إسرائيل خسرت الحرب الدعائية وتحاول تشويه صورة السنوار والتقليل من معركته الأخيرة

Spread the love
image_pdfimage_print

تقول صحيفة “واشنطن بوست” في تقرير أعده ستيف هندريكس إن إسرائيل تخوض حربا دعائية لتصوير اللحظات الأخيرة من حياة زعيم حماس يحيى السنوار بأنه هارب وتم إجباره على الخروج من مخبئه حيث قتل في مواجهة مع الجنود الإسرائيليين يوم الأربعاء بتل السلطان قرب رفح، جنوبي غزة. وفي الوقت نفسه، احتفل أنصاره بالطريقة التي قاتل فيها السنوار حتى النهاية.

وقال هندريكس إن الجيش الإسرائيلي ظل يلاحق السنوار حيث انتهت الملاحقة بمقتله يوم الأربعاء. ولكن إسرائيل تريد أن تحدد الطريقة التي مات فيها. ولهذا فهي تسابق مع حلفائها الزمن لتصويره بالآبق وتم دفعه للخروج من مخبئه في شبكة الأنفاق وقتل وهو هارب. ونشرت إسرائيل صورا للحظات الأخيرة وهو جالس على كرسي وينزف وحيدا، حيث تسابق المعلقون الإسرائيليون بالتعليق “نهاية جبان” و”جرذ خرج من جحره” و”دودة”.

إلا أن الفلسطينيين وأنصاره استخدموا الصور واللقطات له لتصويره بأنه قاتل حتى النهاية وكان يرتدي الكوفية والزي العسكري. وقالوا إن الفيديو لم يظهر الهزيمة بل التحدي، فقد وجد القوة لرمي هراوة خشبية على مسيرة بيده التي لم تجرح.

يقول الخبراء إن إسرائيل تخسر الحرب الدعائية في العالم العربي. وبعد ساعات من نشر الجيش الإسرائيلي الصور تم تحويلها إلى ملصقات وضعت على جدران جنين ومناطق أخرى

ويقول الخبراء إن إسرائيل تخسر الحرب الدعائية في العالم العربي. وبعد ساعات من نشر الجيش الإسرائيلي الصور تم تحويلها إلى ملصقات وضعت على جدران جنين ومناطق المقاومة الأخرى في الضفة الغربية. وحولها مستخدمو منصات التواصل الاجتماعي العرب إلى “ميمات” احتفالا بالنهاية البطولية.

وقارنت بعثة إيران في الأمم المتحدة نهاية السنوار بصورة إخراج الرئيس السابق صدام حسين من مخبئه في عام 2003. وتوقع الإيرانيون أن تعزز صور السنوار “واقفا في ساحة المعركة بزيه العسكري، في العراء وليس في مخبأ يواجه العدو” من شعبيته.

وهم محقون، كما تقول بيفرلي ميلتون- إداوردز، الزميلة البارزة في مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية والتي ترى أن هذه الحلقة تؤكد انتصارا لحماس “في معركة السرديات”.

ومن جهة أخرى تمسك مسؤول في الجيش الإسرائيلي، لم يكشف عن هويته، بقرار نشر الصور، وقال لصحيفة “واشنطن بوست” إن الجيش شعر بالتزام بتوثيق المشهد ومشاركته مع الجمهور الإسرائيلي. مضيفا: “نحن شفافون، هذا ما حدث. نحن نعلم أنه بغض النظر عن الصور التي ستظهر، ستكون هناك حملة من قبل حماس لجعله بطلا”.

وبعد التأكد من فحوص الحمض النووي وبصمات الأصابع وتحديد هوية السنوار بدأ الإسرائيليون بوصف الظروف التي قادت إلى المواجهة مع الجنود الإسرائيليين والعثور على جثة زعيم حماس، حيث حاول المسؤولون الإسرائيليون التشكيك في مشاركة السنوار بالمعركة. وتقول ميلتون- إدواردز إن الرواية إلى جانب الصور واللقطات تتناقض مع الوصف الإسرائيلي المستمر له بأنه مختبئ في نفق ويحمي نفسه بدرع بشري من الأسرى الإسرائيليين. وأضافت ميلتون- إدواردز المؤلفة المشاركة في كتاب عن حماس وتاريخها: “لم يكن في نفق ولم يكن هناك أسرى إسرائيليون خائفون وهزيلون حوله ولم تكن هناك دروع بشرية فلسطينية أيضا”. وقالت إن “صور السنوار دخلت بالفعل إلى كوكبة أبطال حماس والجماعات المسلحة الأخرى” وستقود كما تقول إلى “مزيد من الدعم ومزيد من التجنيد وزخم جديد للمقاومة”.

 وقال مسؤول في الجيش الإسرائيلي إن مقتل قائد حماس لم يأت نتيجة عملية مدروسة ولكن مواجهة بالصدفة. ولكنه أشار إلى أهمية استراتيجية إسرائيل في ملاحقة مقاتلي حماس في الجنوب من قطاع غزة. ومن أجل التقليل من أهمية المعركة، قال المسؤولون إن الملاحقة الإسرائيلية أجبرته على الخروج من مخبئه واستغلت “الخطأ” الذي ارتكبه. وقال المسؤول إن نهايته بالطريقة التي سجلت على الكاميرا لا تلغي حقيقة أنه قضى “95%” من العام الماضي في الأنفاق. وقال المسؤول: “من الواضح أن هذا لم يعكس الطبيعة الحقيقية لسلوكه طوال الحرب”.

 وفي يوم الأحد، للمساعدة في التأكيد على هذه النقطة، أصدر الجيش الإسرائيلي لقطات للسنوار وهو يدخل نفقا مع عائلته قبل يوم واحد من هجمات 7 أكتوبر من العام الماضي. ولكن هذا ما لا يريد الفلسطينيون أن يتذكروه عن السنوار. ففي مدينة رام الله بالضفة الغربية، قال فيصل سيد، 60 عاما، إن السنوار “لم يكن مختبئا كجبان كما يقول الإسرائيليون” و”كان في قمة أدائه ويقاتل”، و”سيخلد التاريخ معركته الأخيرة”.

 ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي أمني بارز قوله إن ما كان يشغل بال المسؤولين عندما نشروا صور زعيم حماس بعد مقتله، هو الرأي العام الإسرائيلي وتقديم صور تؤكد أن العدو رقم واحد لإسرائيل قتل. وقد قوبلت صور السنوار بالفرح والارتياح، في الشوارع وعلى وسائل التواصل الاجتماعي. ونشر بعض الإسرائيليين مقاطع فيديو لأنفسهم وهم يرقصون مع ملصقات تظهر زعيم حماس القتيل. وحتى الإسرائيليون الذين طالبوا ولأشهر الحكومة بالتوصل لصفقة مع زعيم حماس، بمن فيهم عائلات الأسرى، شعروا بالرضا لمقتله.

وأشاد الرئيس جو بايدن، في بيان له يوم الخميس بمقتل السنوار وقارن اللحظة في إسرائيل “بمظاهر الفرح في جميع أنحاء الولايات المتحدة بعد أن أمر الرئيس أوباما بشن غارة لقتل أسامة بن لادن في عام 2011”.

وكان هناك اختلاف واضح، فالولايات المتحدة لم تنشر صورا لبن لادن بعد مقتله في باكستان، حيث دفنت جثته سريعا في البحر بعد التأكد من فحوص الحمض النووي. وتم حجب لقطات الغارة نفسها لمنع استخدامها كأداة دعائية. ويرى مايكل ميلشتين، رئيس جهاز فلسطين سابقا في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) إنه كان من الأفضل عمل نفس الأمر “ربما كان الإعلان كافيا، مع صورة عمومية” و”لم يكن من الضروري نشر تفاصيل” يقول إنها “ساهمت في خلق أسطورة السنوار”.

 وتعلق الصحيفة أن كتم التفاصيل لم يكن ممكنا في وقت يحمل فيه كل جندي هاتفا ذكيا. وقد نشر جنود صور السنوار لعدم تأكدهم من هويته وبدون التفكير بالأبعاد الإستراتيجية. وقال المسؤول الإسرائيلي: “هناك إيجابيات وسلبيات لذلك، ولكن في عام 2024، من الصعب جدا منع ظهور الصور المرئية”.

ولكن إسرائيل لن تتوقف عن محاولة تحويل هزيمتها الدعائية إلى انتصار، ففي تقرير طويل نشرته “وول ستريت جورنال”، ذكرت فيه أن إسرائيل فكرت بقتل السنوار قبل هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر، وأن البحث عنه زاد بعد الهجمات، حيث اقترب جنود الوحدة 98 من القبض عليه في نفق بخان يونس. وظلت وحدة خاصة في شين بيت تتابع تحركاته، حيث تجمد البحث عنه في أيار/مايو.

وتشير الصحيفة نقلا عن مصادر إسرائيلية إلى أن تحديد القوات الإسرائيلية شبكات الأنفاق أجبر قادة حماس على الخروج من الأنفاق وقضاء أوقات في العلن. وهو ما مكن القوات الإسرائيلية من اغتيال محمد الضيف بالمواصي بتموز/يوليو، مع أن حماس لم تعلن عن مقتله. وبعد العثور على ستة أسرى إسرائيليين قتلى في رفح بأيلول/سبتمبر، بدأت الحلقة تضيق على السنوار الذي اضطر للخروج من الأنفاق. وبالمحصلة يحاول التقرير منح صورة أن المعركة الأخيرة لم تكن لتحدث لولا جهود القوات الإسرائيلية والاستخبارات بملاحقة السنوار وقادة حماس الآخرين.

صحيفة واشنطن بوست

ترجمة ابراهيم درويش