نيويورك تايمز: حرب غزة تعزز من انقسام الحزب الديمقراطي وتزايد انتقادات المعسكر الليبرالي لموقف بايدن

Spread the love
image_pdfimage_print

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا حول الانقسام داخل الحزب الديمقراطي بشأن إسرائيل وغضب الشباب واليسار من جو بايدن.

وفي التقرير الذي أعده ريد إبستين وأنجالي هيون قالا إن انقساما واضحا بشأن الحرب يتردد داخل أمريكا الليبرالية، وهناك تحالف من الشباب الملونين ينشقون عن الرئيس مما يثير أسئلة حول قوته لدخول انتخابات عام 2024. وقالا إن وحدة الحزب الديمقراطي في السنوات الماضية خلف بايدن آخذة بالتآكل نتيجة لدعمه المستمر لإسرائيل وتصعيدها الحرب مع الفلسطينيين، حيث أظهر تحالف من الشبان الميالين لليسار والملونين سخطا ضده وأكثر من أي وقت مضى. فمن الكونغرس إلى هوليوود واتحادات العمال والناشطين الليبراليين إلى حرم الجامعات وكافيتريا المدارس الثانوية، هناك انقسام عاطفي صريح بشأن النزاع يهز أمريكا الليبرالية.

وفي الوقت الذي أثنى فيه الديمقراطيون المعتدلون والنقاد من اليمين على دعمه لإسرائيل، إلا أنه يواجه مقاومة جديدة من فصيل نشط داخل حزبه يتعامل مع القضية الفلسطينية على أنها امتداد لحركات العدالة الاجتماعية والعرقية والتي هيمنت على السياسة الأمريكية منذ 2020. وفي احتجاجات، ورسائل مفتوحة وإضرابات وتمرد عاملين، يطالب الديمقراطيون الليبراليون الرئيس بايدن بالتخلي عن سياسة أمريكية مضى عليها عقود والدعوة لوقف إطلاق النار.

ولم يتم اختبار قوة الشاكين بإسرائيل داخل الحزب، مع بقاء أكثر من عام على انتخابات 2024، لكن جهودهم كانت متشرذمة وغير منظمة ولا يوجد لديهم اتفاق حول مدى اللوم الذي يجب أن يوجه لبايدن وإن كان يجب معاقبته في تشرين الثاني/نوفمبر العام المقبل لو تجاهل مناشداتهم. إلا أن الرئيس بايدن يكافح في مواجهة تراجع في الحماس الديمقراطي، ولن يقتضي الأمر سوى انحراف في الدعم من الناخبين الذين صوتوا له عام 2020 لكي يضعوا موضوع إعادة انتخابه في 2024 محل تساؤل. وكان هامش الفوز له في الولايات الرئيسية بالآلاف الأصوات، وهو ما لا يحتمل خسارة أصوات الشباب الذين شعروا بالنفور من ولائه لحكومة اليمين المتطرف في إسرائيل والتي يرونها معادية لقيمهم.

إن الاضطرابات بشأن إسرائيل، في جوهرها، هي خلاف أساسي في السياسة مما يميزها بشكل واضح عن عدم رضا الناخبين عن الوضع الاقتصادي، والتي يعتقد بايدن وحلفاؤه أنها مسألة يمكن حلها من خلال إرسال الرسائل الصحيحة. ولطالما وضع الرئيس نفسه بالنصف الأول من حكمه، في وسط حزبه وأبحر في الخلاف الأيديولوجي والجيلي للحزب، لكنه يواجه موضوعا ليس سهلا ولا يمكن التعامل معه من موقع الوسط.

ولعل أكبر ما يثير قلق بايدن في أروقة الكونغرس هم السود الأمريكيون والهسبانو الذين دفعوا بانتصاره عام 2020، وحتى يوم الخميس وقع 18 عضوا في مجلس النواب على قرار يدعو لخفض فوري ووقف إطلاق النار في إسرائيل والمناطق الفلسطينية، وكلهم من الملونين. وقالت النائبة عن نيوجرسي بوني واتسون كولمان، واحدة من داعمي قرار وقف إطلاق النار “إننا نتعامل مع الألم والحرمان والقسوة شخصيا، حيث واجهناها في حياتنا الحالية أو لدينا روابط تاريخية بها مع أسلافنا”، و”نعرف أن القسوة والحرب والعنف لا نتيجة إيجابية لها”.

وبالنسبة للديمقراطيين في الكونغرس وفي المعسكر الليبرالي في واشنطن، فالمعارضة لسياسة بايدن نابعة من الجيل الشاب والموظفين التقدميين الذين نشأوا بمناخ شك كثيرا بإسرائيل. ووقع مئات من الأعضاء السابقين ممن عملوا في حملة المرشح الرئاسي السابق، سناتور ولاية فيرمونت، بيرني ساندرز، والمرشحة السابق سناتورة ماساشوسيتس إليزابيث وارن، على رسالة مفتوحة تحثهما على تقديم مشاريع مماثلة لوقف إطلاق النار في مجلس الشيوخ. وقاوما هذه المطالب، إلا أن السناتور ساندرز حث على “توقف إنساني”، وهو موقف بدأ المشرعون الليبراليون والجماعات بتبنيه وقال وزير الخارجية أنطوني بلينكن إنه “يجب التفكير به”.

 لكن مشرعين آخرين يرون أن هذا التوقف القصير لا يكفي. وقالت النائبة عن ميسوري كوري بوش “توقف إنساني، عم تتحدثون؟” و”نحن بحاجة لوقف إطلاق النار، ونريد توقف سقوط القنابل على المستشفيات والمدارس والمجتمعات”. وتمرد ناشطون شباب في جماعة “موف أون” التي دعمت بايدن في نيسان/إبريل، بعدما أصدرت المجموعة بيانا أوليا شجبت فيه هجوم حماس بدون التطرق لسلوك إسرائيل ضد الفلسطينيين. وقالت رحنا إبتينغ، المدير التنفيذي لمجموعة موف أون “كانت هناك نسبة واضحة من طاقمنا عبرت عن هذا الموقف” و”ذكرتهم بضرورة العودة إلى أعضائنا ومعرفة أين يقفون”. وجاء بيان موف أون التالي على شكل عريضة، وأكدت على الأزمة الإنسانية في غزة وقالت إنه يجب “على الرئيس بايدن وقادتنا الدعوة وبشكل علني لوقف إطلاق النار”.

وقادت الخلافات بشأن إسرائيل لنزاع بين المسؤولين النقابيين البارزين. فاللجنة التنفيذية لنقابة إي أف أل- سي أل أو تطرقت للموضوع في لقاء حاد ليلة الإثنين حيث تخللته كلمة من نصف ساعة انتقد فيها رئيس اتحاد عمال البريد الأمريكيين إسرائيل ووصف نفسه بأنه “يهودي معاد للصهيونية”. وهناك الكثيرون يعترفون أن بايدن يظل مرشحا أفضل من مرشح جمهوري بديل في 2024، وقالت إيبتينغ إن موف أون قد تدعم بايدن وتضغط عليه في نفس الوقت.

وشجب مات داس، المسؤول السابق للسياسات في حملة ساندرز ومن أكبر الداعين لوقف إطلاق النار، بايدن وعناقه لإسرائيل، ولكنه لن يحجب الدعم عن بايدن في العام المقبل بسبب الخلافات. وقال “هل يستحق هذا خسارة الانتخابات لترامب وكل ما سيجلبه معه؟ لا” قال داس و”في نفس الوقت أعتقد أن بايدن يفهم أين يقف الناخبون له”. وبالنسبة للكثيرين في معسكر اليسار، فالتعاطف مع القضية الفلسطينية نابع من حس العجز الذي أعقب مقتل جورج فلويد قبل 3 أعوام. ويقول داماريو كوبر، المدير التنفيذي للمركز من أجل الديمقراطية الشعبية “هناك بالتأكيد ترابط مباشر” و”عندما نقول حياة السود مهمة، فما يقال داخل هذا البيان هو تاريخ الاضطهاد”.

 ويرفض حلفاء بايدن فكرة تأثير موقفه من إسرائيل على حظوظ إعادة انتخابه العام المقبل. وقال النائب عن نيويورك، ريتشي توريز، وواحد من أشد الداعمين لإسرائيل في الكونغرس إنه شعر بالمهانة من دعوات وقف إطلاق النار التي لم تطالب حماس بالإفراج عن “الرهائن” الأمريكيين والإسرائيليين و”علينا الحذر من خلط الأقلية ذات الصوت العالي بالغالبية” و”لدى نقاد إسرائيل قوة على وسائل التواصل الاجتماعي أكثر من العالم الحقيقي”.

وانتشرت التظاهرات ضد السياسة الأمريكية حول إسرائيل من الكونغرس إلى حرم الجامعات، حيث حضر البرفسور كورنيل ويست، المرشح الرئاسي المستقل تظاهرة يوم الأربعاء في جامعة كاليفورنيا، لوس أنجليس، إلى المدارس الثانوية حيث خرج الطلاب من الحصص في “أسبوع الإضراب الإنساني” وشجب مُديرو جامعات جورج واشنطن وإيمري الشعارات المعادية لإسرائيل في التظاهرات والتي وضعت على بنايات الجامعات.

وتبنت العديد من الجماعات الليبرالية القضية الفلسطينية، وفي احتجاج هذا الأسبوع بنيويورك كتب على لافتة “عدالة مثمرة تعني العدالة لفلسطين”. وفي تظاهرة للمثليين داعمة لفلسطين في مانهاتن قالت أنجيلا بايلا “اشعر بالخيانة من بايدن، وبالتأكيد لن أصوت له مرة أخرى”.

ودعت “مجموعة سن رايز” التقدمية المدافعة عن المناخ والتي حشدت قواها نيابة عن بايدن عام 2020 إلى وقف إطلاق النار، وقالت المديرة السياسية في المجموعة، ميشيل ويندلينغ إن البعض في المجموعة طرحوا أسئلة حول تعبئة الجيل الشاب نيابة عن بايدن. و”لو واصل الحزب الديمقراطي والرئيس بايدن إرسال الأسلحة والدعم العسكري إلى إسرائيل، فهذا يهدد بخسارة جيلنا، وهذا هو خيار خطير يتخذ قبل عام انتخابي مهم”.

وكشفت الاستطلاعات أن دعم إسرائيل غير واسع بين الناخبين من تحت سن 35 عاما، وقرر عدد من الطلاب الخروج من الحصص الجامعية يوم الأربعاء كجزء من الحشد الوطني لجماعة طلاب من أجل العدالة لفلسطين. وقال كليم حوى، الذي ساعد في تنظيم احتجاجات الطلاب بالإنابة عن حركة الشباب الفلسطيني “كشف بايدن للناس أنه لا يوجد فرق بين الجمهوريين والديمقراطيين في مسألة الجرائم الجماعية التي ترتكب ضد غزة”.

المصدر: صحيفة نيويورك تايمز الاميركية

ترجمة: ابراهيم درويش