كاتب بريطاني: “دبلوماسية القطة الميتة”.. بلينكن يجر الولايات المتحدة إلى أعماق مستنقع إسرائيل

Spread the love
image_pdfimage_print

نشر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني مقالا لرئيس تحريره الكاتب الصحافي البريطاني ديفيد هيرست بعنوان “الحرب على غزة: بلينكن يجر الولايات المتحدة إلى عمق أكبر في مستنقع إسرائيل”، قال فيه إنه ليس من اليسير حمل الدبلوماسيين العاملين في منطقة الشرق الأوسط على الاتفاق على أي شيء. إلا أن سلوك رجل واحد على مدى ثمانية شهور مضت من الحرب في غزة شكل حالة نادرة من الإجماع بين مثل هذه المجموعة من الناس، مفاده أنه لا يمكن الوثوق بأنطوني بلينكن. وذلك أن قدرة وزير خارجية الولايات المتحدة على قلب الحقائق رأساً على عقب أثارت استغراب حتى أكثر المتشككين، وهي شكوى يتردد صداها في أرجاء المنطقة من الدوحة إلى عمان، وفي القاهرة وأنقرة مروراً بتل أبيب.

وأكد الكاتب أن بلينكن ينخرط حالياً فيما أطلق عليه أحد أسلافه، جايمس بيكر، عبارة “دبلوماسية القطة الميتة”. وكتب تلميذ بيكر، أورون ديفيد ميلر، تغريدة عبر حسابه على “إكس” يقول فيها: “إن الغاية ليست الوصول إلى صفقة وإنما ضمان فشلها، فالقطة الميتة موجودة على عتبة باب الطرف الآخر”.

وعلق الكاتب أن “القطة الميتة، أو التي تعاني من سكرات الموت، في هذه اللحظة هي صفقة وقف إطلاق النار في غزة، والتي ما زالت معطلة”.

ترحيب حماس

ولفت الكاتب إلى أنه لا جدال في أن حماس غدت أقرب إلى قبول هذه الصفقة من إسرائيل، والدليل على ذلك متعاظم. وقبل ذلك كانت حماس قد وقعت على صفقة وقف إطلاق نار قدمتها لها كل من مصر وقطر على مسمع ومرأى من مدير المخابرات المركزية الأمريكية (السي آي إيه) بيل بيرنز. وكان من المقرر أن تضمن تلك الصفقة وقفاً دائماً للحرب.

وأضاف أنه عندما نأت كل من إسرائيل والولايات المتحدة بنفسيهما عنها، رحبت حماس بالمبادئ التي أعلن عنها الرئيس جو بايدن في خطابه، والذي حث فيه إسرائيل على قبول “وقف تام وشامل لإطلاق النار”. كما ردت حماس بنفس الإيجابية على قرار مجلس الأمن الدولي الذي أجيز برعاية الولايات المتحدة نفسها.

ووفق الكاتب فقد كانت تلك المبادئ في غاية الوضوح، ولقد تضمنت ما يلي: ينبغي استمرار الوقف الدائم لإطلاق النار بعد تبادل مبدئي للرهائن، وينبغي أن يكون هناك انسحاب كامل للقوات الإسرائيلية، ويجب أن يتمتع أهل غزة بحرية العودة إلى ديارهم، عدم جواز إدخال أي تغيير على حدود غزة أو على تركيبتها السكانية، ووجوب أن يتوفر لدى سكان القطاع الإمكانية التامة للحصول على المساعدات الإنسانية، إضافة إلى المضي قدماً في جهود إعادة الإعمار.

وشدد على أن إسرائيل تعارض كل واحدة من هذه المبادئ وترفضها بشكل قاطع. فلطالما أصرت على أنها لن تسمح لأي وقف لإطلاق النار بأن يحول دون تحقيق غاياتها من الحرب، والتي تتضمن تفكيك حماس كقوة عسكرية وكسلطة حاكمة في قطاع غزة. ولم تزل تسد الطريق في وجه المساعدات ولا تسمح لها بالمرور من خلال معابرها الحدودية، ولا توجد لديها نية رفع الحصار عن القطاع، وخاصة بعد انتهاء الحرب.

والأهم من ذلك، وفق الكاتب، أنها لم يصدر عنها أي التزام بالتقيد بوقف إطلاق النار فيما لو فشلت المفاوضات التي من المقرر أن تتم ما بين المرحلتين الأولى والثانية من تبادل الرهائن والأسرى.

واعتبر هيرست أن هذا هو لب الموضوع. فمنذ التبادل الأول للسجناء والرهائن في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لا توجد سوى قضية جوهرية واحدة تحول دون التوصل إلى صفقة لوقف إطلاق النار. وما زال الجميع بانتظار رد رسمي من إسرائيل على خطاب بايدن وكذلك على قرار مجلس الأمن الدولي.

وأضاف أنه حتى الآن لم يزل بلينكن هو الذي يتحدث باسمها طوال الوقت. ولذلك كان من الغريب أن يصر بلينكن أثناء جولته الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط على تحميل حماس المسؤولية وتوجيه اللوم لها بحجة أنها لم تقبل بعد بالصفقة.

وما زالت المحادثات تراوح مكانها بسبب رفض إسرائيل القبول صراحة بالالتزام بوقف دائم لإطلاق النار. ولذلك كان ينبغي على بلينكن أن يمارس كل ضغوط واشنطن على إسرائيل.

وشدد الكاتب على أنه على الرغم من كل ذلك، أعلن بلينكن أن “إسرائيل قبلت المقترح كما هو” – وهو تصريح يتناقض تماماً مع جميع التصريحات العلنية التي صدرت مراراً وتكراراً عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والتي يلقي من خلالها بظلال من الشك على الصفقة، هذا بالإضافة إلى التصريحات الأخيرة الصادرة عن مستشار الأمن القومي تزاخي هانيغبي، الذي قال إن تدمير القدرات العسكرية والحكومية لحماس والجهاد الإسلامي يتطلب سبعة شهور أخرى من الحرب.

وأكد هيرست أنه في محاولة صفيقة لقلب الحقيقة رأساً على عقب، متجاوزاً بذلك حتى ذاته، قال بلينكن: “بإمكان حماس أن تجيب بكلمة واحدة فقط – أن تقول نعم”. والحقيقة هي أن حماس تقدمت الآن بردها الرسمي، ولقد اطلع موقع ميدل إيست آي على نسخة من ذلك الرد.

ولفت إلى أنه هناك بالفعل تعديلات على الوثيقة، وهي ليست، كما يتم الزعم، تعديلات طفيفة – وإن كانت أكثر انسجاماً مع ما ورد في خطاب بايدن وورد في قرار مجلس الأمن الدولي مقارنة بالموقف الإسرائيلي. فلقد ضمت حماس ممر فيلادلفيا إلى قائمة الأماكن التي يجب أن تنسحب منها القوات الإسرائيلية في المرحلة الأولى من الصفقة والتي تستغرق اثنين وأربعين يوماً. كما أصرت على أن يكون السجناء الذين سوف تطلق إسرائيل سراحهم بحسب ما ورد في قائمة حماس، والتي تتضمن شخصيات قيادية في حركات المقاومة مثل مروان البرغوثي.

وقاية إسرائيل

لكن التعديل الأكبر، وفق الكاتب، والأهم كان في صياغة الفقرة الرابعة عشر، والتي تتعلق أساساً بالانتقال من المرحلة الأولى إلى المرحلة الثانية، وبالسؤال الهام حول ما إذا كان بإمكان أي من الفريقين الانسحاب من طرف واحد من العملية والعودة إلى الحرب من جديد.

كانت الفقرة الرابعة عشرة تنص على أن الوقف المؤقت للعنف سوف يستمر وصولاً إلى المرحلة الثانية “طالما أن المفاوضات على شروط تنفيذ المرحلة الثانية من هذا الاتفاق ماتزال مستمرة،” وأن الجهات الضامنة للصفقة سوف تبذل “كل جهد ممكن لضمان استمرار تلك المفاوضات غير المباشرة إلى حين تمكن الطرفين من التوصل إلى اتفاق”.

أما النسخة التي تتضمن تعديلات حركة حماس فتقول إن وقف إطلاق النار المؤقت سوف يستمر إلى أن يتم الإعلان عن “هدوء مستدام”، والذي يُقصد به التوقف التام عن النشاطات العسكرية في الطرفين، وأن المفاوضات سوف تستمر إلى أن يتوصل الطرفان إلى اتفاق حول تبادل الأسرى.

بالإضافة إلى ذلك، تطالب حماس الآن بأن ترفع إسرائيل الحصار المستمر منذ سبعة عشر عاماً على قطاع غزة وأن تقوم بسحب جميع قواتها خلال المرحلة الابتدائية من اتفاق وقف إطلاق النار.

وبرأي هيرست تنسجم هذه التغييرات الأساسية مع معنى وجوهر ما ورد في خطاب بايدن وما ورد في قرار مجلس الأمن الدولي. ولكن إسرائيل سوف تعارضها بكل صرامة، لأنها تعني أنه بمجرد إطلاق سراح أول دفعة من الرهائن والسجناء، فلن تتمكن إسرائيل من التراجع عن الالتزام بالوقف الدائم لإطلاق النار.

وأكد أنه لا يحتاج الأمر إلى عبقري لإدراك أن وقاية إسرائيل في نفس الوقت الذي لا تتوفر لديها النية للالتزام بما ورد في خطاب بايدن ولا بما ورد في قرار مجلس الأمن الدولي لن يعود بالفائدة على الولايات المتحدة ولن يخدم أغراضها.

وبحسبه باتت هذه الأغراض جلية، ولعله يأتي في مقدمتها حاجة الإدارة الأمريكية إلى وقف هذه الحرب في أسرع وقت ممكن لأن ذلك يخدم مصلحة بايدن الشخصية والسياسية، وهو الرئيس الذي بلغ من العمر عتياً ويرغب في أن يعاد انتخابه رئيساً للبلاد على الرغم من أنه في كثير من الأحيان لا يتمكن من قراءة النص المعد له على الشاشة. ناهيك عما لديه من مصلحة خاصة في أن يوقف الحرب قبل أن تتوسع دائرتها، بعد أن باتت قاب قوسين أو أدنى من التوسع، في لبنان ثم في المنطقة بأسرها.

وشدد الكاتب أن ما يفعله بلينكن هو العكس تماماً من ذلك. فهو يتسبب في سحب واشنطن أكثر فأكثر، عبر التورط العسكري المباشر، إلى أعماق المستنقع الإقليمي الذي تسبب في إيجاده نتنياهو.

وأضاف: طرف واحد هو الذي سوف يستفيد من استمرار الحرب في غزة وسوف يستفيد من فتح جبهة جديدة في لبنان، وذلك هو اليمين المتطرف المتمثل في الحركة الصهيونية الدينية. لا قبل لنتنياهو بالتخلي عن ذلك الحزب. وذلك أن انسحاب بيني غانتس من وزارة الحرب لا يعتبر شيئاً من الناحية السياسية مقارنة بخروج إيتامار بن غفير منها. وحالما يحدث ذلك، فإن نتنياهو يعلم بأنه سيواجه بمن يتحدى قيادته للائتلاف اليميني الحاكم.

 ذلك الإحساس الغامر بالغرق

ويشير الكاتب إلى أنه بناء على ذلك لم يزل نتنياهو يرد على كل جولة من المفاوضات تُمنى بالإخفاق بشن هجوم عسكري جديد.

بعد رفضه لصفقة وقف إطلاق النار التي تم التوصل إليها في القاهرة والدوحة أثناء الاندحار، وفي خضم تزايد احتمال أن يصدر بحقه أمر توقيف دولي بتهمة ارتكاب جرائم الحرب، جاء رده متمثلاً في شن هجوم عسكري على رفح.

ويقول إنه هنا أيضاً، استدعى الأمر من المصلحة القومية الإسرائيلية المطالبة بالحذر. لم يبد تردداً من أن ينبذ الدعم الذي يتلقاه من الجيش المصري، والذي لو أنه تدبر في الأمر بشكل استراتيجي، كما ينبغي أن يفعل الزعيم الحق، لأدرك أن إسرائيل سوف تحتاج إلى ذلك بعد أن ينتهي الصراع.

وبرأيه فبإمكان قادة الجيش المصري، لو رغبوا في ذلك، أن يحيلوا الحياة إلى حالة من المعاناة المستمرة على امتداد حدود إسرائيل مع سيناء التي تمتد إلى ما يقرب من مائتي كيلومتر، وذلك من خلال تخفيف القيود التي يفرضونها حالياً على تجار المخدرات وتجار السلاح الذين تعج بهم الصحراء.

ويشير إلى أنه بدلاً من ذلك بادر نتنياهو إلى إهانتهم – وأمعن في الإساءة إليهم، حينما حرمهم مما كان يشكل لهم مصدر دخل شخصي من العملات الصعبة، وذلك عندما أغلق معبر رفح وأمر باحتلال ممر فيلادلفيا.

وكان التفاهم غير المكتوب بينهم يقضي بأن أي إغلاق من هذا النوع سوف يكون مؤقتاً. إلا أن نتنياهو قرر الآن نقض ذلك التفاهم أيضاً، تاركاً قادة العسكر في مصر في حالة من الازدراء. إنه فعل أبعد ما يكون عن الحكمة في منطقة كهذه.

وذكر أنه على نفس الشاكلة، جاء رد نتنياهو على خطاب بايدن من خلال شن عملية لإنقاذ الرهائن في مخيم النصيرات، وهو الأمر الذي لم تدم آثاره المفيدة على الرأي العام المحلي أكثر من 24 ساعة.

وأشار إلى أنه سرعان ما انتهى الاحتفال الصاخب بإنقاذ أربعة رهائن – حيث قطعت الشبكات الإعلامية الإسرائيلية برامجها المسجلة بما يناسب يوم السبت لتعود إلى البث الحي – وحل محله وجوم تام للتدبر فيما أعلن عنه من تكلفة إجمالية لهذه العملية.

و ذكر أنه لم يكن أمراً قابلاً للتكرار. ولم يكن ذلك بديلاً للتفاوض. فقدت إسرائيل أثناء تنفيذ العملية ضابط شرطة في القوات الخاصة، وإذا ما صدقنا حماس فيما أعلنت عنه، فقد قضى في العملية ثلاثة آخرون من الرهائن.

حالة من الفوضى

إلا أن ما كان سبباً أكبر في الحيرة ـ وفق هيرست ـ هو ادعاء الولايات المتحدة أنها قامت بدور حاسم في عملية تحرير الرهائن. فبينما كان عدد الموتى في الجانب الفلسطيني يتجاوز 270، كان المرء يتوقع من مستشار الأمن القومي جيك سوليفان أن ينأى بنفسه عن مثل هذه الكارثة، ولكنه فعل العكس تماماً من ذلك، حيث ادعى الفضل في تنفيذ ما وصفه بـ “العملية الجريئة”.

وذكر أنه ليس معلوماً بالضبط ما هو الدور الذي قامت به المخابرات الأمريكية أو فريق استنقاذ الرهائن التابع لها في هذه العملية. إلا أن الطائرات العمودية الإسرائيلية التقطتها الكاميرات وهي تهبط وتقلع على الشاطئ، على بعد بضعة أمتار من الرصيف البحري الذي أنشأته القوات البحرية الأمريكية من أجل تزويد غزة بالمساعدات الإنسانية.

فما كان من سينتكوم، القيادة العسكرية الأمريكية التي تشرف على العمليات في الشرق الأوسط، إلا أن قالت إنه بينما استخدمت إسرائيل منطقة جنوبي الرصيف الذي أنشأته الولايات المتحدة كموقع للهبوط، “فإن مرافق الرصيف الإنساني، بما في ذلك المعدات والأفراد والموارد، لم يستخدم منها شيء في عملية إنقاذ الرهائن”.

إلا أن مسؤولاً في وزارة الدفاع الأمريكية، في حديث له مع موقع ميدل إيست آي، قال إن استخدام إسرائيل للشاطئ، على مرمى حجر من الرصيف، يعني أننا كنا جزءاً من العملية”.

وزاد الكاتب: أضف إلى ذلك أن الولايات المتحدة كانت ستبلغ بأي خطة استنقاذ ينفذها الإسرائيليون عبر الشاطئ نظراً لأن أمريكا تحتفظ بمنظومة دفاع جوي عند الرصيف.

وأكد أنه ما من شك في أن تعاون الولايات المتحدة في عملية لتحرير الرهائن ينجم عنها قتل أكثر من 270 فلسطينياً، وربما سقط فيها عدد آخر من الرهائن، يزج بسياسة الولايات المتحدة إزاء تحرير الرهائن في حالة من الفوضى.

وذلك أن سياستها تهدف إلى إقناع إسرائيل بالحقيقة الجلية التي ما فتئ الرهائن أنفسهم، وكذلك عائلاتهم، يرفعون عقيرتهم من حين لآخر بها، ألا وهي أن القاتل الوحيد للرهائن هو القصف الإسرائيلي المستمر.

بل إن التورط الأمريكي في مثل هذه العملية من القتل الإجرامي يفضي إلى العكس من ذلك تماماً. في تصريح لموقع ميدل إيست آي، يقول فرانك لوينستاين، المبعوث الخاص السابق إلى المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية في إدارة أوباما: “كانت حجة إسرائيل باستمرار هي أنها لا تحتاج إلى وقف لإطلاق النار من أجل إنقاذ الرهائن. ومن المحتمل أن تؤدي عملية الإنقاذ إلى تعميق الإصرار لدى إسرائيل على ذلك”.

وأكد الكاتب أن هذا ليس في صالح الولايات المتحدة. لا ريب أن نتنياهو منطقي فيما استخلصه من أن بايدن ضعيف، وبأنه يزداد ضعفاً شهراً بعد شهر.

وأنه أساساً، لا يستطيع بايدن، وليست لديه الرغبة في، وقف العدوان الإسرائيلي. كان قد هدد على الملأ بأنه سوف يحظر تسليم القنابل الثقيلة التي يحتاجها نتنياهو في هجومه على رفح. لم يبال نتنياهو، ومضى قدماً في الهجوم على أية حال، فما كان من بايدن إلا أن تراجع عن تهديده.

ولفت إلى أن القناة الإسرائيلية الثالثة عشر ذكرت مؤخراً أن “تقدماً كبيراً” تم إحرازه باتجاه “التفاهمات” التي قد تسمح بتسليم الشحنات المعلقة إلى إسرائيل في المستقبل القريب: “ضمن إطار التفاهمات التي تتطور بين واشنطن وتل أبيب، سوف تجبر إسرائيل على الالتزام بتعهدات أمام واشنطن بأنها لن تهاجم باستخدام قنابل معينة سوف تقوم إدارة بايدن بتسليمها الأماكن المكتظة بالسكان، بما في ذلك الأماكن المأهولة داخل رفح”.

وبحسب الكاتب فبإمكان إسرائيل الحصول على القنابل الثقيلة التي وعد بايدن بوقف تسليمها، ولسوف تستمر في عملية رفح التي حذرها بايدن من المضي قدماً فيها.

في كل مرحلة من هذه الحرب المستمرة منذ ثمانية شهور، تسفر الدبلوماسية الأمريكية عن ضعفها، وهي التي تتحمل مسؤولية جسيمة عما آل إليه الأمر بالنسبة لإسرائيل والقوات الأمريكية في المنطقة نتيجة لذلك.

حسبما هي الأمور الآن، وجراء التواطؤ الفعال من قبل بلينكن، لن يتيسر تجسير الهوة بين إسرائيل وحماس، رغم أن الهوة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، في حقيقة الأمر، أضخم بكثير من تلك التي بين حماس والولايات المتحدة أو بين حماس والأمم المتحدة.

فحماس، والولايات المتحدة، والثلاثة عشر بلداً في مجلس الأمن الدولي الذين صوتوا لصالح القرار، كلهم يريدون وقفاً مباشراً ودائماً لإطلاق النار. وبذلك تكون إسرائيل هي الأقلية التي تسعى لضمان عدم تحقيق ذلك، مع العلم أنه لا بلينكن ولا بايدن لديهما رأس المال السياسي الكافي لوقفها عند حدها.

مستوى جديد من الانحطاط

وأكد الكاتب أن من شأن المضي قدماً في الحرب في غزة أن يضمن استمرار التصعيد في الصراع المحتدم بين إسرائيل وحزب الله، حيث يسعى كل من الطرفين، وبشكل متزايد، إلى الضرب في العمق من أراضي الطرف الآخر. وليس هناك ضمانة لتخفيف التصعيد على الحدود الشمالية سوى التوصل إلى وقف مباشر لإطلاق النار في غزة.

وكتب “لا يخطر ببالي أي وقت آخر عبر السنين الست والسبعين من هذا الصراع المرير كانت فيه القيادة الإسرائيلية بهذا العناد والإصرار على إنجاز ما لا يمكن تحقيقه من غايات الحرب – في عهد رئيس للولايات المتحدة في غاية الضعف وقلة الحيلة وانعدام القدرة على وقف الحرب. كان جيمس بيكر وجورج شولتز من عمالقة الدبلوماسية والحسم مقارنة بمن هم من أمثال بلينكن”.

وأضاف كنت قد ظننت من قبل أن مزيجاً من نتنياهو والرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب هو أدنى مستوى من الانحطاط يمكن الوصول إليه. ولكن ثبت لي أنني مخطئ، وأن الأسوأ لما يحصل بعد.

كل التنازلات التي حصلت عليها إسرائيل في عهد الرئيس ترامب – مرتفعات الجولان، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، واتفاقيات أبراهام – لا تكاد تبين أمام الإسناد الذي قدمه بايدن لإسرائيل بينما هي مستمرة في شن الحرب على غزة بكل هذه الوحشية، وطوال هذا الوقت.

وختم الكاتب بالقول “ثبت أن المزيج بين نتنياهو ورئيس أمريكي ينتسب إلى الحزب الديمقراطي هو الذي أوصل هذا الصراع إلى أخطر اللحظات وأكثرها إجراماً في تاريخه”.

موقع ميديل إيست أي البريطاني

ترجمة صحيفة القدس العربي