استخدام المرتزقة في الكيان المؤقت هو مسألة قديمة من تاريخ احتلال اسرائيل للأراضي العربية. لطالما قامت اسرائيل بتجنيد المقاتلين في كل مكان في العالم حيث لديها سفارات، من خلال المنظمات اليهودية التي تروج لفكرة الانضمام للجيش الإسرائيلي، منها ما يعمل علنًا ومنها ما يعمل في السرّ، يعتمد ذلك على الدولة. ويتمتع هؤلاء الجنود المرتزقة برواتب مرتفعة بالمقارنة مع الجنود العاديين، ضمن برنامج “الجنود الوحيدين” في جيش الاحتلال. يأتون للقتال إما لأسباب عنصرية أو للحصول على رواتب ضخمة. إنها وسيلة فعالة لإبراز القوة مع تقليل خسائرهم الرسمية. وبعد أن حاولت اسرائيل اجتياح قطاع غزة في صيف عام 2014، ظهرت قصص عن المرتزقة الذين قُتل الكثير منهم بمن فيهم أمريكيون، ويعود هؤلاء إلى الواجهة في المحاولات الجديدة لاجتياح جبش الاحتلال لغزة إثر عملية طوفان الأقصى 2023، مع ظهور مرتزقة أوروبيين، يثير الجدل حول مسؤولية حكوماتهم في التدخل فيما يحصل في غزة.
عام 2014، دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان الدول التي يخدم عدد من حملة جنسيتها في صفوف القوات المسلحة الإسرائيلية إلى المسارعة بسحبهم بعد تسجيل الجيش الاحتلال الإسرائيلي انتهاكات مروّعة لحقوق الإنسان ومجازر حرب في الهجوم الذي شنه على قطاع غزة، نظرا لاحتمال أن يكون هؤلاء الجنود “عرضة لاقتراف جرائم حرب”.
وقال الأورومتوسطي إنه كان أصدر تقريراً في نوفمبر 2013 كشف فيه عن وجود مئات الأوروبيين والأمريكيين والكنديين وحملة جنسيات دول أخرى من الذين “يتطوعون” للخدمة العسكرية في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي، ضمن قوات خاصة، شاركت في قتل المدنيين الفلسطينيين، لا سيما في قطاع غزة. منوّهاً إلى أن هناك برامج في إسرائيل تسمح لأي شخص يهودي “وليس بالضرورة إسرائيلي” للخدمة فيما يسمى يجيش الدفاع الإسرائيلي.
واليوم، كشفت صحيفة “إل موندو” الإسبانية أنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي جنّد مرتزقة أوروبيين للقتال في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. أجرت الصحيفة مقابلة مع أحد المرتزقة الأسبان ممن قاتلوا في أوكرانيا، الذي قال، إنّ شركة عسكرية خاصة تدعم إسرائيل هي التي جنّدته للقتال في صفوف جيش الاحتلال، مشيرًا إلى أنّه تلقّى مكالمة هاتفية من “رفيق سلاح سابق” أخبره بأنّ “الإسرائيليين يبحثون عن أشخاص لديهم سجل عسكري جيد”. ويبرر بيدرو مشاركته بحجج أيديولوجية، علمًا أنه أقرّ أنه ترك العمل في أوكرانيا بسبب توقفهم عن الدفع.
ضمن وثائقي أعدته قناة الجزيرة تحت عنوان “الصندوق الأسود: الجندي الوحيد” حول استخدام اسرائيل للمرتزقة منذ عام 1948 يقول المجند ألكسندر من جنوب إفريقيا إنّ “إقامة الدولة اليهودية كانت بفضل الجنود الأجانب”، ومنذ ذلك الحين يتم استخدام هذا التقليد في معارك المواجهة الإسرائيلية، “كان من المعروف أن المشاركين في برنامج الجندي الوحيد شرسون وخطرون”، قال جون، وهو بلجيكي، إن عائلته كانت كلها ضحايا للنازية وأنه جاء للانتقام. وأنه قد استمتع بالقتال معهم وقضى 8 أشهر في التدريب ليصبح محاربًا محترفاً، وقد شارك في العديد من العمليات العسكرية.
على خط آخر، ينشط جنود إسرائيليون أنفسهم كمرتزقة خارج كيان إسرائيل. ولعلّ القضية الأبرز، عندما درّب المرتزقة الاسرائيليون الجيش الكاميروني. إذ كشف فريق من اثنين من المراسلين، إيمانويل فرويدنتال ويوري فان دير فايدي، النقاب عن جنود ينتمون إلى وحدة النخبة الكاميرونية، التي دربها مرتزقة إسرائيليون، متورطون في مجزرة نغاربوه في فبراير 2020، حيث قتل 21 مدنيا، وفقا لمنظمة هيومن رايتس ووتش. BIR هي القوات الخاصة في الكاميرون ، وهي مسؤولة مباشرة أمام الرئيس بول بيا الذي كان في السلطة منذ عام 1982. تم إنشاء الوحدة من قبل ملحق الدفاع الإسرائيلي السابق في الكاميرون، آفي سيفان، بعد تقاعده من الخدمة العامة. في عام 2010 ، توفي سيفان في حادث تحطم طائرة هليكوبتر ومنذ ذلك الحين لم يتم الكشف عن أسماء الإسرائيليين الذين يدربون BIR ، على الرغم من تداول بعض الأسماء المزيفة، من الصعب العثور على معلومات عنهم.
المصدر: موقع الخنادق