1

إيران والولايات المتحدة في ظل عودة ترامب: صراع أم مصالحة؟

تشير الأدلة المتاحة إلى أن ترامب قد يعتمد على نهج الاتفاق عبر وسطاء مثل اليابان أو السعودية. من جانبها، تبدو إيران

مستعدة لوضع خيار المفاوضات المباشرة على جدول أعمالها إذا ضمنت حماية مصالحها الوطنية. مع ذلك، يبقى القرار النهائي مرهونًا بتوجهات الإدارة الأميركية الجديدة ومدى جديتها في تحقيق تفاهمات حقيقية.


يرى العديد من النخب ومراكز البحث داخل إيران وخارجها أن المواجهة بين إيران والولايات المتحدة قد بلغت ذروتها. بناءً على ذلك، لم تعد إستراتيجية طهران القائمة على مبدأ “لا حرب ولا تفاوض”، تلبي متطلبات عهد بايدن أو التحديات المستقبلية التي أفرزها عهد ترامب. ومن الطبيعي أن يكون التوصل إلى اتفاق مشرف وعقلاني هو الخيار الأقل تكلفة لإدارة التوتر القائم بين البلدين، إلا أن زيادة التوتر قد تؤدي إلى تصعيد العقوبات وضغوط قصوى، كما شهدنا خلال الولاية الأولى لترامب.

في ظل التطورات الدراماتيكية التي تشهدها المنطقة من جهة، والحركة الدبلوماسية النشطة في طهران من جهة أخرى، تبرز آفاق جديدة مع بداية العام الجديد. ويعيد دخول ترامب إلى البيت الأبيض إثارة تساؤلات حول مستقبل العلاقات بين طهران وواشنطن، سواء من خلال استمرار الأعمال العدائية، أو اعتماد توجهات تصالحية.

هذا المقال يهدف إلى تقييم وتحليل المنظور المستقبلي للعلاقات الإيرانية الأميركية بناءً على مقاربات الطرفين.

تقييم نهج الولايات المتحدة

ركز القادة الأميركيون، الدیمقراطیون والجمهوریون علی حد سواء، على مجموعة من المفاهيم في سياستهم تجاه إيران. ويمكن تلخيص النهج الأميركي تجاه الجمهورية الإسلامية على مدى العقود الخمسة الماضية في أربعة عناصر رئيسية:

  1. المصالحة (Detente): يعود هذا النهج إلى فترة رئاسة علي خامنئي، ويشمل أحداثًا مثل ما عرف باسم “إيران-كونترا” (1985-1987)، أو قضية ماكفارلين، التي وقعت خلال رئاسة رونالد ريغان وشهدت بيع أسلحة أميركية لإيران سرًا، مقابل إطلاق سراح رهائن أميركيين في لبنان.
  2. الاتفاق (Compromise): يتمثل أبرز مثال على هذا النهج في توقيع خطة العمل المشتركة الشاملة (JCPOA) عام 2015، بهدف حل الخلاف مع إيران بشأن برنامجها النووي.
  3. الاحتواء (Containment): تمثل سياسة الاحتواء المزدوج تجاه إيران والعراق أحد أبرز الأمثلة لهذا النهج، وقد أُعلن عنها لأول مرة عام 1993 من قبل مارتن إنديك في معهد واشنطن لسیاسة الشرق الأدنی، على اعتبار أن هاتين الدولتين من أكثر دول الشرق الأوسط عداءً لإسرائیل والولايات المتحدة.
  4. التغيير (Change): يشمل هذا النهج محاولات تغيير النظام الإيراني عبر وسائل متعددة، مثل التدخلات العسكرية أو العقوبات الاقتصادية. وقد تم وضعه مرارا علی أجندة الدیمقراطیین والجمهوریین على السواء، ويمكن التمثيل له بحادثة صحراء “طبس” لتحریر رهائن السفارة الأميرکیة في طهران، أو الدخول مباشرة في حرب بين إيران والعراق استمرت ثماني سنوات، إلى جانب حرب ناقلات النفط خلال تلك الفترة.

 وبالعودة إلى العناصر الرئيسية الأربعة، يمكن مناقشة في أيّ اتجاه سيذهب دونالد ترامب بعد دخوله البيت الأبيض لولاية ثانية. وبشكل عام، ينبغي تقييم نهج ترامب على أساس البنية والفعل. وبقبول هذا الافتراض، ستكون هناك قضيتان مهمتان: الأولى، السياسة الخارجية لترامب، ويمكن تحديدها بثلاث مقاربات:

أ) الأحادية تجاه إيران.
ب) اللامبالاة بالمجتمع الدولي.
ج) اتباع الفردية وإجراء الصفقات.

وبهذا، تشير المعرفة المتاحة عن سياسات ترامب في ولايته الأولى، وخاصة شعارات حملته، إلى اعتماد المقاربة الثالثة، وهي إستراتيجية الاحتواء بنفس تكتيك الضغط الأقصى.

لكنّ المشكلة، أو القضية الثانية، هي أن ترامب يواجه غموضين رئيسيين؛ الأول ذاتيّ طوعي، والثاني غير مرغوب فيه ويتسبب فيه الوسطاء الذين يعينهم كفريق إداري كبير.

لذلك يمكن الاعتقاد بأن نهج ترامب لا يحل المشكلة، بل يُركز فقط على تقليل التكلفة حتى بإزالة عبارة المشكلة. وهذا النهج يشبه ما تبناه ترامب في عام 2016 مع كوريا الشمالية. والسؤال المطروح: هل تم حل الأزمة بين الكوريتين؟ ربما سيتبع ترامب نفس النهج في حالة غزة ولبنان وحتى أوكرانيا. وهذا السلوك من ترامب يُفهم جيدا من شعار حملته الانتخابية “أميركا أولا”. لذا فإن تراجع الولايات المتحدة هو القضية الرئيسية التي ستقلق ترامب في ولايته الثانية.

تمتلك الولايات المتحدة ما يزيد عن 26% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وفق تقديرات صندوق النقد الدولي في 2024، كما تتحمل في الوقت نفسه 50% من تكاليفه. ويريد ترامب أن تستمر بلاده في كونها القوة الرائدة والمهيمنة في العالم. ومن المتوقع أنه في ولايته الثانية، سيفصل صفوفه عن أوكرانيا وأوروبا بسبب الاختلافات في أوروبا. كما سيسعى للحفاظ على النفوذ الأميركي في الشرق الأوسط، وفرض نظام جديد، وعدم مواجهة أوروبا.

إن السيناريوهات المحتملة التي تمت مناقشتها ينبغي أن تأخذ في الاعتبار التوتر بين الفصيلين الرئيسيين في الحزب الجمهوري، الفصيل الانعزالي المتوافق مع رؤية ترامب “أميركا أولا”، والفصيل الأكثر نشاطا الذي يدعم صعودا أميركيا قويا.

تقييم نهج الجمهورية الإسلامية الإيرانية:

يمكن تلخيص الاستراتيجية الإيرانية تجاه الولايات المتحدة في العناصر التالية:

  1. البراغماتية: تتبنى إيران نهجًا براغماتيًا في مواجهة الأزمات، معتمدة على موافقة القيادة الإيرانية منذ انتصار الثورة الإسلامية.
  2. تعزيز الردع السياسي: إن مهمة حكومة الرئيس مسعود بزشكيان واضحة في هذا الخصوص، وهي تحويل الردع العسكري إلى ردع سياسي، بما يفتح المجال أمام مفاوضات غير مباشرة مع الولايات المتحدة، أو من خلال تفاوض جماعي، ولكن قد يكون من مصلحة طهران الدخول في مفاوضات مباشرة مع واشنطن.
  3. مواجهة العقوبات الاقتصادية: رغم تأثير العقوبات على الاقتصاد الإيراني، فإنها لم تعرقل التقدم في المجالات الصناعية والدفاعية. وإذا حققت حكومة بزشكیان نجاحا کبیرا في حل معضلة عدم التوازن في الطاقة والاقتصاد والنقد، فإن تطوير البنیة التحتیة الاقتصادیة سيتحسن إلی حد کبیر خارج إطار العقوبات. وفي المحصلة فإن نجاح الحكومة في تحقيق توازن اقتصادي قد يعزز قدرتها التفاوضية.
  4. الموقع الجيوسياسي: يشكل الموقع الجغرافي لإيران ميزة إستراتيجية في التفاعلات الإقليمية والدولية.
  5. القضية النووية: تسعى إيران إلى استعادة قوة الردع لديها، خاصة بعد التطورات الأخيرة في سوريا ولبنان، بما يعزز موقفها في أي مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة.

الخاتمة

تشير الأدلة المتاحة إلى أن ترامب قد يعتمد نهج الاتفاق عبر وسطاء مثل السعودية، أو اليابان لدورها التاريخي قبل وبعد انتصار الثورة الإسلامية. من جانبها، تبدو إيران مستعدة لوضع خيار المفاوضات المباشرة على جدول أعمال دبلوماسيتها الرسمية إذا ما ضمنت حماية مصالحها الوطنية. ومع ذلك، يبقى القرار النهائي مرهونًا بتوجهات الإدارة الأميركية الجديدة ومدى جديتها في تحقيق تفاهمات حقيقية.

مرتضى فردوسي بور

سفير ومدير قسم دراسات غرب آسيا وشمال إفريقيا بمركز الدراسات السياسية والدولية في الخارجية الإيرانية.

مركز الجزيرة للدراسات




إعلان أنقرة بين الصومال وإثيوبيا: الدوافع والمكاسب والسيناريوهات المستقبلية

يتناول هذا التقرير، محفزات ودوافع الصومال وإثيوبيا للاستجابة لوساطة تركيا بعد ثلاث جولات بقيادة وزير خارجيتها هاكان فيدان، إلى جانب إلقاء الضوء على حسابات الوسيط التركي، وأبعاد هذا الإعلان، والسيناريوهات التي تحدد مآل ومسار الوساطة التركية بين البلدين الإفريقيين.


مقدمة

بعد عام من التوترات الدبلوماسية بين الصومال وإثيوبيا إثر إقدام الأخيرة على توقيع مذكرة تفاهم مع إقليم أرض الصومال الانفصالي غير المعترف به دولياً، حققت الوساطة التركية اختراقاً كبيراً في إذابة جليد التوتر بين مقديشو وأديس أبابا، وأفضت إلى “إعلان أنقرة” الذي بموجبه انخفض التصعيد بين الجانبين، إيذاناً ببدء مرحلة جديدة من التفاهمات تمهد الطريق لاتفاق يمكّن إثيوبيا من الوصول إلى منفذ بحري ويضمن للصومال سيادته على أراضيه، وهو ما يجنّب البلاد الوقوع في فخ الصراع الدبلوماسي والأمني، ويحُد من شدة الاستقطابات التي شهدتها منطقة القرن الYفريقي منذ مطلع العام 2024.

يتناول هذا التقرير محفزات ودوافع الصومال وإثيوبيا للاستجابة لوساطة تركيا بعد ثلاث جولات بقيادة وزير خارجيتها هاكان فيدان، إلى جانب إلقاء الضوء على حسابات الوسيط التركي، وأبعاد هذا الإعلان والسيناريوهات التي تحدد مآل ومسار الوساطة التركية بين البلدين الإفريقيين.

“إعلان أنقرة”.. مضامين ورهانات

بعد جهود مضنية للوساطة التركية التي استمرت لمدة ستة أشهر، أثمرت جهود الخارجية التركية في منع انزلاق التوتر الدبلوماسي بين مقديشو وأديس أبابا إلى أتون صراع حقيقي يصب الزيت على حرائق القرن الإفريقي، وذلك وفق ما أعلنه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في العاصمة أنقرة، واتفق البلدان على العمل معًا بشكل وثيق للتوصل إلى نتائج إيجابية في ما يتعلق بالإجراءات التجارية ذات المنفعة المتبادلة من خلال الاتفاقيات الثنائية، بما فيها العقود والإيجارات والأدوات المماثلة، التي ستمكّن إثيوبيا من التمتع بوصول آمن وسلمي إلى البحر ومنه، تحت السلطة السيادية للصومال(1).

وبحسب الإعلان التاريخي بشأن الصومال وإثيوبيا، فإنه يتضمن جملة من البنود تشمل ما يلي:

  • أكد قادة الصومال وإثيوبيا احترامهم والتزامهم بسيادة كلا البلدين ووحدتهما، واستقلالهما وسلامة أراضيهما، بالإضافة إلى المبادئ المنصوص عليها في القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والقانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي.
  • تجاوز الخلافات والقضايا الخلافية والمضي قدماً بطريقة تعاونية لتحقيق الازدهار المشترك.
  •  اعترف الصومال بتضحيات الجنود الإثيوبيين ضمن بعثات الاتحاد الإفريقي.
  • الإقرار بالمنافع المتنوعة التي يمكن أن تتحقق من خلال ضمان وصول إثيوبيا إلى البحر ومنه، مع احترام سلامة أراضي الصومال.
  • العمل معاً عن كثب لوضع ترتيبات تجارية مفيدة للطرفين من خلال اتفاقيات ثنائية، تشمل العقود والإيجار وأساليب مشابهة، تضمن لإثيوبيا الوصول الآمن والمستدام إلى البحر، تحت السيادة الكاملة للحكومة الصومالية الفيدرالية.
  • قرر الطرفان بدء مفاوضات فنية بحسن نية لتحقيق هذه الأهداف، وذلك قبل نهاية فبراير/شباط 2025، على أن تتم برعاية تركيا وتُختتم في غضون أربعة أشهر.
  • تنفيذ هذه الالتزامات والتعهد بحل أي خلافات تتعلق بتفسيرها وتطبيقها من خلال الحوار وبطريقة سلمية مع الاستعانة بالوسيط التركي عند الحاجة(2).

قراءة في ردود الفعل الإقليمية والدولية

لقي إعلان أنقرة بشأن الصومال وإثيوبيا موجة ترحيب عربية ودولية، واعتُبر بداية لانفراج الأزمة الدبلوماسية بين الجارتين، وأنه يضع حداً لحركة الاستقطابات التي تشهدها المنطقة منذ إبرام أديس أبابا مذكرة تفاهم مع إقليم أرض الصومال مطلع يناير/كانون الثاني 2024. ويأتي هذا الإعلان ليكسر حاجز التوترات والمخاوف المحتملة بشأن تصعيد الأزمة بين دول المنطقة، وينهي أزمة عمرها عام كامل بين دولتين لا يزال إرث التاريخ يحكم علاقاتهما الأمنية والدبلوماسية.

كما رحب الأمين العام للأمم المتحدة بإعلان أنقرة الذي اتفق فيه الرئيس الصومالي حسن شيخ محمد، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، على العمل لحل خلافاتهما بروح من الصداقة والاحترام المتبادل. وفي بيان منسوب للمتحدث باسمه، أعرب الأمين العام أنطونيو غوتيريش عن تقديره للرئيس التركي رجب طيب أردوغان على مبادرته بجمع الزعيمين الصومالي والإثيوبي ودعمه لتحقيق الاتفاق بينهما. وجدد غوتيريش التأكيد على استعداد الأمم المتحدة لدعم هذه العملية المهمة، حسب الحاجة(3).

بدوره أعرب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، عن ترحيب بلاده بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الصومال وإثيوبيا في العاصمة التركية أنقرة، معبرا عن شكره لتركيا على دورها في إبرام الاتفاق. وقال بلينكن إن “الإدارة الأميركية ترحب بالاتفاق الذي أكد من جديد سيادة ووحدة واستقلال وسلامة أراضي الصومال وإثيوبيا، والذي من شأنه أن يؤسس للتعاون بين البلدين بما يتماشى مع المصالح المشتركة”. وأعرب عن تطلع بلاده إلى إجراء مفاوضات تتيح لإثيوبيا الوصول الآمن إلى البحر، مع احترام وحدة أراضي الصومال، وبطريقة تحقق منفعة اقتصادية متبادلة للطرفين(4).

كما رحب الاتحاد الأوروبي باتفاق حل النزاع بين إثيوبيا والصومال، وبدور الوساطة الهام الذي لعبته تركيا بهذا الخصوص. جاء ذلك على لسان المتحدث باسم مفوضية الاتحاد أنور العنوني، الذي قال في مؤتمر صحفي إن “الاتحاد الأوروبي يرحب بالإعلان الذي تم اعتماده بين إثيوبيا والصومال في أنقرة يوم 11 ديسمبر/كانون الأول”. وجدد دعم الاتحاد لوحدة وسيادة وسلامة أراضي الصومال وإثيوبيا وفقا للمبادئ الراسخة في القانون الدولي(5).

عربياً، رحبت كل من الخارجية القطرية والإماراتية والجزائرية والكويتية بجهود الوساطة التركية لنزع فتيل الأزمة بين الصومال وإثيوبيا، وأشادت بمساعي الرئيس أردوغان لتحقيق الاتفاق الذي عدَّته “خطوة مهمة نحو تعزيز الأمن والاستقرار في القرن الإفريقي”. ويؤكد هذا الترحيب العربي بإعلان أنقرة؛ أن الدول العربية كانت تراقب عن كثب مجريات الأوضاع في المنطقة، وبعضها عرضت محاولات للتوسط بين مقديشو وأديس أبابا، لكن محاولاتها لم تر النور(6).

الصومال وإثيوبيا: الدوافع والمكاسب وحسابات الوسيط التركي

على الرغم من أن ما توصل إليه “إعلان أنقرة” في الجولة الثالثة من الوساطة التركية بين مقديشو وأديس أبابا من “مصالحة تاريخية” بينهما، يُعد إيذاناً ببدء مرحلة من الهدوء تدفع البلدين إلى حل خلافاتهما، فإن ثمة دوافع حقيقية كانت وراء الاستجابة لجهود الوساطة التركية، هذا بالإضافة إلى وجود حسابات ومحفزات لدى الوسيط التركي لإنهاء أزمة مقديشو-أديس أبابا.

دوافع الصومال

هناك عدة محفزات شكلت دافعاً قوياً لعدول الصومال عن موقفه حيال عدم إمكانية الجلوس مع الطرف الإثيوبي، ما لم تتراجع حكومة آبي أحمد عن مذكرة التفاهم مع إقليم أرض الصومال، وتقدِّم اعتذاراً رسمياً لمقديشو، وجعلِ ذلك شرطاً أساسياً للانخراط في جهود الوساطة التركية التي انطلقت بناء على طلب من إثيوبيا، أثناء زيارة رئيس وزرائها إلى العاصمة التركية أنقرة في مايو/أيار الماضي، وحينها طرح آبي أحمد مبادرة المصالحة مع مقديشو على الرئيس التركي أردوغان، نظراً لعلاقة أنقرة الوثيقة مع مقديشو(7).

ويمكن تلخيص تلك المحفزات والدوافع في النقاط التالية:

  • تهدئة الأوضاع الداخلية: مع بدء جولات الوساطة التركية التي اتخذت نهج التدرج في تفكيك المعضلات الخلافية بين مقديشو وأديس أبابا، تصاعدت حدة الخلافات الداخلية في الصومال، لا سيما الأزمة بين الحكومة المركزية والولايات الفيدرالية، وذلك بعدما عادت جبهة أحمد مدوبي (رئيس ولاية جوبا لاند) وخلافاته العميقة إلى الواجهة مع الحكومات الفيدرالية منذ عام 2013، وهو ما سبّب شرخاً عميقاً في النظام الفيدرالي، في ظل وجود خلافات لم تُحلّ بعد مع ولاية بونتلاند، وراحت إثيوبيا تستغل هذه الثغرات والخلافات الموجودة بين المركز والأطراف، وتساهم في إذكائها، واتهمت مقديشو الحكومة الإثيوبية بتهريب أسلحة إلى ولاية جوبا لاند، وهو ما يعد خرقاً وانتهاكاً لسيادة الصومال. كما تسعى الحكومة الفيدرالية لممارسة سياسة مضادة مع الولايات الفيدرالية الرافضة لسياستها، بالتقرب من إثيوبيا وإنهاء الأزمة الدبلوماسية معها، للحد من التدخلات الإثيوبية.
     
  • الاستعداد للانتقال الأمني: تسابق الحكومة الصومالية الزمن من أجل تسلم الملف الأمني من القوات الإفريقية الانتقالية (أتمس) التي ينتهي تفويضها نهاية ديسمبر/كانون الأول 2024. وهذا الملف ظل هو الشغل الشاغل بالنسبة للحكومة الصومالية لتأمين المقار الأمنية التي تنسحب منها تلك القوات الإفريقية، لغاية وصول قوات البعثة الإفريقية الجديدة (أوصوم)التي تتولى مهمة حماية المقار الرئيسية وبعض القواعد العسكرية في وسط البلاد وجنوبها. ويُعد هذا التوقيت حرجاً للغاية في ظل توترات مع جارتها إثيوبيا التي تشترك معها في أطول حدود برية في القرن الإفريقي (1600 كلم)، ولهذا فإن توفير الهدوء في حدودها البرية مع إثيوبيا يمكن أن يساهم في انتقال أمني سلس في وسط البلاد وجنوبها
  • الاستعداد لتنظيم انتخابات مباشرة: كذلك أعلنت الحكومة الصومالية عن خطة لتنظيم “اقتراع مباشر” في الصومال لأول مرة منذ 56 عاماً، وذلك لتجاوز الانتخابات غير المباشرة التقليدية. ويبذل الرئيس حسن شيخ محمود جهوداً كبيرة لإنهاء مرحلة الانتخابات التقليدية وفتح صفحة جديدة تدفع البلاد نحو تجربة الانتخابات المباشرة، وهو ما لا يتوفر حالياً في ظل وجود رفض من بعض الولايات الفيدرالية، خاصة بونتلاند وجوبا لاند اللتين رفضتا التعديلات الدستورية بشأن تنظيم انتخابات مباشرة. وتهدف خطة الحكومة الفيدرالية إلى فك الارتباط بين الولايتين وإثيوبيا، أو التقليل من شأن اعتمادهما على الدعم الإثيوبي في مواجهة الحكومة الفيدرالية(8).

مكاسب الصومال

وفق “إعلان أنقرة” فإن الصومال حقق عدة مكاسب تتمثل في الآتي:

  • إثبات بطلان مذكرة التفاهم بين إثيوبيا وأرض الصومال: لم يتطرق الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ولا رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في المؤتمر الصحفي المشترك مع الرئيس التركي، إلى الحديث عن مذكرة التفاهم الموقعة بين أديس أبابا وهرجيسا، ويمكن اعتبارها لاغية، وهي القراءة التي يمكن استنتاجها في البيان الختامي للمباحثات الصومالية الإثيوبية في أنقرة.
  • ردع الطموح الإثيوبي لعسكرة البحر الأحمر: بحسب بنوده، يضمن إعلان أنقرة وصول إثيوبيا إلى البحر الأحمر لأغراض تجارية من خلال الحكومة الصومالية لضمان سيادة ووحدة أراضي الصومال، وهو ما يقوض مشروع آبي أحمد لعسكرة البحر الأحمر من خلال الأسطول الإثيوبي المتمركز في جيبوتي.
  • تعزيز السيادة الوطنية: أثبت الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود أن وحدة أراضي الصومال وسيادة واستقلال بلاده خط أحمر لا يمكن الاقتراب منه، وكرر في تصريحات تلفزيونية عدة منذ اندلاع الأزمة الدبلوماسية مع إثيوبيا؛ أن التفاوض بشأن وصول إثيوبيا إلى البحر الأحمر دون التنسيق مع الحكومة الصومالية حلم لن يتحقق، وأثمرت جهوده في ردع أديس أبابا في مسعاها لعسكرة البحر.

دوافع إثيوبيا

يمكن تلخيص الدوافع التي مثلت عامل ضغط بالنسبة للحكومة الإثيوبية في النقاط التالية:

  • البحث عن مخرج: منذ توقيع مذكرة التفاهم بين أرض الصومال وإثيوبيا مطلع العام 2024، دخلت بموجبها حكومة آبي أحمد ما يشبه العزلة الإقليمية نظراً لتردي علاقاتها مع الحكومة الصومالية، هذا فضلاً عن توترات مع إريتريا على خلفية الصراع في إقليم تيغراي. كما أن انخراط مصر في خط الأزمة، وتشكيل تحالف ثلاثي مع الصومال وإريتريا(9)، زاد الضغط على أديس أبابا ووضعها في شراك المصيدة، ولهذا فإن أي حل للتفاوض مع مقديشو بشأن الوصول إلى منفذ بحري كان مطلباً إثيوبياً للخروج من عنق الزجاجة، بهدف تقليل حالة الاستقطاب المضادة لمشاريعها العملاقة ونفوذها الإقليمي.
     
  • المشاركة في عملية “أوصوم”: بعد تفاقم الخلافات بين مقديشو وأديس أبابا ووصولها إلى ما يشبه القطيعة الدبلوماسية عقب استدعاء الحكومة الصومالية سفيرها في أديس أبابا، وطردها الدبلوماسيين الإثيوبيين(10)، صعّدت مقديشو موقفها أيضاً بحجب مشاركة القوات الإثيوبية في عملية قوات حفظ السلام الإفريقية التي من المقرر نشرها في جنوب الصومال(11)، وهو ما يزيد الضغط الأمني والعبء اللوجستي بالنسبة لحكومة آبي أحمد لحماية حدودها البرية مع الصومال، ولهذا فإن التوصل إلى حل سلمي مع الحكومة الصومالية كان ملحاً أكثر من أي وقت مضى لضمان بقاء قواتها في جنوب البلاد ضمن بعثة الاتحاد الإفريقي، حتى لا تضطر إلى دفع تكاليف باهظة لحماية حدودها.
     
  • قطع الطريق أمام الاستقطاب المصري: نتيجة تفاقم الخلافات بين الصومال وإثيوبيا، استثمرت مصر جل مساعيها لتطويق النفوذ الإثيوبي في القرن الإفريقي، عبر تدشين سلسلة من الجولات المكوكية إلى دول المنطقة. وكان وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي قد تنقل بين عواصم إقليمية من أجل حشد جهود القاهرة لفرض عزلة إقليمية على إثيوبيا نتيجة ما وُصفت بسياساتها المهددة لاستقرار أمن دول المنطقة(12). هذا الشعور تنامى بعد مذكرة التفاهم بين أرض الصومال وإثيوبيا، التي عكست توجهاً لدى أديس أبابا لتنفيذ تهديدات آبي أحمد للوصول إلى البحر الأحمر سلماً أو حرباً، والتي أطلقها في أكتوبر/تشرين الأول 2023(13)، ولهذا فإن كل الطرق الإثيوبية تؤدي حالياً إلى قطع الطريق أمام الاستقطاب المصري لدول المنطقة المجاورة لإثيوبيا، وإعادة الأوضاع إلى نصابها من خلال المصالحة مع حكومة مقديشو الفيدرالية وعدم الاستهانة بتأثيرها الدبلوماسي الإقليمي والدولي.

مكاسب إثيوبيا

  • الوصول إلى منفذ بحري: كسبت إثيوبيا معركتها لإثبات مسعاها للوصول إلى البحر الأحمر، ولهذا فإن رؤية إثيوبيا ومقارباتها القانونية والتاريخية تكللت بالنجاح فيما يتعلق بالوصول الآمن إلى البحر الأحمر، استجابة للضغط السكاني في البلاد وحاجتها إلى منفذ بحري متعدد الأغراض في المياه الصومالية، وهو ما يعود بالنفع على الدولتين وفق بنود المصالحة التاريخية.
  • الاعتراف بتضحيات الجنود الإثيوبيين: لجأت أديس أبابا إلى استثمار خطاب التضحيات لإبراز دور جنودها في مكافحة حركة الشباب الموالية لتنظيم القاعدة، وهو ما أقرَّه الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في المؤتمر الصحفي(14). هذا الاعتراف يعد مكسباً بالنسبة للحكومة الإثيوبية يشهد أن تضحيات جنودها لم تذهب سدى، بغض النظر عن المجازر التي ارتكبتها القوات الإثيوبية سابقاً إبان اجتياحها أراضي الصومال عام 2006 لمواجهة مسلحي المحاكم الإسلامية، وما تمارسه بين الحين والآخر من اعتداءات ضد الأبرياء في المناطق التي تنتشر فيها، لا سيما إقليم جدو وولاية جنوب غرب الصومال.
  • تعزيز دورها الإقليمي: بعد محاولة الحكومة الإثيوبية الدخول في اتفاقية مع إقليم انفصالي غير معترف به دولياً، تلقت أديس أبابا موجة استنكار وانتقادات، وهو ما شوَّه صورتها ودورها الإقليميين، باعتبارها دولة تهدد سيادة واستقلال دولة عضو في الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة، ولهذا فإن مسعاها للوصول إلى البحر الأحمر عبر بوابة أرض الصومال ترك ارتدادات عكسية وخيمة على مكانتها الإقليمية، ولهذا فإن القراءة الإثيوبية لإعلان أنقرة انحصرت في سبيل استعادة دورها الفاعل في تحقيق الأمن والاستقرار في الصومال ومنطقة القرن الإفريقي(15).

حسابات الوسيط التركي

  • حماية المصالح والاستثمارات في القرن الإفريقي: لا شك أن تركيا لديها اسثمارات ضخمة في إثيوبيا، يتجاوز حجمها 3 مليارات دولار، إذ تُنفِّذ حوالي 200 شركة تركية مشاريع في مختلف القطاعات، بما فيها البناء، والصناعات الدوائية، والغذائية(16). وتُعَدُّ تركيا ثاني أكبر مستثمر في إثيوبيا بعد الصين، حيث تجاوز حجم التبادل التجاري بين البلدين 650 مليون دولار في السنوات الأخيرة. وفي الصومال تدير الشركات التركية ميناء ومطار مقديشو، وارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين عام 2020 إلى 250 مليون دولار(17)، كما أن أنقرة انخرطت في التعاون الأمني والدفاعي مع مقديشو بإنشائها قاعدة عسكرية تركية في العاصمة بتكلفة مالية قدرها 50 مليون دولار، وتجري حالياً مسحاً جيولوجيا لاستكشاف النفط والغاز في المياه الصومالية، ويتوقع أن تبدأ عملية الحفر والاستخراج بحلول أبريل/نيسان المقبل(18)، ولهذا فإن الإضرار بهذه المصالح الاقتصادية المتشعبة ونفوذها في القرن الإفريقي يعد خسارة جسيمة لتركيا، ولهذا تنتهج سياسة إخماد الحرائق من البيوت الخشبية قبل أن تمتد إلى مصالحها.
     
  • زيادة النفوذ في القرن الإفريقي: تمثل المبادرة التركية جزءًا من رؤية أوسع لأنقرة في إفريقيا، حيث تؤدي تركيا دورًا نشطًا في الأزمات الإقليمية لتعزيز نفوذها في القارة الإفريقية(19)، كما أن نجاح وساطتها لرأب الصدع بين مقديشو وأديس أبابا أثبت قدرتها على تحقيق السلام والاستقرار في القرن الإفريقي، بما في ذلك النزاع في السودان الذي عرضت وساطتها لحل أزمته الحالية، بما يعكس نضج السياسة التركية للتمدد في القرن الإفريقي باعتباره بوابة للعبور إلى القارة السمراء(20).

السيناريوهات المستقبلية

هناك ثلاثة سيناريوهات بشأن مآلات ومسار استكمال جهود الوساطة التركية لغاية التوصل إلى اتفاق حقيقي يسحب فتيل التوتر ويبدد مخاوف انزلاق المنطقة إلى صراع دام بين الصومال وإثيوبيا:

  1. نجاح الوساطة وتحقيق مصالحة شاملة: وهذا السيناريو هو الأرجح في ظل وساطة تركية جادة برعاية الرئيس أردوغان الذي قد يجري زيارة إلى الصومال وإثيوبيا في الأسابيع القادمة، بهدف الضغط وتحريك ملف الوساطة إلى الأمام. وقد حققت وساطته نجاحها بعد جلسات انفرادية استمرت 7 ساعات مع الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي في أنقرة، قبل إعلان ما وصفها “بالمصالحة التاريخية”(21).
  2. تجميد الوساطة التركية: يبقى هذا السيناريو مطروحاً إذا غاب عنصر التنازل وانعدام الجدية بين طرفي الأزمة، ويمكن أن يحدث إذا رفعت إثيوبيا سقف مطالبها، تحديداً فيما يتعلق بإنشاء قاعدة عسكرية في المنفذ البحري الذي يحرر من عزلتها المائية، وهو ما يرفضه الجانب الصومالي جملة وتفصيلا.
  3. فشل الوساطة التركية: وهذا السيناريو هو الأقل ترجيحاً في الوقت الحالي، لكنه مع ذلك يبقى واردا، إذا لم تفلح مساعي الأطراف الفاعلة في الأزمة في تبديد المخاوف والشكوك فيما بينهم، مما يؤدي إلى عودة التوترات بين البلدين من جديد.

الخاتمة

لا شك أن الوساطة التركية حققت تقدماً نتيجة الجهود الماراثونية التي أفضت في نهاية المطاف إلى انفراجة لحل الخلافات بين الصومال وإثيوبيا بالطرق الدبلوماسية، لكنّ أمام هذه الجهود التركية طريقا شائكا وتحديات كثيرة، تمثل عقبة كأداء أمام استمرارها وتقريب وجهات النظر بين الجانبين، فالثغرات الأمنية المتمثلة في النزاعات الداخلية في إثيوبيا، ووجود التنظيمات المسلحة في الصومال، وعدم وضوح آلية لتنفيذ مخرجات أي اتفاق بين الجانبين، ستكون بمنزلة مطبات تهدد الوفاق بين البلدين. ومع ذلك، هناك فرصة حقيقية بين مقديشو وأديس أبابا لتجنيب المنطقة أي توترات أمنية ودبلوماسية.

وبينما تعتمد إستراتيجية إثيوبيا على استغلال الخلافات القائمة بين الحكومة الصومالية والولايات الفيدرالية كورقة ضغط لتحقيق مطالبها، يتمسك الصومال بأحقيته المشروعة وسيادته على أراضيه براً وبحراً وفقاً للقانون الدولي وميثاق الاتحاد الإفريقي، إلى جانب دبلوماسيته النشطة في المحافل الإفريقية والدولية، ولهذا فإن الاستجابة للوساطة التركية ضرورية ومفيدة للطرفين الإثيوبي والصومالي، لأن احتدام صراع جديد في القرن الإفريقي ستكون شرارته واسعة وتداعياته كارثية، ووقف هذا النزاع سيكون صعباً، والحرب السودانية التي شارفت على استكمال عامها الثاني خير شاهد على ذلك.

الشافعي أبتدون

باحث صومالي مهتم بقضايا القرن الإفريقي.

مراجع

  1. Ethiopia, Somalia reach agreement in Ankara-mediated peace talks: Turkish president, Anadolu Ajansı, 12 December 2024, (visited on: 17 December 2024), https://bit.ly/3Dnc9LJ
  2. Somalia, Ethiopia affirm each other’s sovereignty, unity: Ankara Declaration, Anadolu Ajansı, 12 December 2024, (visited on: 17 December 2024), https://bit.ly/3BLxa2j
  3. الأمين العام يرحب بإعلان أنقرة والاتفاق بين الصومال وإثيوبيا، أخبار الأمم المتحدة، 12 ديسمبر/كانون الأول 2024، (تاريخ الدخول: 17 ديسمبر/كانون الأول 2024)، https://bit.ly/3DvBnrx
  4. الاتحاد الأوروبي يرحب باتفاق إثيوبيا والصومال بوساطة تركية، وكالة الأناضول، 12 ديسمبر/كانون الأول 2024، (تاريخ الدخول: 18 ديسمبر/كانون الأول 2024)، https://bit.ly/3P9q2jj
  5. ترحيب عربي باتفاق الصومال وإثيوبيا وإشادة بدور الرئيس أردوغان، وكالة الأناضول، 14 ديسمبر/كانون الأول 2024، (تاريخ الدخول: 18 ديسمبر/كانون الأول 2024)، https://bit.ly/3VT5GyN
  6. عبد القادر محمد علي، الوساطة التركية بين إثيوبيا والصومال.. الدوافع والعوائق والسيناريوهات، مركز الجزيرة للدراسات، 5 سبتمبر/أيلول 2024، (تاريخ الدخول: 18 ديسمبر/كانون الأول 2024)، https://bit.ly/3BuyNBy
  7. الصومال تتهم إثيوبيا “بالتدخل” ضد سيادتها ووحدتها، التلفزيون العربي، 6 ديسمبر/كانون الأول 2024، (تاريخ الدخول: 18 ديسمبر/كانون الأول 2024)، https://bit.ly/405WyJn
  8. رئيس الجمهورية: الدولة ماضية في محاربة الإرهاب وإجراء انتخابات شعبية في البلاد، وكالة صونا، 21 ديسمبر/كانون الأول 2024، (تاريخ الدخول: 22 ديسمبر/كانون الأول 2024)، http://bit.ly/49PI83m
  9. Eritrea, Egypt, and Somalia cement ‘axis against Ethiopia’, BBC, 10 October 2024, (visited on: 18 December 2024), https://bit.ly/41MMXID
  10. Somalia expels Ethiopian diplomat, VOA, 29 October 2024, (visited on: 18 December 2024), https://bit.ly/40aLL0Q
  11. Somalia: Ethiopian troops cannot be in AUSSOM, VOA, 23 August 2024, (visited on: 18 December 2024), https://bit.ly/3P8hqt9
  12. وزير خارجية مصر يبحث بجيبوتي والصومال أزمتي البحر الأحمر والسودان، وكالة الأناضول، 12 يوليو/تموز 2024، (تاريخ الدخول: 19 ديسمبر/كانون الأول 2024)، https://bit.ly/3DndX7t
  13. الشافعي أبتدون، مذكرة تفاهم بين صومالي لاند وإثيوبيا: الحيثيات والتبعات، مركز الجزيرة للدراسات، 9 يناير/كانون الثاني 2024، (تاريخ الدخول: 19 ديسمبر/كانون الأول 2024)، https://bit.ly/4gPIbOU
  14. Türkiye brokers landmark deal between Ethiopia and Somalia, TRT WORLD, 12 December 2024, (visited on: 19 December 2024), https://bit.ly/3BKtvSq
  15. إعلان أنقرة يعزز دور إثيوبيا في تحقيق الأمن والاستقرار بالقرن الإفريقي، وكالة فانا عربي، 20 ديسمبر/كانون الأول 2024، (تاريخ الدخول: 21 ديسمبر/كانون الأول 2024)، https://bit.ly/40707zb
  16. بمئتي شركة.. تركيا قوة استثمارية مرموقة في إثيوبيا، وكالة الأناضول، 3 يناير/كانون الثاني 2024، (تاريخ الدخول: 21 ديسمبر/كانون الأول 2024)، https://bit.ly/3PbQ5qa
  17. انتعاش اقتصادي وتجاري أبرز مخرجات تعاون الصومال وتركيا، وكالة الأناضول، 10 فبراير/شباط 2022، (تاريخ الدخول: 21 ديسمبر/كانون الأول 2024)، https://bit.ly/40aZdR9
  18. تركيا تبدأ التنقيب عن النفط في الصومال، الجزيرة نت، 4 أكتوبر/تشرين الأول 2024، (تاريخ الدخول: 22 ديسمبر/كانون الأول 2024)، https://bit.ly/4iP9BGn
  19. عبد القادر محمد علي، مرجع سابق.
  20. أردوغان: تركيا مستعدة للتوسط لحل الخلاف بين السودان والإمارات، الأناضول، 13 ديسمبر/كانون الأول 2024، (تاريخ الدخول: 22 ديسمبر/كانون الأول 2024)، https://bit.ly/4gslxMW
  21. Turkish President Erdogan to visit Ethiopia, Somalia in January-February 2025, Anadolu Ajansı, 15 December 2024, (visited on: 22 December 2024), https://bit.ly/3VQQrGm



شركات التأمين في كاليفورنيا أسقطت آلاف الوحدات قبل الحرائق… ومحاولات التهرب مستمرة

تواجه شركات التأمين في الولايات المتحدة تحديات متزايدة نتيجة الكوارث الطبيعية المتكررة، خاصة حرائق الغابات الأخيرة في كاليفورنيا، والتي قدر البعض تكلفتها على شركات التأمين بما يتجاوز 20 مليار دولار. وكانت هذه الشركات قد تكبدت، في عام 2023، خسائر صافية بلغت 15.2 مليار دولار، وهي الأكبر منذ عام 2000، مما دفع بعضها إلى تقليص نشاطها أو الانسحاب من الأسواق المتضررة، بينما عمد البعض الآخر إلى إلغاء التأمين على آلاف المنازل، تجنباً لتحمل هذه الخسائر.

وفي ولاية كاليفورنيا، أعلنت شركة “ستيت فارم” العام الماضي أنها لن تجدد عقود التأمين لنحو 72 ألف منزل، بما في ذلك 69% من عقود التأمين في منطقة “باسيفيك بالسيدز” التي دمرتها الحرائق، وفقاً لما ذكره موقع جريدة إندبندنت، كما توقفت شركات أخرى عن إصدار بوالص تأمين جديدة في المناطق المعرضة للحرائق، وهو ما ترك أصحاب المنازل دون تغطية تأمينية.

وبالإضافة إلى ذلك، رفعت شركات التأمين أقساطها بشكل كبير في المناطق المتضررة، وفي بعض الحالات، تضاعفت الأقساط، فزادت الأعباء المالية على أصحاب المنازل. وتسعى شركات التأمين أيضاً إلى تقليل التزاماتها من خلال فرض شروط أكثر صرامة على السياسات، مثل زيادة المبالغ المقتطعة وتقليل حدود التغطية، وهو النهج الذي ترك العديد من أصحاب المنازل في مواجهة تكاليف باهظة لإصلاح أو إعادة بناء ممتلكاتهم، دون دعم كافٍ.

وفي مواجهة هذه التحديات، يجد أصحاب المنازل أنفسهم مضطرين للبحث عن بدائل تأمينية أقل شمولاً أو الاعتماد على برامج حكومية توفر تغطية محدودة. ويثير هذا الوضع مخاوف بشأن استقرار سوق الإسكان في المناطق المعرضة للكوارث الطبيعية، حيث قد يؤدي نقص التأمين إلى انخفاض قيم الممتلكات وصعوبة بيعها.

شركات التأمين تحاول احتواء الخسائر

ويعد حي باسيفيك بالسيدز، الواقع في لوس أنجليس والذي دمرته الحرائق الأخيرة، نموذجاً للأزمة التأمينية التي يواجهها بشكل متزايد أصحاب المنازل في المناطق المعرضة للكوارث المناخية. وفي يوليو/تموز الماضي، قامت شركة “ستيت فارم” بإلغاء نحو 1,600 بوليصة تأمين في هذه المنطقة، وفقاً لما ذكره مايكل سولر، المتحدث باسم إدارة التأمين في كاليفورنيا. ووفقاً لتحليل أجرته شبكة سي بي إس سان فرانسيسكو العام الماضي، ألغت “ستيت فارم” أيضاً أكثر من 2,000 بوليصة تأمين في مناطق أخرى من لوس أنجليس، تشمل برينتوود وكالاباساس وهيدن هيلز ومونتي نيدو.

وفي بيان، صرحت شركة “ستيت فارم” أن “أولويتنا الأولى الآن هي سلامة عملائنا، ووكلائنا، وموظفينا المتأثرين بالحرائق، وتقديم المساعدة لهم في خضم هذه المأساة.” لكن قرار “ستيت فارم” يعكس اتجاهاً متزايداً بين شركات التأمين الكبرى، مثل “أولستيت” و”فارمرز إنشورنس”، للتخلي عن سياسات التأمين في كاليفورنيا أو التوقف عن قبول عملاء جدد في المناطق المعرضة للخطر. ونتيجة لذلك، يتجه العديد من أصحاب المنازل إلى خطة التأمين “FAIR”، التي تقدم تغطية أساسية ضد الحرائق للممتلكات الواقعة في المناطق عالية الخطورة، والتي لا توفر شركات التأمين التقليدية تغطية لها.

وبحلول عام 2024، كان نحو 1,400 منزل من أصل 9,000 منزل في “باسيفيك بالسيدز” مغطى بخطة FAIR، وهو عدد يزيد بأكثر من أربعة أضعاف مقارنة بعام 2020، وفقاً لبيانات شركة التأمين. وبعبارة أخرى، قبل وقوع الكارثة، كان نحو واحد من كل سبعة منازل يعتمد على هذه الخطة.

ومن المتوقع أن تصبح حرائق “باسيفيك بالسيدز” واحدة من أكثر الحرائق تكلفة في التاريخ، بسبب عدد المباني التي دُمّرت، والقيمة المرتفعة لهذه الممتلكات. ووفقاً لعالم المناخ دانييل سوين من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، يبلغ متوسط قيمة المنازل في المنطقة 3.1 ملايين دولار، بناءً على بيانات شركة ATTOM Data. وتُقدر الأضرار المحتملة والخسائر الاقتصادية الكلية للكارثة بنحو 150 مليار دولار، مما يجعلها واحدة من أكثر الكوارث الطبيعية تدميراً في تاريخ الولايات المتحدة.

وبالإضافة إلى التأثيرات الشخصية والمالية الكارثية على أصحاب المنازل، يُتوقع أن تزيد هذه الحرائق من الضغوط على سوق التأمين في الولاية، والذي يعاني بالفعل، كما تعاني مناطق أخرى في الولايات المتحدة، مثل فلوريدا ولويزيانا، تحديات مماثلة. وأوضح السيناتور شيلدون وايتهاوس، في تصريح على منصة X، أن انهيار سوق التأمين على المنازل قد يتسارع بعد هذه الصدمة الجديدة. وأشار إلى أن التغير المناخي يجعل المخاطر غير متوقعة، مما يؤدي إلى زيادة تكاليف التأمين أو انعدام توفره، وهو ما قد يؤدي بدوره إلى انخفاض قيم الممتلكات وخلق أزمة مالية تشبه أزمة عام 2008.

وأشارت النائبة ماكسين ووترز، ممثلة كاليفورنيا، إلى أن الكوارث المناخية تزيد من المخاطر، ما يدفع شركات التأمين إلى إلغاء البوالص أو عدم إصدار بوالص جديدة، مما يترك العائلات وأصحاب الأعمال بدون حماية تأمينية كافية. وأعلنت ووترز أنها ستعيد تقديم مشروع قانون “دراسة تغطية التأمين ضد حرائق الغابات”، الذي يهدف إلى تحليل المخاطر التي تشكلها حرائق الغابات وكيفية استجابة شركات التأمين لها. وأكدت أن المشروع سيساعد في تحديد أفضل استجابة فيدرالية لهذه القضايا، مع التركيز على ضرورة فهم المخاطر المناخية بشكل أعمق.

ومع استمرار الحرائق في اجتياح مناطق لوس أنجليس، تتزايد تقديرات تكلفة الكارثة بشكل كبير. ووفقاً لتقديرات شركة AccuWeather يوم الخميس، فقد تصل الخسائر إلى 150 مليار دولار، ما يجعل هذه الحرائق الأكثر تدميراً في تاريخ الولايات المتحدة. وفي محاولة لمعالجة الأزمة، أعلنت كاليفورنيا عن لوائح جديدة تلزم شركات التأمين بتقديم تغطية في المناطق المعرضة للحرائق. وتنص القواعد على زيادة تغطية شركات التأمين تدريجياً بمعدل 5% كل عامين حتى تصل إلى 85% من حصتها في السوق. في المقابل، سيُسمح لشركات التأمين بتحميل تكاليف إعادة التأمين على المستهلكين، مما قد يؤدي إلى ارتفاع الأقساط بنسبة تصل إلى 40%.

وبينما تهدف هذه اللوائح إلى تحقيق استقرار في سوق التأمين، يشير النقاد إلى أن وتيرة تنفيذ السياسات الجديدة ليست سريعة بما يكفي، وأن التكاليف الإضافية قد تزيد من الأعباء المالية على المستهلكين. وأكد مفوض التأمين في كاليفورنيا، ريكاردو لارا، أن الهدف النهائي هو بناء سوق تأمين موثوق بها، لا تتراجع عن المجتمعات الأكثر عرضة للكوارث المناخية، ولكنه أقر أيضاً بأن تحقيق هذا الهدف سيستغرق وقتاً وجهوداً كبيرة.

صحيفة العربي الجديد




أزمة موازنة فرنسا تضع شركاتها في دائرة الإرباك… والنمو صفر في الربع الأخير من 2024

تضع أزمة موازنة فرنسا شركات هذا البلد في دائرة الإرباك، فيما تشير تقديرات البنك المركزي إلى أن النمو قد بلغ صفراً في الربع الأخير من 2024، فيما يُظهر مؤشر المركزي للمعنويات شكوكاً مستمرة، مما يساهم في تباطؤ التوقعات الاقتصادية، حيث يظل مستوى الشك مرتفعاً في جميع القطاعات، بحسب ما نقلت بلومبيرغ عن المسح الشهري للبنك المركزي الذي نُشر اليوم الاثنين، وتبين على ضوئه حكم قادة الأعمال على دفاتر أوامرهم بأنها منخفضة.

وتوقع البنك المركزي الفرنسي أيضاً أن يتباطأ النشاط في الخدمات هذا الشهر، على أن يزداد في الصناعة، وبدرجة أقل، في البناء. وقال محافظ البنك المركزي فرانسوا فيليروي دي غالهاو لتلفزيون “إل سي آي” اليوم الاثنين: “كما نرى، يتباطأ الاقتصاد الفرنسي لكننا لا نرى ركوداً”.

وقال فيليروي إن خطة موازنة فرنسا الجديدة لا بد من أن تصل إلى “تسوية متوازنة” تذهب إلى أبعد مدى ممكن لتضييق العجز وتعزيز الثقة بين الأسر والشركات، مضيفاً: “كلما استمر عدم اليقين، تباطأ النمو. وسوف تظل محركات الإنفاق الاستهلاكي والاستثمار التجاري بطيئة حتى نتمكن من إزالة هذا عدم اليقين الوطني”.

تجدر الإشارة إلى أن الحكومة انهارت مطلع ديسمبر/ كانون الأول المنصرم، نتيجة خلاف برلماني حول موازنة فرنسا لعام 2025، فيما من المقرر أن يكشف رئيس الوزراء الجديد فرانسوا بايرو عن سياساته الرئيسية في خطاب أمام البرلمان غداً الثلاثاء، بما في ذلك كيفية تجميع مشروع قانون مالي منقح في حين تعتمد البلاد على التشريعات الطارئة لتجنب الإغلاق.

وسبق أن أشار وزير المالية الجديد إريك لومبارد إلى أن الحكومة ستسعى إلى تحقيق قدر أقل من الطموح في مجال ضبط الأوضاع المالية، لكنه قال أيضاً إنها ستسعى إلى تكرار خطط فرض ضرائب استثنائية على أكبر الشركات للمساعدة في خفض العجز.




تقرير أممي: مصر تدفع فوائد ديون أكثر من إنفاقها على التعليم والصحة⁩

انتقدت الأمم المتحدة في تقريرها الاقتصادي الجديد بعنوان “الوضع الاقتصادي العالمي وآفاقه حتى عام 2025″، الصادر في 9 يناير الجاري، إنفاق مصر على فوائد الديون بما يفوق إنفاقها على التعليم والصحة. وأكد التقرير أن إجمالي الإنفاق على التعليم والصحة يتجاوز الإنفاق على خدمة الدين، مشيراً إلى أن فوائد ديون الدولة ستستنزف أكثر من 70% من إجمالي العائدات الحكومية لعام 2024. ووصف التقرير أزمة الديون بأنها تمثل خطراً كبيراً على آفاق التنمية في الدولة الإفريقية.

وكشفت أرقام الموازنة المصرية أن الحكومة خصصت 2.24% فقط من إجمالي العائدات الحكومية للإنفاق على التعليم والصحة في موازنة 2024/2023، وتُخطط لرفعها إلى 3.2% في الموازنة القادمة 2025/2024. ومع ذلك، فإن هذه النسبة تظل أقل كثيراً من النسبة المحددة في الدستور المصري، والتي تبلغ 6% من الناتج القومي.

وأظهر تقرير “الوضع الخارجي للاقتصاد المصري“، الصادر عن البنك المركزي في 3 ديسمبر الماضي، أن البنك رفع تقديراته لقيمة فوائد ديون مستحقة على مصر وأقساط سداد خلال عام 2025 إلى 22.4 مليار دولار، بزيادة بلغت 900 مليون دولار مقارنة بتقديراته السابقة في أغسطس الماضي التي بلغت نحو 21.523 مليار دولار. ووفقًا للتقرير ذاته عن عام 2024/2023، ارتفعت خدمة الدين الخارجي إلى 32.9 مليار دولار مقارنة بـ25.4 مليار دولار في عام 2023، نتيجة زيادة أقساط أصل الدين بنحو 5.2 مليارات دولار، بالإضافة إلى فوائد ديون بنحو 2.3 مليار دولار.

وفي سبتمبر 2024، أعلن البنك المركزي أن فوائد ديون الدولة الخارجية بلغت 23.8 مليار دولار خلال تسعة أشهر، من يوليو 2023 إلى مارس 2024. وفي نهاية العام الماضي، أكد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أن مصر سددت 38.7 مليار دولار من الديون المستحقة عليها خلال عام 2024. وتُظهر أرقام البنك المركزي أن مصر ستسدد نحو 22.4 مليار دولار خلال عام 2025، منها 13.7 مليار دولار في النصف الأول من العام، و8.663 مليارات دولار في النصف الثاني.

وخصصت موازنة السنة المالية الجديدة 2025/2024 نحو 200 مليار جنيه لقطاع الصحة و294 مليار جنيه لقطاع التعليم، ما يعني أن الإنفاق على الصحة يعادل 1.16% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما الإنفاق على التعليم يبلغ 1.7%. ورغم الزيادة المقررة في الموازنة القادمة، فإن هذه النسب لا تزال أقل بكثير من الاستحقاق الدستوري البالغ 6% لكلا القطاعين.

وأكد وزير المالية السابق محمد معيط في إبريل الماضي أن المخصصات المالية لقطاعي التعليم والصحة ستزيد بنسبة 30% في الموازنة الجديدة. ومع ذلك، فإن هذه الزيادة لا تكفي لتحقيق الاستحقاق الدستوري. في مؤتمر عقد في يونيو 2023، برر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عدم التزام حكومته بالاستحقاقات الدستورية المخصصة للتعليم والصحة، قائلاً إن الدولة تحتاج إلى تريليوني دولار سنوياً  لتلبية هذه الاحتياجات، مضيفاً: “أنا الدولة مش أنا عبد الفتاح، الأرقام المطلوبة مش موجودة يا جماعة”.

وعلى الجانب الآخر، انتقد الكاتب والمحلل الاقتصادي أحمد السيد النجار السياسات الاقتصادية في عهد السيسي، مشيراً إلى تراجع الإنفاق على التعليم والصحة إلى 2.7% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بـ4% قبل تولي السيسي الحكم في العام المالي 2014/2013. وأكد النجار أن الديون الخارجية زادت بنسبة 257% خلال فترة حكم السيسي، لتصل إلى 164.7 مليار دولار بنهاية يونيو 2023، بينما ارتفعت الديون الداخلية بنسبة 358% لتصل إلى 8.3 تريليونات جنيه.

وأشار النجار في مقال نشره بعنوان “هل كانت مصر ‘أي حاجة’ وحوّلها السيسي إلى بلد؟!” إلى أن هذه الزيادة الكبيرة في الديون أصبحت أحد العوامل الرئيسية المغذية للتضخم، مما يزيد من التحديات الاقتصادية التي تواجهها مصر حالياً.

آدم يوسف

صحيفة العربي الجديد




 نشرت صحيفة “التايمز” البريطانية تقريرا أعدته غابرييل وينغر وجورج غريلز قالا فيه إن روسيا وإيران تعملان بهدوء على تقوية العلاقات وإجراء محادثات نووية. وتأمل إيران من المحادثات السرية التي تجريها في موسكو بتقوية دفاعاتها العسكرية وقدراتها رغم المحادثات المقبلة مع الغرب بشأن برنامجها النووي.

 وقالت إن علي لاريجاني، مستشار المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، أية الله علي خامنئي يقوم برحلات مكوكية جيئة وذهابا على متن رحلات جوية سرية لمقابلة المسؤولين البارزين في روسيا.

وعلمت “التايمز” أن دبلوماسية القنوات السرية تهدف لحصول طهران على مساعدة في برامجها النووية وقدراتها الدفاعية. وكان علي لاريجاني متحدثا باسم البرلمان ومفاوضا سابقا في المحادثات النووية وهو ممثل عن خامنئي ومن المقربين للنظام ولديه سمعة أنه قادر على إنجاز المهام. وأرسل في العام الماضي بمهام لتقوية محور المقاومة بعد مقتل الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله، وزار بيروت ودمشق.

تأمل إيران من المحادثات السرية التي تجريها في موسكو بتقوية دفاعاتها العسكرية وقدراتها رغم المحادثات المقبلة مع الغرب بشأن برنامجها النووي

وتعتبر رحلاته السرية إلى موسكو علامة على تعمق العلاقات الإيرانية- الروسية والنفوذ الذي بات كل طرف يمارسه على الآخر.

وتأتي تقوية العلاقات بين طهران وموسكو في مرحلة حرجة لإيران، حيث خسرت نفوذا في الشرق الأوسط وتواجه أزمة اقتصادية بسبب العقوبات الغربية المفروضة عليها.

وتهدف جولة المحادثات الجديدة مع أوروبا بشأن البرنامج النووي إلى فتح المجال أمام استئناف المحادثات النووية ورفع العقوبات عن إيران، كهدف نهائي. ومن المقرر أن تعقد الجولة التالية في جنيف يوم الاثنين، ولكن الكشف عن لقاءات سرية مع روسيا من شأنه أن يثير المخاوف بشأن نوايا طهران.

وبحسب مصادر استخباراتية غربية، تتطلع طهران إلى مزيد من المساعدة من روسيا في الموضوعات والخبرات النووية، بعد عقود من التعاون الذي شمل تزويد إيران بالوقود لمفاعل نووي يعمل بالماء الخفيف بقوة 1,000 ميغاواط. ونقلت الصحيفة عن مصدر استخباراتي غربي قوله: “نظرا لتعمق علاقتهما الاستراتيجية، واعتماد روسيا على إيران في الصواريخ والمسيرات، فهناك قلق من استعداد موسكو لتجاوز الخطوط الحمراء التي رسمتها سابقا بشأن البرنامج النووي الإيراني”.

وبحسب الدكتور ويليام ألبرك، المدير السابق لقسم الحد من الانتشار النووي في حلف الناتو والزميل في مركز هنري إل ستيمسون بواشنطن العاصمة، فقد كانت روسيا في الماضي جزءا من الإجماع الذي كان لا يريد أن تصبح إيران قوة نووية. وقال ألبرك: “لكن ربما اتخذت روسيا القرار، في الوقت الذي بدأت فيه إيران في إرسال آلاف من المسيرات لاستخدامها في أوكرانيا، وأن الانتشار النووي ليس بالأمر الكبير”.

 ورغم أن إيران لا تحتاج إلى مساعدة في بناء قنبلة، فإنها “ستستفيد بالتأكيد من التعاون السري مع روسيا”، كما قال. وأضاف أنه حتى لو كانت الزيارات قصيرة، فسيستفيد الخبراء الإيرانيون من زيارة الخبراء الروس “يمكن إرسال عالمين إيرانيين إلى أرزماس، بنزا وأي مؤسسة إنتاج نووي روسية. ويمكنهم تعلم الكثير خلال 24 ساعة، وإجازة أسبوعية طويلة ستعطي الإيرانيين الكثير من الأفكار”. وأشار البرك إلى أن إنتاج بقية السلاح ووضعه في صواريخ مناسبة جاهزة للانطلاق، مثل صواريخ باليستية، تحتاج لوقت أطول.

وتقدر المدة الزمنية ما بين أشهر إلى عام. ولكنه قال إن إيران “يمكنها تعلم بناء قنبلة صغيرة ومعقدة، وربما بحجم ميغاطن، أو جهاز نووي يمكن وضعه في قنابل مدفعية”. وتقول مصادر استخباراتية غربية إن إيران تسعى للحصول على أحدث نسخة من مقاتلات سوخوي، سو-35، في محاولة لتحديث قدراتها الدفاعية الجوية. وتقترح تقارير أن إيران اشترتها فعلا. وتريد أن تعيد بناء منظومة الصواريخ التي دمرتها المقاتلات الإسرائيلية في تشرين الأول/أكتوبر، فقد زودت روسيا إيران بنظام أس-300 الصاروخي.

كما وطلبت إيران المساعدة اللوجستية باستخدام الوجود الروسي المكثف في المنطقة لإعادة تسليح ميليشيا حزب الله اللبناني، الذي تم القضاء على قيادته وترسانته من الأسلحة إلى حد كبير من قبل إسرائيل خلال الأشهر القليلة الماضية.

تقول مصادر استخباراتية غربية إن إيران تسعى للحصول على أحدث نسخة من مقاتلات سوخوي، سو-35، في محاولة لتحديث قدراتها الدفاعية الجوية

وقد تحالفت روسيا وحزب الله مع نظام الأسد في سوريا ضد المعارضة المسلحة التي أسقطت النظام نهاية العام الماضي. واستقبلت موسكو، لاريجاني، وهو ضابط سابق في الحرس الثوري لمناقشة تسليم مسيرات وصواريخ لاستخدامها في أوكرانيا. وقد نفت طهران مرارا إرسالها مسيرات لروسيا، رغم الأدلة التي تشير إلى غير هذا.

وفي تشرين الثاني/نوفمبر ذكرت صحيفة “التايمز” تسلم شحنة من 100 صاروخ حملت في 25 حاوية من ميناء أميرأباد، شمال إيران ونقلت عبر بحر قزوين. وأدى نقل الصواريخ عن طريق الجو إلى فرض عقوبات جديدة على إيران من قبل الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة، بما في ذلك ضد شركة الطيران الإيرانية، التي نقلت مئات الصواريخ الباليستية قصيرة المدى إلى روسيا.

وتلتقي إيران يوم الإثنين مجموعة الثلاث في جنيف، وهي بريطانيا وألمانيا وفرنسا. وجاء اللقاء بناء على طلب من إيران التي يحاول نظامها رفع العقوبات والخروج من مأزق المحادثات النووية. وكانت إيران قد عرضت في وقت سابق تحديد سقف لبرنامجها لتخصيب اليورانيوم بنسبة 60% والسماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالعودة إلى البلاد، وهو ما يشير إلى الابتعاد عن التعاون العسكري الإيراني الروسي. ومن أجل تصنيع القنبلة النووية تحتاج إيران لتخصيب يورانيوم بنسبة نقاء 90%، على الرغم من أن أي مادة مخصبة بأكثر من 20% ينظر إليها أنها في مستوى عسكري.

وتقول الوكالة إن إيران خصبت اليورانيوم إلى 60%. وقال البرك إن إيران خصبت منذ انهيار الاتفاق النووي 839.2 كغم من اليورانيوم بنسبة 20 % و182.3 كغم بنسبة 60 %. ويعتبر الانتقال من 20% إلى 100% أمرا سهلا. “إنهم على بعد نبضة قلب من مادة صنع القنبلة”.

ويبدو أن إيران ترى في الخيار النووي كآخر خط للدفاع بعد خسارة تأثيرها في سوريا ولبنان. وكان دونالد ترامب قد خرج ومن طرف واحد من الاتفاقية النووية الموقعة مع 6 دول عام 2015 وأعاد فرض العقوبات على طهران. وسيكون لدى إدارته القادمة وقت قصير للتوصل إلى اتفاق بفضل آلية “العودة السريعة” التي تنتهي في تشرين الأول/أكتوبر، والتي ستؤدي إلى إعادة فرنسا وبريطانيا فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران. وهددت إيران بالانسحاب من معاهدة منع الانتشار النووي إذا أعيد فرض العقوبات.

صحيفة الغارديان لبريطانية

ترجمة ابراهيم درويش




بعد بضعة أشهر من بداية الحرب، التقى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، مع محمد بن سلمان ولي العهد السعودي والرجل المقرر في المملكة. “أريد هذا”، فاجأ بن سلمان بلينكن. “أريد التوقيع على تطبيع مع إسرائيل الآن. قبل الاقتراب أكثر من انتخاباتكم، ثم لا يكون هذا ممكناً”. وسأله بلينكن متفاجئاً: “ماذا تحتاج لهذا؟”. “هدوء في غزة ومنحى لدولة فلسطينية”، أجاب بن سلمان.

“لماذا تريد دولة فلسطينية”، تساءل بلينكن. فأجابه بن سلمان بصدق: “هذا لا يهم”- حسب الوصف المفصل لبوب وود وورد في كتابه الأخير، “لكن 70 في المئة من الجمهور في مملكتي أصغر مني. حتى 7 أكتوبر، لا يعنيهم. منذئذ وهم يركزون على هذا. فضلاً عن ذلك، زعماء الدول العربية الأخرى ينظرون إليّ، ولن أخون ناسي”.

تلقى منه بلينكن إذناً لطرح الموضوع على نتنياهو. كان نتنياهو معنياً جداً. حتى ذلك الحين، كان يخيل أن 7 أكتوبر أحبط احتمالاً لاتفاق تطبيع إسرائيل- سعودي. ماذا يقصد حين يقول: هدوء في غزة؟ سأل نتنياهو. “عدم وجود جنود إسرائيليين على أرض غزة”، أجاب بلينكن. “سنعمل على هذا”، أجاب نتنياهو وواصل: “ماذا يقصد بمنحى لدولة فلسطينية؟ أجاب بلينكن: “ينبغي لهذا أن يكون واضحاً، غير قابل للتراجع، مصداقاً، وحقيقياً”. “حسناً، يمكن العمل على هذا، سنجد صيغة ذكية ما”، أجاب نتنياهو.

“لا، لا صيغة، الكل باتوا يعرفونك”، قال بلينكن. يجب أن يكون هذا حقيقياً ومصداقاً. نتنياهو، لشدة الأسف، تخلى، والفرصة إياها ضاعت. فضل نتنياهو استمرار الحرب على حلف دراماتيكي مع السعودية، ووزن مضاد للمحور الإيراني، وإعادة المخطوفين ومحاولة إيجاد حكم منافس لحماس في القطاع.

لشدة الفرح، بخلاف المخاوف (بما في ذلك مخاوفي)، لم تضع الفرصة. لا يزال بن سلمان معنياً، والرئيس الأمريكي يرى في هذا إمكانية لجائزة نوبل، وهذه بالنسبة لنتنياهو فرصة لشطب بعض من عار 7 أكتوبر. يعتقد جهاز الأمن بأن هذه “الكأس المقدسة”، ليست أقل. حلف دفاع سعودي أمريكي لا يخيفهم. تخصيب نووي على أراضي السعودية – نعم، لكن لا يبدو هذا عائقاً غاير قابل للحل.

في الجانب الأمريكي تحد غير بسيط- تمرير هذا في الكونغرس. صحيح أن السيطرة للجمهوريين، لكن المطلوب أغلبية نسبية لحلف الدفاع (متعلق بأي نموذج يتم اختياره). الديمقراطيون ينفرون من النظام السعودي، وبالتأكيد لا مصلحة لهم لإعطاء إنجاز للرئيس الجمهوري. ليس صدقة أن تحدث بن سلمان مع بلينكن عن إنجاز ذلك قبل الانتخابات.

السؤال الدراماتيكي حقاً في إسرائيل. إذا ما زال نتنياهو يفكر بعقلانية، يفترض أن يكون له منحى واضح: صفقة مخطوفين شاملة، وانسحاب من قطاع غزة، ووقف نار دائم، وإدخال قوة عربية ما إلى القطاع، بإسناد السلطة الفلسطينية واتفاق تطبيع تاريخي مع السعودية. هكذا يعيد المخطوفين المتبقين على قيد الحياة، ويحسن وضع إسرائيل الاستراتيجي. حماس وإن بقيت، ستكون ضعيفة. وإذا أوقف نتنياهو هوسه ضد السلطة، فقد أعربت حماس عن استعدادها للتخلي عن الإدارة المدنية في القطاع لصالح جسم آخر على أن يتمتع بشرعية فلسطينية ما.

في وضع الاستطلاعات اليوم، لا يقين بأن بن غفير وسموتريتش يتجرآن على التوجه إلى الانتخابات على أساس الاعتراض على هذا المنحى. لكن حتى وإن كان كذلك، فستكون هذه انتخابات بعد نصف سنة على الأقل، وربما أكثر. بكلمات أخرى، قد يحصل نتنياهو على كل المرابح الهائلة بثمن غير رهيب يتمثل بتقصير الولاية لسنة وبضعة أشهر. ألا يزال يفكر بعقلانية؟.

رفيف دروكر

صحيفة هآرتس العبرية

ترجمة صحيفة القدس العربي




لماذا يخفق الوسط العربي في تحويل تعليمه الأكاديمي إلى فرص عمل في إسرائيل؟

هل درست البرمجة في المدرسة؟ كيف مستواك في الإنكليزية؟ أين عملت سابقاً؟ أين خدمت في الجيش؟ هل تعرف أمير كوهين؟ كل هذه الأسئلة، التي تبدو عادية للغاية للعاملين في قطاع “الهاي تك” الذين يديرون شبكة علاقات مهنية أساسية، قد تثير الكثير من عدم الراحة لدى مرشحين آخرين: العرب والعربيات الذين أنهوا درجة البكالوريوس في مجالات “الهاي تك” (البرمجة أو الهندسة) ويخطون خطواتهم الأولى في هذا القطاع.

العوائق التي تمنع العرب والعربيات من الاندماج في هذا القطاع معروفة، ونوقشت لسنوات في منتديات حكومية وجمعيات متخصصة. تبدأ الفجوات من المدرسة، ومن الثقافة داخل المنزل، وتستمر لاحقاً إلى الجامعة وسوق العمل. ولكن فريقاً من الباحثين من جامعة حيفا قرر الغوص من المستوى الكلي إلى المستوى الجزئي لفهم كيف تؤثر المعايير السائدة في قطاع الهايتك على دمج العرب الذين من المفترض أن يكونوا مرشحين مناسبين له.

بين جميع الفئات السكانية في إسرائيل، ثمة فجوة كبيرة بين التعليم والتدريب، وسوق العمل. من جهة، نسبة الأكاديميين الإسرائيليين عالية جداً مقارنة بالدول الأخرى، لكن من جهة أخرى، مهاراتهم المطلوبة لسوق العمل المستقبلي تُصنَّف بمستوى منخفض جداً. هذه الفجوة لا تستثني المجتمع العربي: على مدار سنوات، كان هناك ارتفاع كبير في عدد العرب والعربيات الذين يدرسون علوم الحاسوب والهندسة في الجامعات، لكن نسبة اندماجهم في قطاع الهايتك لا تزال منخفضة، حيث تبلغ حوالي 2% فقط (معظمهم من الرجال). ولم ينجحوا في تحويل التعليم الأكاديمي الذي حصلوا عليه إلى وظائف ذات جودة عالية.

لقد أجرى البحث الدكتورة عينات لافي من قسم الخدمات الإنسانية، والبروفيسور أساف ليفنون من قسم علم الاجتماع، وداريا غوملسكي-حيفي، طالبة الدكتوراه في قسم علم الاجتماع، وروان كعبية طالبة بحث في درجة الماجستير بجامعة حيفا والتي تعمل أيضاً في وحدة تعزيز الحياة المهنية بالجامعة.

تحدثت روان عن سبب إجراء هذا البحث قائلة: “من خلال البيانات ومن الواقع، رأينا ارتفاعًا ملحوظًا في توجه الشباب نحو دراسة المهن التكنولوجية. ولكن، رغم ذلك، وبالرغم من وجود برامج حكومية وجمعيات تدفعهم للقيام بذلك، فإن نسبة العرب في قطاع الهايتك (التكنولوجيا المتقدمة) لا تزال منخفضة. الاستنتاج الرئيسي لبحثنا هو أن التعليم العالي وحده لا يكفي للاندماج في سوق العمل، وخصوصًا في قطاع الهايتك.

“كيف تسير الأمور”

لم يتجاهل البحث وجود أسباب هيكلية وراء غياب العرب عن قطاع الهايتك، لكنه أشار إلى أن العديد من العوائق تأتي من نقص المعرفة لدى الشباب والشابات العرب بشأن “كيفية سير الأمور فعليًا” في قطاع الهايتك الإسرائيلي. فالعديد منهم يجهلون الأعراف السائدة في القطاع، والتي تبدو واضحة تمامًا لكل موظف يعمل فيه بالفعل. أجرى الباحثون مقابلات مع 30 مشاركًا عربيًا، جميعهم حاصلون على درجة البكالوريوس أو أعلى في علوم الحاسوب والهندسة.

أحد الأمور الأساسية التي أشار إليها المشاركون في المقابلات، أنهم لم يكونوا على علم بوجود علاقة بين مكانة المؤسسة التعليمية التي درسوا فيها وفرصهم المستقبلية في العمل. لم يعرفوا أن شركات التوظيف في قطاع الهايتك تفضل خريجي الجامعات. قال أحدهم: “عندما أنهيت دراستي فهمت أن هناك العديد من الشركات التي لا توظف سوى خريجي الجامعات ولا تقبل خريجي الكليات. لم يخبرني أحد بذلك مسبقًا”. وقال مشارك آخر إنه أدرك ذلك متأخرًا: “أرسل سيرتي الذاتية باستمرار، لكنهم لا يردون عليّ. آخر مرة دعيت فيها إلى مقابلة عمل كانت قبل سنة ونصف. عندما يرون أن شهادتي من كلية، يرفضونني مباشرة”.

غالبًا ما يدرس الطلاب العرب في كليات أقل شهرة مقارنة بالجامعات، وغالبًا ما تكون هذه الكليات في المناطق النائية – أي في أماكن سكنهم – مما يؤثر بشكل مباشر على قيمتهم في سوق العمل في المستقبل. عادةً ما يكون من الأسهل الالتحاق بها، وتتطلب مهارات أقل في اللغة العبرية والإنجليزية. وأضاف أحد المشاركين في الدراسة: “عندما بدأت دراستي، لم أكن أعرف الفرق بين المؤسسات الأكاديمية. علاماتي في اختبار القبول الجامعي أدت إلى قبولي في كلية معينة (س) والواقعة [في منطقة نائية].

لم أكن مدركًا أن فرصي في الحصول على مقابلات عمل ستكون منخفضة جدًا. كنت أعتقد أن شهادة في الهندسة الكهربائية والإلكترونية ستفتح لي جميع الأبواب، ولكن هذا لم يحدث. لم أدع إلى أي مقابلة، في حين أن خريجي الجامعات مطلوبون جدًا”.

وتقول لافي: “الملف الشخصي لهؤلاء الأشخاص يشير إلى أنهم يحملون شهادات جامعية، مع درجات عالية في المدرسة، الذين يدخلون سوق العمل ويبدأون من الصفر. يرسلون سيرهم الذاتية إلى وظائف كما كان يتم إرسال السير الذاتية سابقًا، ويحصدون العديد من الإخفاقات بعد إرسال سيرهم الذاتية”. هناك العديد من الجمعيات في هذه المجالات، وهي مصدرهم الوحيد للمعرفة عن القطاع، لكنهم في كثير من الأحيان يصلون إليها بعد أن يتعرضوا للعديد من الإخفاقات”.

“غير متمرسين في لينكدإن”

ثمة حاجز آخر، وهو غياب التوصيات، أو بمعنى آخر الشبكات الاجتماعية. العديد من فرص العمل في شركات التكنولوجيا العالية لا تُنشر علنًا، وتعمل بنظام “الواسطة”. أشار المشاركون في الدراسة إلى أنهم كانوا يفتقدون إلى شبكة اجتماعية قوية يمكن أن تزيد من فرصهم في الحصول على هذه الوظائف المخفية. فضلاً عن ذلك، كان غياب الأشخاص في شبكاتهم الاجتماعية الذين يمكنهم الشهادة على مهاراتهم وأخلاقيات عملهم وشخصيتهم، يعيق مصداقيتهم عند التقديم للوظائف.

ووفقًا لأحد المشاركين في الدراسة: “أداة البحث عن العمل الأكثر فاعلية هي التوصيات، وبسبب العدد القليل نسبيًا من العرب في مجال التكنولوجيا العالية، لدينا فرص أقل للتعيين داخل مجتمعنا. نطاق الشبكات الاجتماعية يؤثر بشكل مباشر على احتمالية تأمين وظيفة، ويبدو أن اليهود لديهم الكثير من العلاقات في هذا الصدد

كعبية تشرح أن طرق البحث عن العمل التي تعتمد على الشبكات الاجتماعية لم يستغلها العرب على النحو الأفضل. “معظم الأشخاص الذين قابلتهم قالوا إنهم يعرفون “لينكدإن”، لكنهم أقل خبرة في استخدامه، لا يحدّثون ملفاتهم الشخصية ولا يستخدمونه بطريقة قد توفر لهم عملاً”، كما تقول.

وكما تقول: “العرب والعربيات يتخرجون من الجامعات في سن مبكرة جداً، دون خبرة عملية، دون خدمة عسكرية أو مدنية، ولم يمروا قط بشيء مثل الفحوصات أو الاختبارات النفسية، وهي أمور يمر بها اليهود في الجيش في سن مبكرة. كثيراً ما يبحث أصحاب العمل عن الخبرة التي يكتسبها الشخص في الجيش، وهي شيء غير موجود لديهم. في الأساس، العرب لا يحصلون على أولوية في مجال التكنولوجيا. لكن اتضح أنهم لا يعرفون فعلاً ماذا يفعلون عندما يبدأون في البحث عن عمل – يرسلون سيرهم الذاتية بالطرق الرسمية، ولا يفهمون لماذا لا يتواصلون معهم. برأيي، الأمر المهم هو ألا يذهبوا للدراسة مباشرة في سن 18 – التطوع، والقيام بالخدمة الوطنية أو العسكرية، محاولة العمل قليلاً، والتعرف على الناس، وفهم كيف يعمل العالم، ثم الغوص في الأكاديمية. هناك ضغط كبير من الآباء للدراسة، وغالباً ما يذهبون لدراسة تخصص دون أن يعرفوا عنه شيئاً، ولا يبحثون بما فيه الكفاية..”

العزلة عن الشبكات المهنية مرتبطة أيضاً بعدم وجود شخصية مرشدة تساعدهم في خطواتهم الأولى. ظهرت الحجة التالية في أشكال مختلفة في معظم المقابلات: “أنا خائف من التقدم [لوظيفة في مجال التكنولوجيا]، ليس لدي خبرة في العمل، ولا أعرف كيف أفعل ذلك. ليس لدي شخص أستشيره.” وقال خريج آخر: “أحد الأشياء التي منعتني، على سبيل المثال، هو أن سيرتي الذاتية لم تُكتب بشكل صحيح، لم تكن مناسبة لوظائف التكنولوجيا. لم يكن لدي من يساعدني، لم يكن هناك من يراجع سيرتي الذاتية”.

يردين بن غال هرشهورن

صحيفة هآرتس العبرية

ترجمة صحيفة القدس العربي




“كدت أطلق النار على رأسي”.. جنود إسرائيليون: قيادتنا حرمتنا تلقي العلاج النفسي

كان يوماً حاراً. السماء صافية والعصافير تغرد؛ إذا استثنينا الأصوات من حولي، كان الجو رائعاً تماماً. بطاقة بريدية مصورة للحرب، يقف أمامها خمسة جنود عند مدخل أحد الكيبوتسات على الحدود الشمالية محدقين. تنعكس في عيونهم منازل إحدى قرى جنوب لبنان. جنود لواء جولاني الذين أنهوا كميناً للتو، وقفوا هناك لفترة طويلة، خلافاً للأوامر، مكشوفين. يقول ناعوم (اسم مستعار، مثل الأسماء الأخرى في المقال) وهو أحد الخمسة: “الحقيقة أننا لم نكن خائفين”. كانت لدينا نكتة ثابتة مفادها أن القتال مثل لعبة النرد. يمكنك أن تصبح المقاتل الأفضل في العالم، ولكن في النهاية إذا حصلت على نرد سيئ فسينتهي الأمر”.

قبل لحظة من توجههم إلى المبنى المتروك الذي ناموا فيه، قرر أحد ما في حزب الله رمي النرد، وسمع صوت صفارة هادئة: يتذكر ناعوم قائلاً: “لقد أصابت الطائرة منزلاً قريباً منا، ولكن لم يكن لدينا وقت للانحناء”. يسترجع ناعوم “أتذكر أن قلبي كان ينبض بجنون، وكنت على يقين بأنني سأموت”.

كما يبدو، لم يحدث شيء. لم يصب أحد. “عاد الجميع مباشرة إلى ضحكاتهم المعتادة، ولكنني شعرت بأن كل شيء يضيق الخناق علي”، يقول. بعد عدة ساعات عانى فيها من الدوخة والشعور بالخوف، استجمع شجاعته ليتحدث مع قائد فصيله. طلبت أن أرى قادة الأمن. وبدأ يقول لي جملا مثل “هنا هذا جولاني، الجميع هنا مجانين، ولكن المخنثين هم من يذهبون إلى ضابط الصحة النفسية. بعد إصراري، اختفت ابتسامته وبدأ يهددني”.

حدث هذا في أيار الماضي. بعد نصف عام من الحرب. في الوقت الذي مر منذ أن بدأت، تفاخر الجيش الإسرائيلي، بعشرات المنشورات التي أصدرها، بالثورة في مجال الصحة النفسية. يتحدث الجيش عن توسيع جهاز ضابط الصحة النفسية إلى ألف معالج، وكذلك يتحدثون عن إنشاء مراكز تعطي إجابة للجنود الذين لديهم متلازمات ما بعد الصدمة، ويتحدثون عن تشغيل مركز للدعم النفسي. ولكن على الأرض، بعيداً عن أروقة وزارة الدفاع وتل هشومير، تتضح أمامنا صورة مختلفة. تحدثت “هآرتس” مع جنود وضباط ورجال صحة نفسية، وهؤلاء شهدوا على سلسلة حالات منع فيها الضباط العلاج النفسي عن الجنود خلال الحرب. عدد منهم هكذا يتضح من الشهادات، فعلوا ذلك بسبب نقص متزايد في القوى البشرية في الألوية المقاتلة، ما يصعب استكمال المهام؛ وآخر بسبب اعتقادات قديمة فيما يتعلق بمجال الصحة النفسية.

حالة ناعوم تطرح اندماجاً ما بين ظاهرتين. حسب أقواله، فإن قائد الفصيل -وهو ضابط بدرجة ملازم وهو أكبر منه بعام وربما بعامين- اتهمه باختلاق الأمور، وأنه يحاول إيجاد الذرائع للذهاب إلى البيت. “لقد هاجمني واتهمني بأنني أخون زملائي لأني أزيد من نوبات حراساتهم، وأنني إذا تجرأت على الاحتجاج فلن يذهب أي منهم إلى المنزل. في النهاية، قال لي: سيظل هذا بيننا، وإذا تجاوزتني وذهبت إلى قائد السرية وطلبت منه، فإنني أقسم بأنني سأجد طريقة لإلقائك في السجن. لا تحاول معي، هذا خط أحمر بالنسبة لي”.

هذه المحادثة التهديدية فعلت فعلها، وبدلاً من مقابلة شخص مهني شق ناعوم طريقه نحو نوبة حراسة أخرى في أحد المواقع المرتجلة التي أقيمت في الكيبوتس. “جلست هناك ليلاً، هدوء تام. هو يسترجع. سرعان ما بدأ كل شيء يطفو. المخاوف، وكذلك المحادثة مع قائد الفصيل. “هذا قضى علي. لقد جعلني أشعر وكأنني صفر لا قيمة له. أذكر أنني نظرت داخل فوهة السلاح وبدأت بالتفكير في الطريقة الأفضل لقتل نفسي. لقد ترددت هل من المفضل إطلاق النار على رأسي أم صدري، وما الطريقة الأفضل للتصويب؟ أخرجت المخزن، فككته وبدأت أجرب”. في مرحلة ما، حضر زميلي في الفصيل ليحل محلي في الموقع. “صرخ: ما الذي تفعله؟ ومباشرة، اخترعت ذريعة بأنني كنت أنظف السلاح. اليوم، يبدو لي هذا بأن فيه بعض الغباء. ولكن، لو لم يأتِ، فلا أعرف ماذا حدث. أتذكر أنني شعرت تماماً بأن ليس لدي سبب للاستمرار وأنني أريد الموت.

توم لفينسون

صحيفة هآرتس العبرية

ترجمة صحيفة القدس العربي




وول ستريت جورنال: حماس لديها سنوار آخر ويعيد بناء قدراتها ويدفع نحو تجنيد مقاتلين جدد

نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا أعدته سمر سعيد وعنات بيليد وروي جونز، قالوا فيه إن حماس لديها سنوار آخر وهو يقوم بإعادة بناء الحركة.

وفي ظل الشقيق الأصغر ليحيى السنوار الذي قتل في تشرين الأول/ أكتوبر 2024 ، يقوم محمد السنوار بتجنيد مقاتلين جددا، وجرّ إسرائيل إلى حرب استنزاف.

وقالت الصحيفة إن الحركة تلقت ضربة خطيرة في الخريف الماضي عندما قتل المخطط لهجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023. ومع أن الحملة الإسرائيلية المستمرة منذ 15 شهرا قد حوّلت القطاع إلى أنقاض، وقتلت آلافا من المقاتلين وقادة الحركة، وقطعت كل المعابر التي يمكن للحركة استخدامها لإعادة التسلح، مما جعل الحركة التي كانت كوادرها مدربة ومسلحة بشكل جيد، أصبحت ضعيفة الآن.

إلا أن العنف والدمار خلقا جيلا جديدا من المتطوعين الراغبين وسط غزة التي تنتشر فيها الذخائر غير المنفجرة التي يمكن لمقاتلي حماس إعادة استخدامها في قنابل بدائية الصنع.

وتستخدم الجماعة المسلحة هذه الأدوات لمواصلة ضرب الجيش الإسرائيلي والتسبب بالألم له.

فقد أعلن الجيش الإسرائيلي في الأسبوع الماضي، عن مقتل 10 جنود في منطقة بيت حانون شمالي غزة. كما أطلقت حماس حوالي 20 صاروخا على إسرائيل في الأسبوعين الماضيين.

وتعلق الصحيفة أن حملة التجنيد التي تقوم بها حماس وقتالها المستمر، يشكلان تحديا كبيرا لإسرائيل. فقد استهدف الجيش الإسرائيلي قوى وكتائب الحركة، لكنه عاد أكثر من مرة إلى المناطق التي أعلن تطهيرها من المسلحين لملاحقتهم مرة أخرى. وتشير هذه الدوامة إلى صعوبة وقف الحرب التي استنفذت القوات الإسرائيلية وتعرض حياة الأسرى المحتجزين لدى الحركة، للخطر.

ونقلت الصحيفة عن أمير أفيفي، الجنرال الإسرائيلي المتقاعد قوله: “نحن في وضع باتت فيه وتيرة بناء حماس لنفسها من جديد أعلى من وتيرة قضاء الجيش الإسرائيلي عليها”.

وتضيف الصحيفة أن محمد السنوار، هو في مركز الجهود التي تبذلها حماس للبقاء. فعندما قتل شقيقه يحيى في العام الماضي، قررت حركة حماس التي يتخذ جناحها السياسي مقرا له في العاصمة القطرية الدوحة، عدم تعيين زعيم لها والاكتفاء بقيادة جماعية. وهو ما لم يرض القيادات الميدانية في غزة والتي تعمل مستقلة تحت قيادة محمد السنوار، وذلك نقلا عن وسطاء عرب في محادثات وقف إطلاق النار مع إسرائيل.

ويبلغ محمد 50 عاما من العمر، وهو أصغر بعشر سنوات من شقيقه الأكبر، لكنه انضم إلى حركة حماس وهو صغير مثل يحيى. وعلى  خلاف شقيقه الذي قضى عقدين في السجون الإسرائيلية، لم يقض محمد فترة طويلة، ولهذا فهو غامض لدى المؤسسة الإسرائيلية.

وظل محمد يعمل من خلف الأضواء، حسب مسؤولين عرب، مما منحه لقب “الشبح”. ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي بارز قوله: “نعمل بشكل جاد للعثور عليه”.

ويعتقد مسؤولون إسرائيليون أن محمد كان واحدا من المسؤولين عن اعتقال جلعاد شاليط، الجندي الإسرائيلي في عام 2006، والذي قاد في النهاية للإفراج عن شقيقه يحيى عام 2011. وبعد رحيل الأخ الأكبر ومحمد الضيف، الذي تقول إسرائيل إنها قتلته في صيف العام الماضي ولم تؤكد حماس مقتله، أصبح محمد السنوار الشخصية العسكرية البارزة في كتائب عز الدين القسام، شمال غزة، حسب محللين سياسيين وناشطين.

وتقول الصحيفة إن عدد مقاتلي حماس قبل الحرب كانوا حسب التقديرات 30,000 مقاتل، قالت إسرائيل إنها قتلت 17,000 منهم، واعتقلت آلافا آخرين، إلى جانب تدميرها معظم الكتائب التابعة للجناح العسكري والبالغ عددها 24 كتيبة، على ما تزعم.

ولم تصدر حماس التي لا تزال تسيطر على مناطق واسعة في غزة أرقاما عن عدد قتلاها. كما لا يُعرف عدد المجندين الجدد، مع أن إسرائيل تقول إن الحركة جندت أعدادا جديدة من المقاتلين، قاموا بشن هجمات “أضرب واهرب”، رغم عدم خبرتهم.

وتعتقد إسرائيل أن الأعداد الجديدة قد تكون بالآلاف. وتستهدف عمليات التجنيد الجنازات والتجمعات، وفق ما تقول الصحيفة.

وقد أدت الدفعة الجديدة للتجنيد إلى إطالة أمد الحرب التي بدأت بعد هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وقُتل فيها أكثر من 46,000 فلسطيني و400 جندي إسرائيلي. وتحاصر إسرائيل شمال غزة منذ أكثر من 3 أشهر، مما يظهر أن أعدادا من المقاتلين لا يزالون يقاتلون.

وتضيف الصحيفة أن محمد السنوار أثبت عناده مثل شقيقه الأكبر ويدفع باتجاه وقف دائم للنار للتأكد من نجاة حماس، على ما يقول مسؤولون عرب على علاقة بالمفاوضات. وبحسب رسالة كتبها محمد السنوار العام الماضي وجهها للوسطاء واطلعت عليها الصحيفة: “حماس في وضع قوي لإملاء شروطها”. وفي رسالة أخرى، قال: “إن لم يكن هناك اتفاق شامل ينهي معاناة الغزيين ويبرر الدماء والتضحيات التي بذلوها فستواصل حماس القتال”.

ورفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وقف القتال حتى تدمير حماس وتحقيق النصر الكامل. ولدى حماس ترسانة عسكرية ضخمة قبل الحرب، رغم محاولات إسرائيل إغلاق المعابر التي تعتمد عليها لنقل الأسلحة ومنها محور فيلادلفيا بين غزة ومصر.

وتتناقض الصعوبة التي تجدها إسرائيل في اقتلاع حماس، مع نجاحاتها في قتل قادة الحركة إن في غزة أو خارجها إلى جانب اغتيال الصف الأول من قيادات حزب الله بمن فيهم الأمين العام، حسن نصر الله، الذي جاء للتضامن مع غزة بعد الحرب مباشرة.

وفي تعليق للسفير الأمريكي لدى إسرائيل جاك ليو، أصدره في 10 كانون الثاني/ يناير، قال فيه إن الولايات المتحدة كانت تعتقد منذ فترة طويلة أن تحديد تدمير حماس كهدف كان خطأ.

وقد دفعت الولايات المتحدة إسرائيل إلى التوصل إلى خطة لحكم قطاع غزة بعد الحرب حتى يمكن إخراج حماس منه. ويتفق العديد من أعضاء المؤسسة الأمنية الإسرائيلية مع هذا الرأي. فهم يريدون من الحكومة أن تقدم إدارة جديدة قادرة على مواجهة سيطرة حماس على أجزاء من القطاع، مع اعتبار السلطة الفلسطينية الخيار الواقعي الوحيد.

وقد عارض نتنياهو دور السلطة الفلسطينية، التي تدير أجزاء من الضفة الغربية المحتلة. ويبدو أن لاعبين آخرين، مثل الدول العربية، غير راغبين في السيطرة على غزة في حين تظل حماس تشكل تهديدا عسكريا.

صحيفة وول ستريت جورنال

ترجمة ابراهيم درويش