كيف تحول البطيخ إلى رمز القضية الفلسطينية؟ تقول صحيفة “واشنطن بوست” في تقرير أعدته جينفر حسن ومريام بيرغر إنه وفي أعقاب الحرب الإسرائيلية على غزة لم يعد البطيخ مجرد فاكهة حمراء حلوة الطعم، بل ورسمها المحتجون وحملوا قطعها في الشوارع في التظاهرات أو رسموا القطع على وجوههم.
وفي منصات التواصل الاجتماعي، فإن إيموجي على شكل البطيخ تظهر مع اسم المستخدم تحت المنشورات المتعلقة بحرب غزة. لكن ماذا يعني شعار البطيخ في هذا السياق ولماذا يلعب دورا مهما ويكون رمزا في التظاهرات المؤيدة لفلسطين؟ فالبطيخة كانت رمزا/أيقونة في الفن الفلسطيني ولعقود، حيث تستخدم للتعبير عن العلم الفلسطيني، لأنك عندما تقطعها فالفاكهة تظهر ألوان الأحمر والأبيض والأخضر والأسود، وهي فاكهة شعبية يزرعها الفلسطينيون.
أما السبب الثاني لاستخدام البطيخ كرمز فهو منع العلم الفلسطيني والرموز المعبرة عن الهوية الفلسطينية. وتقول دينا مطر أستاذة الاتصالات والإعلام العربي في مقابلة “بهذا المعنى، أكد الفلسطينيون على هوية البطيخ الفلسطينية”، فالبطيخ هو “رمز المقاومة والتصميم”، حسب مطر التي تدرس في مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية (سواس) بجامعة لندن، مضيفة أنه في أثناء الاحتجاجات ضد الاحتلال الإسرائيلي، حمل الفلسطينيون في الضفة الغربية الفاكهة “كرمز لما تبقى فلسطينيا”.
وقال خالد الحوراني، الفنان المقيم في رام الله بالضفة الغربية لواشنطن بوست في 2021 إن “الفن يصبح أحيانا سياسيا أكثر من السياسة نفسها” وبعض أعمال الحوراني الفنية مستلهمة من البطيخ وتم مشاركتها بشكل واسع خلال السنوات الماضية، وتظهر في احتجاجات وعلى منصات التواصل الاجتماعي وسط النزاعات والحروب الإسرائيلية المتكررة على غزة.
ولأن العلم الفلسطيني المكون من الأحمر والأخضر والأبيض والأسود واجه في العقود الماضية جدلا، فقد بدا البطيخ جذابا للناشطين. ومنعت إسرائيل العلم في مناسبات معينة وهناك جهود من بعض الساسة في إسرائيل لمنعه رسميا. ومن ناحية عملية فالعلم ممنوع لأنه قد يصادر ويدفع مالكه غرامة بناء على قانون السلامة العامة. وفي كانون الثاني/يناير أزال وزير الأمن الإسرائيلي الأعلام من الأماكن العامة، وبعد عدة أشهر بدأت حملة قام بها الناشطون بلصق صور البطيخ على السيارات احتجاجا على اعتقال الأشخاص الذين يحملون العلم الفلسطيني، وقال الناشطون الذي لصقوا صور البطيخ: “هذا ليس هو العالم الفلسطيني”.
ويخدم إيموجي البطيخ نفس الهدف على منصات التواصل الاجتماعي، فأنصار فلسطين يستخدمون رموزا مشفرة وطرقا معينة في التهجئة يرونها ضرورية لتجنب القمع من شركات التكنولوجيا. ففي 2021 تم حذف ملايين من المنشورات المؤيدة لفلسطين من فيسبوك وتويتر/إكس، ولامت الشركة خطأ ببرامج الذكاء الاصطناعي. وبعد هجمات حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر سجلت منظمات حقوق الإنسان زيادة في قمع حرية التعبير في إسرائيل واستهدفت نسبة 20% من سكان إسرائيل.
وقضى يرموك الزعبي، صاحب محل حمص في الناصرة ليلة في السجن بتشرين الأول/أكتوبر بعدما نشر صورة قبضة بعلم فلسطيني على حسابه بواتساب، لكن تم الإفراج عنه بدون توجيه تهم. وتم استهداف العلم الفلسطيني بأوروبا أثناء النقاش الحالي، ففي برلين أصدرت المدارس إذنا بمنع الخرائط الإسرائيلية على شكل العلم الفلسطيني، وفي بريطانيا، قالت وزيرة الداخلية السابقة إن حمل العلم الفلسطيني قد يشكل خرقا للقانون، مع أن شرطة لندن وضحت “حمل العلم الفلسطيني لا يمثل بحد ذاته جريمة”.
وتقول مطر، من جامعة سواس إن العلم هو رمز الهوية الفلسطينية، “حمل العلم لأي أمة هو رمزي، ويعني أن أعضاء هذه الأمة يشعرون بأنهم ينتمون إلى تلك الأمة، ولهذا نعتبر نحن الفلسطينيين العلم مهما، لأن الفلسطينيين ليست لديهم دولة ولكن لديهم أمة. والعلم مهم للتأكيد على وجود الفلسطينيين”.
المصدر: صحيفة واشنطن بوست
ترجمة: إبراهيم درويش