المنتدى الاقتصادي الشرقي التاسع: تطوير التعاون الاقتصادي وتعزيز الروابط الثقافية بين روسيا والدول الآسيوية
خاص – “الوطنية”
تحت عنوان “لنوحد قوانا ونخلق الفرص” تستضيف مدينة “فلاديفوستوك” في منطقة الشرق الأقصى الفيدرالية في الاتحاد الروسيي، المنتدى الاقتصادي الشرقي بنسخته التاسعة على مدى 4 أيام بين 3 الى 6 سبتمبر/ أيلول الجاري. يشارك في هذا المنتدى الذي تشرف على تنظيمه مؤسسة “روس كونغرس”، أكثر من 6 آلاف شخص من 76 دولة ونحو 300 مؤسسة وشركة. وتعكس هذه المشاركة الواسعة حجم التطور الذي بلغه المنتدى، الذي تأسس عام 2015 بمرسوم رئاسي، بهدف تنمية اقتصاد المناطق الشرقية في روسيا، وتوسيع التعاون الدولي في آسيا والمحيط الهادي.
والحال أن روسيا نجحت في إخراج هذا المنتدى من دائرة التنميط والأطر الكلاسيكية التي تصاحب عادة مثل هذه الأنشطة في العالم، وتحويله الى حدث بارز يجذب قادة ورواد أعمال ومستثمرين تزداد أعدادهم باضطراد. كما أنها نجحت في تحويل المنتدى الى منصة تناقش كمّاً هائلاً من القضايا والموضوعات في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والتكنولوجية.
منذ الدورة الثانية للمنتدى عام 2016، قدمت روسيا تسهيلات كبيرة للمشاركين في أعمال المنتدى، حيث أصبح بإمكانهم إبراز جوار السفر في نقاط العبور الحدودية، مع وثيقة اعتماد صادرة عن اللجنة المنظمة. وفي مارس/ آذار الماضي، أقر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظام تأشيرات مبسط، يعطي الفرصة لضيوف 5 مناطق في الشرق الأقصى الروسي إمكانية الدخول عبر تأشيرة الكترونية صالحة لمدة 30 يوماً، ويمكن الحصول عليها عبر المواقع الالكترونية لوزارة الخارجية الروسية.
تقام فعاليات المنتدى على شكل جلسات نقاش وموائد مستديرة ومناقشات تلفزيونية وإفطارات عمل، وحوارات تجارية مع الدول الشريكة الرائدة في منطقة آسيا والمحيط الهادي، ومع دول التكتل الإقليمي “آسيان” وهو تجمع تكاملي للدول النامية النشطة في جنوب شرق آسيا. وحسب البرنامج المعد للنسخة التاسعة، فإن المنتدى الاقتصادي الشرقي سيركز في أعماله ونقاشاته على تطوير استراتيجيات الاقتصاد الرقمي والتقنيات الصديقة للبيئة والتنمية المستدامة.
بالإضافة الى تسليط الضوء على قضية شديدة الأهمية وهي “الأمن الغذائي” الذي يعاني الكثير من التهديدات في السنوات الأخيرة نتيجة السياسات الغربية غير العادلة، حيث سيتم التركيز على استدامة سلاسل التوريد وسلامة الغذاء. فضلاً عن إيلاء أهمية للمشاريع الزراعية، ولا سيما أن الصين وروسيا تتعاونان بنشاط في تطوير الكثير من المشاريع الزراعية وتحسين الإنتاج. وتشير المعلومات والمعطيات المتداولة حول المشاريع المعدة للتباحث ضمن أعمال المنتدى الى أنه من المتوقع إقرار حزمة مشاريع استثمارية تفوق قيمتها 30 مليار دولار وفق تقديرات أولية.
الى ذلك، وانطلاقاً من إيلاء روسيا أهمية كبرى لتعزيز الروابط الإنسانية وتعميق التمازج الثقافي مع دول آسيا وحوض المحيط الهادي، فإنها عملت على تطوير أعمال المنتدى في السنوات الأخيرة، حيث باتت تتضمن عرض الثروة الثقافية للبلدان المشاركة في أعمال المنتدى. الأمر الذي يمثل فرصة ثمينة لإظهار ثراء وتنوع الثقافات ضمن الاتحاد الروسي.
ومن بين الفعاليات الثقافية يبرز “يوم الصقر” الذي جرى اعتماده للمرة الأولى في العام الماضي. هذا الحدث جرى تصميمه من أجل إظهار الاهتمام الاستثنائي الذي توليه روسيا لحماية الطبيعة والحافظ على سلالات الحيوانات النادرة والفريدة، والتي يعد الصقر السيبيري الشهير من أبرزها، حيث أدرجته موسكو ضمن الكتاب الأحمر الروسي للمخلوقات النادرة. كما أنها قامت بتخصيص منطقة للرحلات التجريبية لطيور جارحة تم جلبها خصيصاً من أكبر المحميات والمشاتل الروسية.
علاوة على ذلك، فإن “يوم الصقر” الذي يفتتح المنتدى الاقتصادي الشرقي أعماله به، وتتضمن فعالياته الاطلاع على تجارب الدول في الحفاظ على الطيور الجارحة من عائلة الصقور، يحمل رمزية روسية بالغة الأهمية، حيث تتشارك روسيا مع العديد من بلدان الشرق، وخاصة الدول العربية الخليجية في الشعبية الخاصة التي يحظى بها الصقر.
من هنا يكتسب الاهتمام الروسي بفعالية “يوم الصقر” رمزية إضافية تشير الى أنه ليس أحد رأسي النسر الروسي فقط ينظر الى الشرق، بل كذلك أيضاً الصقر الروسي السيبيري، في دلالة على تعزيز موسكو للاتجاه الشرقي في سياساتها الخارجية على حساب العلاقة مع الغرب. وهذا ما يمكن تبينه من خلال إنشاء ساحة ثقافية في الهواء الطلق تحمل اسم “القرية العربية” من أجل إتاحة الفرصة لضيوف المنتدى للتعرف على تنوع الثقافات والعادات والتقاليد الشرقية.