قبل أسبوع، نشر موقع المال والأعمال “بزنس إنسايدر” تحقيقاً من جزئين عن أستاذة سابقة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، المعروف بـ “أم آي تي”، قال فيه إن نيري أوكسمان، التي لاحق زوجُها الملياردير بيل إيكمان رئيسةَ جامعة هارفارد، متهمة بالسرقة الأدبية، وهي نفس التهمة التي رُميت على كلودين غي، التي استقالت من منصبها، الأسبوع الماضي، من رئاسة الجامعة، وسط الضجة التي أحدثها اللوبي الإسرائيلي على أجوبتها أثناء جلسة في الكونغرس حول الإبادة، واضطرت، بعد استقالتها، لكتابة مقال في صحيفة “نيويوروك تايمز” دافعت فيه عن نزاهتها العلمية، واعتذرت عن موقفها من الإبادة.
والتطور الجديد في قصة “بزنس إنسايدر” هو أن مالكته الشركة الألمانية “أكسيل سبرنغر” تخطط لمراجعة القصة، لكن محرر الموقع متمسك بموقفه، وبصحة ما نشر.
عندما أثار “بزنس إنسايدر” القلق بشأن أعمال زوجة إيكمان، هاجم الموقع بشدة، واتهمه بممارسة صحافة غير أخلاقية، ووَعدَ بمراجعة أعمال كتّابه، وتوقّع أنه “سيفلس ويجمد”
وفي تقرير أعدّه ويل سومر بصحيفة “واشنطن بوست” قال إن الشركة الأم الألمانية لموقع “بزنس إنسايدر” تبدو غير متوافقة مع اتهامات بالسرقة الأدبية ضد زوجة رئيس شركة محافظ وقائية. ونشره، الأسبوع الماضي، تحقيقاً صحافياً اتهم فيه أوكسمان بسرقات مستمرة في أعمالها الأكاديمية، بما في ذلك النقل عدة مرات من الموسوعة على الإنترنت “ويكيبيديا” لأطروحتها الجامعية.
????1/2
— Haaretz.com (@haaretzcom) January 7, 2024
Jewish billionaire Bill Ackman was a leading force in the campaign to push Claudine Gay out of her job as president of Harvard University, taking advantage of his huge social media following to amplify accounts of her alleged plagiarismhttps://t.co/9ike7QXrcu
وجاءت التهم بعدما قضى زوجها إيكمان أسابيع لإجبار جامعته التي تخرج منها للإطاحة برئيستها، أولاً “لأنها لم تحسن التعامل مع عدد من حالات معاداة السامية في حرم الجامعة”، ولاحقاً، بعدما كشفت تقارير أنها ارتكبت سرقات أدبية في بداية حياتها الأكاديمية. وفي مرحلة ما، كتب إيكمان أن طلاب هارفارد ارتكبوا سرقات أقلّ مما ارتكبته غي بشكل يجبرها على الاستقالة من منصبها.
لكن عندما أثارت “بزنس إنسايدر” القلق بشأن أعمال زوجته، هاجم الموقع بشدة، واتهمه بممارسة صحافة غير أخلاقية، ووَعدَ بمراجعة أعمال كتّابه، وتوقّع أنه “سيفلس ويجمد”.
I learned today that at least four or five other media companies rejected the plagiarism story before it was accepted by Business Insider.
— Bill Ackman (@BillAckman) January 9, 2024
Think about that. The story did not meet the standards for accuracy, evidence and/or ethics of the other media companies they approached.…
وفي منشور على منصات التواصل الاجتماعي ألمح بأن التحقيقات التي قام بها محرر الموقع، والذي وصفه بالمعادي للسامية، أنه كان مستعداً لقيادة الهجوم لأن أوكسمان إسرائيلية. ولم يشر لا أوكسمان أو إيكمان، اللذان رفضا التعليق، إلى أي أخطاء حقيقية في المقالين.
لكن شكاوى إيكمان، لفتت انتباه مالكة الموقع وعملاقة الإعلام الألمانية شركة “أكسيل سبرنغر”.
وفي يوم الأحد أصدرت الشركة بياناً غير عادي بأنها “ستقوم بمراجعة الإجراءات” التي قادت لنشر المقالين، واعترفت أنهما لا يحتويان على أخطاء، حيث قالت إنه في الوقت الذي “لا يوجد جدال بشأن التقارير، إلا أن أسئلة طرحت، في الأيام الماضية، بشأن الدوافع والعملية التي قادت إلى إعداد التقارير، وهي أسئلة نتعامل معها بجدية”.
تُعرف “بزنس إنسايدر” بقصصها وتقاريرها الحازمة، وفي 2022 نشرت تقريراً قالت فيه إن إيلون ماسك تصرف بطريقة فاضحة أمام مضيفة طائرة
وفوجئ العاملون في موقع “بزنس إنسايدر” ببيان “أكسيل سبرنغر”، والذي لم يعرف الكثيرون أنه صدر إلا حين شاركت فيه صحيفة “نيويورك تايمز” على موقعها، وحسب موظفين في “بزنس إنسايدر”، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم، وبحسب شخص على معرفة بعمليات شركة “أكسيل سبرنغر”، قال إن “بزنس إنسايدر” شاركت في إعداد مسودة البيان.
وفي رسائل إلكترونية أرسلت لموظفي الموقع، يوم الأحد، وكشفت أن المحرر الدولي نيكولاس كارلسون لا يدعم، على ما يبدو، المراجعة.
وكتب كارلسون قائلاً: “أرحّب” بالمراجعة للقيمة الإخبارية، وفي ضوء موقع أوكسمان كـ “أكاديمية معروفة” ومؤسسة لشركة صاعدة. وقال: “قررت نشر التقارير”، و”أنا متمسك بالقصة والعمل الذي بذل من أجلها، وأعرف أن العملية صحيحة، وأعرف أن دوافع غرفة الأخبار لدينا هي الحقيقة والمحاسبة”.
وتُعرف “بزنس إنسايدر” بقصصها وتقاريرها الحازمة، ففي 2022 نشرت تقريراً قالت فيه إن إيلون ماسك تصرف بطريقة فاضحة أمام مضيفة طائرة، وهو ما وصفه ماسك بأنها “قصة تهدف للطعن وبدوافع سياسية”. والسمعة ليست مهمة، على الأقل لـ “أكسل سبرنغر”، التي اشترت الموقع عام 2015 بمبلغ 450 مليون دولار، وتملك موقع “بوليتيكو” أيضاً.
لكن موضوع أوكسمان والقصص حولها تعتبر مهمة لـ “أكسل سبرنغر” ومديرها التنفيذي ماتياس دوفينر بسبب إسرائيل. وتدعم الشركة إسرائيل بشكل مفتوح، وهو أمر يبدو غير عادي لشركة إعلامية أمريكية غير متحزبة. ويجب على موظفي الشركة في ألمانيا- وليس العاملين بممتلكاتها في أمريكا- التوقيع على بيان يؤكد على حق إسرائيل بالوجود، من بين أمور أخرى. ورفع العلم الإسرائيلي، عام 2021، لأسبوع أمام مقر الشركة، بعدما أمر دوفينر بأن رفعه هو تعبير عن معاداة السامية، مخبراً أي شخص لديه مشكلة مع العَلَم مغادرة الشركة.
ويقول الشخص الذي يعرف بعمليات “أكسيل سبرنغر” إن المسؤولين الكبار فيها يخشون من أن التقرير عن أوكسمان يمكن أن يكون معاداة للصهيونية أو معاداة للسامية، مع أن التقريرين المنشورين في الموقع، لا يحتويان إلا على مقارنات واضحة بين أبحاث أوكسمان المنشورة والنصوص التي سرقتها.
رغم تباهي إيكمان وتأكيده على سرقات رئيسة جامعة هارفارد السابقة، إلا أنه تساءل إن كان أخذ مواد كبيرة من ويكيبديا يعتبر في الحقيقة سرقة أدبية
ولم يقدم إيكمان أي اعتراض على حقائق في التقريرين، إلا أنه اشتكى من عدم منحه وزوجته الوقت الكافي للرد على التقرير الثاني الذي خصص لسرقاتها من ويكيبيديا، ولم يمنحا سوى ساعتين في مساء الجمعة، أي بين الطلب من المتحدث باسمه التعليق ونشر التقرير. إلا أن إيكمان كان يعرف بالقصة، وقبل ساعة من نشرها، حيث كتب منشوراً على وسائل التواصل متحدثاً عن تقرير سينشر قريباً، وهو ما أجبر “بزنس إنسايدر” لتغيير موعد النشر.
Bill Ackman's wife received donation from Epstein, after his conviction, and Bill worked hard to keep it hidden.
— KHAL (@Hal9000_T1) January 3, 2024
But Harvard students protesting genocide is wrong.@BillAckman pic.twitter.com/KrIAWNYVrV
ورغم تباهي إيكمان وتأكيده على سرقات رئيسة جامعة هارفارد السابقة، إلا أنه تساءل إن كان أخذ مواد كبيرة من ويكيبديا يعتبر في الحقيقة سرقة أدبية. وفي منشور من 5,100 كلمة على إكس، ليلة السبت، قارنَ إيكمان أشكالاً من السرقة بالأخطاء الإملائية، مؤكداً على أهمية الاعتراف بأن السرقات “مستشرية” في الأعمال الأكاديمية. و”هذا لا يبدو لي بأنه سرقة أدبية ولا يقلل من عملها”، أي منشورات زوجته الأكاديمية وسرقتها من ويكيبيديا.
وأثار بيان “أكسيل سبرنغر” مخاوف الصحافيين حول ما يمكن قوله في المستقبل والقدرة على التحقيقات.
وقالت جوليا بلاك، المراسلة السابقة لـ “بزنس إنسايدر”: “منزعجة للغاية”، وقلقة من أن الذين يكتبون عن أخبار الأثرياء لن يحصلوا على دعم الشركة، و”آمل أن يكون خطأ نتعلم منه، وليس سابقة”.
المصدر: صحيفة واشنطن بوست
ترجمة: إبراهيم درويش