في أولى تصريحاتها الساخطة على انتهاك سيادتها على أراضيها، وجّهت طهران أصابع الاتهام لواشنطن، ملمحة إلى علمها المسبق بعملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، مشيرة في بيان صادر عن خارجيتها إلى “مسؤولية واشنطن كشريك لإسرائيل”.
وعلى الرغم من إنكار البيت الأبيض لعلم الولايات المتحدة المسبق بعملية الاغتيال، وتصريحه الذي جاء ضمنيًا ضد الخطوة الإسرائيلية، إذ صرّح بايدن بأنها “لن تفيد إسرائيل في المفاوضات”، إلا أن الشراكة التي تجمع بينهما ستضعها دائمًا في موقع الشريك، فهل يبالغ من يقول بأن الولايات المتحدة تعمل على حماية إسرائيل طوال الوقت؟
لمن تذهب المليارات؟
بالأرقام، إسرائيل هي الدولة التي حصلت على أكبر قدر من المساعدات من الولايات المتحدة طوال تاريخ الأخيرة، ومن جميع النواحي السياسية والاقتصادية والعسكرية. فمنذ تأسيسها، تلقت إسرائيل مساعدات أمريكية تقدر بأكثر من 310 مليار دولار في شكل مساعدات اقتصادية وعسكرية، بحسب “Visual Capital“.
وبحسب “CFR” مجلس المساعدات الخارجية، وهو مؤسسة بحثية مستقلة غير حزبية تأسست في 1921، فقد تركزت المساعدات الأمريكية في السنوات الأخيرة بشكل كبير على الدعم العسكري.
وفي عام 2016، وقّعت الولايات المتحدة وإسرائيل مذكرة تفاهم لتوفير 3.8 مليار دولار سنويًا من المساعدات العسكرية لإسرائيل، تستمر حتى عام 2028. هذه المساعدات تشمل تمويل برامج الدفاع الصاروخي مثل “القبة الحديدية” و”مقلاع داوود” و”سهم 2″، حيث تشارك الولايات المتحدة في البحث والتطوير والإنتاج لهذه الأنظمة.
بعد الحرب على قطاع غزة في تشرين الثاني/ أكتوبر 2023، أقر الكونغرس الأمريكي تشريعات لتقديم مساعدات عسكرية إضافية بقيمة 12.5 مليار دولار.
تضمنت هذه المساعدات 3.8 مليار دولار من الميزانية المعتادة، بالإضافة إلى 8.7 مليار دولار من تشريع إضافي تم تمريره في نيسان/ أبريل 2024. بحيث تستخدم إسرائيل هذه المساعدات لشراء معدات وخدمات عسكرية أمريكية، وتشكل حوالي 15% من ميزانية الدفاع الإسرائيلية.
ماذا تعني “QME” ولماذا هو ملزم للولايات المتحدة؟
بحسب المصادر السابقة، تعني التفوق العسكري النوعي وهي اختصار وترجمة لـ(Qualitative Military Edge).
هذا المفهوم يشير إلى التزام الولايات المتحدة بالحفاظ على قدرة إسرائيل العسكرية على التفوق في مواجهة أي تهديدات عسكرية تقليدية من الدول أو الجماعات غير الحكومية في المنطقة.
يهدف “QME” إلى “ضمان أن تكون لإسرائيل القدرة على الدفاع عن نفسها بفعالية ضد أي هجوم محتمل، مع تحقيق الحد الأدنى من الخسائر والأضرار على اعتبارها جزءًا من السياسة الأمريكية في المنطقة، والحليف الأساسي في الشرق الأوسط”.
ففي عام 2008، أقرّ الكونغرس الأمريكي تعديلًا لقانون مراقبة تصدير الأسلحة (AECA) يلزم الولايات المتحدة بالحفاظ على “التفوق العسكري النوعي” (QME) لإسرائيل. يعني هذا أن أية مبيعات لأية أسلحة أمريكية لدول الشرق الأوسط الأخرى مثل السعودية والإمارات ومصر والأردن يجب أن لا تقوّض تفوّق إسرائيل العسكري في المنطقة.
كما يتطلب القانون أن يقدم الرئيس الأمريكي أو من ممثله المعتمد شهادة للكونغرس توضح قدرة إسرائيل على التعامل مع التهديدات المتزايدة وكيفية تأثير نقل الأسلحة على التوازن الاستراتيجي والتكتيكي في المنطقة. وبكلمات أخرى فأي رئيس أمريكي ملزم بالإيفاء بهذا التعهد القانوني، وبغض النظر عن توجهه أو رأيه، لأن هذه المساعدات الأمنية “تعتبر جزءًا أساسيًا من الاستراتيجية الأمريكية لضمان الاستقرار الإقليمي وردع التهديدات الأمنية في الشرق الأوسط” بحسب مسببات القانون.
لكن العلاقة التي تبدو مثالية بين الحليفتين، لا تخلو من خلافات، إنما لم يحدث أن وصلت الخلافات بينهما إلى حد الأزمة الدبلوماسية أو التصريحات المتبادلة، تالياً بعض القضايا الأساسية التي تظل محل خلاف بين الحليفتين.
خلافات بسبب القضية الفلسطينية
بحسب “جيروزالم بوست” فإن أبرز القضايا الخلافية هي المستوطنات، فبعد احتلال إسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967، صرحت الولايات المتحدة بأنها تنظر إلى بناء المستوطنات كعائق أمام السلام. لكنها رغم ذلك، لم تصفها ولو لمرة واحدة بأنها “غير قانونية”، وذلك لتجنب فرض عقوبات دولية على إسرائيل.
برغم الخلافات حول الاستيطان والبرامج النووي الإيراني والعلاقات الصينية، لكن تظل برامج التجسس الإسرائيلية هي المشكلة الكبرى للولايات المتحدة مع إسرائيل.
ففي عهد الرئيس جورج بوش الأب، تم ربط المساعدات المالية الأمريكية لإسرائيل بالتوقف عن بناء المستوطنات. ورغم ذلك، أعطت إدارة كلينتون لاحقًا استثناءات لهذا الأمر في بعض الحالات. في عهد أوباما، امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت في مجلس الأمن في قرار يدين المستوطنات، ما اعتُبر توبيخًا غير مباشر لإسرائيل.
كما شكّل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس في عام 2018 نقطة خلاف لاحقة انتقلت إلى تركة إدارة بايدن، فاعتراف الرئيس ترامب بالقدس كعاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها، كان قد أثار استياء المجتمع الدولي والفلسطينيين. في المقابل، تدعم إدارة بايدن أو الديمقراطيين بشكل أدق إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية لتعزيز العلاقات مع الفلسطينيين، وهو ما تعارضه إسرائيل بشدة وتعتبره نقطة خلاف.
كذلك يسبب الدعم الأمريكي لبعض منظمات المجتمع المدني الفلسطيني في الضفة الغربية، والتي تصنّفها إسرائيل منظمات إرهابية نقطة خلاف غير محلولة.
خلافات بسبب إيران والصين
ثاني القضايا الخلافية هي العلاقات الأمريكية الإيرانية بالطبع، والاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 الذي قادته إدارة أوباما. والذي تعتبر إسرائيل أنه لا يحد بشكل كاف من القدرات النووية الإيرانية ويمثل تهديداً لأمنها.
في المقابل، دعمت الولايات المتحدة الاتفاق كوسيلة لردع إيران عن تطوير أسلحة نووية عبر الدبلوماسية بدلًا من العمل العسكري. هذا التوتر استمر حتى بعد انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق في 2018، وهو ما لاقى ترحيباً إسرائيلياً.
في عام 2008، أقرّ الكونغرس الأمريكي تعديلًا لقانون مراقبة تصدير الأسلحة (AECA) يلزم الولايات المتحدة بالحفاظ على “التفوق العسكري النوعي” (QME) لإسرائيل. يعني هذا أن أية مبيعات لأية أسلحة أمريكية لدول الشرق الأوسط الأخرى مثل السعودية والإمارات ومصر والأردن يجب أن لا تقوّض تفوّق إسرائيل العسكري في المنطقة
وعلى الجانب الآخر، ليست الولايات المتحدة الأمريكية من أكبر المعجبين بالتطور السريع للعلاقات الإسرائيلية الصينية، حيث أعربت أمريكا عن مخاوفها بشأن العلاقات الاقتصادية بينهما، وضغطت على إسرائيل لتقليص تعاملاتها التجارية مع الصين، خاصة في مجالات التكنولوجيا والبنية التحتية.
التجسس… نقطة خلاف كبرى
برامج التجسس الإسرائيلية قد تكون نقطة الخلاف الأكبر، نظراً لعدم وجود طرف ثالث في المعادلة كالإيرانيين والصينيين والفلسطينيين ولدخولها في جوهر العلاقة بين الحليفتين.
في تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، فرضت إدارة بايدن في سابقة أمريكية عقوبات على شركتين إسرائيليتين لصناعة برامج التجسس، هما “NSO Group” و”Candiru”. ووُضعت الشركتان في القائمة السوداء من قبل وزارة التجارة الأمريكية، مما يمنعهما من شراء التكنولوجيا الأمريكية الضرورية لتطوير برمجياتهما.
وقد صرّح نيد برايس، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية حينها بالقول: “نحن نتطلع إلى مزيد من المناقشات مع حكومة إسرائيل لضمان عدم استخدام منتجات هذه الشركات لاستهداف مدافعي حقوق الإنسان والصحافيين وآخرين لا ينبغي استهدافهم”.
وتم اتهام شركة “NSO” بتطوير برامج تجسس مثل “Pegasus”، التي استُخدمت لاختراق الهواتف المحمولة للنشطاء والصحافيين والمعارضين في عدة دول. أكدت تقارير صحافية واستقصائية أن بعض الحكومات استخدمت هذه التكنولوجيا لمراقبة الخصوم السياسيين والناشطين في مجال حقوق الإنسان.
كما رفعت شركة “Apple” دعوى قضائية ضد “NSO”، متهمة إياها بانتهاك الخصوصية باستخدام برامج التجسس الخاصة بها.
كم مرة استخدمت الولايات المتحدة حق النقض لصالح إسرائيل؟
منذ تأسيس الأمم المتحدة استخدمت الولايات المتحدة حق النقض الفيتو 83 مرة، 46 منها لصالح إسرائيل بشكل مباشر، وهي التالية بحسب موقع مجلس الأمن، وبحسب المكتبة اليهودية الافتراضية:
1. 10 أيلول/سبتمبر 1972، وكان موضوع الجلسة الشكوى بشأن العدوان الإسرائيلي ضد لبنان.
2. 26 تموز/يوليو 1973 – وكان موضوع الجلسة إدانة الاحتلال الإسرائيلي المستمر للأراضي الفلسطينية.
3. 8 كانون الأول/ديسمبر 1975 – وكان موضوع الجلسة إدانة الغارات الجوية الإسرائيلية ضد لبنان.
4. 26 كانون الثاني/يناير 1976 – وكان موضوع الجلسة الدعوة إلى انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي الفلسطينية.
5. 25 آذار/مارس 1976 – وكان موضوع الجلسة الدعوة لحماية الأماكن المقدسة.
6. 29 حزيران/يونيو 1976 – وكان موضوع الجلسة تأكيد حق العودة والسيادة الفلسطينية في فلسطين.
7. 30 نيسان/أبريل 1980 – وكان موضوع الجلسة تأكيد الحقوق الفلسطينية غير القابلة للتصرف.
8. 20 كانون الثاني/يناير 1982 – وكان موضوع الجلسة دعوة لإلغاء الاحتلال الإسرائيلي لهضبة الجولان.
9. 2 نيسان/أبريل 1982 – وكان موضوع الجلسة التنديد بانتهاك إسرائيل لاتفاقية جنيف الرابعة.
10. 20 نيسان/أبريل 1982 – وكان موضوع الجلسة إدانة العدوان على جبل الهيكل.
11. 8 حزيران/يونيو 1982 – وكان موضوع الجلسة دعوة إسرائيل لسحب قواتها من لبنان.
12. 26 حزيران/يونيو 1982 – وكان موضوع الجلسة المطالبة بوقف فوري للعمليات العدائية في لبنان.
13. 6 آب/أغسطس 1982 – وكان موضوع الجلسة إدانة إسرائيل لعدم تنفيذ قرارات الأمم المتحدة.
14. 2 آب/أغسطس 1983 – وكان موضوع الجلسة تحديد بناء المستوطنات الإسرائيلية كغير قانوني.
15. 6 أيلول/سبتمبر 1984 – وكان موضوع الجلسة الدعوة لاحترام السيادة والاستقلال اللبناني.
16. 12 آذار/مارس 1985 – وكان موضوع الجلسة إدانة الإجراءات الإسرائيلية ضد المدنيين في جنوب لبنان.
17. 13 أيلول/سبتمبر 1985 – وكان موضوع الجلسة إدانة التدابير القمعية التي تتخذها إسرائيل ضد السكان العرب.
18. 17 كانون الثاني/يناير 1986 – وكان موضوع الجلسة إدانة الممارسات الإسرائيلية ضد المدنيين في جنوب لبنان.
19. 30 كانون الثاني/يناير 1986 – وكان موضوع الجلسة دعوة إسرائيل لاحترام الأماكن المقدسة الإسلامية.
20. 6 شباط/فبراير 1986 – وكان موضوع الجلسة إدانة إسرائيل لاعتراضها طائرة ليبية.
21. 1 شباط/فبراير 1988 – وكان موضوع الجلسة دعوة إسرائيل للالتزام باتفاقية جنيف الرابعة.
22. 15 نيسان/أبريل 1988 – وكان موضوع الجلسة حث إسرائيل على احترام اتفاقية جنيف الرابعة.
23. 10 أيار/مايو 1988 – وكان موضوع الجلسة إدانة غزو القوات الإسرائيلية لجنوب لبنان.
24. 14 كانون الأول/ديسمبر 1988 – وكان موضوع الجلسة إدانة الهجوم الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية.
25. 17 شباط/فبراير 1989 – وكان موضوع الجلسة إدانة سياسات إسرائيل وممارساتها في الأراضي المحتلة.
26. 7 تشرين الثاني/نوفمبر 1989 – وكان موضوع الجلسة شجب السياسات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة.
منذ تأسيس الأمم المتحدة استخدمت الولايات المتحدة حق النقض الفيتو 83 مرة، 46 منها لصالح إسرائيل بشكل مباشر.
27. 31 أيار/مايو 1990 – وكان موضوع الجلسة لجنة للتحقيق في مقتل سبعة عمال فلسطينيين.
28. 17 أيار/مايو 1995 – وكان موضوع الجلسة تأكيد مصادرة إسرائيل لأراضٍ في القدس الشرقية كغير صالحة.
29. 7 آذار/مارس 1997 – وكان موضوع الجلسة دعوة السلطات الإسرائيلية للامتناع عن جميع أنشطة الاستيطان.
30. 21 آذار/مارس 1997 – وكان موضوع الجلسة المطالبة بوقف بناء المستوطنات في القدس الشرقية.
31. 27 آذار/مارس 2001 – وكان موضوع الجلسة الدعوة لإرسال قوة مراقبة للأمم المتحدة في الضفة الغربية وغزة.
32. 14 كانون الأول/ديسمبر 2001 – وكان موضوع الجلسة المطالبة بوقف فوري للعنف الإسرائيلي الفلسطيني.
33. 20 كانون الأول/ديسمبر 2002 – وكان موضوع الجلسة إدانة إسرائيل لقتل موظفي برنامج الأغذية العالمي.
34. 16 أيلول/سبتمبر 2003 – وكان موضوع الجلسة مطالبة إسرائيل بوقف تهديدات طرد ياسر عرفات.
35. 14 تشرين الأول/أكتوبر 2003 – وكان موضوع الجلسة السعي لمنع إسرائيل من توسيع الجدار الأمني.
36. 25 آذار/مارس 2004 – وكان موضوع الجلسة إدانة إسرائيل لقتل زعيم حماس أحمد ياسين.
37. 5 تشرين الأول/أكتوبر 2004 – وكان موضوع الجلسة دعوة إسرائيل لوقف عمليات غزة.
38. 13 تموز/يوليو 2006 – وكان موضوع الجلسة دعوة إسرائيل لوقف عمليات غزة.
39. 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2006 – وكان موضوع الجلسة دعوة إسرائيل لوقف عمليات غزة.
40. 18 شباط/فبراير 2011 – وكان موضوع الجلسة إدانة المستوطنات الإسرائيلية التي أقيمت منذ عام 1967 كغير قانونية.
41. 18 كانون الأول/ديسمبر 2017 – وكان موضوع الجلسة اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل.
42. 1 حزيران/يونيو 2018 – وكان موضوع الجلسة إدانة العنف الإسرائيلي ضد المتظاهرين خلال “مسيرة العودة الكبرى”.
43. 18 تشرين الأول/أكتوبر 2023 – وكان موضوع الجلسة الدعوة لوقف إنساني شامل ومحترم في غزة.
44. 8 كانون الأول/ديسمبر 2023 – وكان موضوع الجلسة دعوة لوقف فوري لإطلاق النار في غزة.
45. 20 شباط/فبراير 2024 – وكان موضوع الجلسة الدعوة لوقف إطلاق النار في غزة.
46. 18 نيسان/أبريل 2024 – وكان موضوع الجلسة الاعتراف بفلسطين كدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة.