أيام الحرب تودي بنا إلى شعور “معاً” كشعب. وتظهر بين الشائعات براعم من التفاؤل وإمكانية الحد من الصراعات: ستضع الحكومة الانقلاب النظامي جانباً، وسيوافق المعارضون على إجراء انتخابات جديدة.
في أوساطنا من يرون نوعاً من السراب والحلم العبثي، ويتمسكون بأمل تهدئة ومناخ معقم. ولكنه واهم من يعتقد بأن الحرب التي جاءت عقب مذبحة دموية سوف تنسينا الاختلاف في المواقف الداخلية. يصعب الكتابة اليوم لأن هناك عدة بيانات ناقصة في المعادلة: كم ستستمر حالة الطوارئ؟ هل ستشتعل حرب في المنطقة الشمالية؟ في الشرق؟ ماذا سيكون مصير المخطوفين؟
لدى الجمهور الواسع ميل لرؤية قيادة أخرى بدون نتنياهو. وهناك أيضاً ميل كبير لرؤية أشخاص آخرين في القيادة، مثل نفتالي بينيت ويمينيين عقلانيين، ويئير غولان المقدر، وأشخاص من اليسار – وسط. ثمة ملل مستمر من حزب جبناء وأحزاب لا يسمع لها صوت في فترة مصيرية بالنسبة للدولة والمجتمع، كل ذلك يؤدي إلى تصويت حر أكثر مما كان.
هناك خلافات واضحة الآن يتم إخفاؤها بسبب الظروف الحالية القاسية عسكرياً، وسياسياً أيضاً. الرأي العام العالمي يتجه ضدنا، والمعارضة تزداد بمتوالية هندسية. كلما استمر القتال في غزة ستزداد وترتفع وتجذب المزيد من الزعماء والرؤساء.
لا تتم استجابة الاحتجاج ضدنا بأي شكل من الأشكال، سواء سياسياً أو سياساتياً. ولا نفعل شيئاً من أجل تقليص الغضب وجعل العملية في غزة في توازنها الصحيح. ربما سيكون الوضع مختلفاً لو قالت إسرائيل إن الحرب ضد حماس وليس ضد الفلسطينيين ككيان سياسي، بل هي حرب ضد المسلمين الذين يريدون تصفية كل معارض ويفرضون الفيتو على كل اتفاق. لو أكدت أنها ستتوصل إلى اتفاق مع السلطة الفلسطينية والولايات المتحدة والدول العربية التي تؤمن بالاتفاق في نهاية الحرب، لربما أسكتت المتظاهرين ضد وجودها.
إسرائيل اليوم لا تقول ذلك، بل تعزز الرأي السائد في العالم، وهو أنها تريد استيطان كل أرض إسرائيل، وأن هذا هو الدافع الحقيقي للحكومة اليمينية المطلقة. هناك أشخاص مثل بتسلئيل سموتريتش، يؤمنون بأننا في ذروة عملية خلاص، وأن علينا عدم الوقوف أمامها، سواء في غزة أو جنين أو الحرم. هناك أيضاً أشخاص ومحللون لا يصرحون بهذا الشكل، لكنهم يستبعدون السلطة الفلسطينية كشريك. هكذا ستنزل إمكانية خلق كيان فلسطيني مستقل عن جدول الأعمال. النضال الخفي بدأ الآن، في وقت يطلب فيه من يريدون لنا الخير في العالم ذلك بشكل عنيف، لكن الأحزاب في إسرائيل لا تناقش هذه القضية أثناء الحرب.
الحسم بشأن العلاقات مع السلطة الفلسطينية أقرب من أي وقت آخر. فشل نتنياهو في تقدير أن بإمكانه التوصل إلى اتفاق إقليمي بدون حاجة إلى حل مع الفلسطينيين. محمود عباس لا يعتبر شريكاً مثالاًي، لكنه هو ورجاله الشريك الفلسطيني الممكن. يجب على أحزاب الوسط واليسار واليمين أن تتوحد حول طلب التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين. هذه هي الطريقة لإعادة إسرائيل إلى أسرة الشعوب كدولة تحب السلام ومستعدة لـ “التضحية” بنظريات مسيحانية لا أساس لها من الصحة.
عوزي برعام
المصدر: صحيفة هآرتس الإسرائيلية