ذكرت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” أن الحكومة الإسرائيلية تجري مباحثات سريّة مع عدد من الدول من بينها الكونغو في أفريقيا بهدف “إعادة توطين ما بعد الحرب للفلسطينيين” من قطاع غزة”.
ويأتي ذلك في ظل ردود أفعال دولية مندّدة بمواقف أدلى بها وزراء بارزون في الحكومة الإسرائيلية دعوا فيها إلى تهجير الفلسطينيين في القطاع.
وذكر خبر “تايمز أوف إسرائيل” الذي نشره أساسا موقعها العبري (زمان إسرائيل)، أن ائتلاف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو “يجري اتصالات سرية لقبول آلاف المهاجرين من غزة مع الكونغو، بالإضافة إلى دول أخرى”.
ونقلت الصحيفة عن مصدر كبير في مجلس الأمن الإسرائيلي، أن “الكونغو مستعدّة لاستقبال المهاجرين، ونحن في محادثات مع آخرين”.
كما أوردت أنّ بعض الوزراء يروجون لـ “السعودية كوجهة للغزيين الباحثين عن عمل في البناء”.
وكان نتنياهو قد قال الإثنين الماضي، في اجتماع كتلة حزبه “الليكود” إنه يعمل على تسهيل هجرة الغزيين طوعاً إلى دول أخرى.
وأضاف نتنياهو، بحسب الصحيفة الإسرائيلية: “مشكلتنا هي (إيجاد) دول مستعدة لاستيعاب الغزيين، ونحن نعمل على ذلك”.
وكان نتنياهو يردّ على عضو الكنيست من الليكود داني دانون، الذي ادعى أن “العالم يناقش بالفعل إمكانيات الهجرة الطوعية”، على الرغم من رفض الفكرة بشدة من قبل المجتمع الدولي.
“لو كان في غزة 100 ألف”
وفي السياق نفسه، رفض وزيرا المالية بتسلئيل سموتريتش والأمن القومي إيتمار بن غفير في إسرائيل، أمس الأربعاء، الانتقادات التي وجهتها وزارة الخارجية الأمريكية لدعوات تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية عن وزير المالية قوله إن “أكثر من 70 غي المئة من الجمهور الإسرائيلي يؤيد حلا إنسانيا لتشجيع الهجرة الطوعية لعرب غزة واستيعابهم في بلدان أخرى”.
وأضاف متمسكا بموقفه: “المجتمع الإسرائيلي لن يوافق على استمرار هذا الواقع في غزة، نحن مطالبون بإعادة التفكير والمشاركة مع أصدقائنا في المجتمع الدولي”.
وزعم سموتريتش أنه “يستيقظ مليونا شخص كل صباح ولديهم رغبة في تدمير دولة إسرائيل وذبح اليهود واغتصابهم وقتلهم”، وفق تعبيراته التي نقلتها صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية.
وتابع: “إذا كان هناك في غزة 100 ألف أو 200 ألف عربي وليس مليونان، فإن الحديث برمته في (اليوم التالي) سيبدو مختلفا”.
وسموتريتش، زعيم حزب “الصهيونية الدينية” اليميني المتطرف، وهو مستوطن في الضفة الغربية وداعم للاستيطان.
وفي 2005، عارض سموتريتش الانسحاب الإسرائيلي الأحادي من غزة، ودعا في الأسابيع الأخيرة لإعادة الاستيطان إلى القطاع.
وجاهر وصديقه بن غفير زعيم حزب “القوة اليهودية” اليميني المتطرف، بالدعوة إلى تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة.
وقال بن غفير عبر منصة “إكس”، مساء الثلاثاء: “نقدر حقا الولايات المتحدة، ولكن مع كل الاحترام الواجب، لسنا نجمة أخرى على العلم الأمريكي”.
وأضاف: “الولايات المتحدة هي أفضل صديق لنا، ولكن قبل كل شيء سنفعل ما هو الأفضل لدولة إسرائيل”.
وتابع: “هجرة مئات الآلاف من غزة ستسمح لسكان القطاع بالعودة إلى ديارهم والعيش في أمان وحماية جنود الجيش الإسرائيلي”، وفق قوله.
إدانات دولية لتصريحات بن غفير وسموتريتش عن التهجير
وكانت واشنطن انتقدت دعوات سموتريتش وبن غفير لتهجير فلسطينيين من قطاع غزة “طوعا”.
وقال متحدث الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر، مساء الثلاثاء، في تصريح مكتوب وصلت نسخة منه للأناضول: “ترفض الولايات المتحدة التصريحات الأخيرة الصادرة عن الوزيرين الإسرائيليين بتسلئيل سموتريش وإيتمار بن غفير والداعية إلى إعادة توطين الفلسطينيين خارج قطاع غزة”.
وأضاف: “هذه تصريحات تحريضية وغير مسؤولة، وقد أعربت لنا الحكومة الإسرائيلية، بما في ذلك على لسان رئيسها (بنيامين نتنياهو)، مرارا وتكرارا وبشكل متسق أن هذه التصريحات لا تعكس سياسة الحكومة. وينبغي الكف عن الإدلاء بأي تصريحات مماثلة بشكل فوري”.
وتابع ميلر: “موقفنا واضح ومتسق ولا لبس فيه إزاء أن قطاع غزة هو أرض فلسطينية وسيبقى كذلك دون أن تتحكم حركة حماس بمستقبله ودون أن تتمكن الجماعات “الإرهابية” من تهديد إسرائيل. هذا هو المستقبل الذي نسعى إلى تحقيقه بما فيه صالح الإسرائيليين والفلسطينيين والمنطقة المجاورة والعالم”.
فرنسا تدين
كما أدانت فرنسا تصريحات بن غفير وسموتريتش حول تهجير الفلسطينيين إلى خارج قطاع غزة.
وقالت الخارجية الفرنسية في بيان أمس الأربعاء: “الحكومة الإسرائيلية لا تملك صلاحية تحديد المكان الذي يجب أن يعيش فيه الفلسطينيون على أرضهم”.
وأضافت أن الحكومة الفرنسية تدين تصريحات الوزيرين الإسرائيليين اللذين يريدان تهجير الفلسطينيين في قطاع غزة وإعادة إنشاء المستوطنات اليهودية فيه واحتلاله.
ودعت الخارجية الفرنسية إسرائيل إلى الامتناع عن مثل هذه التصريحات “الاستفزازية غير المسؤولة والتي تؤجج التوترات”.
وأكدت أن “التهجير القسري للناس يعد انتهاكا خطيرا للقانون الدولي وفقا لاتفاقيات جنيف ونظام روما الأساسي (للمحكمة الجنائية الدولية)”.
مقررة أممية: “جريمة ضد الإنسانية“
وردّا على مثل هذه الدعوات الصادرة عن شخصيات بارزة في الحكومة الإسرائيلية، وصفت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بفلسطين، فرانشيسكا ألبانيز، تهجير إسرائيل القسري للفلسطينيين بـ “جريمة ضد الإنسانية”.
وأوضحت ألبانيز في منشور على منصة إكس، أن “التهجير القسري جريمة ضد الإنسانية، وأن إسرائيل تنفذ ذلك بتهور منذ عقود من الاحتلال غير القانون”.
وأضافت أن إسرائيل نقلت خطة التهجير القسري هذه إلى مستوى جديد من خلال ترويع السكان وتجويعهم وقصفهم.
وفي وقت سابق شددت ألبانيز على ضرورة إعادة هيكلة المنطقة وعودة الفلسطينيين إلى وطنهم. وذكرت أنه يتعين على إسرائيل إنهاء احتلالها وتوفير العدالة.
واعتبرت ما يهدف إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والنواب الإسرائيليين تحت مسمى “التهجير الطوعي” لسكان غزة أنه جريمة.
المصدر: صحيفة تايمز أوف إسرائيل
ترجمة: صحيفة القدس العربي