أكد رئيس الموساد دادي برنياع، الإثنين الماضي، لدول الوساطة أن إسرائيل مستعدة للانسحاب من محور فيلادلفيا في المرحلة الثانية لصفقة تحرير الرهائن – قبل ساعات من تصريح نتنياهو بأنه غير مستعد للقيام بذلك. هذا ما قالته للصحيفة مصادر أجنبية مطلعة على المفاوضات حول الصفقة. برنياع، الذي سافر أمس بشكل مستعجل إلى قطر، أبلغ ممثلي دول الوساطة بأن إسرائيل تتمسك بالموافقة على إخلاء جميع القوات من المنطقة حسب خطة الرئيس الأمريكي بايدن، وهذا يخضع لتنفيذ الطلبات العملياتية التي ستطرحها. لم ينف مكتب رئيس الحكومة هذه الأقوال، ولم يتراجع عن مطالبة نتنياهو بوجود طويل المدى على طول المحور. وبدلاً من ذلك، قال إن “الكابنيت السياسي – الأمني سيناقش هذا الموضوع لاحقاً. لم يطلب منه الكابنيت حتى الآن مناقشة أي جزء في المرحلة الثانية للصفقة”.
مصدر إسرائيلي رفيع مطلع على الأمر، قال للصحيفة إن “نتنياهو وافق في السابق على انسحاب كامل للقوات من محور فيلادلفيا وإخلاء مطلق لها. اليومان الأخيران تسببا بضرر كبير للمفاوضات. المؤتمر الصحافي الذي عقده رئيس الحكومة، هدف إلى تعويق الصفقة لأسباب سياسية. لو لم تظهر هذه الطلبات فجأة لعقدت صفقة منذ زمن”.
في لقاء مشحون جرى نهاية تموز، أمر نتنياهو رئيس طاقم المفاوضات بإعادة صياغة خطة الصفقة، ووضع فيها طلباً، وهو السماح بوجود القوات على طول محور فيلادلفيا. برنياع ورئيس “الشاباك” رونين بار ورئيس هيئة الأسرى والمفقودين نيتسان ألون، هاجموا نتنياهو في حينه، في نقاش عرف بـ “لقاء الصراخ”، واتهموه بأن تصميمه سيفشل المفاوضات ويؤدي إلى موت مخطوفين في الأسر. “في اللحظة التي صمم فيها على هذه الأمور، دمر الصفقة”، قال للصحيفة مصدر مطلع على المفاوضات.
رغم خطاب نتنياهو أول أمس، فإن المفاوضات لم تفشل بعد. “هذا لم ينته”، أكد مصدر غربي مطلع على المحادثات. “احتمال عقد الصفقة ضئيل جداً، ولكن لم يفجر أحد المفاوضات حتى الآن. لم يعلن الفلسطينيون حتى الآن انتهاء المحادثات. قد يضطر نتنياهو إلى إظهار مرونة في نهاية المطاف، وربما يقرر السنوار التنازل من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار، الذي هو أهم له من أي شيء آخر”.
ينتظر الطرفان الآن اقتراحاً لحل وسط، يبدو أنه الأخير، للولايات المتحدة. وهذه الاقتراح/الوثيقة قد تكون على طاولة المفاوضات خلال بضعة أيام. بعض المصادر وصفت صيغة الوثيقة بـ “خذها أو اتركها”، أي أن الإدارة الأمريكية ستعلن بأن الصيغة غير خاضعة للتغيير، وهكذا سيضطر نتنياهو والسنوار ليقرر كل منهما إذا كانا سيتبنيانها أو سيؤديان إلى تفجير الصفقة نهائياً.
تصريح الرئيس الأمريكي أول أمس، الذي بحسبه لا يفعل نتنياهو ما هو كاف لتحقيق الصفقة، اعتبرته إسرائيل محاولة أمريكية للضغط على رئيس الحكومة لإظهار المرونة قبل طرح الوثيقة. “ما يمكن أن يحدث الآن هو إعلان الولايات المتحدة عن بقاء قوات إسرائيلية صغيرة في محور فيلادلفيا كما تطلب إسرائيل، في المرحلة الأولى من الصفقة. ولكن ستجبر إسرائيل في المرحلة الثانية، على إخراج جميع القوات”، قال مصدر مطلع على المفاوضات. “على نتنياهو والسنوار ابتلاع الضفدع”.
خلال تصريح نتنياهو أول أمس، يرى أن البقاء في محور فيلادلفيا ضرورة استراتيجية – سياسية لإسرائيل. وقال، ضمن أمور أخرى، إنه طلب أن تبقى إسرائيل في المحور، حتى قبل عملية الانفصال. ولكن في الـ 14 سنة من بين الـ 15 سنة لحكمه، لم يعمل على هذا الموضوع مطلقاً. وحسب قول رئيس الحكومة، وضع للحرب أربعة أهداف، وهي: هزيمة حماس، وإعادة المخطوفين، وإزالة التهديد من القطاع، وإعادة السكان على الحدود في الشمال. “ثلاثة من بين هذه الأهداف تمر في محور فيلادلفيا، أنبوب الأوكسجين لحماس”، قال نتنياهو. “أعلن شارون عن خطة الانفصال في 2003، وبعد بضعة أشهر طلبتُ السيطرة على المعابر من غزة وإليها، لأنه إذا تنازلت إسرائيل عن السيطرة هناك، ستصبح غزة جيباً للإرهاب. وكان من الواضح أنه إذا لم نسيطر على هذا المحور، فسيخلق وحش. محور الشر يحتاج محور فيلادلفيا، وإذا خرجنا فلن نعود. لن نتنازل عن ذلك، ولن ندخل أنفسنا في شرك مخيف”.
بقلم: يونتان ليس
صحيفة هآرتس الاسرائيلية
ترجمة صحيفة القدس العربي