هل بدأت إسرائيل حقاً بتنفيذ خطة الحصار التي وضعها اللواء احتياط غيورا آيلند، المعروفة بـ “خطة الجنرالات”؟ قبل نحو أسبوعين بدأ الجيش الإسرائيلي يعمل في منطقة جباليا، شمالي القطاع. وقد عرضت العملية كمحاولة لضرب البنى التحتية التي نجحت حماس في ترميمها. لكن سكان جباليا ومسؤولين كباراً في جهاز الأمن والأسرة الدولية يشتبهون بأن إسرائيل بدأت عملياً بتنفيذ خطة آيلند الإجرامية.
لا ينبغي الوقوع في الخطأ: خطة آيلند جريمة حرب، وتتعارض وقرار مجلس الأمن للأمم المتحدة 2334 الذي يثبت أنه لا يجب الاستيلاء على الأرض باستخدام القوة، أي في عملية حربية. حسب خطة آيلند، على إسرائيل إخلاء كل سكان شمال القطاع إلى مناطق إنسانية في جنوبه، وستعتبر من يفضل البقاء فيه ناشطاً من حماس.
وفي الوقت الذي يتلقى فيه سكان جنوب القطاع مساعدات إنسانية، سيتم تجويع السكان في شماله إذا ما قرروا البقاء هناك.
في إسرائيل، حيث اجتازت فيها أفكار الترحيل، ومنع المساعدات الإنسانية، والطرد، والاحتلال والقتل الموسع تطبيعاً، ثمة مشترون كثيرون لجرائم الحرب المغلفة كـ “خطة”. لدى أعضاء الحكومة الذين يرون في الحرب فرصة تاريخية للعودة إلى غزة، فإن خطة آيلند تعد طبق الفضة.
بعد كتاب تحذير أوضحت فيه الإدارة الأمريكية بعدم توريد السلاح إذا لم تسمح بإدخال المساعدات إلى شمال القطاع، وافقت إسرائيل على إدخالها، لكن بكميات هي -برأي دبلوماسيين أجانب- أقل بكثير من المستوى اللازم. إن الأزمة الإنسانية المبادرة إليها – نقص في المياه والغذاء ومستشفيات محاصرة، يكاد لا يكون مبنى يقف على حاله، مئات القتلى وعدد لا يحصى من الجرحى، بالتداخل مع الضغط العسكري، تثير الاشتباه لدى أوساط سكان جباليا أيضاً بأن الهدف الحقيقي هو دفعهم للنزوح جنوباً. وعليه، فهم لا يجتازون محور نتساريم وينتقلون إلى جنوب القطاع، بل يتوجهون إلى غرب مدينة غزة، التي هي أيضاً في منطقة الشمال، ليجدوا فيها مأوى. يروي السكان بأنهم يرفضون اجتياز محور نتساريم خوفاً من ألا يسمح لهم الجيش بالعودة مرة أخرى.
إسرائيل، كما هو متوقع، نفت الادعاءات التي تفيد بتنفيذ خطة الجنرالات، لكن الاشتباه الدولي يبقى على حاله، وعن حق. فالوضع على الأرض يروي قصة أخرى. لا سبيل آخر لشرح التنكيل بالسكان غير الرغبة في دفعهم بعيداً إلى الجنوب وإلى الأبد.
على إسرائيل أن تزيد المساعدات الإنسانية لشمال القطاع وتتوقف عن محاولاتها لاقتلاع السكان. وهي ملزمة بالامتناع عن خطط الطرد والتجويع والحصار. يجب أن تنتهي الحرب في غزة في ظل الدفع قدماً بصفقة لإعادة المخطوفين والإعلان عن وقف النار.
صحيفة هآرتس الاسرائيلية
ترجمة صحيفة القدس العربي