بايدن لنتنياهو: لا نريد حرباً مع “حزب الله” وعليك كبح جماح وزرائك ومصالحك الشخصية

Spread the love
image_pdfimage_print

وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، يصل إلى إسرائيل كجزء من جولته في الشرق الأوسط. إلى جانب الاتصالات مع الحكومة وجهاز الأمن بخصوص مواصلة الحرب ضد حماس في قطاع غزة، أمام بلينكن مهمة أخرى مستعجلة، وهي محاولة تهدئة النفوس المشتعلة على الحدود مع لبنان. إطلاق الصواريخ والقذائف المضادة للدروع التي أطلقها “حزب الله” السبت الماضي على وحدة المراقبة الجوية في جبل ميرون، رداً على اغتيال قائد حماس صالح العاروري في بيروت، ضخمت أجواء الحرب. جهات إسرائيلية رفيعة تكثر من التهديد مؤخراً بمواجهة واسعة أكبر مع “حزب الله” إذا لم يتم التوصل إلى تسوية يتم فيها إبعاد “حزب الله” عن الجدار الحدودي.
صحيفة “واشنطن بوست” نشرت أمس أن الرئيس الأمريكي بايدن، كلف رجاله بمهمة “منع حرب شاملة بين إسرائيل و”حزب الله”. وحسب الصحيفة، فإن موظفين أمريكيين يخشون من أن يعتبر نتنياهو توسيع الحرب في لبنان مفتاحاً لبقائه السياسي إزاء انتقاد الجمهور لأداء حكومته إزاء 7 تشرين الأول. وحذرت الإدارة الأمريكية نتنياهو من حرب واسعة. لرئيس الحكومة مصلحة واضحة في إطالة فترة الحرب في غزة طوال السنة القادمة، ويصعب تبديد الخوف الأمريكي حيث لم يفحص نتنياهو تسخيناً آخر على الساحة الشمالية.
تقرير لوكالة الاستخبارات التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية، قدر بأن الجيش الإسرائيلي سيجد صعوبة في مواجهة مثل هذه الحرب بسبب الحاجة إلى توزيع قدراته بين لبنان وغزة. تسريب التقرير للصحيفة يبدو خطوة تعمدتها الإدارة الأمريكية، لكن يجب أخذ التقرير بتشكك ما. توقعت المخابرات الأمريكية أيضاً هزيمة فورية لأوكرانيا عندما قامت روسيا بغزوها قبل سنتين تقريباً.
وقال وزير الدفاع يوآف غالنت، في نهاية الأسبوع الماضي إن إسرائيل تفضل الدبلوماسية على وقف القتال مع “حزب الله”، وتسوية الوضع على الحدود وإعادة السكان إلى بيوتهم. ولكنه أضاف: “نقترب من النقطة التي ستنقلب فيها الساعة الرملية لحل المشكلة “. عضو كابنت الحرب، الوزير بني غانتس (المعسكر الرسمي) قال أمس إن “الوضع الذي لا يمكن لسكان المنطقة الشمالية العودة إلى بيوتهم، يحتاج إلى حل مستعجل. ومن بدأ التصعيد هو “حزب الله”. إسرائيل معنية بالحل السياسي، وإذا لم يحدث ذلك فستزيل الدولة والجيش الإسرائيلي هذا التهديد. جميع أعضاء مجلس الحرب يتفقون معي حول هذا الموقف”.
المشكلة كالعادة مع خط غانتس الرسمي المتعلقة بالشريك المفروض عليه: نتنياهو. قرارات إدارة الحرب في الواقع تتخذ عندما ينجح مجلس الحرب في التوصل إلى قرارات. لكن الوزيرين بن غفير وسموتريتش، اللذين احتفظ بهما نتنياهو خارج هذا المنتدى المصغر، ما زالا يؤثران على سير الأمور. ممثلو اليمين المتطرف يؤججون الخلافات بين إسرائيل والولايات المتحدة وداخل المجتمع في إسرائيل، في الوقت الذي هما وغيرهم من الوزراء ينثرون السموم على الجيش الإسرائيلي. يبدو أن نتنياهو أسير لديهما.
الضفة تسخن
ظهر في الضفة الغربية مؤخراً ارتفاع في قوة القتال. قتلت جندية من حرس الحدود بعبوة ناسفة في عملية عسكرية في مخيم جنين للاجئين، وأصيب سبعة فلسطينيين في قصف لمسيرة بعد أن ألقوا -حسب الجيش- عبوة ناسفة على القوات. في شمال رام الله قتل فلسطيني من شرقي القدس، وأصيبت مواطنة عربية إسرائيلية من سكان يافا إصابة بالغة. يبدو أن المخربين قد أخطأوا التشخيص. عمليات الجيش الإسرائيلي الهجومية في الشمال يتركز معظمها في جنين ونابلس وطولكرم، وتشمل استخدام نار كثيف أكثر مما كان متبعاً حتى اندلاع الحرب في غزة. المسيرة التي استخدمت في جنين وسيلة لم تستخدمها إسرائيل حتى تشرين الأول الماضي. لم يبق في الضفة تقريباً أي قوات نظامية للجيش؛ لأن معظمها يشارك في قتال قطاع غزة. وعمليات الاعتقال التي يكون جزء منها مرفقاً بنار كثيفة، ترتكز على قوات الاحتياط التابعة لقيادة المنطقة الوسطى إضافة إلى حرس الحدود ووحدات المستعربين.
الجهة التي تعلق في هذا التصعيد هي السلطة الفلسطينية، التي تخشى من جر الجمهور في الضفة الغربية لمواجهة مع إسرائيل، وهو ما يشوش على محاولة تحسين مكانتها السياسية وفق خطة “اليوم التالي” في القطاع. رغم معارضة نتنياهو العلنية، فإن رام الله ما زالت تعلق الآمال على تسوية تمنح للسلطة موطئ قدم في القطاع. ورغم الخوف من حماس، تعتقد قيادة السلطة الفلسطينية أن الانضمام للدول الأجنبية التي ستقوم بإعمار القطاع بعد الحرب، وعلى رأسها السعودية والإمارات، ستمكن حكومة رام الله من اعتبارها “بابا نويل”، وكأنه سيكون لها دور في ضخ الأموال لتحسين وضع القطاع.
تستمر إسرائيل في التنسيق الأمني بشكل غير علني مع أجهزة السلطة في الضفة رغم الحرب في غزة. وحتى إن الأجهزة تعتقل نشطاء حماس و”الجهاد الإسلامي”، إضافة إلى اعتقالات أوسع يقوم بها الجيش و”الشاباك”. القلق الرئيسي الآن يتعلق بمواصلة جهود إيران لتهريب السلاح إلى الضفة الغربية. قبل الحرب بقليل، كشف عن مسار تهريب من إيران عبر سوريا والأردن إلى الضفة، وبواسطته تم إدخال عبوات ناسفة قوية ومسدسات إلى “المناطق” [الضفة الغربية]. هناك خوف من مواصلة إيران هذه الخطوات في محاولة لتسريع العمليات لضعضعة سيطرة السلطة الفلسطينية الضعيفة أصلاً.
مشكلة فتحات الأنفاق
بدأ الجيش الإسرائيلي في مرحلة إجمال الحرب ضد حماس في شمال القطاع. أمس، نشر الجيش تفاصيل عن القتال في معقل أخير لحماس في المنطقة، حي الدرج وحي التفاح بمدينة غزة. وأول أمس، عرض المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي، العميد دانييل هاغاري، تغطية طويلة ومفصلة حول أشهر القتال الثلاثة في القطاع، أكثر من شهرين منها للعملية البرية. وبحسب قوله، دمر الجيش الإسرائيلي لواءين والـ 12 كتيبة لوائية التي شغلتها حماس في المنطقة. يجري القتال ضد لواءين و8 كتائب في مخيمات الوسط وخان يونس، وتضررت كتائب حماس الأربع في منطقة رفح بسبب القصف الجوي.
هذا وصف موثوق للواقع، لكن يجدر الحذر من هذا الميل؛ كي نرى في حماس جيشاً بكل معنى الكلمة. حماس في الحقيقة استخدمت بنية هرمية عسكرية، ودفعت رواتب للمقاتلين وأقامت منظومة تأهيل وتدريب متشعبة. ولكن القتال نفسه لا يجري بشكل عام في إطار جيش. في المرحلة الأولى للهجوم الإسرائيلي في منطقة معينة، استعدت حماس بصيغة الوحدات في محاولة لتعويق الهجوم. بعد ذلك، انقسمت الألوية والكتائب إلى خلايا صغيرة هدفت إلى “لدغ” وضرب القوات المتقدمة (خاصة عند توقفها)، ومحاولة التسبب بخسائر قدر الإمكان. وفي شمال القطاع، بعد أن تم قطع سلسلة القيادة وقتل أو هرب معظم القادة، ثمة شعور بجهد تنظم فيه حماس مقاومة مجددة بخلايا صغيرة منتشرة.
إن تفكيك معظم منظومة حماس العسكرية شمالي القطاع مكن الجيش من تقليص القوات في المنطقة وتسريح الآلاف من الاحتياط وإعادتهم إلى بيوتهم. العملية القادمة في الشمال قد تشمل إعادة الانتشار للدفاع عن المنشأة الأمنية؛ منطقة عازلة خلف الجدار على أراضي القطاع، إلى جانب إبقاء القوات (كما يبدو) في الممر الذي يربط القطاع بوادي غزة. العملية في خانيونس حيث تعمل سبعة طواقم لوائية قتالية، ربما تستمر على الأقل في الشهر الحالي، وستركز على العثور على منظومة السيطرة تحت الأرض التي فيها كبار قادة حماس، حسب التقديرات. عقدت قيادة المنطقة الجنوبية الأسبوع الماضي جلسة عملية لاستخلاص العبر لقادة الاحتياط، عرضت فيها الدروس الأولى من سير القتال حتى الآن. طرحت الجلسة قضية رئيسية تتعلق بالقيود أمام الجيش في معالجة تدمير الأنفاق وفتحاتها. ورغم أن المشكلة ظهرت بكامل الخطورة بعد عملية “الجرف الصامد” التي كشفت وعالجت 32 نفقاً وفتحة هجومية تؤدي إلى أراضي إسرائيل، لكن لم يحدث أي تقدم حقيقي في أسلوب القتال وتدمير الأنفاق منذ ذلك الحين. استعد الجيش الإسرائيلي لعملية برية ضد حماس في القطاع، لكنه لم يبلور عملية لاحتلال أجزاء واسعة من الأراضي.
إن تطوير وسائل التكنولوجيا لتدمير الأنفاق سار ببطء، ويبدو أنه لم تخصص له الجهود والموارد المطلوبة. الآن وعندما تعثر كتيبة عادية على فتحة نفق، فإنها لا تملك الوسائل والأسلوب المناسب لمعالجتها سريعاً، وثمة حاجة لمساعدة من قوات الهندسة، وعلى رأسها فصيل وحدة “يهلوم” في الجيش النظامي والاحتياط. هذا الأمر يضع تحدياً أمام القوات على الأرض رغم تحسين معين لأسلوب العمل في الفترة الأخيرة.
عاموس هرئيل

المصدر: صحيفة هآرتس الإسرائيلية

ترجمة: صحيفة القدس العربي