النزعات الانفصالية بعد ثورات الربيع العربي… كيف تحوّل مستقبل الدولة الوطنية؟

Spread the love
image_pdfimage_print

تُعدّ ظاهرة التنوع الاجتماعي من السمات البارزة في المجتمعات الإنسانية المختلفة عبر العصور، ولا يكاد يخلو أيّ مجتمع منها. وبرغم الاعتقاد بأن التعايش السلمي بين الفئات والعناصر المختلفة من البشر، يمكن أن يعزّز قيم المواطنة، ويكون أحد مظاهر الدولة الحديثة، إلا أن تجارب مختلفةً تؤكد أن هذا التنوع كان ولا يزال يمثّل إشكاليةً لمعظم الدول، وقد يصل أحياناً إلى تهديد كيان الدولة وزعزعة أمنها القومي واستقرارها الاجتماعي، والسياسي، وحتى الثقافي.

تشكّل ظاهرة الأقليات موضوعاً قديماً ومتجدداً، وبرزت في الساحة الدولية كمتغيّر رئيسي مع نهاية الحرب الباردة، التي رافقها تفكّك العديد من الدول الناتج عن بروز الحركات الانفصالية التي تطالب بالانفصال، سواء كان استقلالاً ذاتياً في إقليمها، أو استقلالاً كاملاً في دولتها الخاصة، ما أدّى إلى خلق حدود دولية جديدة.

تاريخياً في العالم العربي، حيث التنوع الفسيفسائي الكبير، استمرّ التهميش والإقصاء، وحتى القمع، للأقليات الدينية، والقومية، والثقافية في ظل الحكومات المتعاقبة، ما ساهم في ارتفاع مستوى حراك جماعات خارج إطار الدولة، وتصاعدت وتيرة هذه الحراكات مع بداية ثورات الربيع العربي عام 2011، الذي رافقه ضعف الدولة، وتراجع قدرة السلطة على السيطرة، أو انهيارها في بعض الدول التي اندلعت فيها تلك الثورات.

فكيف تعاملت الأنظمة العربية مع تنوّع مجتمعاتها؟ وما هي طبيعة الحركات الانفصالية ومقوماتها وتوجهاتها بعد ثورات الربيع العربي؟ وما هي الحلول المطروحة؟ أسئلة نحاول أن نُجيب عنها، لمحاولة توصيف جزءٍ من الصورة القاتمة في هذه المنطقة الجغرافية من العالم.

إدارة الأنظمة العربية للتنوّع الاجتماعي قبل الـ2011

في عام 2009، قدّم مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، مداخلتين أمام مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في دورة انعقاده العاشرة، أكد فيهما أن “سياسات الإقصاء التي لا تُقيم اعتباراً لسمات التنوع والتعددية العرقية والدينية والمذهبية في العالم العربي، ظلّت مدخلاً يكرّس حالة الاحتراب الأهلي، والصراعات المسلحة التي تحصد حياة الآلاف من المدنيين في العراق، والسودان، واليمن، وتنذر بتزايد وتيرة القمع الممنهج على أساس مذهبي في البحرين والمملكة السعودية، أو على أساس عرقي في سوريا، وفي مصر ظلّ النوبيون هدفاً لمظاهر شتى من التهميش، فيما تتواصل الضغوط على الحريات الدينية بصفة عامة ومظاهر التمييز بحق الأقليات الدينية داخل مصر”.

كيف تعاملت الأنظمة العربية مع تنوّع مجتمعاتها؟ وما هي طبيعة الحركات الانفصالية ومقوماتها وتوجهاتها بعد ثورات الربيع العربي؟ وما هي الحلول المطروحة؟ أسئلة نحاول أن نُجيب عنها، لمحاولة توصيف جزءٍ من الصورة القاتمة في هذه المنطقة الجغرافية من العالم

تُعطي هذه المداخلة صورةً بسيطةً عن أزمة الأقليات في العالم العربي. وكما هو واضح، أحد أسبابها الرئيسية غياب الديمقراطية، ذلك أنها الآلية السلمية لإدارة التنوع المجتمعي. وقد اختلفت الأنظمة العربية في إدارتها لملف الأقليات، وأخذ هذا الاختلاف أشكالاً عدة منها القمع، ومنها إعادة إنتاج الانتماءات التقليدية، من خلال تكريس حالة الزبائنية مع قادة الجماعات الإثنية والدينية عوضاً عن بناء هوية تكاملية جامعة.

عن هذا التفاوت في سياسة التعامل مع مسألة الأقليات، تناولت دراسة لمجلة “إيليزا” للبحوث والدراسات، للباحِثَين أسماء جمعي وعبد المجيد عطار، “تفاوت درجة طبيعة مطالب الأقليات السياسية، والاجتماعية، والثقافية، وبناءً على هذا التفاوت فإن معاملة الأنظمة السياسية لأقلياتها تختلف من دولة إلى أخرى، فالدول التي تطالب فيها الأقليات بحرية أكبر في الحفاظ على مميزاتها الخاصة، دون استعمال وسائل قمعية لتحقيق ذلك، تعاملها الدولة بليونة من أجل دمجها في المجتمع، وبناءً على ذلك تتقدم الأنظمة السياسية بخطوة تُعرف بعمليات الاستيعاب والدمج”.

وهذه الإستراتيجية السابقة لا تبدو ملحوظةً في العالم العربي إلا في ما ندر، وتطغى على المشهد الإستراتيجية الثانية التي تنتهجها بعض الدول في تعاملها مع أقلياتها، “إستراتيجية القصر على الهيمنة، وهي الأكثر شيوعاً، وتمارسها الأقليات الحاكمة غالباً بالعنف والإكراه، مثل التجربة اليمنية بعد توحيد شطريها الشمالي والجنوبي”.

ويرى المرصد السوري لحقوق الإنسان في دراسة بعنوان “المواطَنَة والأقليّات العرقيّة والدينيّة في الوطن العربي – سوريا نموذجاً”، صادرة عام 2015، أن المجتمعات العربية نفسها “تباينت في عدم تقبّل مفهوم الأقليات العرقية أو الدينية”، ويستند في هذا التباين إلى منطلقين الأول هو: “العقيدة الإسلامية التي تعدّ جميع البشر أمةً واحدةً ‘وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ’ (الحجرات 13). على الرغم من وجود تعدديات عرقية وتكتلات على أساسها، كثيراً ما كانت تؤدي إلى حروب وانقلابات ومذابح”. أما المنطلق الثاني: “القومية العربية، استناداً إلى التركيز على التوجه الإنساني للفكر القومي العربي، مع الإشارة إلى أن هذا الفكر تماهى مع العرب المسلمين الذين رأوا في الفكرة القومية طريقاً للخروج من ظل النظام الملّي للدولة العثمانية، ولهذا فقد اكتفى القوميون بتجنّب التعامل مع الأقليات كأنها غير موجودة”.

وجدير بالذكر أن هذه الخطابات الهوياتية، القومية منها أو الدينية، والتي تقوم على إقصاء الآخر، وبعيداً عن النظم العربية، هي في قسم كبير منها يتحمّلها نُخب ومثقفون، وقادة دينيون، محسوبون على السلطة، أو بعيدون عنها حتى.

النزعات التي رافقت ثورات الربيع العربي

يشير الباحث السوري عبد القادر أحمد نعناع، في رسالة الدكتوراه الخاصة به، إلى أن “فترة ما عُرف بثورات الربيع العربي، ترافقت مع جملة اضطرابات من أبرزها ارتفاع مستوى حراك الجماعات والفاعلين، دون الدولة، سواء بشكله الإثني ’العرقي والديني’، أو الجهوي والقبلي، ضمن حراك اتّسم بتوجهات ثلاثة: حراك انفصالي، وآخر تسلّطي، وثالث اجتماعي”.

ويذهب إلى توصيف هذه الحركات بأنها نزعات مختلفة الأشكال يفنّدها بالتفصيل كالآتي؛ “شكّلت نزعة كل من الحوثيين، والعلويين، وشيعة العراق، نزعةً تسلطيةً على الدولة تحمل مقوّماتها النزعة الانفصالية في حال إخفاق نزعتها التسلطية، وشكّلت نزعة كل من ’تنظيمات القاعدة’، وصحراويي المغرب، وجنوبيي اليمن، والأكراد في سوريا والعراق، نزعةً انفصاليةً، وتقع نزعة شيعة البحرين ضمن النزعة المطلبية الإثنية مع نزعة تتطلع إلى الاستيلاء على الدولة”. ويتابع الدكتور نعناع، عن بقية النزعات في باقي الدول العربية، قائلاً: “تبقى نزعة مسيحيي مصر نزعةً مطلبيةً إثنيةً”، أما النزعة الأمازيغية فيعدّها “مطلبيةً إثنيةً لكنها باتت تحمل مقومات التحول إلى نزعة انفصالية”، وأما في ليبيا “فتتنوع النزعات الجهوية والقبلية، بين نزعات مطلبية تسلطية، وانفصالية”.

ويعتقد نعناع أن “بنية الدولة وإشكاليتها شكلت حافزاً للنزعات الإثنية والانفصالية، بحيث لا يمكن أن تكون هذه النزعات مستقلةً عن اضطرابات في بنية الدولة، بل إن تراخي الدولة العربية القطرية وهشاشتها، كانا ركيزة العمل الإثني خصوصاً بعد عام 2011”.

واقع الحال هذا، مع ما ذكرناه سابقاً، بالإضافة إلى ازدياد التدخل الخارجي إما لصالح الأنظمة العربية، أو لصالح إثنيات وأقليات معينة، ومع تصاعد الإرهاب في المنطقة، جعلت ثورات الربيع العربي بيئةً خصبةً للنزعات الانفصالية، ويبدو من سياق الأحداث في المنطقة أنها ذاهبة إلى المزيد من التفتت والانقسام، لا إلى التجمع والاتحاد.

اختلفت الأنظمة العربية في إدارتها لملف الأقليات، وأخذ هذا الاختلاف أشكالاً عدة منها القمع، ومنها إعادة إنتاج الانتماءات التقليدية، من خلال تكريس حالة الزبائنية مع قادة الجماعات الإثنية والدينية عوضاً عن بناء هوية تكاملية جامعة

قدّم المعهد العربي للبحوث والسياسات (نواة)، ورقةً بحثيةً للباحثة أسماء جوامع (جمعي)، عن إدارة التنوع المجتمعي في الوطن العربي بين فرض الاندماج وسيناريوهات الانقسام، والانفصال، ودول المشرق العربي نموذجاً، تذكر فيها أن “الكيانات ذات الانتماءات الفرعية البارزة على الساحة العربية اليوم قامت على أعتاب تآكل سيادة الدولة، وزيادة الدعم الغربي لهذه الكيانات، عن طريق التعبئة من أجل حصولها على حقوقها المسلوبة، تحت حكم الأغلبية الإثنية المغايرة، وهو ما حصل في العراق بعد الحرب الأمريكية على نظام صدام حسين السنّي، الذي قام على أعتابه حكم شيعي استبدّ بالأقلية السنّية مؤسساً لانشقاق عنيف في الدولة”.

وتتابع: “كما أن الحال مع تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام الإرهابي، هو نتيجة حتمية للتراكمات المذهبية والطائفية، التي خلّفتها حكومة المالكي في العراق، وما خلّفته من أحقاد على باقي الأقليات والجماعات الإثنية المغايرة”.

هذه التراكمات الطائفية والإثنية، ساهمت إلى حد كبير في توسّع سيطرة داعش إلى سوريا، مع تدخّل إيران المباشر والعلني لدعم النظام السوري في وجه معارضيه، ما أدى إلى تحوّل الثورة السورية إلى حرب أهلية وطائفية في أغلب المناطق السورية، وإثنية في بعضها، وساهم دعم إيران الحوثيين في اليمن أيضاً، إلى تغيير مسار الثورة القائم، من صراعات قبلية إلى طائفية، مع دخول السعودية والإمارات على خط المواجهة المباشرة أيضاً.

الفيدرالية حلّ أم تسوية؟

كَثُر الحديث في السنوات الأخيرة عن الفيدرالية كحل لمشكلات العالم العربي وأداة ضرورية لإصلاح واقع الحال المُجزّء والمفتت، في دول المشرق العربي على وجه الخصوص، وفي اليمن والسودان وليبيا على نطاق أوسع.

في عام 2005، وعلى أثر اشتعال النقاش حول الدستور العراقي، برزت فكرة الفيدرالية التي تبنّتها الأقلية الكردية بوجه خاص، بجميع هياكلها الجغرافية، والإثنية، ما سبب نزاعاً دستورياً بين الأغلبية العربية، بشقّيها السنّي والشيعي، وبين الأقليات الكردية والتركمانية؛ وعن ذلك كتب الباحث الفلسطيني عارف حجاج، الذي عمل أستاذاً للّغة العربية في وزارة الخارجية الألمانية، “أن هناك إجماعاً شبه كامل في العالم العربي، على أن الفيدرالية مرادفة للانشقاق، وتجزئة الدولة، والذي ظهر جليّاً في النقاشات حول الدستور العراقي، ولكن من الممكن أن يشكل هذا النموذج بالنسبة لجميع الدول العربية أداةً مهمةً للقيام بإصلاحات”.

لكن الخيار الفيدرالي في المنطقة ليس جديداً، وطُرح كبديلٍ عن النظام الطائفي في لبنان، وكان موضوع نقاش بين السياسيين المسيحيين، والأحزاب المسيحية بشكل رئيسي قبل الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990) وخلالها، فقد عرض الرئيس كميل شمعون (1952-1958) خطةً مفصّلةً للبنان الفيدرالي، كما قدّمت الجبهة اللبنانية، التي تمثّل تطلعات الموارنة بشكل رئيسي، مشروعاً فيدرالياً خلال الحوار الوطني اللبناني في لوزان 1984، وراودت فكرة الفيدرالية الرئيس المنتخب بشير جميل الذي اغتيل عام 1982.

الخيار الفيدرالي في المنطقة ليس جديداً، وطُرح كبديلٍ عن النظام الطائفي في لبنان، وكان موضوع نقاش بين السياسيين المسيحيين، والأحزاب المسيحية بشكل رئيسي قبل الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990) وخلالها

وتصاعد صوت الفدراليين الحاليين في لبنان لناحية اعتبار الفدرالية حلاً لمشكلة لبنان كدولة، ويؤكدون وفقاً لموقع “لبنان الفيدرالي” على السيادة والحياد كأولوية تأسيسية وطنية، لإنقاذ لبنان من بين أمور أخرى كالعنف السياسي، والاستقطاب الطائفي، والفساد، والتدخل الخارجي، والسلاح غير الشرعي، ويقترح البعض الآخر منهم دستوراً عرقياً جغرافياً، وفقاً لموقع “جمهورية لبنان الفيدرالية”، ويأخذون في ذلك سويسرا وبلجيكا مثالَين على دول تبنّت الفدرالية على أساس عرقي، والولايات المتحدة على أساس جغرافي، ويبقى المثال العربي الوحيد هو الإمارات العربية المتحدة، مع ملاحظة غياب القراءة الفعلية لديهم، للواقع اللبناني المتشابك والمختلف في كثير من تفاصيله عن الدول التي تعتمد الفيدرالية.

في سوريا، ذهب المنادون بالفدرالية، وهم مجلس سوريا الديمقراطية، والقوى الكردية بشكل أساسي، وبعض الناشطين المعارضين، إلى اعتبارها حلّاً سحرياً لكل مشكلات سوريا، فيما يعدّ كثيرون، من الموالين والمناوئين للنظام على حد سواء، أنها تكرّس حالة الانقسام، وما هي سوى مخطط خارجي استعماري تقسيمي.

يذكر الباحث السوري الدكتور عقيل سعيد محفوض، في ورقة بحثية: “ينظر السوريون، أو شريحة قد تكون كبيرةً منهم، إلى الفيدرالية كما لو أنها ’شأن الآخرين’ حيال بلدهم وجزء من ’منظور دولي’ للتعاطي مع الحدث السوري، ومن غير الواضح إلى أي حد يقبلون/ يرفضون الفكرة، ربما لانشغالهم عنها بأمور أكثر أولويةً تتمثل في تدبّر الحرب، وتدبّر سبل العيش”. ويختم ورقته بفكرة تفاؤلية تبدو أقرب إلى الحلم، حسب معطيات الوضع الراهن: “إذا حدثت توافقات بين فواعل الحدث السوري واستعاد السوريون فكرة مجتمع، ودولة، وهوية وطنية، ومواطنة، وتحول ديمقراطي، فلربما تجاوز الحدث السوري سؤال الفيدرالية، والتجاذبات والاصطفافات حوله، لتغدو الفيدرالية مقولةً محققةً بالنسبة للمطالبين بها، ومتجاوزةً بالنسبة للمتوجسين منها!”.

هذا التوجس من الفيدرالية تطور إلى إدانة ويزيد مع ازدياد حالة التفتت غير المعلن في دول المشرق العربي؛ سوريا، لبنان، العراق، وتُنسب كما مشكلات المنطقة دائماً إلى المخططات الاستعمارية، فيقول حازم صاغية: “كلما زاد هذا الهزال المشرقي هزالاً، قويت نبرة التنديد بالتجزئة والتفرقة، التي تنسب إلى الاستعمار إياه أنه يرعاها…”، ويرى أن إدانة الفيدرالية “استُخدمت أكثر ما استُخدمت لاحقاً في بلدان العالم الثالث، حيث يتجاور الطلب على الوحدة، وضعف مكونات تلك الوحدة على الواقع، واليوم تندفع هذه الوجهة بقوة غير معهودة أقله في المشرق العربي”.

ويرى صاغية أيضاً أن “الذين يُشهّرون لا يفعلون ذلك من موقع اليعقوبية الصارمة، بل يصدرون عن دول مفتتة تعيش واقعاً من الانقسام، ومن هُزال الدولة المركزية على ما نرى في لبنان وسوريا والعراق”.

لا شك في أن الفيدرالية باتت من الحلول المطروحة بقوة للمشكلات والأزمات والانقسامات، في بعض دول العالم العربي، وهذه الانقسامات هي واقع غير معلن ضمن دول مركزية منهارة تحكمها الميليشيات. ولكن هذا الحل قد يبدو أقرب إلى التسوية منه إلى الحل المطلق، ويمكن اعتبار أن هذه الفيدرالية المطروحة والتي تقوم على أساس جغرافي عرقي أو طائفي أو قبلي، تُنذر بتحولها إلى مشاريع دويلات متحاربة في ما بينها، نظراً إلى الدعم الخارجي الذي تتلقاه هذه المكونات من أطراف ودول متناحرة أساساً. هذا التوجس ليس قطعياً، ولكن يبقى احتمالاً يجب أن يُؤخذ بعين الاعتبار، عند طرح فكرة الفيدرالية في العالم العربي.

لا يبدو، على المدى المنظور، من حل لمشكلة الدولة العربية القائمة مع استمرار مسببات الأزمة في بنية هذه الدولة، وما استجدّ عنها عقب عام 2011 وما رافقه من ازدياد في التدخل الخارجي بين الدول المتناحرة، ومكاسب حققتها بعض الجماعات الاثنية، ويبدو أن المنطقة العربية ذاهبة إلى المزيد من الاضطرابات، خصوصاً بعد عملية 7 تشرين الأول/ أكتوبر وما تلاها من إبادة إسرائيلية، ما ينذر بتفاعل هذه النزاعات واستمرارها، لا بل ظهور نزاعات جديدة لم تكن قائمةً في السابق.

سراج ضياء الدين

موقع رصيف 22