نتنياهو وحرب الوقود وجودي.. وإسرائيل في الانقلاب النظامي: نعيش حالة انهيار وتفكك

Spread the love
image_pdfimage_print

نحن في حرب أهلية بقوة منخفضة وناعسة وزاحفة، حرب بوجود طرف واحد. الحكومة تحارب ضدنا، وتضع حولنا شبكة قوانين، وتمس بحرية التعبير والمساواة وحقنا في محاكمة نزيهة. ننشغل بالمخطوفين. في هذه الأثناء نتلقى ونبتلع ونهضم. لنا معدة حديدية. ماذا هناك؟ قانون لحصانة أعضاء الكنيست، قانون حظر الإبلاغ عن جرائم حرب، قانون لتسييس المحكمة وقانون لتهرب الحريديم. نتلقى ونصمت. اعتدنا على ذلك. وصمتنا عندما دفنت نتائج اللجنة التي تشكلت لفحص كارثة ميرون والـ 45 ضحية. هكذا نستوعب.

من حسن الحظ أن هناك حرباً. لقد نسينا أننا كنا شعبين قبل سنة ونصف. جاءت الحرب وها نحن جميعنا إخوة و”معاً سننتصر”. انتهى هذا. نواصل من حيث انتهينا في 7 تشرين الأول. نحن الآن لسنا ضد نتنياهو فقط، بل ضد من هو مستعد للتضحية بالمخطوفين ويرفض تشكيل لجنة التحقيق. الحروب تجمع. نتنياهو يعرف ذلك. دائماً ستكون لديه حرب واحدة في الأجواء: مرة إيران، مرة حماس، مرة المستشارة القانونية للحكومة ورونين بار. الحرب دراماتيكية دائماً، ووجودية ومصيرية. ترفض معارضة الانقلاب النظامي، وترفض الانتخابات ولجان التحقيق. الجيش مستعد دائماً، ونير دبوري مستعد. مستعد لماذا؟ لكل شيء؟ لحرب خاصة لنتنياهو أيضاً؟

الجيش الإسرائيلي أيضاً يبتلع ويصمت. الوضع سيئ جداً، لكن لا أحد يعرف كيف يخرج منه. من يعرف يصمت، فإذا تحدث سيعلقونه بتهمة “التحريض” و”الدعوة للتمرد”، أو بدون سبب. ماذا عن المعارضة؟ في التصويت على لجنة التحقيق كان في القاعة 53 عضو كنيست من الائتلاف، و45 عضواً من المعارضة. أين الباقون؟ عملوا مقاصة في الحضور بينهم؟ لماذا لا يبلغون عن ذلك؟

المعارضة لا تريد استبدال نظام الحكم، تريد أن تكون جزءاً منه. لن توسخ بدلتها في مظاهرات، ولن تناضل ضد رجال الشرطة، ولن تقف إلى جانب المتظاهرين. بل ستجلب بيضاً وطحيناً للكعكة، لكنها لا تريد خبزها. ليس لديها طريق جديدة أو أفكار تغيب عن هذه الحكومة. وستنتظر التعليمات من أمريكا. 

كل شيء على الطاولة الآن. لا حاجة للكتابة وليس هناك من نقنعه. أصبح الفساد متجذراً بعمق في الثقافة السياسية، إلى درجة أن الانتخابات باتت بين الفاسدين لدينا والفاسدين لديهم. الفاسد الرائد لا يجري المقابلات. ما الذي سيقوله؟ هل سيقول إنه يريد استبدال المستشارة القانونية للحكومة لإنهاء المحاكمة بصفقة؟ وأنه يجب إقالة رئيس “الشاباك” لوقف التحقيق في الخيانة؟ هو لم يعد يمثل أحداً. لحل المشكلات نتوجه من فوق رأسه مباشرة إلى السلطان مثلما في الإمبراطورية العثمانية.

حتى الآن لم تمر حكومة تكره الدولة بهذا القدر. هي تكره جهاز القضاء و”الشاباك”، لا ثقة لها بالشرطة أو وسائل الإعلام، ولا تؤمن بالدولة التي تديرها، نحن لا نثق بها. هي تحلق فوق رؤوسنا مثل قمر صناعي انفصل عن القاعدة وفقد الاتصال. نحن منفصلون أيضاً، منفصلون عن الذين كانوا في السوبرماركت في الوقت الذي رافقنا فيه توابيت المخطوفين. ولا نعرف كيف أن أيال غولان يملأ ستاد بلومفيلد رغم أننا مزقناه إرباً. يوجد هنا شعبان غير راضيين عن بعضهما، أو عن الدولة التي يعيشان فيها.

هل يمكن أن يؤدي هذا إلى حرب أهلية؟

لا. ولكن سيكون تمرد، شخصي وتقريباً سري. من يعارضون الحكومة لن يصعدوا بالدبابات على الكنيست، ولن يسيطروا على التلفزيون. لن يتقاتلوا، بل سينفصلون، وسيستغلون الثقافة والدخل، وسينفصلون عن الدولة بدون مغادرتها. سيعيشون في مدن وأحياء خاصة بهم. سيتملصون من خدمة الاحتياط وسيتسلحون بجوازات سفر أجنبية. لن يبدأوا عصياناً في دفع الضرائب. ستودع أموالهم في ملاجئ ضريبية أجنبية، وسيتعلم أولادهم في مدارس خاصة، منهاج التعليم فيها بإشراف الأهل. الدولة لن تنهار، ستتفكك. الفجوة تتسع، والأثرياء يزدادون ثراء والباقون سيفقرون. سنصبح أكثر فقراً وأقل تعليماً، ولكن سنكون أكثر فخراً وصهيونية.

يوسي كلاين

صحيفة هآرتس العبرية

ترجمة صحيفة القدس العربي