تغيير جيوسياسي كبير يطرأ على العالم في هذه المرحلة التي نعيشها بعد الحرب الأوكرانية والحرب في غزة بالإضافة إلى تطورات اقتصادية دولية عالمية كان لها تأثير على مسار التحولات الدولية في العديد من قارات العالم سواء كان في أوروبا، أفريقيا، آسيا او حتى في أميركا الجنوبية.
ان سياسة الولايات المتحدة الأمريكية اليوم هي سياسة معادية لكل من ينتهج او يرفع لواء الانفتاح على العالم الآخر بعدالة، فالولايات المتحدة الأمريكية تريد أن يكون العالم يعج بالتبعية والولاء لها ولا تبحث عن عالم عادل او عالم يتكامل في ما بينه على المستوى المالي والاقتصادي والسياسي والثقافي وحتى على مستوى التبادل التجاري والطاقة والاستفادة من الخبرات العلمية والتعليمية والثقافية والسياسية والاقتصادية والمالية.
روسيا والرؤية الجديدة للعالم
لا شك أن لروسيا دور اساسي وجوهري في السنوات الأخيرة على مستوى الانفتاح على الجنوب العالمي، كان واضحًا ان صداقات روسيا تخطت الحدود وانتشرت مع انتشار روسيا في العالم وذلك أتى انطلاقاً من العديد من الأساليب التي انتهجتها روسيا للانفتاح على العالم مثل عقد منتديات صداقة دولية بين روسيا والعالم، وعقد منتديات بين روسيا والعالم الإسلامي بالإضافة الى المنتديات الاقتصادية العديدة التي عقدت على مستوى شرق آسيا او على مستوى العالم دون ان ننسى الانفتاح الأساسي والمهم والرئيسي على دول أفريقيا وعقد المنتدى الروسي الأفريقي.
يقول احد الحاضرين في المنتدى الروسي الأفريقي بانني اول مرة أشاهد دولة عظمة في العالم تقوم بانفتاح اخوي على الدول الأفريقية وتستطيع ان تجمع عدد غير مسبوق من الدول الأفريقية تحت عنوان صداقة وشراكة متنوعة سواء على المستوى التعليمي والاقتصادي والسياسي والتجاري، الأمر الذي أوحى وكأن أفريقيا كانت تبحث عن هذه الصداقة وليس العكس، وهذا الأمر لمسناه خلال لقاءاتنا التي أجريت خلال المنتدى الروسي الأفريقي.
كما كان لروسيا دور مهم واساسي في الحراكات التي حصلت تحت ما يسمى الربيع العربي، فالولايات المتحدة الأمريكية أطلقت سلسلة من التحركات الغير مباشرة تحت عناوين فضفاضة كانت الولايات المتحدة الأمريكية هي من ينمي هذه العناوين في الدول ويعتبر نفسه عراب وصديق لها، ولكن لاحقاً اكتشف الجميع أن الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية تُحَضِّر تحديدا في دول الشرق العربي ودول شمال أفريقيا إلى تحركات تؤدي في مكان ما إلى إسقاط النظام تحت عناوين فضفاضة ومتنوعة منها ما يسمى الحرية ومنها ما يسمى الديمقراطية بحسب ما تراه الولايات المتحدة الأمريكية.
لقد قالت روسيا كلمتها في بعض الساحات ورفضت بأن يكون دورها دور ثانوي بل كان دور رئيسي ورفضت أن تسقط سوريا انطلاقا من الصداقات الروسية السورية، وكان دور العسكر الروسي الأساسي والجوهري في سوريا، كما انها رفضت ان تسقط مصر فكانت المساعدات الاقتصادية والمشاريع المشتركة وصلت إلى المستوى النووي بين مصر وروسيا دون ان ننسى دعم روسيا لمصر على مستوى واردات الحبوب بالرغم من الحرب الحاصلة وكذلك الأمر في العديد من الدول الأخرى سواء في شمال أفريقيا او في الشرق الأوسط.
هل تبصر النور مؤسسة مبعوثي النواية الحسنة؟
انتشر أصدقاء روسيا في العالم وكان لهم دور اساسي وجوهري في نقل الثقافة الروسية من داخل روسيا إلى العالم سواء العالم العربي او العالم الإسلامي او الأفريقي او حتى العالم الغربي.
ان سفراء روسيا في العالم هم أصدقاء وخريجي الجامعات الروسية والاصدقاء اللذين يلتقون على المستوى الثقافي مع روسيا وتجمعهم قضايا مشتركة مثل النضال في وجه الإمبريالية والرأسمالية والنضال في وجه العالم السارق للثروات ودعم الدول النامية أجل أن تكون مشاريعها مشاريع متقدمة وحيوية.
ان الحديث عن انشاء مؤسسة لمبعوثي النواية الحسنة الروسية هو امر جدي وحقيقي وقد يبصر النور قريباً. إن هذه المؤسسة اذا انطلقت سيكون لها دور اساسي ورئيسي كعنوان جديد من عناوين بناء العالم الحديث والمتعدد الاقطاب والذي لا تسيطر به الولايات المتحدة الأمريكية على العقول وعلى الثروات وعلى الثقافات العالمية بل تحترم كل ثقافة ثقافتها ويكون لكل دولة ثرواتها التي يتم استخراجها بالتعاون وليس عبر السرقة ووضع اليد بطرق غير شرعية نعم اننا بحاجة لمؤسسة مبعوثي النوايا الحسنة الروسية لأن روسيا أثبتت بأنها صديقة للعالم ولها دور اساسي ومحوري في السنوات المقبلة.
اليوم يعيش العالم مرحلة جديدة فالحرب الاوكرانية أثبتت بأن العالم يقاتل روسيا ولكن بأدوات أخرى كما ان المفكرين والباحثين على مستوى الغرب لم يجدوا لأنفسهم اي عناوين يستطيعون من خلالها الدخول إلى العالم الحديث وطرح افكار جديدة لأنهم باتوا يفتقرون إلى المنطق والى العقل والى امكانية أن يكون هناك دور لدول تستطيع أن تستمر في سياسات انتهجتها الولايات المتحدة الأمريكية منذ قرابة انتهاء الحرب العالمية الثانية.
خاص الوطنية