1

video




التطبيع السعودي مع إسرائيل، و”التحوّل” المحلي، والسياسة الأمريكية

روبرت ساتلوف

قد يكون الحصول على انفراجة على المدى القريب حول إقامة علاقات بين السعودية وإسرائيل أمر غير مرجح، لكن الرئيس الأمريكي بايدن في وضع جيد يسمح له ببذل طاقته نحو التفاوض حول التوصل إلى اتفاق تاريخي بين البلدين يحقق السلام ويعزز المصالح الأمريكية.

هل ستُطبّع السعودية قريباً علاقاتها مع إسرائيل؟

إن الحقيقة المجردة بأن هذا السؤال منطقي، حيث يناقشه الدبلوماسيون ويغطيه الصحفيون ويتباحث فيه الخبراء، فهو يؤكد التغيير العميق في تَقَبُّل العرب لإسرائيل في السنوات الأخيرة. ومن بين التجمعات غير الرسمية للأنظمة المَلَكية العربية، سبق أن مهّدت أربعة أنظمة، هي الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب والأردن، الطريق لانضمام العضو الأكبر والأكثر تأثيراً، أي المملكة العربية السعودية، إلى مجموعتها. وتحتفل الدول الثلاث الأولى حالياً بمرور نحو ثلاث سنوات على بداية السلام الكامل والمفتوح مع إسرائيل، بينما مضى نحو ثلاثة عقود على توقيع الدولة الأخيرة معاهدة وادي عربة للسلام مع إسرائيل. وقد أثار ولي العهد السعودي وصاحب النفوذ الكبير محمد بن سلمان شخصياً مسألة احتمال إقامة علاقات مع إسرائيل التي سمّاها “حليفاً محتملاً”، وهو وصفٌ نادراً ما يستخدمه حتى أقدم شركاء السلام مع إسرائيل من بين العرب. وعلاوةً على ذلك، ذهب كبار السعوديين إلى حدٍ أبعد، حيث حددوا لكلٍ من الحكومة الأمريكية ومراكز الأبحاث المؤثِّرة في واشنطن رغباتهم في الحصول على تعويضٍ من الولايات المتحدة كجزءٍ من أي اتفاقية تطبيع قد تُعقَد مع إسرائيل، وذلك على غرار النمط الذي اتّبعَه صانعو السلام العرب الآخرون على مدى نصف القرن الماضي.

إذا كان القادة السعوديون قلقين بشأن رد الفعل الشعبي إزاء التطبيع مع إسرائيل، تدلّ المؤشرات الأخيرة على أنه لا داعي للقلق. فقد قالت نسبة كبيرة، تُناهز الخُمسَيْن، من السعوديين لمستطلِعي الرأي إنها تؤيّد إقامة علاقات مفتوحة مع إسرائيل في مجالَيْ الأعمال التجارية والرياضة، حتى من دون وجود مظلة العلاقات الرسمية. وتتساوى هذه النسبة بشكل أساسي مع نسبة الإماراتيين الذين يدعمون إنشاء مثل هذه الروابط، وهو أمر ملفت نظراً إلى أن الإماراتيين سبق أن توصّلوا إلى اتفاقية سلام مع إسرائيل. وفي الأشهر الأخيرة، اختُبِر تَقَبُّل السعوديين للتواصل بين الشعبَين من خلال استضافة المملكة لمجموعة متنوعة من الإسرائيليين، شملت مصرفيين ورياضيين وغيرهم. وكجزءٍ من صفقة توسّطت فيها الولايات المتحدة في عام 2022 وتطلّبت الموافقة الإسرائيلية على إعادة جزيرتين صغيرتين كانت تسيطر عليهما مصر في البحر الأحمر إلى السعودية، أصبحت الرياض فعلياً دولة ضامنة لالتزام معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل بحرية الملاحة الإسرائيلية عبر مضيق تيران وخليج العقبة. وعلاوةً على ذلك، وافقت السعودية في إطار هذا التفاهم على السماح بتحليق الطائرات المدنية الإسرائيلية في مجالها الجوي، وهي خطوة مهمة نحو العلاقات الطبيعية. فبعد أن وافقت سلطنة عُمان أيضاً على هذا الترتيب، ستصبح مدة الرحلات من “مطار بن غوريون الدولي” إلى الوجهات التي تقع في آسيا أقصر بكثير. وفي هذا السياق، قد تبدو الظروف مؤاتية لانخراط السعودية أيضاً في السلام الكامل والمفتوح.

لقراءة البحث بأكمله إنقر هنا أو على ملف الـ “بي دي إف”.

المصدر: موقع معهد واشنطن




مصر..غوغل تخطر مستخدميها بتحصيل ضريبة القيمة المضافة على خدماتها ومسؤول يقدر: 64 مليون دولار

أخطرت شركة غوغل، مستخدميها بفرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 14% على خدماتها الإلكترونية في مصر بداية من شهر يوليو/تموز المقبل، تطبيقًا لقرار وزارة المالية بإخضاع مقدمي الخدمات غير المقيمين لضريبة القيمة المضافة، وقدر مسؤول أن تجمع هذه الضريبة أكثر من 64 مليون دولار في أول عام على تطبيقها على أن ترتفع تدريجيًا خلال السنوات المقبلة.

وسبق أن أصدر الدكتور محمد معيط، وزير المالية، في يناير/كانون ثاني من العام الحالي، تعديلات على اللائحة التنفيذية لقانون الضريبة على القيمة المضافة، لإخضاع تعاملات التجارة الإلكترونية للضريبة من خلال نظام مبسط، وبما يتوافق مع المعايير العالمية ومتطلبات الشركات الأجنبية، ويتسق مع تطبيقات التجارة الإلكترونية.

وقال سعيد فؤاد مستشار رئيس مصلحة الضرائب المصرية، إن شركة غوغل ستبدأ تحصيل ضريبة القيمة المضافة على الخدمات الإلكترونية التي تقدمها لأشخاص في مصر غير مسجلين ضريبيًا، يأتي ذلك وفقًا لتعديلات وزارة المالية الأخيرة على اللائحة التنفيذية لقانون الضريبة على القيمة المضافة لإخضاع الشركات أو الأشخاص غير المقيمين في البلاد لضريبة القيمة المضافة بنسبة 14% عن الخدمات أو السلع التي تقدمها لمستفيدين في مصر غير مسجلين بمنظومة مصلحة الضرائب.

وتستهدف مصر جمع إيرادات ضريبية بقيمة 1.5 تريليون جنيه (49.5 مليار دولار) خلال السنة المالية 2023/2024، والتي تبدأ مطلع شهر يوليو/تموز المقبل، وتعول على ذلك من خلال تعديلات قانون ضريبة القيمة المضافة لتحصيل الضريبة على التجارة الإلكترونية، وزيادة أعداد المسجلين، واستمرار التوسع في حصر المجتمع الضريبي وتحسين الخدمات المقدمة للممولين، واستمرار تفعيل قانون الضرائب على المهن الحرة والتوسع في تسجيل أصحاب المهن الحرة لتوسيع القاعدة الضريبية.

وأوضح فؤاد، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن قانون الضريبة على القيمة المضافة يلزم الشركات في الخارج بسداد ضريبة قيمة مضافة بنسبة 14% عن الخدمات أو السلع التي تقدمها لمستفيدين داخل البلاد، مضيفًا أنه إذا كانت الخدمات المقدمة لشركات داخل مصر، فهي تسدد بالفعل ضريبة القيمة المضافة عن غير المقيم، أم إذا كان متلقي الخدمة من الأفراد ويتمتع بخدمات مثل شراء كتاب أو استشارات تسويقية أو الاشتراك في مشاهدة الأفلام والمسرحيات، ألزم القانون على الشركات غير المقيمة تحصيل هذه الضريبة، وتوريدها لمصر، وفقًا لبروتوكول تعاون الدولي.

وانضمت مصر لاتفاقية منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والمنضم إليها 136 دولة، والتي تلزم الشركات متعددة الجنسيات بدفع حصة عادلة من الضرائب أينما كانت تعمل وتُدر أرباحًا بمختلف بلدان العالم، ووفقًا لبيان رسمي، تسهم هذه الاتفاقية في ضمان إعادة توزيع نحو 125 مليار دولار من أرباح كبرى الشركات التكنولوجية بالعالم، على الدول الأخرى وفقًا لقواعد محددة، لتحصل كل دولة على نصيبها العادل من الضريبة على الأرباح، إضافة إلى فرض حد أدنى للضريبة بنسبة 15% على الشركات متعددة الجنسيات.

وتابع أن كل المنصات الإلكترونية سواء المتخصصة في تقديم خدمات التسويق أو المشاهدة المدفوعة أو التجارة أو الاستشارات المحاسبية والضريبية والقانونية أو الألعاب الإلكترونية، ملزمة بتحصيل ضريبة القيمة المضافة عن الأشخاص وتوريدها لمصر، مشيرًا في هذا الصدد إلى أن هناك خدمات لا تخضع لضريبة القيمة المضافة مثل خدمات حجز الفنادق، أو حجز تذاكر الطيران؛ لأن مؤدي الخدمة يسدد ضريبة القيمة المضافة في مصر.

وتقدر الموازنة العامة لمصر حصيلة من الضريبة على القيمة المضافة خلال السنة المالية الجديدة 2023/2024 بقيمة 575.4 مليار جنيه (18.6مليار دولار) بنسبة زيادة قدرها 20.5% عن السنة المالية الحالية.

وأشار سعيد فؤاد، إلى أنه تم تطبيق ضريبة القيمة المضافة على الشركات غير المقيمة في مصر بداية من العام المالي المقبل، وذلك بعد إقرار تعديلات مبسطة على اللائحة التنفيذية للقانون لسهولة تحصيل الضريبة، وتوقيع اتفاقية ضريبية عالمية على الشركات متعددة الجنسيات لضمان تحصيل الضريبة.

وقدر مستشار رئيس مصلحة الضرائب المصرية، أن تجمع ضريبة القيمة المضافة على الخدمات والتجارة الإلكترونية 2 مليار جنيه (64.8 مليون دولار) خلال العام المالي المقبل، على أن تتضاعف هذه الحصيلة سنويًا مع زيادة الاعتماد على التجارة الإلكترونية بشكل واسع بعد جائحة كورونا، مشيرًا إلى أن وزارة المالية منحت الشركات حق توريد ضريبة القيمة المضافة المحصلة بالعملة الأجنبية.

المصدر: موقع CNN




لتحقيق خططها الكبرى.. اعتماد السعودية على ارتفاع أسعار النفط ليس كافيا

فاجأت المملكة العربية السعودية الأسواق مرة أخرى، الأحد الماضي، بخفض إنتاج النفط بنحو مليون برميل يوميًا، أي ما يقرب من 1٪ من المعروض العالمي، مما أدى إلى ارتفاع أسعار النفط.

ارتفع مؤشر نفط برنت بأكثر من 2٪ إلى حوالي 78 دولارًا للبرميل يوم الاثنين بظل رد فعل الرياض على الرياح الاقتصادية المعاكسة التي أثرت على الطلب العالمي على النفط. كما أن الخفض الطوعي للسعودية يتجاوز اتفاقًا أوسع أبرمته منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها للحد من الإمدادات حتى عام 2024.

يترك ذلك النفط يحوم عند مستويات أقل بـ 9٪ من بداية العام، مما يعني أن المملكة العربية السعودية في وضع حرج عندما يتعلق الأمر بالدفع مقابل المشاريع الضخمة التي تكمن في صميم برنامج رؤية 2030 لتحويل الاقتصاد.

وتقول أمينة بكر، كبيرة مراسلي أوبك في “إنيرجي انتليجنس”، إن أسعار النفط أقل مما قد تفضله المملكة بـ 2-3 دولارات للبرميل. ويعتقد صندوق النقد الدولي أن السعر الذي تحتاجه الدولة الخليجية لموازنة ميزانيتها يقترب من 81 دولارًا.

عادت المملكة إلى عجز الميزانية هذا العام بعد الإبلاغ عن فائض في عام 2022 لأول مرة منذ ما يقرب من عقد من الزمان. أبلغت خلال الربع الأول عن عجز قدره 770 مليون دولار حيث زادت الحكومة الإنفاق بنسبة 29٪.

لكن المملكة العربية السعودية تعلم أنها لا تستطيع الاعتماد فقط على الدخل المتقلب في سوق النفط. إلى جانب مساعيها لرفع أسعار النفط، تحاول أيضًا جذب الاستثمار من الخارج.

مع اقتراب المواعيد النهائية لرؤية 2030 الخاصة بها، هناك حاجة إلى مزيد من التمويل أكثر من أي وقت مضى لإكمال مشاريع مثل مدينة نيوم التي تبلغ تكلفتها 500 مليار دولار في شمال غرب البلاد.

تقول كارين يونغ، باحثة بارزة في مركز جامعة كولومبيا لسياسة الطاقة العالمية: “هناك ضغط كبير نظرًا لأن العديد من المشاريع تدخل مرحلة البناء الآن… هناك طلب هائل على رأس المال”.

على الرغم من زيادة الإيرادات غير النفطية بنسبة 9٪ في الربع الأول، إلا أن ما يقرب من ثلثي دخل المملكة العربية السعودية لا يزال يأتي من بيع الوقود الأحفوري.

كما أن الاستثمار الأجنبي ليس في مكان قريب من المكان الذي تريده الرياض أن يكون. تستهدف المملكة العربية السعودية 100 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر السنوي بحلول عام 2030. العام الماضي تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 60٪ عن العام السابق إلى 7.9 مليار دولار، حسبما نقلت مجلة “فوربس” عن البنك المركزي السعودي.

ومع ذلك، يقول المسؤولون السعوديون إن المملكة لديها الكثير من الأموال لتمويل مشاريعها الطموحة، والتي تشمل من بين مشاريع أخرى المدينة الطولية الممتدة على طول 170 كيلومترًا (105 ميل) والتي تسمى “ذا لاين”، وخطة مستقبلية لتجديد العاصمة.

قال وزير الاستثمار خالد الفالح لمذيعة CNN بيكي أندرسون في الرياض يوم الاثنين، إن المملكة لا تريد قياس الاستثمار الأجنبي المباشر بالضرورة من خلال النسبة المئوية للمساهمة التي سيقدمها من حيث تدفقات رأس المال، ولكن من ناحية جودة الاستثمار الأجنبي المباشر وما الذي سيفعله.

وأضاف الفالح، في حدث لإطلاق أربع مناطق اقتصادية خاصة جديدة لجذب المستثمرين: “أرحب بتوسيع وتعميق وتنويع سوق رأس المال السعودي، وسيكون هناك مزيد من الإدراج للشركات المهمة (في سوق الأسهم)”، مع معدلات ضريبية منخفضة، وإعفاء من بعض الرسوم الجمركية وممارسات توظيف مرنة.

المناطق الجديدة هي جزء من نهج الجزرة والعصا في المملكة العربية السعودية لجذب رأس المال الأجنبي. وبينما تقدم العديد من الحوافز الملائمة للأعمال، قالت الدولة الخليجية إنها ستستبعد الشركات الدولية من الوصول إلى العقود الحكومية ما لم تنقل مقارها الإقليمية إلى المملكة بحلول وقت ما في العام 2024. وينظر إلى هذه السياسة على أنها تحد مباشر لدبي، مركز الأعمال التقليدي للمنطقة.

“جيد للجميع”

قال الفالح لشبكة CNN: “نعتقد أن تكامل السوق المشتركة مفيد للجميع في مجلس التعاون الخليجي. يريد المستثمرون أن يكونوا مع مستثمرين آخرين، ويريدون أن يكونوا مع شركات محترفة مثل المحاسبة والقانون والاستشارات المالية (القطاعات). المد المرتفع يرفع كل القوارب”.

في محاولة لضمان الاستقرار في المنطقة وبيئة أكثر أمانًا للمستثمرين، تراجعت الرياض عن السياسة الخارجية المتشددة التي اعتمدتها عندما دخل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الصورة بعد أن تولى والده الملك سلمان العرش في العام 2015. لقد تصالح مع تركيا وقطر، وأعاد التواصل مع سوريا، ودعم وقف إطلاق النار في اليمن، وتطبيع العلاقات مع إيران.

قال الفالح: “نحن تعتمد في اتجاهاتنا على مصالحنا الخاصة، ولكن أيضًا بطريقة نافعة لمنطقتنا، لأننا لا نريد خدمة مصالحنا بينما نلحق الضرر بأي من إخواننا وأخواتنا والدول المجاورة. وأينما يتم خدمة مصالحنا من خلال التصالح، من خلال العلاقات القوية مع جيراننا وأصدقائنا، فنحن أول من يؤيد ذلك، وندفع باستمرار من أجل ذلك”.

كما لعبت دور الوسيط خلال الصراع الدائر في السودان، الدولة الواقعة في شرق إفريقيا والتي يفصلها البحر الأحمر عن المملكة.

تقول يونغ: “نفكر في مكان غالبية التطوير السياحي للمملكة العربية السعودية، إنه على طول ساحل البحر الأحمر. لذا فإن الحرب الأهلية في السودان، والاضطرابات على طول ممر البحر الأحمر أمر سيء حقًا، ليس فقط لخبراء النفط”.

لقد أوضحت المملكة أنها سعيدة بممارسة الأعمال التجارية مع كل دولة تقريبًا في ظل الظروف المناسبة. كما قال وزير الاستثمار: “ولكي نكون ذلك الاقتصاد المهم في العالم، يجب أن تكون لدينا علاقة قوية مع القوى الاقتصادية القوية في العالم. ولا أحد ينكر أن الصين واليابان وكوريا وألمانيا ودول أخرى في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة هي قوى اقتصادية مهمة نحتاج إلى علاقات قوية معها”.

راهنت الرياض بشكل كبير على الصين أكبر شريك تجاري لها وعميل في مجال الطاقة مع الحفاظ على علاقات جيدة مع أوروبا والولايات المتحدة. وأضاف الفالح أن العلاقة التجارية للمملكة مع الصين “أكبر من العلاقة التجارية مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مجتمعتين”.

تقول بكر: “إنهم يعطون الأولوية لمصالحهم الوطنية أولاً، وبالنسبة للمملكة العربية السعودية، يتعلق الأمر بتنويع اقتصادهم بعيدًا عن النفط. يتعلق الأمر برؤية 2030، إنهم بحاجة إلى البدء في المضي قدمًا في هذه المشاريع وتمويلها، ومن أجل القيام بذلك يحتاجون إلى زيادة الاستثمار”.

تجاوز حجم التجارة الثنائية بين الصين والمملكة العربية السعودية 87.3 مليار دولار في العام 2021، وقد أعلن مسؤولون سعوديون في حدث يوم الاثنين عن شراكات جديدة مع شركات الصلب والسيراميك الصينية بقيمة 5.3 مليار دولار.

لكن تعافي الصين من الوباء فقد زخمه، حيث وصل نشاط المصانع إلى أضعف مستوياته منذ أن أنهت البلاد سياستها الخاصة بـ “صفر كوفيد” في ديسمبر، وليس هناك ما يضمن نمو العلاقات التجارية.

تقول يونغ: “هذه هي علامات الاستفهام الكبيرة… الاتجاه نحو الركود، والتحرك البطيء (النمو) وهناك الكثير من القلق بشأن ما قد يحدث”. إلى جانب تباطؤ الاقتصاد الصيني وسوق النفط الراكد، هناك مخاوف من حدوث ركود عالمي محتمل، حيث تضيف الحرب الروسية المستمرة على أوكرانيا حالة من عدم اليقين إلى السوق. ستواصل المملكة العربية السعودية الإنفاق لمحاولة الوصول إلى أهدافها لعام 2030، ولكن لن تتراكم الأرقام ما لم تكن هناك تحولات كبيرة في الاستثمار الداخلي أو سعر النفط، كما تقول يونغ.

لكن ذلك لم يردع الرياض، ويقول الفالح إنها ماضية في طريقها بكامل قوتها.

وقال: “الرياح السياسية والاقتصادية المعاكسة جزء من المشهد الذي اعتدنا عليه. لدينا المرونة لاستيعابها واستكشاف طريقنا من حولها، والاستمرار في مسارنا”.

المصدر: موقع CNN




واشنطن توضح ما دار في اجتماع محمد بن سلمان و وزير الخارجية الأمريكي

أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، الأربعاء، أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أكدا، في الاجتماع الذي عقد في قصر السلام بجدة “التزامهما المشترك بتعزيز الاستقرار والأمن والازدهار في جميع أنحاء الشرق الأوسط وخارجه”.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر، في بيان، إن وزير الخارجية الأمريكي وولي العهد السعودي أكدا على أن “هذا الالتزام يتضمن اتفاقية سياسية شاملة لتحقيق السلام والازدهار والأمن في اليمن”، وأضاف المتحدث: “شدد الوزير أيضا على أن علاقتنا الثنائية تتعزز بالتقدم في مجال حقوق الإنسان”.

وتابع أن “الوزير وولي العهد بحثا تعميق التعاون الاقتصادي خاصة في مجالات الطاقة النظيفة والتكنولوجيا”.

ووفقا للبيان، شكر بلينكن محمد بن سلمان “على دعم المملكة العربية السعودية لإجلاء مئات المواطنين الأمريكيين من السودان، وعلى شراكة المملكة المستمرة في المفاوضات الدبلوماسية لوقف القتال هناك”.

وقال مسؤول أمريكي، للصحفيين، إن الاجتماع بين بلينكن وولي العهد السعودي استمر لمدة ساعة و40 دقيقة.

ووفقا للمسؤول، أجرى بلينكن والأمير محمد بن سلمان “مناقشة مفتوحة وصريحة غطت القضايا الإقليمية والثنائية، وكانت هناك درجة جيدة من التقارب حول المبادرات المحتملة بشأن المصالح المشتركة، مع الاعتراف أيضا بالاختلافات القائمة”.

وتابع المسؤول الأمريكي أنه “فيما يتعلق بالسودان، شكر الوزير ولي العهد السعودي على دعم المملكة لإجلاء المواطنين الأمريكيين وتعاونها الوثيق لدفع الأطراف إلى وقف إطلاق النار، وتوسيع نطاق وصول المساعدات الإنسانية، وإنهاء الصراع بشكل دائم”.

وقال المسؤول إن الجانبين “ناقشا السبل المحتملة لحل القضايا المتبقية التي يمكن أن تؤدي إلى حوار سياسي يمني يمني، وكذلك إمكانية تطبيع العلاقات مع إسرائيل واتفقا على استمرار الحوار حول هذه القضية”.

وذكر المسؤول الأمريكي أن بلينكن “أثار أيضا ملف حقوق الإنسان بشكل عام وقضايا محددة”.

وكانت وكالة الأنباء السعودية (واس) قالت إنه “جرى خلال الاجتماع استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين، وأوجه التعاون في مختلف المجالات وسبل تعزيزه، إلى جانب بحث تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية والجهود المبذولة بشأنها”.

وكان وزير الخارجية الأمريكي وصل إلى المملكة بعد ظهر يوم الثلاثاء، وسيتوجه إلى الرياض الأربعاء لعقد مزيد من الاجتماعات.

ويأتي الاجتماع في الوقت الذي تعمل فيه الولايات المتحدة على إدارة علاقتها المعقدة مع الدولة الخليجية.

وتوترت العلاقات بين البلدين، لا سيما في أعقاب تعذيب وقتل الصحفي جمال خاشقجي، والذي حمل تقرير استخباراتي أمريكي ولي العهد المسؤولية عنه.

وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قال بلينكن إن الولايات المتحدة ستراجع “عواقب” قرار مجموعة أوبك بلس بخفض إنتاج النفط، قائلا إن السعوديين يعرفون أن القرار “سيزيد الأرباح الروسية”.

وقبل أيام قليلة من رحلة بلينكن، قالت السعودية مرة أخرى إنها ستخفض إنتاج النفط ابتداء من يوليو/ تموز، وهي خطوة من المرجح أن ترفع الأسعار على الأمريكيين.

وكانت وزارة الخارجية الأمريكية قالت في بيان سابق إن بلينكن يسافر إلى السعودية في الفترة من 6 إلى 8 يونيو/حزيران، حيث يجتمع مع المسؤولين السعوديين لـ”مناقشة التعاون الاستراتيجي الأمريكي السعودي في القضايا الإقليمية والعالمية ومجموعة من القضايا الثنائية بما في ذلك التعاون الاقتصادي والأمني”.

وأضافت: “سيشارك الوزير أيضا في اجتماع وزاري لمجلس التعاون الخليجي الأمريكي في 7 يونيو، لمناقشة التعاون المتعاظم مع شركائنا في دول مجلس التعاون الخليجي لتعزيز الأمن والاستقرار وخفض التصعيد والتكامل الإقليمي والفرص الاقتصادية في جميع أنحاء الشرق الأوسط”.

وتابعت: “سيستضيف بلينكن مع وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في 8 يونيو، اجتماعا وزاريا للتحالف الدولي لهزيمة تنظيم (داعش) في الرياض لتسليط الضوء على الدور الحاسم الذي يلعبه التحالف لمواجهة التهديد المستمر لـ(داعش) وإعادة تأكيد التزامنا بضمان هزيمة التنظيم بشكل دائم”.

وجدّد وزير الخارجية الأمريكي، الاثنين، التزام الولايات المتحدة بتعزيز التطبيع بين إسرائيل والسعودية.

وجاءت تصريحات بلينكن في واشنطن أمام مجموعة ضغط “إيباك” المؤيدة لإسرائيل، حيث قال إن التطبيع بين البلدين سيكون موضوع نقاش، وقال: “للولايات المتحدة مصلحة أمنية وطنية حقيقية في تعزيز التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية”.

وأضاف: “نعتقد أننا نستطيع، بل يجب علينا بالفعل، أن نلعب دورا أساسيا في دفعه إلى الأمام”.

وتابع: “ليست لدينا أوهام أنه يمكن أن يتم ذلك بسرعة أو بسهولة، لكننا نظل ملتزمين بالعمل لتحقيق هذه النتيجة، بما في ذلك خلال رحلتي هذا الأسبوع إلى جدة والرياض للمشاركة مع شركاء سعوديين وخليجيين”.

وقال إن اتفاقيات التطبيع “ليست بديلا للتقدم بين الإسرائيليين والفلسطينيين”، وأنها “لا يجب أن تأتي على حسابها”.

المصدر: موقع CNN




قادر على إجراء “مناورات” داخل وخارج الغلاف الجوي.. إيران تزيح الستار عن صاروخ “الفتاح” فرط الصوتي

أعلنت إيران، الثلاثاء، إزاحة الستار عن صاروخ “الفتاح” فرط الصوتي، بحضور الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا).

ونقلت الوكالة الإيرانية عن وسائل إعلام أن “الفتاح هو صاروخ تفوق سرعته سرعة الصوت (هايبرسونيك) قادر على المرور عبر أهم أنظمة الدفاع الصاروخي المتقدمة والأكثر تطورًا وقادر على استهداف أنظمة الدفاع الصاروخي التي يمكن أن تكون من بين أهم العناصر الدفاعية للعدو”، وفقا لإرنا.

وقال قائد الدفاع الجوي في الجيش الإيراني، علي رضا صباحي فرد: “إن صنع نسخة ثانية من منظومة باور 373 مدرج على جدول أعمال قوات الدفاع الجوي للجيش وإن هذه النسخة الجديدة ستكون أكثر تطورا من النسخة الأولى، وستزيد من قدرات قوات الدفاع الجوي”.

وأشارت الوكالة إلى أن الصاروخ الجديد يعمل بـ”الوقود الصلب” ويستطيع الوصول إلى سرعات عالية جدا ولديه القدرة على إجراء “مناورات مختلفة داخل وخارج الغلاف الجوي للأرض للتغلب على جميع أنواع أنظمة الدفاع الجوي للعدو”، ويبلغ مداه 1400 كم وسرعته قبل إصابة الهدف 13 إلى 15 ماخ، وفقا لإرنا.

المصدر: CNN – دبي – الإمارات العربية المتحدة




نصاب الدورة الأولى هو الأهم؟

نقولا ناصيف

الموعد الجديد لانتخاب الرئيس ليس الاخير. كذلك الاوراق البيض لن تغادر القاعة. كما رشّح الثنائي الشيعي سليمان فرنجية، رشّح الثنائي المسيحي جهاد ازعور. المفارقة ان صاحبيْ العلاقة لم يعلنا بعد ترشيحيْهما ولم يقولا علناً انهما يريدان. يذهب البرلمان الى جلسة اشباح

بعد 19 كانون الثاني المنصرم يلتئم مجلس النواب للمرة الاولى مذذاك في جلسة ثانية عشرة في 14 حزيران لانتخاب الرئيس. على ان لا توقعات متفائلة تسبق الجلسة الجديدة.

مذ حدد رئيس المجلس موعدها كثرت التكهنات من حول جدواها في ظل الانقسام الحاد في البرلمان. في الغالب ستكون على صورة الجلسات الاحدى عشرة السابقة ببعض فروقات من غير المستبعد ان تكون ذات دلالة. بيد ان المهم الذي يسبق الجلسة ويتقدم عليها ويعلوها، اياً تكن قوة التناحر والاشتباك، ان الاوان لم يحن بعد لانتخاب الرئيس، ومن غير المؤكد انه سيحين في وقت قريب بلا صدمة:
1 – ليس تحديد الموعد سوى استجابة برّي ما كان تعهد به قبلاً، وهو تعيينه اياه ما ان يتيقن من وجود مرشحيْن متنافسيْن. كلا فريقيْ المرشحيْن الوزيريْن السابقين سليمان فرنجية وجهاد ازعور اكد انهما جديان ونهائيان. بذلك يُفترض ان الانتخاب سيدور من حولهما، مشدوداً للمرة الاولى ربما الى عَصَبَيْن مذهبيين وراء ترشيح كل منهما: ثنائي شيعي وراء الاول، وثنائي مسيحي وراء الثاني. لدى كل من المرشحيْن خليط غير مسبوق وغير متكافىء: كل الطائفة الشيعية وراء فرنجية مع عدد قليل من النواب المسيحيين والسنّة وفقدان كامل للنواب الدروز. في المقابل غالبية القوى المسيحية وراء ازعور مع خليط قليل من السنّة ونائب درزي دونما وجود اي نائب شيعي لديه. بالتأكيد يصعب من الآن احتساب كتلة وليد جنبلاط في اي من الثنائييْن هذين وكذلك ثلث السنّة المشتتين ونواب مسيحيين آخرين متريثين.

استقطاب مذهبي يزداد حدة يوماً بعد آخر لن يفضي حكماً الى انتخاب رئيس، بل الى مزيد من الانقسام والتفكك من غير المستبعد ان تكون له ارتدادات مفاجئة.
2 – تحديد الموعد غير كاف للتأكد من انعقاد الجلسة، ما يرجّح عدم اكتمال نصابها منذ الدورة الاولى واهدار الموعد تالياً بلا نفع. بحسب ما يتحضر له الفريقان، محكوم على الجلسة اعدامها سلفاً. ليس في وارد الثنائي الشيعي التصويت لفرنجية بعدما اخذ على عاتقه في ما مضى انه يصوّت له في جلسة انتخابه وليس سوى ذلك. ذلك ما قد يقوده الى الاقتراع مجدداً بورقة بيضاء تعبيراً عن عدم الجهوز لانتخاب الرئيس. في المقابل يذهب الفريق الآخر الى الاقتراع لأزعور المرجح حصوله على العدد نفسه من الاصوات التي كان يحوزها المرشح السابق النائب ميشال معوض مضافاً اليه اصواتاً جديدة من نواب تغييريين او مستقلين انضموا الى خيار تأييده.

الا ان المفاجأة في ما قد يناله ازعور، هو التحقق مما سيعطيه اياه نواب التيار الوطني الحر. في ثمانٍ من الجلسات الاحدى عشرة مع وجود التيار الوطني الحر في صف الثنائي الشيعي، أُعطيت الورقة البيضاء بين 46 صوتاً و62 صوتاً. بمغادرته هذا الفريق تساوت الاوراق البيض مع معوض بـ39 صوتاً لكل منهما. ذلك ما يفسّر تعويل المعارضة المسيحية على كتلة النائب جبران باسيل بالقول ان في حوزتها اصوات الفوز من الدورة الثانية. اما الثغرة العميقة فتكمن في ان ما يدعوه باسيل وفريق المعارضة تقاطعهما عند ازعور ولا يتحالفان من اجله، فلا يعدو كونه آنياً. ذلك ما يعنيه التقاطع على الاقل ويمثّله: لحظة قوة مقدار ما هو لحظة ضعف عند اطرافه غير مأمونة النتائج. لا يتردد باسيل في قول ما ينكره المتقاطعون الآخرون معه، وهو ان ازعور واحد من مرشحين آخرين. وقد يتوقف مفعول التقاطع هذا عند جلسة 14 حزيران اذا استنفد وظيفته وجدواه والرسائل المنطوية عليه.
3 – ليس خافياً، وقد يُعد هذا العامل ذا شأن لتبرير تعطيل الدورة الاولى من الاقتراع، ان ذهاب الثنائييْن الى التصويت للمرشحيْن المتنافسيْن سيؤدي حكماً الى حصول ازعور على عدد اكبر من الاصوات من فرنجية دونما تخويله الفوز في كلتي الدورتين. الا ان الوصول الى حقيقة كهذه تحمل سلفاً الثنائي الشيعي على تفاديها اما بالتغيب عن الدورة الاولى من الاقتراع او التصويت بالاوراق البيض استعادة للجلسات الماضية.
4 ـ يرمي التعويل على الاوراق البيض مجدداً الى هدف مكمّل لتجنيب فرنجية احراجاً مؤذياً، هو تحييد النواب المتريثين والمترددين، ثلث السنّة ونواب مستقلون وتغييريون بينهم مَن يجد في الاقتراع بالورقة البيضاء تعبيراً عن رفضه المرشحيْن المتنافسيْن في آن واستبعاد اي توافق على الوصول الى انتخاب الرئيس. اذذاك سيُفسَّر اقتراع هؤلاء بورقة بيضاء في الحساب السياسي كما لو انهم يتقاطعون بدورهم مع الورقة البيضاء الشيعية اكثر منها تسجيل موقف اعتراضي على الطرفين المتقابلين.

5 – خطورة جلسة 14 حزيران، الموجبة سلفاً للتحوط والمبرِّرة ربما للتعطيل، ان حصول ازعور على ما تروج له المعارضة المسيحية عن امتلاكها 65 صوتاً، قبل الوصول الى الدورة الثانية ومن دونها حتى، سيؤدي سياسياً وليس دستورياً الى حسم النتيجة لمصلحته، ويُحمّل بعدذاك الثنائي الشيعي مسؤولية منع انتخاب الرئيس لا تعطيل انعقاد الدورة الثانية فحسب. ما لا يريد الثنائي الشيعي الوصول اليه، ويحاول في المقابل الثنائي المسيحي استدراجه اليه، الانتقال بأزعور من مرشح مناورة – كما سماه حزب الله اخيراً – الى مرشح امر واقع مفروض يصعب تجاهله ولا يدار انتخاب الرئيس من دونه.

المصدر: صحيفة الأخبار




ما دلالة حملة التصعيد الإسرائيلية فيما يتعلّق بتوعّد إيران؟

أنطوان شلحت

شهد الأسبوع الفائت تصعيداً في تصريحات صادرة عن مسؤولين إسرائيليين تتوعّد إيران بضربة وشيكة لكبح برنامجها النووي وصدّ سياستها الإقليمية، بدءاً برئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، وليس انتهاء برئيس شعبة الاستخبارات العسكرية (“أمان”). وقد أعلن غالانت، في نهاية الأسبوع الفائت، مثلاً، أنّ “الأخطار التي تواجه دولة إسرائيل تزداد، وقد يتعيّن عليها قريباً القيام بواجبها في كل ما يتعلق بحماية نفسها، وحماية مستقبل الشعب اليهودي”.

بموازاة ذلك ثمة تواتر ملحوظ في الزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين والأميركيين في الاتجاهين، وذلك في ضوء امتناع البيت الأبيض في واشنطن حتى الآن عن توجيه دعوة إلى نتنياهو للقيام بزيارة رسمية إلى الولايات المتحدة (كما جرت العادة حتى الآن في إثر انتهاء كل انتخابات إسرائيلية عامة) على ضوء احتدام الخلافات الداخلية بشأن ما يعرف باسم “خطة الإصلاح القضائي”، والتي كانت محلّ نقد حادّ من جانب الإدارة الأميركية كذلك.

كما تزامن مع هذا كله بدء الجيش الإسرائيلي بإجراء تدريبات كبيرة تحت اسم “القبضة الحاسمة” تحاكي حرباً إسرائيلية على أكثر من جبهة قتالية، بما في ذلك الهجوم على إيران.

 هناك من يعتقد بأن هذا التصعيد ينطوي على رسالة رئيسة إلى الولايات المتحدة أكثر ممّا إلى إيران، لاعتقاد المسؤولين في إسرائيل أن الموقف الأميركي غير صارم بما فيه الكفاية لكبح طهران، ناهيك عن أن المسار الذي تغذّ هذه الأخيرة السير فيه بعد تحولها إلى “دولة عتبة نووية” يبدو مدروساً بحكمة، وقد عاد عليها حتى الآن بفوائد جمّة تخدم في نهاية المطاف مشروعها النووي. 

من هذه الفوائد يُشار في معظم التحليلات الإسرائيلية على نحو خاص إلى ما يلي: 

أولاً، أن هناك ميلاً لدى الإدارة الحالية في واشنطن على خلفية تقدُّم إيران في تخصيب اليورانيوم إلى مستوى قريب من المواد الانشطارية، للتوصل إلى اتفاق مرحلي مع إيران تعارضه إسرائيل، لأنه يسمح لإيران بالحفاظ على كل الإنجازات التي حققتها إلى الآن فيما يختص ببرنامجها النووي، ومن ضمنها اليورانيوم المخصّب الذي راكمته، بالإضافة إلى أجهزة الطرد المركزي التي صنعتها وطورتها، وفي الوقت نفسه، تتم إزالة العقوبات الأميركية التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترامب عليها، إذ إن بعضها ستنتهي صلاحيته بعد عدة أشهر. ومما نُشر في هذا الصدد يستفاد بأن المقابل الوحيد الذي ستقدمه إيران في هذا الاتفاق (المرحليّ) هو تجميد تخصيب اليورانيوم من جهة ووقف تصنيع أجهزة الطرد المركزي المتطورة من جهة أخرى مكملة وموازية، ولكنها بالرغم من ذلك تستطيع استئناف المسار والاندفاع نحو قنبلة نووية متى ترى أن ذلك ملائم لها، وخلال أشهر معدودة. 

ويُشار بهذا الشأن إلى أن إسرائيل تعارض مثل هذا الاتفاق المرحلي لأنه، في قراءتها، سوف يسمح لإيران بالاستمرار في تهديد محيطها، عبر الخطر النووي، لكن من دون أي عقوبات، أو عزلة دولية ستكون مفروضة عليها في حال اندفعت نحو السلاح النووي.

ثانياً، تؤكد التحليلات الإسرائيلية أنه بسبب مسار تخصيب اليورانيوم الذي اتبعته إيران يتم التعامل معها في الآونة الأخيرة كما لو أنها دولة نووية، على الرغم من أنها لا تمتلك السلاح النووي ذاته حتى الآن. ويكمن الدليل على ذلك، بموجب القراءات الإسرائيلية، في أن السعودية والإمارات العربية المتحدة ودولاً عربية أُخرى تقوم في الآونة الأخيرة بتحسين علاقاتها مع إيران، وهو ما ترى إسرائيل أنه يهدف إلى الامتناع عن المخاطرة المرهونة باستمرار المواجهة معها. ووفقًا لتلك القراءات أيضاً، فإن هذا التقارب الذي تتبعه كلٌّ من السعودية والإمارات في اتجاه إيران يقلل من استعدادهما واستعداد الدول الأخرى للالتزام بمنظومة دفاع إقليمية مع إسرائيل، تحت رعاية قيادة المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي.

من الواضح أيضاً أن إسرائيل تعوّل كثيراً على وجوب وجود تعاون وثيق مع الولايات المتحدة من أجل منع إيران من امتلاك قنبلة نووية، وهي ترى أن أي تراخٍ في هذا التعاون سيعود وبالاً عليها. ولعلّ هذا هو ما جعل البعض يعتقد أن تصعيد لهجة توعّد إيران من طرف كبار المسؤولين الإسرائيليين يقف وراءه هدف نقل رسالة إلى واشنطن كي لا تنأى بموقفها عن المواقف التقليدية التي تتبنّاها إسرائيل والتي صارت إلى تآكل على الصعيد الإقليمي ولا سيما في الفترة القليلة الماضية. 

لا بُدّ من أن نضيف إلى أن التآكل الذي طرأ على المواقف الإسرائيلية التقليدية حيال إيران ومشروعها النووي غير منحصر في الإقليم بل شمل أيضاً جهات أخرى بما فيها الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي أبدت مؤخراً “يأسها من الحصول على تفسيرات بشأن بقايا اليورانيوم المخصّب التي كشفت عنها إسرائيل في 3 مواقع في العام 2019″، مثلما جاء في أحد التحليلات الإسرائيلية.

ولوحظ أن بيان وزارة الخارجية الإسرائيلية الذي عقّب على إعلان الوكالة الدولية للطاقة الذرية إغلاق التحقيق في تلك المواقع النووية الإيرانية بسبب عدم توفّر الأدلة، انطوى على هجوم عنيف ضد هذه الوكالة، حيث ورد فيه أن استسلام المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية والوكالة ذاتها إلى ضغوط سياسية إيرانية مخيّب للآمال للغاية، وبشكل رئيس لأن المعلومات الواردة في الملف تشير ضمناً إلى وجهين من الانتهاكات الإيرانية الصارخة لاتفاقيات التفتيش، وحذّر من أن إغلاق القضية يمكن أن تكون له عواقب خطِرة للغاية، وهو ينقل رسالة إلى الإيرانيين فحواها أنهم غير مطالَبين بدفع ثمن لانتهاكاتهم، وأن في إمكانهم الاستمرار في خداع المجتمع الدولي في طريقهم لتحقيق هدف البرنامج النووي العسكري، كما أن هذه السابقة تُلحق ضرراً بالغاً بالصدقية المهنية للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

المصدر: المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية – مدار




“الأعراض المؤلمة” لتعدد الأقطاب

ديمتري كرافتسوف

موقع “global affairs” يتحدث في مقال كتبه ديمتري كرافتسوف عن تعددية الأقطاب في العالم، على مدى العقود الماضية حتى الوقت الحاضر.

في ما يلي نص المقالة منقولاً إلى العربية:

أطلقت النزاعات العسكرية في 2010 المرحلة التالية من الأزمة العالمية، التي بدأت في عام 1999 في ذروة “الحقبة الجميلة” النيوليبرالية. خلال هذه الفترة، ظهرت الشقوق الأولى في النظام الدولي أحادي القطب بقيادة الولايات المتحدة، والتي تطورت تدريجياً إلى تعددية الأقطاب.

في ثلاثينيات القرن الماضي، أثناء الأزمة العضوية للرأسمالية بعد انهيار سوق الأوراق المالية، كتب الماركسي أنطونيو غرامشي إحدى عباراته الأكثر شهرة: “تتمثل الأزمة بالتحديد في أن القديم يموت والجديد لا يمكن أن يولد”

كان غرامشي قادراً على رؤية ووصف ما الذي سيُستخدم بعد سنوات على نطاق واسع في التأريخ -حقبة أظهرت استنفاد الهياكل الدولية التي قوضتها التناقضات، وعدم قدرة الطبقات الحاكمة على الاستجابة للتغييرات.

كانت أزمة سلطة سببها تآكل الإجماع، حيث لم تعد النخب قادرة على ممارسة حكمها من خلال الموافقة واضطرت إلى اللجوء إلى الإكراه؛ لقد كان وقت “أعراض الألم العام” المنبثقة عن النظام القديم المتدهور: التعبير على نطاق واسع عن السخط، والعنف السياسي المفتوح وصعود التطرف – كل ذلك له صدى واضح مع اليوم

لم تكن السياسة والاقتصاد مجالين منفصلين تماماً. فقد تم تصميم النظام الليبرالي بعد الحرب العالمية الثانية من قبل الاقتصاديين، ولكن بناءً على خطة وضعها استراتيجيي السياسة الخارجية الذين رأوا ازدهار العالم الحر كوسيلة لاحتواء وتحقيق النصر في نهاية المطاف على الشيوعية والليبرالية. دفعت نهاية الحرب الباردة الاقتصاديين مؤقتاً إلى قمة السلطة.

على مدى العقود الثلاثة التالية، اعتقد وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية في البلدان المتقدمة أنهم حكموا العالم، وظنوا بأنه مثلما ساهم الانفتاح الاقتصادي في انهيار الكتلة الاشتراكية، فإنه سيقرب يقرب الصين من النموذج الغربي.

في بداية القرن الحادي والعشرين، كانت النيوليبرالية هي الهيمنة في الأساس، وبالتالي كان المثقفون متفائلين بشأن قدرة البلدان المتقدمة على الازدهار بلا حدود تقريباً، لكن في العقد الماضي، أكد اقتصاديون بارزون (على وجه الخصوص، البريطاني أنجوس ديتون، والفرنسي غابرييل زوكمان، وتوماس بيكيتي وإيمانويل سايز، وأمريكان كيس آن، والإيطالية ماريانا مازوكاتو)، على أوجه القصور الاقتصادية والاجتماعية للرأسمالية. 

ومنذ عام 2008، باتت الجغرافيا السياسية غارقة في عدم الاستقرار المنهجي وتآكل إجماع العقود السابقة: في معظم البلدان (لا سيما في الديمقراطيات الليبرالية)، انتشرت حالة عدم الثقة الشعبية بالمؤسسات والنخب؛ وتشرذمت الأنظمة الحزبية الرئيسية، متعاظم الغضب من أولئك الذين يسيطرون على سيناريوهات السخط الجماعي.

كما كان هناك تمدد للقوى اليمينية المتطرفة، بما في ذلك في البلدان التي بدت محمية من التجارب الاستبدادية المؤلمة. وظهرت بوضوح أوجه القصور في تنظيم وإدارة النظم الرأسمالية التي تُركت لأجهزتها الخاصة، وليس للمؤسسات المتعددة الأطراف الفعالة القادرة على تعبئة العمل الجماعي بشكل مناسب، مواجهة جائحة كوفيد 19، ولم يتم العثور حينها على آليات لمنع انتشار الفيروس.

يعد الوباء مثالاً على نقطة تحول ويمكن اعتباره “أزمة داخل أزمة”، أي صدمة خارجية تضرب مرحلة “النظام الجديد”.

أدى هذا الفشل إلى نمو الحمائية، وبداية المواجهات التجارية والتكنولوجية، التي أدت بدورها إلى تشويش سلاسل التوريد العالمية وتسببت في التشكيك في النظرية الليبرالية للتجارة، والتي كانت حتى وقت قريب تعتبر “صانع السلام العظيم” في العلاقات الدولية.

أنهى صعود الصين وتنافسها المتزايد مع الولايات المتحدة هذه الحقبة. وبعد فشل التقارب من خلال التكامل الاقتصادي، ظهرت الجغرافيا السياسية مرة أخرى في المقدمة. وجاء تأكيد الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن على تحدي الصينيين وقرار سلفه بعدم رفع القيود التجارية المفروضة عليهم، ليؤكد أن الولايات المتحدة قد دخلت حقبة جديدة حيث أصبحت السياسة الخارجية لها الأسبقية على الاقتصاد.

لكن القوى العظمى لا تبدو بهذه العظمة عندما يتعلق الأمر بضبط العلاقات الدولية. وعلى الرغم من الحديث عن ثنائية القطبية الجديدة، إلا انه لا الولايات المتحدة ولا الصين في وضع يسمح لهما بالإبقاء على نظام دولي ممزق.

على الرغم من أن عناصر النظام الدولي السابق -الأيديولوجيا والخطابات والمؤسسات والموارد الطبيعية -لا تزال حية، إلا أنها تفقد شرعيتها وفعاليتها. أدى صعود البلدان النامية وتفاقم المخاطر العالمية إلى زيادة وضوح مشاكل التمثيل والشرعية والفعالية في التعددية.

أدى إنشاء شبكات غير رسمية خارج الهيكل الحالي للمؤسسات الرسمية وتشرذمها إلى إضعاف نظام الأمم المتحدة. كما أن ظهور العديد من مراكز الجاذبية ومسارح المواجهة المترابطة يشير إلى أن المناقشات وصلت إلى طريق مسدود. لقد أصبح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أكثر اختلالًا، ولا يشارك أعضائه الخمسة الدائمون التصور السياسي للتعاون، مما أدى إلى انخفاض الثقة والمصداقية والشرعية.

تتجلى عدم القدرة على التعامل مع التحولات في ميزان القوى في مواجهة التحديات الخطيرة المتعلقة بتغير المناخ والركود العالمي والهجرة والاعتماد المتبادل العسكري -وهي ظواهر تتطلب عملَا جماعيًا. لكن هذا التحول في ميزان القوى لا ينعكس في الهيكل المؤسسي الدولي الحالي.

لقد غيرت الاختلافات في وجهات النظر حول الجغرافيا السياسية، والمشاكل الإقليمية وأولوية المصالح الوطنية، من آليات التعاون في المجالين السياسي والاقتصادي وفي المجال الأمني، وأصبحت المقاومة السياسية من الجنوب العالمي أكثر وضوحًا. الوضع الجيوسياسي الحالي ليس مجرد عودة للتاريخ، ولكنه أيضًا تحدٍ للأفكار المتعلقة بإنشاء وصيانة المؤسسات والأنظمة الدولية التي تحدد التعاون بين الدول وتنظم سلوكها.

بشرت بداية القرن الحادي والعشرين بمرحلة سياسية جديدة مع عواقب جيوسياسية حتمية. فلم يعد التركيز على التجارة الحرة وسياسات زيادة رأس المال، بل على استراتيجيات حشد القوة الإقليمية، والتكامل السياسي والاجتماعي، والتعاون الصناعي. ومع ذلك، أدى ذلك إلى مواجهة بين الإقليمية “المستقلة” المتزايدة، والتي تساءلت عن دور “الأطراف” في النظام العالمي وتحاول وضع استراتيجيات للتنمية الداخلية، والإقليمية “التابعة” -التي تركز على التعاون مع البلدان المتقدمة والبحث عن استراتيجيات جديدة للتكيف مع الرأسمالية العالمية مع وجود السوق الحرة في المركز.

المحرك لهذه العملية هو الصين، التي يكون موقفها بسيطاً للغاية: الحد الأدنى من المخاطر والغموض والاستجابة السريعة للأحداث الدولية، مع مراعاة تحليل التغيرات في مواقف البلدان الأخرى.

 مشارك آخر مؤثر هو الهند، التي توازن بين الحفاظ على التعاون مع روسيا وتقوية العلاقات مع أستراليا والولايات المتحدة واليابان ضمن “منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة”. 

أما روسيا، فتركز على تحويل أوراسيا إلى فضاء قاري واحد للعالم.

على عكس هذه البلدان، لا تتمتع باكستان برفاهية اختبار صبر الغرب: فقد منح وضعها في الاتحاد الأوروبي فترة راحة للاقتصاد الباكستاني المتعثر، والذي لا يزال يعتمد بشكل كبير على القروض من المؤسسات المالية الدولية التي تهيمن عليها الولايات المتحدة.

أما الدول العربية في منطقة الخليج فتشعر نفسها في الوضع الجيوسياسي الجديد بين المطرقة والسندان ولا تريد إعطاء الأفضلية لأي من الجانبين، ولكن مع محاولات لتنويع العلاقات، وهو ما أبرزته زيارة الزعيم الصيني في ديسمبر 2022 إلى المملكة العربية السعودية. في المقابل، قد تتطلع البلدان الأفريقية إلى جنوب إفريقيا، التي تحب أن تطلق على نفسها “دولة متفاوض عليها” والتي سيتم تحديد قراراتها المستقبلية من خلال ما تفعله بقية القارة. إلى حد ما، سوف تحذو مثل هذه القرارات حذو نموذج كتلة البريكس، حيث الصين هي “عازف الكمان الأول”

بشكل منفصل، تقف منطقة أمريكا اللاتينية، حيث وصل تعزيز الإقليمية “المستقلة” إلى أحد أعلى مظاهره في فبراير 2010 مع إنشاء جماعة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، ولكن دون تشكيل كتلة قوتها الخاصة. وبالتالي، كان للمشروع مخاطر في البداية، في مواجهة “الإقليمية المفتوحة”، وعلى أساسها، تم إنشاء تحالف المحيط الهادئ الذي يقوم على مبدأ التجارة الحرة، وجذب الاستثمار الأجنبي، واستخدام المزايا النسبية الثابتة، والتخصص في الإنتاج والتنمية فيما يتعلق بالاندماج في سلاسل الرأسمالية الغربية التي تهيمن عليها الشركات عبر الوطنية. 

حتى وقت قريب، تم استخدام التفاوت في المشهد الجيوسياسي بشكل فعال من قبل دول مثل الصين وتركيا وإيران وعدد من دول الخليج، لتشكيل نظام جديد للعلاقات الدولية، يمكن تعريفها بأنها “تعددية استبدادية” – بمعنى تسامح هذه الدول تجاه بعضها البعض في إطار صيغة “عدوكم صديقي”.

المثير للدهشة أن هذه الفكرة مدعومة أيضاً من قبل اليمين الأوروبي والأميركي الجديد، الذي توحد في تحالف مناهض لليبرالية. إنهم يروجون لفكرة أن الحوار الأفقي، على عكس المونولوج الغربي الرأسي، يتطلب تحولا في العلاقات الدولية. 

وبدلاً من مشاريع رأسمالية الدولة التي تتمحور حول إدارة الدولة البيروقراطية والهياكل الهرمية للسلطة، فإن استراتيجية “إضفاء الطابع الاجتماعي على السلطة” تعطي امتيازًا للنضال العالمي والمحلي من أجل إنشاء أشكال جماعية غير حكومية للسلطة العامة. 

إن التنشئة الاجتماعية للسلطة تعني أيضاً تشكيل مؤسسات عالمية للسلطة العامة، تتجاوز حدود الدولة من أجل ضمان المساواة والعدالة الاجتماعية في الإنتاج، وتوزيع ثروات العالم وموارده، كما يتحدث عن ذلك المفكر البيروفي المعروف أنيبال كويجانو في كتاباته.

 إن إضفاء الطابع الاجتماعي على السلطة، كما يقول أنيبال كويجانو، هو دعوة لتشكيل نظام عالمي راديكالي جديد مناهض للنظام القائم، أو بعبارة أخرى، اقتراح للقتال، من أجل عالم تكون فيه العوالم الأخرى ممكنة.

المصدر: موقع الميادين




التنمر وسوء المعاملة في قلب ديمقراطية البرلمان الأوروبي

فشلت سلطات الاتحاد الأوروبي مراراً وتكراراً في حماية ضحايا التنمر من قبل السياسيين الأقوياء، وسط ثقافة اللامبالاة المنتهجة، حسب ما كشفه تحقيق أجرته صحيفة “بوليتكو” على مدى 4 أشهر، أجرت خلالها عشرات المقابلات وحصلت على وثائق سرية، تكشف عن ندوب وجراح عميقة لصغار موظفي الاتحاد الذين تعرضوا إلى انتهاكات حقوقية فظيعة.

يصف الشهود والضحايا، الذين فضلواعدم الكشف عن هويتهم، عن شعورهم ب”الموت الجسدي والعقلي” في آن. وبعضهم فكر بالانتحار للتخلص من المضايقات والمعاناة والقلق والحرمان من النوم أثناء انتظارهم لعدة أشهر أو أكثر  لمعالجة شكاواهم. وشبه أحدهم تجربة الانتظار مثل، “السجناء المحكوم عليهم بالإعدام”.

وقال آخر، إن حجم التنمر داخل مقر الديمقراطية في الاتحاد الأوروبي “خارج عن السيطرة”، بينما زعم عشرات من موظفي البرلمان الأوروبي، أنهم تعرضوا للتحرش الجنسي ولضغوط نفسية رهيبة، خاصة و أنه في كثير من الأحيان، كان من الأسهل على بعض الضحايا التزام الصمت.

الموظفون يخشون تقديم الشكاوي، لأن العملية مرهقة للغاية، قال مارسيل كولاغا، عضو البرلمان الأوروبي: “لا أعتقد أن لدى الموظف في البرلمان الأوروبي أي ثقة في العملية”.

كانت رئيسة البرلمان الأوروبي، روبرتا ميتسولا، بإجراء إصلاح داخلي يهدف إلى تحسين عملية التعامل مع ادعاءات التحرش الجنسي بسرعة. ولكن بعد أن ذهبت الدعوات المتكررة للإصلاح أدراج الرياح، يشعر النشطاء والضحايا الآن بالقلق، من ضياع الفرصة مرة أخرى.

في الأسبوع الماضي، أيد أعضاء البرلمان الأوروبي مطالب بتشديد القواعد وتبسيط إجراءات التعامل مع سوء المعاملة المزعوم، بما في ذلك التحرش الجنسي والضغط النفسي. يبقى أن نرى ما إذا كان سيتم اتخاذ إجراءات ذات قيمة، تحسن من عملية تقديم الشكاوى، ومن وضع عقوبات قوية على المرتكبين وعدم الاكتفاء بعقوبات هامشية لا يمكن أن تردع المخالف.

 فتحت السلطات 34 حالة جديدة من التحرش الجنسي أو النفسي في البرلمان، لكن هذا الرقم لا يظهر الحجم الكامل للمشكلة، كون السلطات لا زالت تحجبها بسرية  على الرغم من الطلبات المتعددة للحصول على التفاصيل.

يوم جرذ الأرض

أعلنت رئيسة البرلمان روبرتا ميتسولا،عن عقوبات ضد 2 من أعضاء البرلمان الأوروبي هذا العام، هما، مونيكا سيميدو من لوكسمبورغ من مجموعة “رينيو” والإسبانية مونيكا سيلفانا غونزاليس  من مجموعة الاشتراكيين والديمقراطيين (دي أند أس”، وكلاهما بسبب تنمرهما على موظفين يعملون معهم. 

كما يتم حاليا التحقيق مع اثنين آخرين على الأقل  عضو البرلمان الأوروبي البلجيكي أستيا كونكو من مجموعة “إي سي آر”اليمينية والمشرع الإسباني خوسيه رامون باوزا من مجموعة اليمين الليبرالي، لكن هذا الحفنة من المحاسبات العلنية لا تمثل سوى غيض من فيض.

تحدثت “بوليتيكو” إلى 9 موظفين و7 مسؤولين سابقين كانوا ضحايا مزعومين لكنهم لم يتقدموا بعد بشكاوى رسمية؛ 5 أشخاص شهدوا مضايقات نفسية وضغوطات، في بيئة عمل أقل ما يقال عنها أنها مسمومة، وفاشلة في حماية أولئك الذين يخاطرون بكل شيء للتحدث. في بعض الحالات ، يتم تثبيط الضحايا بنشاط عن تقديم الشكاوى، لحماية صورة البرلمان وتجنب فضح عار أعضاء البرلمان الذين يضايقون موظفيهم بشكل مرضي وخارج عن السيطرة. 

غالبا ما يكون التأثير على الضحايا مدمرا. “كنت ميتا جسديا وعقليا تماما” ، قال أحد الموظفين الذي رفع قضية ضد عضو برلماني. ووصف كيف فقد 10 كيلوغرامات وتم تشخيص إصابته باضطراب ما بعد الصدمة. 

وقال رئيس “مجموعة الخضر” في البرلمان تيري رينتكه، “الفرق كبير جدا في القوة بين عضو البرلمان والموظف الذي يعمل معه”، وقالت: “في نهاية المطاف ، لدينا 705 شركات صغيرة ومتوسطة شركات صغيرة لا تخضع للوائح صارمة في هذا المنزل”.

إن الطبيعة الخبيثة للمضايقات في البرلمان الأوروبي، لا تعني أنه لا يمكن رؤيتها. 

قابلت “بوليتيكو” أعضاء اللجنة التي تتعامل مع شكاوى التحرش ضد أعضاء البرلمان، لكن عملهم يبقى سريا على قاعدة الخصوصية، التي اتاحت لهم رفض التعليق على أسئلتنا الصحفية. 

على الورق، يبدو إجراء تقديم الشكوى تقنياً تماماً،  لكنه في الواقع، أمر سياسي بلا لبس، ويتشابه مع حركة الإصلاح الحالي الذي لن يحدث قط في الجلسات الخاصة، ما دامت هويات أعضاء البرلمان الخاضعين للعقوبات ليست متاحة أمام الرأي العام الأوروبي والعالمي.

في الأعوام 2019 و 2020 و 2021، أطلقت السلطات البرلمانية 34 تحقيقاً جديداً في حالات التحرش النفسي أو الجنسي، 24 منها تتعلق بسلوك أعضاء البرلمان الأوروبي بدلا من الموظفين. وفي ثماني من الحالات ال 34، فرضت عقوبات طفيفة على المرتكبين.

الأمر متروك للرئيس لاتخاذ قرار بشأن معاقبة المتنمرين في البرلمان الأوروبي  على الرغم من أن المتحدث باسمها يوري لاس أصر على أنها تتبع دائما التوصيات من اللجان. 

لا شك، أنّ تحسين قوانين البرلمان لمكافحة التحرش يمثل أولوية بالنسبة للرئيس، كما هي الاصلاحات العامة ضرورية، خاصة في أعقاب فضيحة الفساد في “قطرغيت”، ولا بد من تحسين الأمور في البرلمان الأوروبي وجعله أكثر شفافية وكفاءة وحداثة.

لا بد لضحايا التحرش في أقبية البرلمان الأوروبي، أنّ يعتنوا ويثقوا بأنفسهم ويتركون أعضاء خلفهم.

تحقيق باربرا موينز وإيدي واكس

نقله الى العربية حسين قطايا

المصدر: موقع الميادين