مفقودو غزة: حكايات المعاناة والألم… شهادات خاصة

Spread the love
image_pdfimage_print

نحو عشرة آلاف مواطن مجهولي المصير في غزة، فالبعض يخرج من بيته ولا يعود، والبعض الآخر يدمر بيته على رأسه ولا يظهر له رفات، وجزء ثالث يأسره الجيش الإسرائيلي وتقطع أخباره.
«القدس العربي» ترصد معاناة الغزاويين في البحث عن أحبتهم، وصدمة التعرف على الجثامين، في ظل حمام دم مفتوح، منذ ما يقارب الـ 8 أشهر.

تعرف على جمجمة شقيقه من أسنانه

روى المواطن الغزاوي، ممدوح محمد عبد ربه لـ«القدس العربي» تجربة البحث عن جثمان شقيقه محمود (18 عاما) الذي احتفى في منطقة عزبة عبد ربه، شرقي بلدة جباليا شمالي قطاع غزة، لمدة 16 يوما، وبقي مصيره مجهولا لحين تعرفهم على جمجمة رأسه، حسب ما قال، مضيفا: «أمضينا فترة اختفائه نبحث عنه ونتابع جثامين الشهداء الذين يصلون إلى النقطة الطبية الموجودة في مدرسة الرافعي والتي كنا قد نزحنا إليها بعد تدمير بيتنا».
وبدأت القصة عندما انسحب الجيش الإسرائيلي بشكلٍ جزئي من منطقة عزبة عبد ربه، آنذاك قرر محمود العودة إلى البيت الذي تم ائتماؤهم عليه من قبل أحد أقاربهم، وعند وصوله إلى المكان فوجئ بضربات قذائف مدفعية من الدبابات وإطلاق رصاص في اتجاهه وأصدقائه، ليختفي لاحقا. هذه الروية نقلها أحد جيران العائلة، وبناءً عليها بَنَتْ العائلة ثلاثة توقعات، الأول: أن يكون محمود قد احتمى في أحد البيوت ويخشى الخروج، والثاني أن جنود جيش الاحتلال وصلوا إليه وتم اعتقاله، والثالث أن يكون قد استشهد لحظة الاستهداف.
بعد انتهاء الجيش الإسرائيلي من العملية البرية التي نفذها شمالي قطاع غزة، وانسحابه التام منها بتاريخ 31 أيار/ مايو انتشرت أسرة محمود لتبحث عنه في المنطقة التي اختفى فيها. ويقول ممدوح: «انطلقنا فوراً للبحث عن شقيقي في منطقة اختفائه والتي كانت قد قلبت رأساً على عقب، وفي اليوم الأول لم يحالفنا الحظ بإيجاده سواء كان حياً أو شهيداً، وعدنا للمدرسة تفقدنا الشهداء كالمعتاد لنستمل البحث في اليوم التالي».
وأوضح أنه تلقى اتصالا في اليوم التالي من أحد الأصدقاء الذين نبشوا جبلاً من ركام البيوت المدمرة، وقد وجدوا فيه ثلاث جماجم لأدمغة بشرية متحللة بشكل كامل ومفصولة عن الجسد، قائلاً «أطلعت على جمجمتين ولم يكن أيّ منهم رأس أخي، ولكن عندما نظرت إلى الجمجمة الثالثة والتي كانت قد تحللت بشكل كامل وتهشمت من الخلف برصاصة من قناصة الجيش تأكدت من أنها جمجمة أخي».
وعن كيفية تأكده من أن الجمجمة التي حملها بيده لشقيقه قال «توجد سمات مميزة في وجه أخي وهي أن الأسنان الأمامية في الفك العلوي لأخي بارزة عند الابتسامة، والأنياب بارزة، ويوجد اعوجاج في عظام الأنف لأخي وهو ما انطبق على الجمجمة التي وجدناها» مشيراً إلى أن الأطباء غير المختصين بالطب الشرعي أكدوا للعائلة على إمكانية تطابق سمات الأسنان بين الجمجمة والصورة التي تحتفظ بها العائلة للبحث عن ابنها.
وختم عبد ربه «بناء على التأكيدات من الأطباء وبين ما نعتقده بأن أسنان الجمجمة مطابقة لصفات أسنان شقيقي، احتسبناه شهيداً، ودفناه في مقبرة قريبة واعتبرنا أن الجمجمة هي الجثمان إلى حين أن نجد باقي الجسد».
وقد يكون ممدوح عبد ربه لجأ إلى هذه الخطوة التي لا تعتبر مألوفة في قطاع غزة، كون القسم الجنائي الوحيد في قطاع غزة قد دمر بفعل القصف الإسرائيلي، والذي استهدف مقرات الشرطة والمستشفيات.

«كنت أنظر من ثقب سور المستشفى على جثامين أبنائي»… حكاية شهداء عائلة العويني

فقد المواطن الفلسطيني، إبراهيم العويني، (54 عاماً) من سكان مدينة خان يونس، ثلاثة من أبنائه خلال اجتياح المدينة، حسب ما قال لـ « القدس العربي» وهم عبد الله (30 عاما) وحسام (28 عاماً) وسعد 23(عاماً).
بدأت قصة المواطن الفلسطيني العويني، صباح يوم 11 شباط/ فبراير 2024. ويروي: «تعرض منزلنا لقصف بصاروخ من الطائرات الإسرائيلية، وكذلك من طائرة مسيرة، أدى ذلك إلى إصابتي مع ابني عبد الله، وحاول أبنائي حسام وسعد نقله إلى المستشفى، لكن باغتهم قناصة الاحتلال بالرصاص ما أدى إلى إصابتهم وتركهم ينزفون حتى الموت أمام أعيننا». وأوضح العويني، الذي اعتقلته قوات الاحتلال على الرغم من إصابته، برفقة من تبقى من أبنائه بعد يومين من استشهاد أبنائه الثلاثة: «لم نتمكن من سحب جثامين أبنائي خلال الأيام الأولى لاستشهادهم» مضيفاً: «حاول بعض النازحين داخل مجمع ناصر الطبي، والمقابل لمنزلنا، سحب جثامين أبنائي من خلال أسياخ حديدية لكنهم لم يتمكنوا من ذلك، الأمر الذي أدى إلى استشهاد بعض من حاول سحبهم».

تعذيب في المعتقل

وعانى مع اثنين من أبنائه، كحال الكثيرين من الفلسطينيين الذين اعتقلتهم قوات الاحتلال منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، من ظروف اعتقال قاسية، منها الضرب المبرح والتعذيب الجسدي والنفسي.
وتعرض لكسر في الكاحل في اليوم 34 لاعتقاله. يقول: «شعرت بأن قدمي قد تدلت بعدما أبرحوني ضرباً أثناء التحقيق».
مع ذلك، اعتبر نفسه محظوظاً بوجود نجله الأصغر بقربه داخل معتقلات الجيش الإسرائيلي. وقال: «لقد تم إدخالي داخل البركس (أقفاص الاعتقال) تحت الضرب، ووجدت ابني الصغير، أنس، (17 عاماً) وكان ممنوعاً علي الحديث معه طوال فترة الاعتقال، كما تم نقل أبني الكبير، حسن، قبل وصولي إلى المعتقل بنصف ساعة». ومضى يقول: «ابني الكبير حسن، بقي نحو عشربن يوماً معتقداً باستشهادي بعدما أخبره جنود الاحتلال بذلك، حتى نقل أحد أقاربنا إلى المعتقل نفسه والذي أكد له أني ما زلت على قيد الحياة».

ولم يتمكن العويني من معرفة أيّ معلومة عن مصير نجله حسن، الذي يعمل ممرضاً في مجمع ناصر الطبي، ويتعرض لظروف اعتقال قاهرة داخل معتقلات الجيش الإسرائيلي، منذ ما يزيد عن ثلاثين يوماً؛ فقد تعمد تشديد ظروف اعتقال الكوادر الطبية، ما أدى مؤخراً إلى استشهاد الطبيب عدنان البرش، رئيس قسم العظام في مجمع الشفاء الطبي في غزة، والذي اعتقل أثناء عمله داخل المستشفى.
وعانى من الكثير من الهواجس حول مصير عائلته. يقول: «كنت سجيناً ومصاباً وغير قادر على الحركة، لكنني كنت أفكر بمصير بعائلتي، وزوجتي وبناتي، اللاتي نزحن إلى مدينة رفح برفقة عمهم، ولا أعلم إذا كانوا بأمان، ولا أعلم من تبقى لي من أفراد أسرتي».
وبعد مرور فترة اعتقال دامت 37 يوماً، أفرج عنه على كرسي متحرك، وتسلمه الصليب الأحمر من قوات الاحتلال الإسرائيلي. وتمكن من إجراء أول اتصال هاتفي على رقمه الشخصي الذي كان يحفظه، سأل زوجته «من تبقى لنا يا تهاني».
وبعد الالتقاء بعائلته في مستشفى أبو يوسف النجار، بعد نقله إلى هناك لاستكمال العلاج، تمكن من معرفة مصير ابنه الصغير، والذي كان معتقلاً لدى الاحتلال، وزوجته وبناته، وأيقن حينها، أنه فقد ثلاثة من أبنائه، بعد نحو 40 يوماً وما زال يجهل مصير جثامينهم.
ويوضح «بعدما تمكنت من السير على قدمي المكسورة، بدأت رحلة البحث عن جثامين أبنائي، واستمعت لروايات كثيرة حول مصيرهم، أثقلت صدري، ولم أبح بها لعائلتي».
ويضيف: «بعد الاستمرار بالبحث وسؤال الدفاع المدني، والجيران، والأصدقاء، علمت بدفن أحدهم في حفرة صغيرة في إحدى المقابر، والآخر بقي مجهولا مكان دفنه، والأخير دفن في أرض قرب المستشفى الأوروبي مع مئات الشهداء، ولم أتأكد بشكل قاطع، إن كانت تلك جثامين أبنائي».
ووصف العويني لحظة نقل جثمان أحد أبنائه من المقبرة الجماعية، إلى مقبرة العائلة، بأنه «يوم حزن جديد على العائلة، فقد عشنا الحدث مرة أخرى، وما عانيناه».

معاناة الأم

بخطى ثابتة وقد أسدلت ثوباً أسود وحملت على يديها أحد أحفادها والذي سموه إبراهيم حازم، جاءت أم الشهداء لتستكمل القصة، فقد تحدثت تهاني العويني (54 عاما) عن لحظة فقدها لأبنائها الثلاثة، وهي شاخصة النظر متحجرة العينين دون أن تذرف دمعةً واحدةً وكأن مقلتيها قد جفتا بعد أن أيقنت بأن مسؤوليتها تجاه أحفادها الذين تركوهم لها أبناؤها الشهداء استوجبت عليها «القوة والثبات».
وقالت: «يوم إصابة زوجي وابني، خرج أبنائي لإنقاذ شقيقهم بعد إصابته بخاصرته، وأنا من شدة خوفي عليه ركضت خلفهم حافية القدمين، ووصلت إلى حافة الشارع الذي يفصلني عن المستشفى، وقد وجدت ابني حسن يصرخ بأن أشقاءه الثلاثة قد تم إطلاق النار عليهم من الجيش الإسرائيلي، وقد نبهني من أنه في حال عدم عودتنا الى البيت سيتم إطلاق النار علينا جميعاً، وسنكون شهداء».
في تلك اللحظة أيقنت العويني بأن أبناءها قد استشهدوا ومن أصيب منهم وبقي على قيد الحياة مصيره الاستشهاد، فقالت كما قالت الخنساء «الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم وأرجو من ربي بأن يجمعني بهم في مستقر رحمته، ونظرت لابني عبد الله الذي على ما يبدو أنه استشهد قبل خروجه من البيت، أما حسام فكان يتقلب يميناً ويساراً وابني الصغير رفع يديه وأشار إليّ بالمجيء إليه وارتمى، ولم أتمكن من فعل أيّ شيء، وكانت الدبابات كلما تحرك أحد من أبنائي تطلق عليه المزيد والمزيد من الرصاص لضمان موتهم قبل إنقاذهم».
وأشارت «كان زوجي مثل الأضحية ينزف دماً من كافة أنجاء جسده، وطلب من ابني الأكبر أن يأخذه إلى المستشفى، ولكن لم نتمكن من ذلك، في تلك اللحظة تطوعت بالذهاب إلى المستشفى لجلب إسعاف لزوجي وبمحاولة لإنقاذ من بقي على القيد الحياة من أبنائي، وفي تلك اللحظة تركت ابني وقد انشغل بمحاولة إنقاذ زوجي وهربت للمستشفى، وأطلق الجيش الرصاص في اتجاهي وأصبت في ساقي، ولكنني واصلت المسير إلى المستشفى».
وأضافت: «في تلك اللحظة، توسلت لكل العاملين هناك لإرسال سيارة إسعاف تنقذ أبنائي الثلاثة وزوجي، ولكنهم جميعاً حاولوا إنقاذ ساقي التي تنزف، في تلك اللحظة قلت لهم أنا لا أريد علاجا فقط أنقذوا أولادي وزوجي، ولكنهم أكدوا ليّ بأن خروجنا من المكان هو قرار بإعدام الجميع، فالجيش يطلق الرصاص على كل من يتحرك في محيط المستشفى، حتى ولو كانت سيارة إسعاف».

توذيع الشهداء

وبعد إنقاذ أم حسن العويني سعت جاهدةً لطمأنة عائلتها عليها بعد أن اعتقدوا بأنها استشهدت مثل أبنائها، وأخبرتهم بأن إصابتها في ساقها وأنها بخير، وأنها لم تتمكن من إرسال سيارة الإسعاف لعائلتها، لتحاصر في المستشفى لمدة ثمانية أيام قضتهم تنظر إلى جثامين أبنائها الملقاة على الأرض.
وتقول «كنت أخرج كل ساعتين أنظر من ثقب في سور المستشفى على جثامين أبنائي وأحصنهم بآيات قرآنية خشية أن تأكل رفاتهم الكلاب والقطط التي في المكان».
في تلك الأيام عاشت العويني حزنا أشد فقد شاهدت النيران تشتعل في البيوت المجاورة لمنزلها واعتقدت بأن من تبقى من أسرتها قد أًحرق على قيد الحياة، إلى أن أمر الجيش الإسرائيلي جميع النازحين في المستشفى بمغادرته في اتجاه مدينة رفح جنوبي القطاع، لتخرج مودعة جثامين أبنائها الملقاة في الطريق دون أن تتمكن من سحبهم إلى مكان آمن أو دفنهم، مستودعةً أمانةً في عنق الكوادر الطبية العاملة في المجمع الطبي بمحاولة مواراتهم الثرى. وبعد نزوحها إلى رفح، علمت بأن كل الإناث من أسرتها قد أجبرن على الخروج من البيت فيما تم اعتقال زوجها ومن تبقى من أبنائها.

أسير على الممر الإنساني «الآمن»… وغزاوي خرج ولم يعد

قبل بدء شهر رمضان بثلاثة أيام خرجت عائلة ناريمان الترامسي (30 عاما) من شمالي قطاع غزة هرباً من المجاعة بعدما أحكم جيش الاحتلال حصاره عليهم، وبعد مروهم عبر الممر الإنساني الأمن عبر شارع الرشيد، أمر جيش الاحتلال المتمركز على حاجز نيتسريم شقيقها بالتوجه إليهم ومنذ تلك اللحظة قطعت أخباره، حسب ما تؤكد لـ « القدس العربي».
وتضيف: «لقد أمضى شقيقي 90 يوماً في الاعتقال وحتى الآن لا أحد يعلم أين هو أو ماذا حل بمصيره وحتى الصليب الأحمر أخبرنا بأنه ليس لدينا أيّ بيانات أو معلومات عنه، ولم يفدنا أحد بمعلومات».
وفي صورة أخرى لمعاناة الفلسطينيين المستمرة، فقد زكريا أحمد المصري، (54 عاماً) من مدينة بيت حانون، ابن شقيقه، أكرم يحيى المصري (30 عاماً) الذي فقدت أثاره منذ نحو سبعة أشهر.
ويقول المصري، والذي غادر مدينة بيت حانون، يوم السبت 7 تشرين الأول/ أكتوبر: «عندما نزحت العائلة، تفرقنا، وبعدما نزحنا إلى مدينة رفح، بدأنا البحث عن ابن شقيقي، والذي فقدت أثاره في مدينة بيت حانون، بعد 15 يوماً من بدء الحرب، قبل العملية البرية، ولم نعلم عنه شيئاً منذ ذلك الوقت».
وأضاف أن العائلة لا تزال تبحث عن ابن شقيقه، من خلال الجيران والأصدقاء، بعدما اجتاحت قوات الاحتلال الإسرائيلي المدينة، مشيراً إلى أن العائلة لم تجد ما يدل على آثاره خاصة بعدما قصف منزل العائلة في المدينة.
ويأمل في حديثه لـ «القدس العربي» وهو يحاول مداراة دموعه ورجفة يديه، أن يكون ابن شقيقه قد أسر لدى الاحتلال الإسرائيلي، ولم يستشهد خلال الاجتياح، مضيفاً: «نبحث عن أكرم في المستشفيات وثلاجات الموتى بشكل مستمر، على أمل أن نجد ما يدلنا عليه».

صعوبة انتشال الجثامين… تتقطع نتيجة قوة الانفجارات

حول حالات اختفاء المدنيين الفلسطينيين خلال الحرب الإسرائيلية على القطاع، يقول الرائد محمود بصل، الناطق باسم الدفاع المدني في غزة لـ«القدس العربي»: «خلال عمليات الإنقاذ وانتشال الشهداء نتفاجأ بأن العدد الموجود تحت الأنقاض يختلف عن العدد الموجود بإفادة العوائل».
ويرجح اختلاف عدد الشهداء تحت الأنقاض إلى «تبخر الجثث نتيجة قوة الانفجار، أو تفتتها إلى قطع» موضحاً أنه «في بعض عمليات البحث لم نستطع إيجاد الجثامين، أو عثر على أجزاء بسيطة من الجثث مثل قطعة من الجسد أو الملابس، في حين تكون بقية الجثة مختفية تماماً».
وحول استخدام أساليب البحث الجنائي للبحث عن المفقودين تحت الأنقاض، يقول: «إن هذا الملف شائك، ومنذ بداية الحرب طالبنا بالعمل على إدخال المعدات الثقيلة حتى نتمكن من انتشال الجثث من تحت الأنقاض» مضيفاً: «أن عمليات البحث تحتاج إلى تدقيق ووقت طويل، وتشكيل لجان من الدفاع المدني والصحة والطب الجنائي». ويكمل: «من الصعب إعطاء أرقام دقيقة حول عدد المختفين تحت الأنقاض، لكن في كل قصف كانت الطواقم تتلقى معلومات تفيد بأنه لا يزال أشخاص تحت الأنقاض، وفي بعض الأحيان، نستطع معرفة عدد الموجودين في مكان الاستهداف لكن لم نجد الجثث كاملة». وعزا ذلك إلى استهداف قوات الاحتلال بعض الأشخاص بشكل مباشر بالصواريخ داخل الشقق أو المباني السكنية. وأوضح أن عملية إبلاغ العائلات بتبخر جثامين أبنائهم نتيجة القصف لا تتم بسهولة، قائلاً: إن العامل النفسي في قضية تلقي العائلة لخبر فقدان أحد أبنائها ليس سهلاً، وتتقبل العائلات فكرة استشهاد أبنائها ودفنهم بشكل أكبر من تبخرهم نتيجة القصف.
وأكد أن عمليات البحث كانت تستمر حتى إخراج آخر جثة من تحت الأنقاض، مستدركاً أن توقف المعدات الثقيلة وخروجها من الخدمة بفعل الحرب الإسرائيلية أدى إلى إعطاء «قراءة» بإيجاد عدد من الجثامين وفقدان عدد آخر حسب كل حالة.
ويضيف: «أن الكثير من الجثث تكون مقطعة أو متفحمة بشكل كامل نتيجة القصف» موضحاً أن توقف البحث يكون نتيجة إيجاد جميع الجثث أو وجود الجيش الإسرائيلي في المكان، أو صعوبة البحث داخل المنزل.

حنين حمدونة – محمد عيسى

صحيفة القدس العربي