لكرة القدم، خافيير ماسكيرانو أيضاً، بأن بعض لاعبيه تعرضوا للسرقة قبل مباراتهم الأولى الأربعاء الماضي.

ولم يتمكن المنظمون من تحديد عدد رجال الأمن المنتشرين في القرية الأولمبية، التي يُفترض أن تستوعب نحو 14 ألف رياضي على مساحة 52 هكتاراً (128.5 فدان).

صحيفة الشرق الاوسط