خاص – الوطنية
رغم أن تكتل “البريكس” بقي مقفلاً على أعضائه الخمس، روسيا والصين وجنوب أفريقيا والهند والبرازيل، ولم يتم إجراء نقاش جدي حول توسيعه حتى عام 2020، حيث انطلقت سلسلة من المناقشات، أفضت الى بدء تقييم عملية انضمام دول جديدة الى التكتل. إلا أن الهدف الأساسي من إنشاء التكتل والمتمثل بمحاربة الهيمنة الأميركية والأحادية القطبية، كان الدافع الرئيس لأعضاء التكتل لدعوة دول ومجموعات إقليمية الى القمم السنوية، من أجل تعزيز التعاون والشراكات الاقتصادية. [1]
تحدٍ خاص
اللافت أن أولى الدعوات التي وجهها تكتل “البريكس” وهو ما يزال في بداياته، وحتى قبل انضمام جنوب أفريقيا، كانت من نصيب دولة فلسطين التي حضرت القمة السنوية لـ”البريك” بصفة مراقب. الأمر الذي مثل تحدياً من نوع خاص للغطرسة الأميركية وإصرارها على دعم إرهاب الدولة الذي تقوم به إسرائيل بحق أبناء الشعب الفلسطيني، وهم أهل البلاد الأصليين الذين تنكر أميركا حقهم في قيام دولتهم المستقلة، وتوظف كل نفوذها من أجل الحؤول دون ذلك.
هذه الخطوة أبرزت بما لا يدعو الى الشك أو الالتباس أن كسر الهيمنة الأحادية الأميركية يشكل الهدف الأبرز لهذا التكتل الناشئ، وهو ما استمر في العمل عليه في السنوات التالية من خلال خطوات تراكمية هادئة ومنظمة بعيداً عن التعجل الهدام.
الشراكة مع تكتلات إقليمية
عام 2014، عقدت قمة ثنائية بين تكتل “البريكس” ومجموعة “UNASUR”، وهي اتحاد دول أميركا الجنوبية، وتضم الأرجنتين وبوليفيا وتشيلي وكولومبيا وغيانا والبيرو وسورينام والأوروغواي وفنزويلا، وذلك بهدف تأسيس أطر متينة للتعاون المشترك بين المجموعتين، ولا سيما أن أميركا الجنوبية لطالما اعتبرتها الولايات المتحدة الأميركية حديقتها الخلفية التي لا يجب أن تكون مستقرة أبداً. ودأبت على تأجيج الصراعات الداخلية فيها وتحريض الأطراف السياسية ضد بعضها البعض.
عام 2015، وعلى هامش القمة السنوية للبريكس في مدينة “أوفا” بجمهورية “باشكورستان” الذاتية ضمن الاتحاد الروسي، عقدت قمة ثنائية بين “البريكس” ومنظمة شنغهاي التي تشترك في عضويتها روسيا والصين، والتي تضع على رأس أهدافها الانتقال نحو عالم متعدد الأقطاب سياسياً وأمنياً وعسكرياً.
عام 2016، وعلى هامش القمة السنوية لـ”البريكس” في الهند، تمت دعوة مجموعة “BIMSTCC” الإقليمية، والتي تضم دول “خليج البنغال”. والى جانب الهند، تنضوي في عضوية هذه المجموعة بنغلاديش وبوتان وميانمار ونيبال وسريلانكا وتايلاند.
عام 2017، دعا تكتل “البريكس” مصر والمكسيك وطاجيكستان وتايلاند وغينيا للمشاركة في القمة السنوية التي انعقدت في مدينة “شيامن” بالصين، وذلك بصفة دول مراقبة. وشهدت تلك القمة طرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للنقاش بين الدول الأعضاء خطة “بريكس +” التي تهدف الى توسيع التكتل. لكن الأعضاء الآخرين لم يكونوا مرحبين بالبرنامج، وفضلوا التريث بعض الشيء ريثما تنضج الأمور، ويتطور التكتل أكثر ويصبح أكثر ثباتاً وتأثيراً.
عام 2018، دعيت تركيا الى المشاركة في القمة السنوية لـ”البريكس” في “جوهانسبرغ” بجنوب أفريقيا بصفتها رئيسة لـ”منظمة التعاون الإسلامي”، الى جانب دعوة الأرجنتين أيضاً. وتمحورت النقاشات في تلك القمة حول إقامة تعاون اقتصادي متزايد في بيئة اقتصادية دولية متغيرة، خصوصاً بعد الفشل الذي عرفته قمة “مجموعة السبع الصناعية الكبرى” المعروفة بـ”G7″ قبل وقت قصير.[2]
نقطة التحول
بعد الحرب الأوكرانية وما رافقها من إعادة تشكيل نظام عالمي جديد، ازداد الاهتمام بتكتل “البريكس” من طرف العديد من الدول، خاصة في ظل الاتجاه نحو تكتلات جيوسياسية واقتصادية جديدة. وبالتالي نضجت الظروف من أجل توسعة التكتل، ولا سيما بعد تقديم العديد من الدول طلبات من أجل الانضمام اليه. [3]
ومع بداية عام 2024 توسعت جغرافيا “البريكس” لتشمل 6 دول جديدة، منها 3 عربية، وهي السعودية والإمارات ومصر وإيران وأثيوبيا والأرجنتين. لكن الأخيرة عادت وتراجعت عن الانضمام الى التكتل بعد انتخاب رئيس جديد لجمهوريتها ينتمي الى اليمين الشعبوي المتطرف ومقرب من أميركا. وبذا تفوق تكتل “البريكس” على مجموعة “G7” من حيث المساهمة في الاقتصاد العالمي.
إذ صارت مساهمة الـ”بريكس” في الاقتصاد العالمي نسبتها 35 %، في حين يبلغ الاحتياطي النفطي الذي تديره دول التكتل قرابة 45 %. من دون إغفال الاحتياطيات الضخمة من المعادن النادرة الذي يمتلكه أعضاء المجموعة، والذي يفوق ما تمتلكه مجموعة السبع “G7″ بنحو 30 مرة. الأمر يضع قطاع الطاقة المتجددة العالمي تحت السيطرة الكاملة لـ”البريكس”. [4]
دول أخرى على الطريق
الى ذلك، أبدت نحو 20 دولة أخرى رغبتها في الانضمام الى “البريكس”، من بينها دولة فلسطين، لكنها تواجه جملة من العقبات المرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي والعراقيل الدولية التي تضعها أميركا أمام انتقال فلسطين من مرحلة الحكم الذاتي الى مرحلة الدولة المستقلة ذات السيادة.[5]
كذلك شرعت تركيا في عملية الانضمام الى التكتل، بهدف تطوير شبكة علاقات مكملة لعلاقتها المضطربة مع الغرب، من أجل التغلب على الصعوبات الاقتصادية التي تمر بها في السنوات الأخيرة. [6]
بالإضافة الى تايلاند التي سيعلن رسمياً عن انضمامها “الى صوت الجنوب العالمي” حسب المتحدث باسم الخارجية التايلاندية، في القمة السنوية لـ”البريكس”، المقررة في مدينة “قازان” الروسية في أكتوبر/ تشرين الأول 2024 المقبل.[7] ومن المقرر في هذه القمة أيضاً أن يتم رسمياً تحويل اسم التكتل ليصبح تكتل “بريكس +”.
ويتوقع خبراء أن يهيمن تكتل “البريكس” على الاقتصاد العالمي في العقود المقبلة، ولا سيما أن المجموعة تعمل على صياغة نظام سياسي واقتصادي دولي متعدد الاقطاب وكسر هيمنة الغرب بقيادة أميركا فيما يشكل الجانب الاقتصادي العامود الفقري للمجموعة.
[1] https://www.noonpost.com/22569/
[2] https://www.aljazeera.net/encyclopedia/2023/5/4/%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D9%83%D8%B3-%D8%AA%D9%83%D8%AA%D9%84-%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A-%D9%8A%D8%B3%D8%B9%D9%89-%D9%84%D9%83%D8%B3%D8%B1-%D9%87%D9%8A%D9%85%D9%86%D8%A9
[3] https://www.aljazeera.net/encyclopedia/2023/5/4/%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D9%83%D8%B3-%D8%AA%D9%83%D8%AA%D9%84-%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A-%D9%8A%D8%B3%D8%B9%D9%89-%D9%84%D9%83%D8%B3%D8%B1-%D9%87%D9%8A%D9%85%D9%86%D8%A9
[4] https://arabic.rt.com/business/1532647-%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D9%83%D8%B3-%D8%AA%D8%AA%D9%81%D9%88%D9%82-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%A7-3-%D9%86%D9%82%D8%A7%D8%B7-%D9%88%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D9%82%D9%88%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D9%85%D9%88%D8%B9%D8%A9/
[5] https://nahr-alamal.com/%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D8%B9%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%A8%D8%A7%D8%AF%D9%84%D8%A9-%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86/
[6] https://www.aljazeera.net/ebusiness/2024/6/9/%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9%D9%87%D8%A7-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%B6%D9%85%D8%A7%D9%85-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%83%D8%AA%D9%84
[7] https://arabic.rt.com/world/1569601-%D8%AE%D8%A7%D8%B1%D8%AC%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%A7%D9%8A%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AF-%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%82-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%87%D8%B0%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%B6%D9%85%D8%A7%D9%85-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D9%83%D8%B3/