في إطار دعمها لأمن إسرائيل والحفاظ على قوته العسكرية أمام مختلف الدول العربية والإسلامية، بدأت ألمانيا تعارض معظم صفقات الأسلحة الأوروبية نحو غالبية هذه الدول ومنها السعودية، وآخرها التهديد باستعمال الفيتو ضد شراء تركيا المقاتلة الأوروبية «يوروفايتر».
وتنوي تركيا شراء مقاتلة «يوروفايتر» التي تشترك فيها أربع دول هي ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا واسبانيا، وذلك في إطار تنويع سلاح الجو، لاسيما بعدما وجدت مشاكل في الحصول على ضوء أخضر أمريكي لتحديث ترسانتها من مقاتلات إف-16 التي تعمل ببرامج قديمة، واقتناء 40 مقاتلة حديثة من هذه الطائرة.
وتراهن تركيا على صناعة مقاتلة خاصة بها لاسيما بعدما تفوقت في صناعة المسيرات الحربية التي تستعملها أوكرانيا ضد روسيا وتقتنيها عدد من الدول، لكن الأمر يتطلب سنوات من تطوير طائرة قآن التي تنتمي إلى الجيل الخامس. ولتفادي النقص في سلاح الجو، تريد أنقرة اقتناء المقاتلة الأوروبية، غير أنها تصطدم بالفيتو الألماني، حسب الموقع العسكري «غالاكسيا ميليتري» في مقال تحليل له الخميس حول هذا الموضوع، ويبرز أن الرفض الألماني قد يقود ربما تركيا إلى الرهان على المقاتلة السويدية «ساب جاس 39 غربين»، بالتالي استعادة الحوار بين السويد وتركيا. وكانت برلين قد استعملت الفيتو ضد صفقة بيع 48 مقاتلة يوروفايتر للسعودية، بدعوى حرب اليمن، ورغم انتهاء الحرب تستمر في هذا الفيتو. كما استعملت الفيتو ضد صفقات أخرى للعالم العربي.
ونظراً لمشاركتها في تصنيع المقاتلة، من حق أي دولة من الدول الأربع استعمال الفيتو ضد أي صفقة تعتقد أنها تهدد أمنها القومي أو تهدد مصالح دولة صديقة أو تتناقض وسياستها الخارجية. وانفردت ألمانيا خلال العقدين الأخيرين بمعارضة بيع أسلحة متطورة إلى الدول العربية وخاصة الشرق الأوسط سواء التي تنتجها وحدها أو التي تشترك في صناعتها مثل حالة المقاتلة يوروفايتر. وكانت تردد دائماً أنها لا تصدر الأسلحة إلى مناطق النزاع حتى لا تساهم في تفاقم النزاعات وتجنب سقوط وفيات في صفوف المدنيين.
غير أن الواقع يختلف، أو على الأقل وجود سياسة الكيل بمكيالين؛ إذ لا يمكن فصل الامتناع عن بيع الأسلحة أو عرقلة الصفقات لدول الشرق الأوسط بعيداً عن سياسة الانحياز الألماني الأعمى للكيان الإسرائيلي. في هذا الصدد، تميزت ألمانيا دون باقي الدول في الاتحاد الأوروبي بدعم مطلق وغير مشروط للكيان الإسرائيلي في حربه ضد الفلسطينيين، خاصة في قطاع غزة. وعلاوة على معارضة هدنة وقف إطلاق النار، قامت برلين وفق منابر إعلامية مثل «دير شبيغل»، بتأكيد أن ألمانيا ضاعفت مبيعات الأسلحة الى إسرائيل خلال نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عشر مرات، وذلك في سابقة من نوعها في تاريخ تصدير ألمانيا للسلاح نحو الخارج. وانتقدت أصوات سياسية وإعلامية والمجتمع المدني في ألمانيا والبرلمان الأوروبي قرار حكومة برلين ببيع أسلحة بدون فيتو إلى إسرائيل، واعتبرتها ضربة لسياسة الحياد التي كانت تدعيها. وكان المستشار الألماني أولاف شولتس قال عند بداية طوفان الأقصى، إن أمن إسرائيل من أمن المانيا، في تقليد للمقولة الأمريكية.
حسين مجدوبي
المصدر: صحيفة القدس العربية