اختيارات ترامب لإدارته تصب في صالح إسرائيل.. وقدّم الولاء على السياسة

Spread the love
image_pdfimage_print

بدأت ملامح الحكومة الأمريكية بالتشكل مع استمرار الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، في الإعلان عن الأسماء بشكل متتالٍ.

وكل الأسماء المطروحة هي من الموالين له والذين وقفوا معه طوال حملته الإنتخابية، وكلهم من المؤيدين لإسرائيل. وليس غريبا وجود الرئيس الإسرائيلي إسحق هيرتسوغ في البيت الأبيض مع الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، والتأكيد على صهيونية الأخير.

في المقابل، أرسل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وزيرَ الشؤون الإستراتيجية في حكومته، دون ديرمر، إلى الولايات المتحدة للاجتماع بمسؤولي الإدارة المقبلة والحالية.

ولم تفت تعيينات ترامب عن المراقبين السياسيين والإعلاميين في واشنطن، وأنها كلها كما تقول صحيفة “واشنطن بوست”، ستعزز موقف المتشددين في إسرائيل. فقد اختار ترامب بيتر هيغسيث وزيرا لللدفاع، وعيّن مايك هاكابي، سفيرا له في إسرائيل، وجون راتكليف، مديرا لوكالة الاستخبارات الأمريكية “سي آي إيه”.

ومن المعروف عن هيغسيث رفضه فكرة حل الدولتين للحرب في غزة، وهو من المتحمسين الكبار للتوسع الإسرائيلي في الضفة الغربية. وانتقد راتكليف تهديد إدارة بايدن بحظر تصدير الأسلحة إلى إسرائيل إذا لم تحسن الأوضاع الإنسانية للمدنيين في غزة.

وتتطابق مواقف المسؤولين القادمين إلى البيت الأبيض مع مواقف القيادات الكبرى في الحكومة الإسرائيلية. ويرفض نتنياهو حل الدولتين، أما وزير الأمن إيتمار بن غفير، فهو يريد مزيدا من الاستيطان في الضفة الغربية. واشترط بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية الإسرائيلي، توفير المساعدات الإنسانية، مقابل الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين لدى حماس.

ورحب بن غفير بالتعيينات، ونشر على منصة إكس “إيموجي” للعلم الأمريكي وقلب، والعلم الإسرائيلي إلى جانب اسم هاكابي. وهنأ سموتريتش، السفيرَ الأمريكي المقبل على منصات التواصل الاجتماعي.

وحاولت حكومة نتنياهو في السنوات الأخيرة توسيع بصماتها في الضفة الغربية حيث يعيش 3 ملايين فلسطيني، ونصف مليون مستوطن.

ورأت صحيفة “الغارديان” غي اختيارات ترامب للدفاع والأمن الداخلي، تأكيدا لمواقف هؤلاء الساسة المتشددة والاستفزازية من الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.

وقالت إن هاكابي استخدم اسم “يهودا والسامرة” للإشارة إلى الضفة الغربية، ويروشاليم للإشارة إلى القدس. وقال إن إسرائيل لديها حق الملكية للضفة الغربية، و”كوشان” بهذا الشأن. كما قال إن القدس التي تعتبرها إسرائيل عاصمة موحدة لها، وأنها لم توحد من قبل. ورفض هاكابي تسمية المستوطنين والمستوطنات غير الشرعية حسب القانون الدولي باسمها الحقيقي، وأصر على أنها “مجتمعات” أو “أحياء”.

وفي تغريدة له على “تروث سوشيال” توقع ترامب أن يعمل هاكابي -المسيحي الإنجيلي- “بجهد لتحقيق السلام في الشرق الأوسط”. وقال ترامب عن السفير الجديد: “يحب إسرائيل والشعب الإسرائيلي وبالمثل يحبه هؤلاء”، وقال إن هاكابي هو “رجل خدمة عامة عظيم”.

ورشح ترامب مقدم البرامج في فوكس نيوز، هيغسيث لكي يقود أكبر وأقوى الجيوش في العالم. وهو تعيين صعق البنتاغون وعالم الدفاع بشكل عام.

وعمل الوزير المرشح ككابتن في الحرس الوطني، وهو معروف في الدوائر المحافظة، ولا خبرة لديه في العمل الحكومي أو تجربة على المسرح الدولي. وسيترك تعيينه أثره على وزارة الدفاع، حيث كان واضحا في برنامجه ومقابلاته بأنه لن يتسامح مع حركة “اليقظة” والشمول والمساواة داخل الجيش، كما تساءل عن دور المرأة في الجيش ومشاركتها في العمليات القتالية. ودعا إلى العفو عن الجنود المتهمين بارتكاب جرائم حرب. وهو من دعاة “ماغا” أو لـ”نجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى” أو “أمريكا أولا”. ويدفع هيغسيث لتحويل القوة العسكرية إلى قوة فتاكة، ولكن السماح للمرأة أضر بهذه الجهود.

وأشارت الصحيفة إلى تعيين راتكليف مديرا لـ”سي آي إيه”، وهو حليف مقرب لترامب، وعمل مديرا للاستخبارات الوطنية في نهاية ولاية الرئيس الأولى. وتم تعيينه في أيار/ مايو 2020 لمدة ثمانية أشهر قبل مغادرة ترامب البيت الأبيض. واتهم الديمقراطيون راتكليف أثناء عمله مديرا للأمن القومي، برفع السرية عن وثائق من أجل السماح لترامب والجمهوريين بالهجوم على نقادهم بمن فيهم جو بايدن.

واختار ترامب إلى جانب هؤلاء، مستثمرا في العقارات وأحد المتبرعين لحملته كمبعوث خاص له إلى الشرق الأوسط، وهو ستيف ويتكوف، مؤسس مجموعة ويتكوف منذ 1977. كما عيّن حاكمة ولاية ساوث داكوتا، كريستي نيوم، وزيرة للأمن الداخلي، وهو منصب مهم لتنفيذ سياسات ترامب بشأن الهجرة. وقال ترامب على منصات التواصل الاجتماعي، إن “قوية جدا في أمن الحدود”.

ومن المرجح أن يكون تعيين هاكابي عودةً للموقف المؤيد لإسرائيل بشكل صريح لإدارة ترامب الأولى، عندما نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس في خطوة أدانها الفلسطينيون باعتبارها لن تخدم مستقبل السلام.

لكن هاكابي الذي زار المستوطنات أكثر من مرة، قال في مقابلة مع “سي إن إن” عام 2017: “الشعب الوحيد الذي كانت له يروشاليم عاصمة، هم اليهود”. وأضاف: “لم يجعل أي شخص آخر هذه المدينة عاصمة على الإطلاق. لذلك لا ينبغي أن تكون مثيرة للجدل”.

ورفض في نفس الوقت استخدام مصطلح الضفة الغربية بل سمّاها “يهودا والسامرة”. وقال: “هناك كلمات معينة أرفض استخدامها، لا يوجد شيء اسمه الضفة الغربية، إنها يهودا والسامرة، وهي أحياء ومدن ولا يوجد شيء اسمه الاحتلال”.

ويقول إيشان ثارور في صحيفة “واشنطن بوست” إن التعيينات تعطي صورة عن السياسة الخارجية لترامب وأجندته. وأضاف أنه من المبكر الحديث عن سياسة خارجية، لكنها تعطي صورة عن توجهات ترامب في ولايته الثانية، حيث يعتبر ماركو روبيو وتيم والتز من الصقور. ولم يكونا على الورق من المتحالفين مع ترامب في “أمريكا أولا”، إلا أن صعودهما يعني نهاية لحقبة المحافظين الجدد، وهيمنة “ماغا” برؤيتها عن أمريكا أولا.

ويقول إن خلافا واضحا داخل الدوائر الجمهورية حول مجموعة من القضايا. كان ترامب ونائب الرئيس المنتخب جيه دي فانس متشككين بشكل صريح بشأن الحاجة إلى دعم جهود الحرب الجارية في أوكرانيا، في حين أن العديد من الجمهوريين في الكونغرس أكثر انسجاما مع مشروع إدارة بايدن في دعم جهود حلف الناتو والغرب لدعم كييف.

وهناك انقسامات حول كيفية وأين يتم تحديد أولويات القوة الأمريكية، وما إذا كان ينبغي النظر إلى تحدي الصين من منظور اقتصادي أو عسكري، وحول دعم ترامب للحمائية في التجارة وفرض تعرفات جمركية، وهو ما يتعارض مع العقيدة الجمهورية المؤيدة للتجارة الحرة.

ومع ذلك، يرى حلفاء ترامب ومستشاروه أن عملهم هو بمثابة ترياق للصراعات التي تعاملت معها إدارة بايدن. وقال مستشار الأمن القومي السابق لترامب، روبرت سي أوبراين، الذي قد يعين أيضا بمنصب كبير في الإدارة القادمة، لصحيفة “وول ستريت جورنال”: “ستكون العودة إلى السلام من خلال القوة، سيتم استعادة الردع. يدرك أعداء أمريكا أن الأشياء التي أفلتوا منها على مدار السنوات الأربع الماضية لن يتم التسامح معها بعد الآن”.

ويقول ثارور إن عقدا من الترامبية أدى إلى تحول الحزب الجمهوري نحو اتجاه مختلف. وقد أجبر هذا عددا من الأسماء التي اختارها ترامب على تحويل مواقفهم، كما هو حال روبيو الذي يعتبر من الصقور تجاه إيران والصين.

وكمبعوث للرئيس المقبل، قد يعمل روبيو على سياسات تتيح للرئيس عقد صفقات مع روسيا والصين والسعودية تتطابق مع موقفه في التعامل مع الرجال الأقوياء. ويرى الكاتب أن اختيار ستيفانيك سفيرة في الأمم المتحدة، كان لافتا للنظر، وأن ذلك دليل على أن ترامب يقدر المواقف الحادة.

فقد أحدثت عضو الكونغرس ضجة كبيرة في استجوابها لرؤساء الجامعات بشأن الاحتجاجات الطلابية المؤيدة للفلسطينيين. ومن المرجح أن تستخدم منصبها في الأمم المتحدة لمهاجمة وكالات المنظمة الدولية ودبلوماسييها بشأن أي انتقاد لإسرائيل، والتعبير عن مظالم الجمهوريين القديمة بشأن عمل المؤسسة متعددة الأطراف الأكثر أهمية في العالم.

ويقول ثارور أن اختيارات ترامب لرموز إدارته ليس سياسيا بقدر ما هو شخصي. وقال إنه لم يشمل سفيرة الأمم المتحدة السابقة نيكي هيلي أو وزير الخارجية مايك بومبيو في إدارته الجديدة. ولا علاقة لهذا بمواقفهما المحافظة المتشددة، بقدر ما هو مرتبط بتحدي هيلي له في الترشيح للحزب الجمهوري وتفكير بومبيو في الترشح.

وقد تنذر الاختيارات بنوع من الصدامات بين ترامب ومساعديه التي هيمنت على ولايته الأولى عندما سعى إلى سحب القوات الأمريكية من سوريا والتفاوض على صفقة أسلحة نووية مع كوريا الشمالية، وهي الخطوات التي عارضها بشدة بعض مساعديه الأكثر تشددا، مثل مستشار الأمن القومي جون بولتون، ووزير الدفاع جيم ماتيس.

ولكن  ترامب أعطى الأولوية للولاء كشرط أساسي للانضمام إلى إدارته، في محاولة للقضاء على التحديات التي تواجه قراراته.

صحيفة واشنطن بوست

ترجمة ابراهيم درويش