صحيفة إسرائيلية: وَهْم إسقاط حكم حماس.. جميع المحاولات التي تم القيام بها من أجل هندسة أنظمة واستبدالها من الخارج فشلت

Spread the love
image_pdfimage_print

أريد تجنيد العلوم السياسية من أجل الإسهام في النقاش حول هدف سياسة إسرائيل في غزة. مع الأخذ في الحسبان بأن الهدف العلني هو “تحطيم وتصفية حماس”، حسب إعلان رئيس الحكومة، فإنه يجب تسمية عملية إسرائيل بالاسم الواضح وهو “تغيير النظام في غزة”.
قطاع غزة هو دولة بكل المعايير، حتى لو لم يُعترف بها كذلك وكون استقلالها محدوداً. هذه الدولة يتم حكمها منذ 15 سنة على يد حماس، التي تستند إلى بنية أساسية سياسية متطورة. يوجد لحماس ذراع عسكري، بما في ذلك القوات التي نفذت الجرائم ضد إسرائيل. ولكن ايضا يوجد لها ذراع سياسي يعمل كقيادة سياسية كلية.
تسمية حماس بـ “داعش” هي إخضاع خاطيء لتحليل الوضع السياسي لمحاكمة قيمية. إسهام إسرائيل في الفشل في إضعاف دولة غزة وتخفيف تطرفها سنبقيه لتحليل آخر. الآن اسرائيل تريد إسقاط نظام حماس من خلال عملية عسكرية، التي من شبه المؤكد أنها ستقتضي احتلال جزء من القطاع.
من الصعب فهم هذه الغطرسة، حيث أن جميع المحاولات في العالم في العقدين الأخيرين لفرض تغيير النظام من الخارج. ففي العراق وفي أفغانستان وفي ليبيا، فشلت هذه المحاولات فشلاً ذريعاً، حتى أنها أدت إلى حروب أهلية. هذا ما يتبين من تحليل عشرات الحالات الفاشلة التي تم القيام بها تأثراً بنجاح محاولة كهذه في ألمانيا وفي اليابان بعد الحرب العالمية الثانية.
في الحقيقة، وخلافاً لهذه الحالات، إسرائيل لا تريد اقامة ديمقراطية في غزة، بل فقط نظام بديل يمتنع عن مهاجمتها.
إن تغيير للنظام المأمول سيفشل في ظل غياب مركز قوة بديلة، ذلك أن فتح هزمت سياسياً في القطاع قبل 15 سنة، ومحاولتها ترميم قوتها عن طريق عمليات المصالحة مع حماس تم إفشالها من قبل إسرائيل.
تغيير النظام سيفشل بشكل خاص في أعقاب الانقسام الداخلي في غزة، الذي من شأنه أن يتصاعد إلى تفكك السلطة في غزة وإلى حرب أهلية، التي لن تجد فيها أي جهة لها مصلحة أو قدرة على كبح استخدام القوة ضد اسرائيل.
كل ذلك في واقع أزمة اقتصادية شديدة ستُضعف القدرة على إقامة مؤسسات دولة قوية.
التفكير في أن السلطة الفلسطينية يمكنها تحمل المسؤولية في غزة لا يستند إلى أرض صلبة، حيث أن السلطة تم إضعافها جداً على يد إسرائيل، وهي عملياً تعمل على حراب الجيش الاسرائيلي.
سلطة فتح في الضفة الغربية يمكن أن تنهار مثلما انهارت في القطاع عندما انسحبت إسرائيل في 2005 ويجب عدم الاعتماد عليها.
النتيجة المحتملة لاحتلال القطاع يمكن أن تكون تفاقم واضح للخطر على أمن إسرائيل، إلا إذا وقف الجيش الاسرائيلي بين المليشيات الفلسطينية والمواطنين الإسرائيليين، وسينزف لسنين.
لا توجد حاجة الى الذهاب بعيداً الى الدول الغربية العظمى لتحقيق وهم تغيير النظام. إسرائيل فشلت كلما حاولت هندسة الأنظمة العربية، ودائما ساء وضعها: من “الصفقة النتنة” في مصر في الخمسينيات ومرورا بـ”روابط القرى” في الضفة الغربية و”نظام جديد” في لبنان في الثمانينيات، وانتهاءاً بمحاولة تشكيل السلطة الفلسطينية كذراع أمنية طويلة لإسرائيل في عهد أوسلو.
لذلك فإن الاستنتاج المطلوب ليس فقط التفكير بـ”اليوم التالي”، بل يجب من الآن وضع أهداف متواضعة أكثر للعملية البرية، التي من الأفضل تجنبها أصلاً.
بقلم: يغيل ليفي


المصدر: صحيفة هآرتس الإسرائيلية