واصلت طائرات الاحتلال الإسرائيلي قصف مدينة رفح الفلسطينية في وقت ارتفعت أعمدة الدخان، ليراها سائقو شاحنات المساعدات وعشرات المتطوعين الذين اصطفوا على الجانب المصري من معبر رفح في انتظار السماح لهم بالعبور إلى القطاع المحاصر .
ودخلت آليات مصرية إلى الجانب الفلسطيني من معبر رفح الذي يفصل مصر عن قطاع غزة، بهدف تمهيد الطريق الذي دمره قصف طيران الاحتلال في وقت سابق.
وكانت مصر، أعلنت في وقت سابق أن معبر رفح غير مغلق من جانبها، وأن الضربات الجوية التي يشنها الطيران الإسرائيلي يحول دون عودة المعبر للعمل بشكل طبيعي. وأظهرت صور نشرتها مؤسسة» سيناء لحقوق الإنسان» المنطقة الفاصلة بين البوابة المصرية والفلسطينية، وهي مدمرة تماما ما يعيق حركة الشاحنات حال السماح لها بالعبور.
وكانت شاحنات المساعدات تحركت من مدينة العريش في شمال سيناء فجر أمس، لتصل مع ساعات الصباح إلى معبر رفح في انتظار الضوء الأخضر لدخول غزة، وسط استمرار القصف الإسرائيلي على رفح وخان يونس جنوبي القطاع. ونشر المتطوعون صورا لهم وهم يرفعون الأعلام المصرية والفلسطينية أمام بوابة المعبر.
«أغيثوا غزة»
وأطلق «بيت الزكاة والصدقات المصري» التابعة لمؤسسة الأزهر، حملة «أغيثوا غزة» تحت شعار «جاهدوا بأموالكم وانصروا فلسطين»؛ لدعم أهالي قطاع غزة وفلسطين وتقديم المساعدات الإغاثيَّة العاجلة لهم.
وقال في بيان صادر عن مشيخة الأزهر: «تم فتح باب التبرعات المادية والعينية والمستلزمات الطبية لدعم أهلنا في قطاع غزة، في إطار برنامج إغاثة أحد برامج بيت الزكاة والصدقات المصري».
إلى ذلك طالب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، المجتمع الدولي بضمان وصول المساعدات إلى القطاع.
جاء ذلك خلال تلقي السيسي، اتصالا هاتفيا، من بيدرو سانشيز رئيس الوزراء الإسباني، أعرب فيه الطرفان عن القلق البالغ من استمرار وتيرة العنف المتصاعدة في قطاع غزة، وما صاحب ذلك من تدهور للأوضاع الأمنية والإنسانية في القطاع على نحو خطير.
وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية أحمد فهمي، إن السيسي وشانيز أكدا ضرورة تنسيق الجهود الدولية لحث الأطراف على انتهاج مسار التهدئة بهدف الحيلولة دون فقدان المزيد من أرواح المدنيين الأبرياء، ومنع امتداد التبعات الأمنية للصراع إلى المنطقة برمتها.
كما أكد الرئيس المصري ضرورة تكاتف المجتمع الدولي نحو ضمان وصول الخدمات والمساعدات الإنسانية المقدمة لأبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، فضلاً عن الدفع نحو التعامل مع الأسباب الجذرية للتصعيد من خلال التوصل إلى حل عادل وشامل ومستدام للقضية الفلسطينية.
حملة تدوين
وشارك مئات النشطاء المصريين في حملة تدوين بعنوان «افتحوا معبر رفح … فكوا الحصار عن غزة» طالبوا فيها السلطات المصرية بفتح المعبر، وانتقدوا حديث المسؤولين عن انتظارهم تلقي موافقة إسرائيلية لإدخال المساعدات.
وقال النشطاء في حملتهم، إن هناك حوالي مليونين ونصف فلسطيني في قطاع غزة تحت نيران الجحيم الإسرائيلي الوحشي.
وأضافوا في بيان إطلاق الحملة: يواصل جبش الاحتلال قصف قطاع غزة الذي تم وصفه بأنه أكبر سجن مفتوح في العالم.
وزاد البيان: منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، ترتكب دولة الاحتلال الصهيوني مجازر يومية بحق مدنيين عزل في قطاع غزة، كثيف السكان. قصف عشوائي وعقاب جماعي، راح ضحيته حتى اللحظة ما يقرب من ثلاثة آلاف، غالبيتهم من الأطفال والنساء وما يقرب من عشرة الآف مصاب، بخلاف من هم تحت الأنقاض، ولم تتمكن قوات الإنقاذ من انتشالهم، لانهيار الإمكانات، هذا إلى جانب تشريد مئات الآلاف. وتابع: بخلاف قصف دولة الاحتلال الذي يهدف إلى تسوية القطاع بالأرض، فلقد قطعت إسرائيل المياه والكهرباء والانترنت وشددت الحصار على غزة، المحاصرة بالفعل منذ ستة عشر عاما، لإخفائها من الوجود وإسكات استغاثات أهلها.
وزاد البيان: تقف إسرائيل بكامل جيشها وعتادها على أبواب غزة، محذرة باجتياح القطاع، مدعومة بدول العالم، منها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وألمانيا وفرنسا. ترتكب مجازر في حق المدنيين العزل وتخالف كل القوانين الدولية والإنسانية وحتى قوانين الحرب، وسط تهليل من اليمين الفاشي المتطرف حول العالم، الذي يبارك قتل الأطفال والمدنيين، ولا يخجل من التبجح بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، ويمنع عن الفلسطينيين حقهم في مقاومة أكثر من سبعين عاما من الاحتلال والعدوان. ولفتت الحملة إلى تحذير المؤسسات الدولية من التدهور الشديد والوضع الكارثي الإنساني في غزة.
وبين النشطاء، أن إسرائيل تهجر الفلسطينيين قسرا من شمال غزة لجنوبها، ثم تقوم بقصفهم وقتلهم غدرا. هكذا عهدنا بهذا المحتل الجبان.
وواصل بيان الحملة: المستشفيات في غزة تعمل فوق طاقتها، بآخر ما لديهم من وقود لتشغيل المولدات، بلا أجهزة كافية ولا أسرة ولا مستلزمات طبية، بل وتتعرض الطواقم الطبية والمدنية للقصف الإسرائيلي في انتهاك آخر للقوانين الدولية. كل الصور والفيديوهات من غزة مروعة. جرائم حرب على الهواء. فوضى وذعر وقتل في كل مكان. عائلات بأكملها تم محوها من الوجود. والعالم يتفرج.
وأكد النشطاء، أنه لا يوجد مكان آمن في غزة: حتى مراكز الإيواء يتم قصفها، من لم يمت جراء القصف، مهدد بالموت جوعا أو عطشا أو لعدم قدرة المستشفيات، الصامدة ببسالة رغم انعدام الإمكانيات وتهديدات القصف، على توفير الخدمة الطبية للمصابين. وبالرغم من إرسال بعض الدول والمؤسسات الدولية ومن بينهم مصر قوافل إغاثية وطبية ومساعدات للفلسطينيين، إلا أن الأخبار المتداولة أن المساعدات دخلت في بداية العدوان الإسرائيلي فقط، قبل أن تقصف إسرائيل المعبر عدة مرات، وتقرر مصر إغلاق المعبر.
وتناولت الحملة تصريحات الحكومة المصرية، قبل أيام قليلة، وبعد أكثر من أسبوع على بداية القصف، ردا على مطالبات أمريكية ودولية بالسماح للأجانب المرور عبر المعبر، أنها لن تجلي الرعايا الأجانب إلا بعد فتح المعبر لإدخال المساعدات، ثم أعلن وزير الخارجية المصري سامح شكري أن مصر تنتظر «الإذن» من إسرائيل بدخول المساعدات، ولاحقا بالأمس صرح نظيره الأمريكي بعد زيارته لمصر أن المعبر سيعاد فتحه، وبعد جولة من المفاوضات بدت مبشرة أخيرا لوقف إطلاق النار ولفتح المعبر، تراجعت إسرائيل بكل صلف وعنجهية ورفضت فتح المعبر.
لا تنتظر «إذنا»
وأكد النشطاء أنه على مصر ألا تشارك في هذا الحصار: العالم كله تخلى عن فلسطين، ولا يصح أن تتخلى مصر أيضا عنها. فلتفتح مصر ثغرة في الجدار. جدار الفصل العنصري الإسرائيلي الذي يسجن أهل غزة بداخله، بينما يقوم بتطهيرهم عرقيا.
وختم النشطاء بيانهم: مصر لا تنتظر «إذنا» من أحد، ونطالب الحكومة ببذل كل سبل الضغط الممكنة لفتح معبر رفح، ومنها طرد السفير الإسرائيلي من مصر واستدعاء السفير المصري هناك، وقطع العلاقات مع هذا الكيان الإجرامي المحتل. اليوم وليس غدا. أدخلوا المساعدات، واسمحوا بخروج آلاف المصابين الفلسطينيين ، لعلاجهم في المستشفيات المصرية وأعيدوا المصريين العالقين في قطاع غزة.
تامر هنداوي
المصدر: صحيفة القدس العربي