“جميعهم في خطر”… السايبر الإيراني يخترق الأمن الإسرائيلي ويكشف حاملي السلاح

Spread the love
image_pdfimage_print

معلومات حساسة تشمل هوية وعناوين آلاف الإسرائيليين الذين يحملون السلاح باتت متاحة في الشبكة، هذا ما يتبين من تحقيق أجرته “هآرتس”. قاعدة البيانات هذه تعرض المواطنين الذين تم كشفهم للخطر، حيث جهات جنائية أو قومية متطرفة معنية بالسلاح يمكنها إيجادهم. في بداية شباط الماضي، سرب القراصنة الإيرانيون عشرات آلاف الوثائق التي مصدرها في الشرطة ووزارة الأمن الوطني وشركات حراسة، وتشمل أيضاً معلومات شخصية كثيرة عن رجال حراسة مسلحين وعن غرف السلاح في مؤسسات عامة وغيرها. بعد نشر موضوع التسريب، نفت الشرطة تسريب المعلومات من حواسيبها. “بعد فحص عميق قمنا به، لم يكن لجهة خارجية قدرة على الوصول إلى قاعدة بيانات الشرطة، ولا يوجد أي مؤشر على حدوث اختراقة أو تسرب من أجهزة الشرطة”.

رغم أنه من غير الواضح حتى الآن كيف ومن أين تسربت المعلومات الحساسة، فإن فحصها يظهر أن الأمر يتعلق بـ 100 ألف ملف، مصدرها قسم الحماية والترخيص في الشرطة وقسم ترخيص السلاح في وزارة الأمن الوطني وشركات حماية مختلفة. يقف قسم الترخيص في مركز تحقيق “لاهف 433” الذي فُتح عقب كشف “هآرتس” لتوزيع رخص السلاح بدون صلاحيات. عاملون في مكتب وزير الأمن الوطني السابق بن غفير، وفي قسم الترخيص، تم التحقيق معهم في إطار هذه القضية.

بناء على طلب قدمته “هآرتس”، فحصت شركة أمريكية باسم “داتا بريتش” المعلومات المسربة. الشركة لها خبرة في تشخيص التسريبات ومساعدة المتضررين في شطب تفاصيلهم من الشبكة. “كل من لديه سلاح في البيت هو الآن في خطر أعلى”، قالوا في الشركة. “حسب التقدير، هناك معلومات تشخيصية عن 10 آلاف إسرائيلي”.

الملفات التي تم تسريبها محدثة جداً، من السنتين الأخيرتين، وتشمل مئات الوثائق من العام 2025

الملفات التي تم تسريبها محدثة جداً، من السنتين الأخيرتين، وتشمل مئات الوثائق من العام 2025. في الوثائق التي تتناول الحصول على السلاح أو تجديد ترخيص السلاح يمكن العثور على تفاصيل شخصية لصاحب السلاح، عنوانه، صورته، خلفيته العسكرية والصحية، نوع السلاح، رقم الرصاص الموجود لديه ومكان وجود السلاح في بيته.

من بين الوثائق أيضاً هناك بطاقات هوية شرطي لمن يرتدون الزي العسكري والذين يحملون السلاح، ووثائق تقدير وتوصية لرجال الأمن الذين تسرحوا. وفي الملفات المسربة معلومات شخصية كثيرة بخصوص رجال حراسة مسلحين، تدربهم، ورخص سلاحهم، ووثائق داخلية كثيرة لشركات حراسة وحماية، والمصادقة على تنفيذ دورات للرماية من قبل جهات مختلفة مرخصة.

توجهت “هآرتس” إلى عشرة إسرائيليين كشفت عنهم في قاعدة البيانات المسربة، وأكدوا صحة التفاصيل الموجودة، وأنهم استصدروا تجديداً لرخصة السلاح في السنتين الأخيرتين. “أنا مصدوم لأنهم لم يتحدثوا معي. هذا خطير. هذا يعني أن تضع أشخاصاً مثلي كهدف”، قال أ. الذي جدد الرخصة في السنة الماضية. معلوماته الشخصية الكاملة، بما في ذلك العنوان ورقم الهاتف، مكشوفة. “كنت أتوقع أن تفعل الشرطة أو السايبر في إسرائيل كل ما في استطاعتهم لشطب ذلك من الشبكة. هذا خطير وبحق”.

فيض من التسريبات

ادعت مجموعة القراصنة في البداية أنها اخترقت منظومات وزارة الأمن الوطني، ونشرت عدداً من صور الشاشة لرخص السلاح، وهددت بنشر 4 تسريبات. في شباط الماضي، نشرت كمية صغيرة، 40 غيغا بايت، من الملفات. وحاولت “هندلة” تضخيم هذا الإنجاز.

“هندلة” التي تعتبر ذراعاً للمخابرات الإيرانية، تبحث عن إنجازات معنوية، خلافاً للقراصنة الذين يركزون على الاختراق لجمع المعلومات، “هندلة” خبيرة في الاختراق لغرض التسريب والتأثير. منذ بداية الحرب في غزة، تسرب هي ومجموعات مشابهة معلومات كثيرة سرقت من شركات خاصة ووزارات حكومية وجهات أمنية، ووثائق وصور خاصة لشخصيات أمنية رفيعة. في السنة الماضية، نشرت معلومات كثيرة حصلت عليها من اختراق وزارة العدل ووزارة الدفاع والأمن الوطني وما شابه. ومثلما نشرت “هآرتس”، فإن مجموعة قراصنة أخرى أنشأت موقعاً محدداً لنشر تسريبات من قواعد بيانات حساسة في إسرائيل، حيث نشرت هناك آلاف الوثائق.

الحادثة الحالية، تسريب معلومات عن أصحاب السلاح، خطيرة من حيث حجمها، مثل اقتحام وزارة العدل”، قال المحققون في “داتا بريتش”. بعد الاقتحام في نيسان، حاولت وزارة العدل ومنظومة السايبر تقزيم الحدث، وقالوا إن “الأمر يتعلق بوثائق من سنوات سابقة”، وأنه “يبدو أنه لم يكن اقتحاماً لمنظومات وزارة العدل”. ولكن تحقيق “هآرتس” أظهر أن المعلومات المسربة شملت معلومات شخصية عن جهات رفيعة، ومراسلات حساسة، ووثائق داخلية سرية للوزارة، ومحاضر جلسات عقدت في غرف مغلقة وحتى الآن يمنع نشرها.

يبدو أن إسرائيل تحاول شطب المعلومات التي تسربت من الشبكة. قنوات “هندلة” في التلغرام، تنشر روابط لتنزيل التسريبات، أزيلت مؤخراً. ولكن الحديث يدور عن معركة خاسرة. القراصنة يفتحون قنوات جديدة، ويستخدمون المواقع المخزنة في دول لا تتعاون مع طلبات إسرائيل القانونية، ويستندون إلى تكنولوجيا منتشرة لا يمكن شطبها من الشبكة. مؤخراً، بدأ القراصنة في نشر المعلومات المسروقة أيضاً في حافظات رقمية، وهي مواقع محصنة لا يمكن شطبها، تستخدم كنوع من ويكيليكس للتسريبات. نشرت في هذه المواقع قواعد بيانات ضخمة، فيها وثائق بنما، التي مولت عدداً من التحقيقات الدولية وكشفت مئات حالات الفساد في أرجاء العالم. قاعدة بيانات أصحاب السلاح في إسرائيل نشرت مؤخراً في حافظة كهذه، يمكن الوصول إليها بسهولة، وتظهر أيضاً في بحث “غوغل”. في الفترة القريبة القادمة، ستنشر قاعدة البيانات في موقع تسريبات آخر.

تشهد إسرائيل موجة غير مسبوقة من هجمات السايبر منذ اندلاع الحرب في غزة. ثمة تقرير تلخيصي للعام 2024 لمنظومة السايبر الوطني كشف ارتفاعاً دراماتيكياً أيضاً في عدد حالات التسريب والهجمات المرتبطة بعمليات التأثير. “في هذه السنة، شوهدت 900 عملية نشر في الشبكة مثل التلغرام بخصوص هجمات على الاقتصاد الإسرائيلي، و500 ملف تسريب معلومات مرتبطة بإسرائيل نشرت في الشبكة وفي “داركنت”. المنشورات محاولة للعدو للتأثير على الرأي العام في إسرائيل”.

تسريب المعلومات هو المرحلة العلنية النهائية للاختراق الذي بدأ في السابق ثم أُغلق أو استنفد. وحتى إنه يصعب العثور على مصدر التسريب. وحسب خبراء السايبر، يدور الحديث عن اختراق تحقق عقب محاولة فاشلة – عندما ينقر موظف في منظمة مخترقة بذكاء على رابط خبيث مرسل إليه في البريد الإلكتروني.

حسب منظومة السايبر، المحاولة الفاشلة هي وسيلة هجوم مفضلة للقراصنة الإيرانيين في محاولة لجمع أكبر قدر من المعلومات عن إسرائيل. رغم التهديد، تجد إسرائيل صعوبة في وقف هذه الظاهرة، وفي مناورة واسعة أجريت مؤخراً ضغط حوالي 200 ألف جندي على رابط مزور مُرسل للجيش الإسرائيلي.

عومر بن يعقوب

صحيفة هآرتس العبرية

ترجمة صحيفة القدس العربي