هل يمكن لإسرائيل هزيمة حماس؟ الجواب غامض عندما يتم سؤال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بحسب أنشيل بيفر في تقرير بصحيفة “التايمز”.
وقال الكاتب إن نتنياهو تحدث في مؤتمر صحافي مساء الأحد عن الحرب ضد حماس، وعندما سئل عن خططه لما بعد الحرب، كان غامضا، وقال إنه سيصر على “السيطرة الأمنية” على غزة حتى بعد الإطاحة بحماس: “لا أرى وضعا لا تكون فيه لإسرائيل المسؤولية الأمنية الكاملة في غزة”.
لكن ماذا يعني هذا؟ هل ستبقى القوات والدبابات الإسرائيلية على الأرض هناك بعد نهاية القتال؟ منطقة منزوعة السلاح على حدود غزة؟ سحب كل القوات الإسرائيلية وعودتها مرة ثانية حالة ظهرت حماس من جديد؟ ليس لدى نتنياهو تفاصيل أخرى.
ويواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي أزمة، حيث تتراجع شعبيته بشكل متزايد منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر، وهو يواجه معركة من أجل البقاء السياسي، وهو بحاجة لليمين المتطرف من أجل البقاء معه في التحالف. ولو غامر وذكر أنه يريد نقل السلطة الأمنية للفلسطينيين، فإنه يخاطر بخسارة غالبيته في الكنيست ولهذا لا يفعل.
ومن جانب آخر، فلو نظر إليه على أنه يقبل بنوع من الوجود العسكري والأمني الدائم في غزة، فسيثير غضب جو بايدن وإدارته التي تقدم لحكومته كل ما تريده من الدعم العسكري والدبلوماسي الحيوي، ولهذا يلتزم الصمت حيال أي شيء يتعلق باستراتيجية الخروج الإسرائيلية من غزة.
وفي الحقيقة ليست لدى نتنياهو أية خطة، كما يعلم الجميع. وما يأمل به هو أن تحقق القوات الإسرائيلية انتصارا سريعا ضد حماس بحيث يحيي مشواره السياسي المتهالك.
ويقول بيفر إن طريقة إدارة نتنياهو للأزمة تركت الجنرالات في الظلام، وهم بحاجة لفكرة حول خطة حكومتهم بعيدة الأمد والأهداف لكي يخططوا للمرحلة المقبلة من الحرب. ونظرا لعدم تلقيهم أي إرشادات، فقد حاولوا البحث عن استراتيجية بأنفسهم، وهذه ليست وظيفة الجنود المحترفين، وفق الكاتب.
وبحسب دراسة مسحية، كشفت عن دعم نسبة 85% لدخول القوات الإسرائيلية إلى غزة والإطاحة بحماس، لكن لا إجماع بين المشاركين حول ما سيحدث بعد ذلك.
ففي معسكر اليمين، هناك حديث حول “العودة” إلى قطاع غزة وإعادة بناء المستوطنات التي فككتها حكومة أريئيل شارون في عام 2005. أما يسار الوسط، فهو مع إعادة عقارب الساعة للوراء، ولكن حتى عام 2007 عندما سيطرت حماس على القطاع وطردت منه السلطة الفلسطينية.
وكلا الفكرتين غير واقعية. فحلم إعادة الاستيطان في غزة لا يأخذ بعين الاعتبار مليوني فلسطيني يعيشون وسط الأنقاض، ناهيك عن العزلة الدولية ونهاية علاقة إسرائيل مع الدول العربية المعتدلة.
وفي الوقت الذي تفضل المعارضة حل نقل المسؤولية عن غزة للسلطة الفلسطينية (وهي المفضلة في خطط الجنرالات الإسرائيليين) وهو موقف المجتمع الدولي ومعظم القادة العرب، فلا أحد لديه فكرة حول قدرة السلطة في رام الله على إعادة سلطتها في غزة الآن، مع أنها كانت أضعف حالا قبل 16 عاما من الحفاظ على القطاع تحت سيطرتها.
ومع أن رئيس السلطة محمود عباس أخبر وزير الخارجية الأمريكية، أنتوني بلينكن بأنه لن يعيد الوحدة مع غزة، إلا أن رئيس وزرائه محمد اشتية قال إن السلطة لن تعود إليها “على ظهور الدبابات الإسرائيلية”.
والمشكلة ليست في التعامل مع إسرائيل، ولكن لا قدرة لدى السلطة الفلسطينية من ناحية القوات الأمنية والبنى المدنية لحكم غزة.
ولو تركت إسرائيل غزة بعد العملية البرية وكانت قادرة على إضعاف حماس، فهناك حاجة لقوة دولية انتقالية تدير القطاع لعدة أشهر قبل عودة السلطة الفلسطينية. وحتى هذا الوقت، لم تتطوع أي حكومة غربية أو عربية للمشاركة في هذه القوة، ولم تقم السلطة أو إسرائيل بمحاولة الحصول على دعم من أي دولة للفكرة.
المصدر: صحيفة التايمز البريطانية
ترجمة: إبراهيم درويش