في “نكبة مزدوجة”.. منظمات دولية: نصف سكان قطاع غزة يعيشون حالة جوع شديد أو شديد جداً

Spread the love
image_pdfimage_print

إذا كانت الصور التي خرجت من القطاع قد ركزت في بداية الحرب على القتلى، خصوصاً الأطفال، والدمار الذي تسببت به عمليات القصف الكثيفة، فقد ظهرت في الأسابيع الأخيرة صور تدل على أزمة غير مسبوقة في أي جولة قتال سابقة في القطاع، وربما حتى لم يشاهد مثلها في أي يوم. صور الأطفال الذين يحملون الطناجر الفارغة ويتدفقون نحو مراكز المساعدات أو يقفون في الطابور للحصول على صحن حمص أو صحن فول، تحولت مؤخراً إلى منظر شائع أكثر. ليس أمام سكان القطاع إلا أن الأمل لتغيير مشهد أطفالهم جائعين أما نظرة العالم إليهم، لأنه عالم لم يعد يؤثر فيه صور التدمير في القطاع وعدد القتلى الذي يقترب من الـ 20 ألف شخص.

أحد الأطفال الجائعين تحدث عن المعاناة في فيلم فيديو نشر في الإنترنت: “نكتفي برغيف أو نصف رغيف طوال اليوم”، قال محمد الخالدي، الذي انتقل مع عائلته من شمال القطاع إلى الجنوب. “في المساء أقول لأمي أنا جائع. فتقول لي بأننا لا نملك الطعام. هكذا نواجه الأمر يوماً بعد آخر”.

وثمة منظمات دولية أيضاً تحدثت عن الجوع الشديد في القطاع. حسب الإدارة الإقليمية لبرنامج الغذاء العالمي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فإن حوالي نصف سكان القطاع في حالة جوع شديد أو شديد جداً. وأن 90 في المئة منهم يقضون أحياناً بضعة أيام بدون طعام. أكدت هذه المنظمة أن حوالي 10 في المئة فقط من الغذاء المطلوب لـ 2.2 مليون شخص قد دخل إلى القطاع.

وحذرت “اليونسيف” من تداعيات الأزمة الإنسانية في القطاع، وأشارت إلى أن الأطفال المهجرين الذين وصلوا مؤخراً إلى جنوب القطاع لا يحصلون على كمية المياه المطلوبة للحفاظ على صحتهم. وحسب المنظمة، لا يحصل الأطفال المهجرون إلا على 1.5 – 2 لتر من المياه كل يوم، رغم أن الحاجة اليومية في حالة الطوارئ تصل 11 لتراً كل يوم للشرب والطبخ والغسيل والاستحمام لكل طفل. وقالت اليونسيف إن الحصول على مياه صالحة للشرب تحول إلى موضوع حياة أو موت، وإن الكثير من الأطفال المهجرين هم الآن في خطر على حياتهم بسبب نقص الغذاء وتفشي الأمراض في القطاع.

كثيرون في القطاع يكتفون بأكلات أو شوربة ترتكز إلى ما لديهم، مثل شوربة من البصل والماء فقط. فيما يحصل المحظوظون على نصف كيلو أو كيلو من العدس. تزداد في القطاع أيضاً ظاهرة أعداد الوجبات من النباتات والخضراوات التي يمكن العثور عليها في المناطق المفتوحة أو الحدائق التي لم يقصفها الجيش الإسرائيلي بعد، وليس من المنتجات الزراعة. في مراكز الإيواء أيضاً يرتجلون طرقاً للخبز؛ لأن الأغلبية الساحقة من المخابز مغلقة في ظل غياب الغاز أو الكهرباء.

يُشاهد في عدد من مراكز الإيواء أشخاص يقفون حول موقد وهم يحملون الطناجر ويقومون بغلي المياه غير الصالحة للشرب. فتاة من مدينة غزة، انتقلت للعيش في رفح، اعترفت في محادثة مع “هآرتس” بأنها اضطرت إلى إطعام أولادها أطعمة انتهت صلاحيتها. “ربما يعانون من الإسهال، لكن لديهم ما يأكلونه على الأقل”، قالت.

وقال مواطنون من القطاع ومنظمات دولية بأنه حتى لو كانت هناك مواد أساسية في الأسواق القليلة التي ما زالت في وسط القطاع أو في الجنوب، فليس لدى السكان الأموال الكافية لشراء الطحين أو الفواكه والخضراوات بسبب ارتفاع الأسعار بشكل خيالي، الذي يقدر بعشرات النسب المئوية. إضافة إلى ذلك، فإن معظم سكان القطاع، ليس فقط اللاجئين، يضطرون إلى الاعتماد منذ بداية الحرب على المساعدات الدولية، سواء من الأونروا أو من مؤسسات دولية أخرى.

أحمد، أحد سكان حي الرمال في مدينة غزة والذي انتقل مع عائلته إلى خانيونس ويعيش الآن في خيمة في رفح، قال: “رجعنا عشرات السنين إلى الوراء. نبني فرناً من الصلصال ونشعل النار، ثم نخبز ما يتوفر لدينا”. حسب قوله، هو لم يشاهد مثل هذه الأمور في العمليات السابقة في القطاع. “هذه نكبة مزدوجة ومضاعفة بالنسبة لنا – تهجير وتدمير بيوت وبنى تحتية ونقص كبير في المياه والغذاء والدواء.

 جاكي خوري

المصدر: صحيفة هآرتس الإسرائيلية

ترجمة: صحيفة القدس العربي