تستعد مدينة كازان الروسية لاستضافة 24 من قادة الدول ضمن قمة “بريكس” السنوية 2024، ما بين 22 – 24 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري. وتعول روسيا على هذه المدينة الإسلامية العريقة، والإمكانيات والخبرات التي تمتلكها، لإنجاح حدث يحظى باهتمام عالمي متزايد، وتقديمه بأبهى صورة تعكس نموذجاً للنجاح الروسي في تحقيق النمو المستدام والتطور الحضري، ووتشكيل عنصر جذب للدول الراغبة في التخلص من إسار الهيمنة الغربية، من أجل الانضمام مستقبلاً الى تكتل “بريكس” وقاطرته الروسية.
إرث وخبرة
تقع مدينة كازان، عاصمة جمهورية تتارستان المنضوية ضمن الاتحاد الروسي، عند التقاء نهري الفولغا وكازانكا، وتعد خامس أكبر مدينة في روسيا. تتمتع كازان بإرث تاريخي وثقافي عريق، وتعتبر من أقدم المدن الإسلامية في القارة الأوروبية. تمتزج فيها الثقافة الروسية بالعادات والتقاليد التترية، بما يمنحها جاذبية خاصة.
أولتها الحكومات الروسية منذ انتخاب فلاديمير بوتين رئيساً للجمهورية للمرة الأولى عام 2000 أهمية كبيرة ضمن سياساتها التنموية، الأمر الذي أكسب المدينة بنية تحتية متطورة، حيث جرى تصميمها لاستضافة الأحداث والمناسبات ذات الأهمية على الصعيد الدولي في مختلف المجالات.
على مدار عقدين ونصف، اكتسبت مدينة كازان خبرة تنظيمية كبيرة، راكمتها عبر الأحداث التي استضافتها بدعم من موسكو، الأمر الذي أكسبها سمعة وثقة على الصعيد الدولي، بحيث بات يشار اليها على أنها إحدى أكثر المدن تطوراً ونجاحاً في روسيا، وحصلت على اعتراف دولي بأنها أفضل مدينة في العالم لاستضافة المسابقات الرياضية الدولية.
تحتضن كازان مئات الأحداث الرياضية في كل عام. من بينها أحداث عالمية جمعت رياضيين وجماهير من نحو 200 بلد. نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: دورة الألعاب الجامعية 2013، بطوالة العالم للألعب المائية 2015، كأس القارات لكرة القدم 2017، كأس العامل روسيا 2018، بطولة المهارات العالمية 2019، وغيرها الكثير.
بنية تحتية متطورة
خلال العام الحالي، استضافت مدينة كازان دورة الألعاب المستقبلية 2024، دورة ألعاب “بريكس” 2024، أسبوع كازان الرقمي 2024، ومنتدى كازان الدولي 2024. بالإضافة الى المنتدى الاقتصادي الدولي “روسيا – العالم الإسلامي” الذي يعقد في كازان منذ 15 عاماً بانتظام.
من خلال ما سبق، يمكن الوقوف على مدى تنوع الأجندة الدولية لجمهورية تتارستان، والتي تعد عامل جذب يثير اهتمام جميع دول “بريكس”، ولا سيما مع البنية التحتية المتطورة التي جرى إنشاؤها في مدينة كازان، حيث قامت الحكومة الروسية بالتعاون مع حكومة تتارستان بتطوير مراكز الخدمات اللوجستية، ومراكز النقل والمطارات، ومحطات السكك الحديدية والطرق السريعة. كذلك جرى تطوير المرافق والإمكانيات الفندقية في مدينة كازان بشكل كبير، بحيث صارت تتمتع بشبكة من الفنادق ذات المستوى العالمي.
يضاف الى ذلك، مراكز المعارض، وأشهرها “كازان أكسبو” “Kazan Expo”، والذي يعد أحد أكبر وأحدث مراكز المعارض في روسيا. تلبي معدات مركز المعارض المعايير الدولية وتتيح إمكانية انعقاد الأحدث والفعاليات بأي مفهوم، والجمع بين التنسيقات المتصلة بالإنترنت وكذلك تلك غير المتصلة بالإنترنت أيضاً.
نموذج رائد في التنوع والتكنولوجيا
تستند روسيا على الخبرة التنظيمية التي راكمتها مدينة كازان، وعلى البنية التحتية المتطورة التي تتمتع بها، بالإضافة الى الإرث التاريخي والثقافي الهائل، من أجل إنجاح قمة “بريكس” السنوية 2024.
تثق موسكو بإمكانيات مدينة كازان، وباستعداداتها لاستضافة القمة. لكنها تعول أيضاً على هذه القمة من أجل فتح آفاق جديدة للاستثمار في العاصمة التترية، بعد إطلاع زعماء الدول الذين سيحضروا اجتماعات القمة على هذه الإمكانيات، وما تتيحه من فرص للاستثمار المستقبلي في مختلف المجالات، ولا سيما في ظل التطور الاقتصادي الذي تتمتع به المدينة وكذلك جمهورية تتارستان، وخصوصاً في صناعات النفط والسيارات والطائرات. علاوة على ما تقدمه مدينة كازان من نموذج رائع في التنوع والتعايش السلمي بين مختلف الثقافات والأديان، فضلاً عن كونها تعتبر مركزاً رائداً للتكنولوجيا والابتكار.
ومع ذلك، فإن رؤية روسيا لدور كازان المستقبلي لا يتوقف عند حدود قمة “بريكس” 2024، بل تنظر اليها على أنها محطة مفصلية، تمثل نقطة تحول تتيح توسيع سجل الأحداث الدولية في عاصمة جمهورية تتارستان. تطمح روسيا الى تحويل مدينة كازان، حيث تلتقي الحضارة الشرقية بالحضارة الغربية، الى مركز عالمي لاستضافة الأحداث والفعاليات الكبرى في مختلف المجالات.