متحف فلسطين: الأول من نوعه في إسطنبول لإحياء ذاكرة الأجيال

Spread the love
image_pdfimage_print

هو الأول من نوعه في العالم، يحفظ الذاكرة الفلسطينية حية، ويقدمها لأجيالها وأبناء جاليتها، إنه متحف فلسطين في إسطنبول، الذي افتتح مؤخرا ويلقى اهتماما كبيرا. الجمعية التركية للتضامن مع فلسطين (فيدار) هي صاحبة الفكرة، وأعلنت افتتاحه في يوليو/تموز الماضي. وأقامت الجمعية المتحف على مساحة تبلغ حاليا 70 مترا، وتأمل مستقبلا تحويله إلى مساحة أكبر، وزيادة مقتنياته ومحتوياته. وثائق وصور وأقسام عديدة توثق الحالة الفلسطينية، ومنتجات عديدة تظهر حقيقة وجود الشعب الفلسطيني والتصاقه بأرضه، ويسعى القائمون عليه عبره لدحض مزاعم أن فلسطين كانت «أرضا بلا شعب».
صور ومستلزمات الحياة العادية وملابس والجلسة العربية، وفناجين القهوة وركن المطبخ، كلها موجودات في المتحف، إضافة إلى زجاجة بداخلها تراب من فلسطين، وعملات فلسطينية قديمة. ويدخل كل زائر للمتحف في عبق التاريخ الفلسطيني، حيث حرص القائمون على تأصيل المتحف، وجذب كل زائر له لتشكيل ذاكرة لهم عن البلاد، التي لم يزوروها ولم يعرفوها، عبر الملابس والمستلزمات المعروضة. وحرصت الجمعية على توفير المستلزمات من الفلسطينيين الذين أخرجوا بعض مقتنياتهم منذ موجات النزوح السابقة، حاملين معهم ما استطاعوا، سواء من المتواجدين في تركيا أو في دول الجوار، سوريا ولبنان والأردن. في معرض حديثه عن المتحف الفريد من نوعه، قال مدير الجمعية إبراهيم العلي: «المتحف في إسطنبول انطلق من فكرة البحث عن عدالة القضية الفلسطينية ومظلومية الشعب الذي يعاني من 75 عاما من الاحتلال وسبقها الانتداب البريطاني والانتهاكات التي جرت».
وأضاف: «ادعت الصهيونية أن فلسطين أرض بلا شعب، وهذه المقولة الزائفة كان لا بد لتفنيدها من إبراز معالم فلسطين التاريخية والجغرافية والحضارية».
وأوضح أن «فلسطين كانت زاهرة في الجانب الاقتصادي والإداري والعملي، وكان فيها إعلام ومشافي وكل ما يوجد في أي بلد متحضر». وأردف العلي: «مقولة إن فلسطين كانت خالية وخاوية اخترعها الاحتلال لتبرير احتلاله وقمعه والسيطرة على أرضها». وأشار إلى أنه «من هذا المتحف كانت رسالتنا للعالم؛ رسالة فلسطين من إسطنبول، التي هي قبلة للسائح المسلم والعربي، ومن أحرار العالم، أن تلقى القضية الفلسطينية الدعم والإسناد اللازمين للوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني في نضاله ضد الاحتلال».
وفي ما يتعلق بالإعداد للمتحف ومقتنياته وأقسامه، قال: «عملنا على إعداد المكان في مساحة صغيرة، وجلبنا الأغراض إليها، وتم تأمين قسم منها من داخل تركيا ومن سوريا ولبنان والأردن عبر الشحن، وهناك من قدّم لنا مقتنيات موجودة من الأجداد الذين حملوها معهم من وقت النزوح». وزاد: «هناك مرحلة تاريخية، وتعريف بالجغرافيا الفلسطينية، ويستطيع كل زائر فلسطيني التعرف على قريته، والعديد من الزائرين شعروا بالحنين، وقمنا بنبش الذاكرة عندما دخل الزوار وشاهدوا مقتنيات المتحف». وأكمل حديثه: «إضافة إلى وجود لوحة استشرافية للمستقبل، وكيف يحطم الفلسطيني الجدار الفاصل، وصولا لتحرير الأقصى، وهناك قسم الفن والأدب والسينما الفلسطينية وفيها عرض أفلام عن تاريخ فلسطين، والنضال فيه شيء عن انتفاضة الأقصى، ووعد بلفور مثلا، أو معلومات عن القرى، هذه كلها تعريفية بالعربية والتركية». وأردف: «هناك إبراز لقضية الأسرى في السجون ويعانون من الانتهاكات وفي المتحف مجسم يجسد العزل الانفرادي في السجون الإسرائيلية يعزل فيها الأسير ليس ليوم أو يومين إنما هناك من عُزل منهم لـ5 آلاف يوم، يعني قرابة 14 سنة، لا يرى فيها الأسير شيئا».
وفي ما يتعلق بالتحديات والآفاق، أفاد العلي: «المتحف غني بمحتوياته، والمساحة اليوم هي التحدي الأكبر. المساحة حوالي 70 مترا مربعا، ونطمح أن يكون لاحقا على مساحة 700 متر، ثم 7 آلاف متر».
وأضاف: «نتمنى أن تكون لنا قاعات أوسع، وهذا يأتي لاحقا، والمهم أن الفكرة انطلقت والمشروع بدأ، والرسالة تصل لكل من يزور المتحف». العلي، قال: «الفلسطيني رغم أنه عاش هذه المرحلة ومر بها ومع ذلك عندما دخل المكان عاش مرحلة من نبش الذاكرة والحنين للبلدة والقرية التي ولد بها أبوه وجده».
وأوضح: «هناك جيل جديد تعرف على فلسطين من هذا المكان، ونحن نتكلم أمام أبناء الجيل الرابع من الفلسطينيين (منذ هجرة العام 1948)، وكان هناك رهان على نسيان الأجيال، ولكن عندما جاؤوا وشاهدوا المتحف تعرفوا على فلسطين، وعندما شاهدوا الأفلام والمجسمات والأشياء المعروضة كان هناك تساؤل وشرح لهم». وختم بالقول: «من حضر من الزوار العرب والمسلمين ومن كل أبناء الجاليات عبّر كثير منهم أن المتحف نقلهم لفلسطين دون أن يذهب إليها، داعيا الله أن يكون في فلسطين، وأن يكون التجوال في القدس والأقصى، وهو المتحف الأول من نوعه في تركيا، ونأمل أن تتكرر في المدن الثانية ومختلف دول العالم».

المصدر: صحيفة القدس العربي