يضع الكثير من المصريين أياديهم على قلوبهم تحسبا لزيارة الرئيس الأمريكي بايدن للقاهرة، الذي بات يعتبره الملايين من مناصري القضية الفلسطينية محرضا على قتل النساء والأطفال الفلسطينيين، بعد تصريحاته المتوالية منذ اندلاع الحرب، حيث روج أكاذيب ثبت أنها محض أباطيل أبرزها زعمه أن المقاومة الفلسطينية ذبحت أطفالا إسرائيليين، ما ثبت زيفه وتبرأت منه المنصات الإعلامية الدولية لاحقا.
وبدوره قال الدكتور خالد سعيد الباحث في مركز الدراسات الإسرائيلية، إن الهدف الرئيسي لزيارة الرئيس الأمريكي إلى منطقة الشرق الأوسط، التأكيد على الدعم الكامل الذي تقدمه واشنطن لتل أبيب، وأشار إلى أن زيارة بايدن ليس هدفها التهدئة بين جيش الاحتلال والمقاومة الفلسطينية، إنما هي مؤشر على استمرار أتون الحرب المشتعلة، وأوضح الباحث في الشأن الإسرائيلي لـ”فيتو” أن بايدن سيشعل الحرب ولن يهدئ من حدتها بهدف القضاء على المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وأن بايدن سيحاول خلال لقائه مع بعض القادة العرب فرض رؤيته التي تدعم الكيان الصهيوني، مشيرا إلى أن أمريكا ستقدم كامل الدعم العسكري والاقتصادي إلى إسرائيل، ولفت سعيد إلى أن إسرائيل طلبت دعما ماليا من أمريكا قدره 10 مليارات دولار، موضحا أن واشنطن ستكتفي بتقديم الدعم فقط ولن تتدخل عسكريا بشكل مباشر، لأنها تكبدت الكثير من الخسائر في حروبها السابقة في المنطقة. ورفض مجلس الأمن الدولي مشروع قرار قدمته البعثة الروسية الدائمة، يدعو إلى وقف فوري وإنساني لإطلاق النار في قطاع غزة. وصوتت روسيا والإمارات العربية المتحدة والغابون وموزمبيق لصالح القرار، في ما صوتت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا واليابان ضده.
وفي إطار دعم الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لمآسٍ غير مسبوقة في التاريخ البشري: وجه وكيل وزارة الصحة الدكتور هشام مسعود وكيل وزارة الصحة في الشرقية، برفع درجة الاستعداد القصوى في مستشفيات المحافظة، تحسبا لاستقبال أي مصابين من غزة وتقديم الخدمة اللازمة لهم. وشدد مسعود على مديري العموم بمتابعة توافر المخزون الاستراتيجي من الأدوية والمستلزمات الطبية والأوكسجين وأكياس الدم والبلازما في المستشفيات، وجاهزيتها من القوى البشرية في كل التخصصات. كما تم التنسيق مع مستشفيات جامعة الزقازيق للاستعانة بها في حال الاحتياج إلى دعم من الأطقم الطبية أو خلافه، إضافة إلى انعقاد لجنة الأزمات برئاسة وكيل الوزارة، وعمل الفرق الإشرافية على مدار الساعة، وجاهزية فرق الانتشار السريع بالتنسيق مع غرفة الطوارئ بإدارة الرعاية الحرجة والعاجلة بالمديرية، كما تم التأكيد على تأمين مصادر المياه والكهرباء في المستشفيات، كما تم التنسيق مع فرع هيئة الإسعاف في الشرقية للاستعداد في حالة الطوارئ، بزيادة عدد السيارات بمداخل ومخارج المحافظة.
ومن الأخبار الأمنية: قرر اللواء محمود توفيق وزير الداخلية، إبعاد كويتي الجنسية خارج البلاد لخطورته على الأمن. وكلف وزير الداخلية، مدير الإدارة العامة للجوازات والهجرة والجنسية تنفيذ قرار إبعاد خالد راشد خالد مهيلان الهاجري (كويتي الجنسية – مواليد 20/8/1971). ومن أخبار القلعة البيضاء: تلقي أحمد مصطفى زيزو صانع ألعاب الفريق الأول لكرة القدم في نادي الزمالك، عدة عروض للرحيل عن القلعة البيضاء في يناير/كانون الثاني المقبل. وأوضح المصدر، أن اللاعب تلقى عدة عروض من السعودية والإمارات وتركيا للرحيل عن الزمالك في فترة انتقالات يناير المقبلة.
الجحيم ينتظرهم
هل اجتياح إسرائيل غزة نزهة وترويح عن جيشهم؟ هل تركع غزة بمجرد أن تطأ أقدام الجنود الصهاينة الأرض الطاهرة؟ من جانبه أكد رفعت رشاد في “الوطن” أن الشعب الفلسطيني صلب لا تنكسر إرادته، كما أن المقاومة الفلسطينية تطبق ما أمر به الدين الإسلامي للدفاع عن الدين والوطن والأرض: “يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مئتين وإن يكن منكم مئة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون”. سيقاتل الفلسطينيون ويستشهدون، ولكنهم لن ينهزموا ولن ينكسروا، رغم لا مبالاة المجتمع الدولي ومجلس الأمن الذي لطالما سارع لتنفيذ ما تمليه عليه أمريكا بضرب العراق، وغيره من الدول وتسيير الجيوش ضد الشعوب المستضعفة. لكن أمان نموذجين للمقاومة العربية، نموذج الجزائر التي تبقى مقاومة شعبها نبراسا لكل المقاومين العرب، فعلى مدى عقد كامل دحرت المقاومة الجزائرية أكبر جيش بري في أوروبا الغربية وهو جيش الاحتلال الفرنسي، وناضلت وخططت وتحلت بإرادة حديدية حتى نالت حريتها. في السودان عام 1899 كانت الحملة الإنكليزية التي قادها اللورد كتشنر، والتي قتل فيها 22 ألفا من قوات المهدي وكانوا يسمون بالدراويش. كتب ونستون تشرشل الذي صار رئيسا لوزراء بريطانيا أثناء الحرب العالمية الثانية يصف بالتفصيل تلك المعركة التي دارت منذ 124 عاما في كتبه “حرب النهر”. لم تكن الجيوش السودانية تملك أسلحة حديثة، لكنها كانت تملك التصميم على القتال ولا يخيفها الموت. هناك فارق بين الفلسطينيين والصهاينة، يحارب العرب دفاع عن وطنهم بينما الصهاينة يحتلون البلاد، لذلك لن يخاف الفلسطينيون الشهادة وإنما يخاف الصهيوني الموت، وسوف يمارس الفلسطينيون حرب الفدائيين أو الأنصار التي سيكون جيش إسرائيل النظامي تحت رحمتها، فإذا دخلوا المناطق المسكونة فإن الكفة ستتكافأ بين أصحاب الوطن والأرض، الذين يملكون القليل من السلاح، وبين العدو المحتل الذي يملك ترسانة من الأسلحة الحديثة. نأمل في أن يتحرك المجتمع الدولي ويتحرك العرب لإنقاذ أشقائهم وبني جلدتهم حتى لا يكون هناك مزيد من الأرواح الشهيدة، ولكن إذا دارت رحى الحرب في شوارع غزة، فلن تنتصر إسرائيل، ربما تهدم البيوت وتدمر المرافق، لكنها لن تنتصر.
على وجه السرعة
شدد محمد عبد المنعم الشاذلي في “الشروق” على أن ما تقوم به إسرائيل من جرائم في غزة لا تقل عما قام به النازيون، لذا من المهم توثيق جرائمها وهي مهمة الإعلاميين والمؤرخين والأكاديميين وشهود العيان. حرص مركز سيمون ويزنتال على توثيق جرائم النازي، واختطاف مرتكبيها لتقديمهم للمحاكمة، بل تصفيتهم وقتلهم حتى بعد انتهاء الحرب بسنين طويلة، ومنهم أيخمان الذي اختطف من الأرجنتين وحكم عليه بالإعدام، رغم أن إسرائيل لا تطبق عقوبة الإعدام، وكلاوس باربي الذي استعانت به المخابرات الغربية لمدة ثلاثين عاما ضد الاتحاد السوفييتي، ثم قبضت عليه مخابرات ألمانيا الغربية بإيعاز من مركز ويزنتال، وحوكم في فرنسا بعد أن كان قد بلغ من العمر عتيا، وأصيب بالخرف وحُكم عليه بالسجن المؤبد ومات في سجون فرنسا. لعلنا نذكر قصة الألماني الذي عاش متخفيا في مصر وتوفي وأوعز مركز ويزنتال إلى إسرائيل بأنه من النازيين، لذا قدمت إسرائيل طلبا فاجرا إلى مصر بنبش قبره لمضاهاة بصمته الوراثية.. وهو ما رفضته مصر قطعا. أقامت إسرائيل متحف المحرقة في إسرائيل وآخر في واشنطن، ولم نفكر في إقامة متحف للنكبة، وأصدر الصهاينة عشرات الكتب والأفلام عن الطفلة آنا فرانك، ونحن لا نذكر الطفل محمد الدرة، يتباكون على جنودهم الذين قتلوا بكامل عدتهم وسلاحهم وداخل دباباتهم أمام حماس، ونحن لا نذكر شيئا عن جنودنا الأسرى منزوعي السلاح الذين قتلهم الإسرائيليون في سيناء، لا نذكر أطفالنا مقطوعي الرؤوس في مدرسة بحر البقر، بسبب الغارة الفاجرة. التاريخ يُبقي الجرائم في الذاكرة ويفضح المجرمين، أرجو أن نكون قد وعينا الدرس ونقوم بتسجيل الجرائم التي ارتكبت في حقنا ونقول إن الدم العربي دم غالٍ لا تسامح مع مَن أراقه ولا تسامح مع التصريحات الفاجرة بتحويل أرضنا إلى جزر خرابة وبأننا حيوانات. من المهم التسجيل حتى يعلو صوت الحق على كل ما عداه.
عار أوروبي
سؤال شديد الأهمية سعى للإجابة عليه طلعت إسماعيل في “الشروق”: هل هو بداية تراجع في المواقف، أم تجميل لوجه قبيح أظهره الأوروبيون والأمريكيون بتشجيعهم السافر لإسرائيل للانتقام عقب هزيمتها المذلة على يد المقاومة الفلسطينية صبيحة السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023؟ فبعد تصريحات احتوت على التأييد غير المشروط لتل أبيب، ودعمها بكل «شكل ولون»، بدأت الأصوات الأوروبية الرسمية تخفف من لهجتها قليلا، وظهرت كلمات من نوع «الرد العادل» وضرورة احترام إسرائيل للقانون الدولي والقانون الإنساني في الحروب. انتظر الغرب حتى دمرت إسرائيل مئات المنازل على رؤوس عشرات آلاف الأبرياء من الأطفال والنساء، ومقتل نحو 3 آلاف مدني، قبل أن نسمع من الاتحاد الأوروبي بضع كلمات عجاف عن ضرورة منع المزيد من التصعيد، وتجنب «التصعيد الإقليمي»، وتذكر الاتحاد الذي يضم 27 دولة، «التأكيد على أهمية توفير مساعدة إنسانية عاجلة» لسكان قطاع غزة، واستعداده «لمواصلة دعم المدنيين الذين هم بأمسّ الحاجة لذلك، بالتنسيق مع شركائنا». موقف الاتحاد الأوروبي الذي منعت العديد من دوله التظاهرات المنددة بقتل الفلسطينيين، وحصارهم وتجويعهم، تصدره تحميل مسؤولية ما جرى على عاتق المقاومة الفلسطينية وحركة حماس، وتجاهل سنوات العذاب الطويلة التي عانى خلالها الفلسطينيون على مدى تجاوز الـ75 عاما، من آلاف عمليات القتل والتنكيل وذبح المدنيين، فقط انحاز الاتحاد الأوروبي للقاتل على حساب الضحية، وذرا للرماد في العيون يعرض تقديم بضع لقيمات للضحايا المحاصرين.
فضيحة ستلازمهم
سقطت ورقة التوت الدبلوماسية، والغلالة الحريرية التي كانت تخفي عورة الأوروبيين في السنوات الماضية، وها هي رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا، كما أخبرنا طلعت إسماعيل تعلن لنتنياهو أن أوروبا تقف مع إسرائيل وهو الموقف ذاته الذي عبرت عنه وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا، التي زارت إسرائيل ضمن جولة في المنطقة. كولونا وعقب الإدانات التي خرجت عن المنظمات الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان للقصف الوحشي للسكان المدنيين في غزة، وتهجيرهم قسرا، وهو ما يندرج تحت جرائم الحرب والإبادة الجماعية في القانون الدولي، طالبت الإسرائيليين بالرد «بحزم» وذبح الفلسطينيين، ولكن بصورة عادلة، تحترم «القانون الإنساني وحماية المدنيين من سكان غزة». قيم الثورة الفرنسية التي دعت لـ«الحرية والمساواة» تتحول على يد الحكومة الفرنسية الآن إلى حرية المحتل في قتل الأبرياء، والتنكيل بالضعفاء وتقديم المعلومات الاستخباراتية الفرنسية للإسرائيليين. الموقف الألماني ربما لن يختلف كثيرا عن الفرنسي، فإلى جانب الانحياز الواضح لتل أبيب، طالبت وزيرة الخارجية الألمانية التي جاءت إلى المنطقة على استحياء، وزارت القاهرة في ما يشبه الصمت، إسرائيل بأن تولي «أكبر قدر من المراعاة» للوضع الإنساني في غزة وكفى الألمان شر إغضاب تل أبيب. طبعا لن نتحدث عن البريطانيين أصحاب الجريمة الكبرى بحق الفلسطينيين منذ وعد بلفور عام 1917، ومناصرة الإسرائيليين في كل المحطات والمواقف، بل مباركتهم في العديد من الحروب لقتل الفلسطينيين العزل، وتهجيرهم وتشتيتهم في بلدان العالم المختلفة، بل خوض الحرب عام 1956 ضد مصر بمشاركة فرنسا وإسرائيل. وأخيرا نأتي إلى وزير الخارجية الأمريكي الذي بدأت زيارته للمنطقة من إسرائيل ليكشف عن يهوديته وسمع في العديد من العواصم العربية ما لا يرضيه، خاصة في القاهرة، التي ألقمته حجرا على لسان الرئيس السيسي بشأن المعاملة الحسنة لليهود من العرب والمسلمين على مر التاريخ، وسوء معاملتهم في أوروبا، وما تفعله إسرائيل من عقاب جماعي للفلسطينيين، فطأطأ أنتوني بلينكن الرأس.
فضح المستور
كشف طوفان الأقصى عن جرائم مؤلمة؛ ارتكبها العدوان الإسرائيلي في حق المقاومة المشروعة للشعب الفلسطيني عندما واجه الاحتلال الغاشم الذي استباح الأرض وانتهك المقدسات؛ وبنى المستوطنات، بينما المجتمع الدولي ما زال في مقاعد المتفرجين.. أولى تلك الجرائم كما أوجزها عبد العظيم الباسل في “الوفد”، أن العالم يتعامى عما يحدث في غزة من مجازر إسرائيلية؛ حتى بلغ الشهداء نحو ثلاثة آلاف شهيد وأكثر من 10000 جريح، فيما يرى الغرب أن إسرائيل تدافع عن نفسها منحازا لرواية الإعلام الإسرائيلي الكاذب؛ الذي أشاع منذ بدء العملية، أن الفلسطينيين يقطعون رؤس الأطفال والنساء؛ وانخرطت وسائل الإعلام الغربية في ترويج الكذبة الإسرائيلية (بفبركة) بعض الأحداث لإدانة المقاومة والتعاطف مع إسرائيل، دون أن تستوثق مما حدث أو تتأكد من صدق الوقائع. ثانيا: أعادت الحرب الفلسطينية الإسرائيلية إلى الأذهان شبح النكبة الأولى عام 48؛ التي طرد خلالها الفلسطينيون من منازلهم؛ واليوم تحاول إسرائيل صنع نكبة جديدة بدفع أهالي غزة إلى النزوح جنوبا؛ أو العبور إلى سيناء بحجة الانتقال إلى أماكن آمنة؛ ولكن الفلسطينيين، رفضوا ترك أراضيهم رغم أنهم يفقدون 14 شهيدا كل ستين دقيقة وما زالت المقاومة خيارهم الوحيد حتى يتوقف الدمار الصهيوني تماما ويحصل الفلسطينيون على حقوقهم المشروعة إذ باتت دولتهم هي الوحيدة التي تواجه أبشع أنواع الاحتلال على سطح الأرض.
تحية للصامدين
واصل عبد العظيم الباسل فضح المزيد من أوجه دعم المحتل المجرم من قبل من يطلقون على أنفسهم العالم المتحضر.. ثالثا: فضحت المقاومة الموقف الأمريكي الذي يعلن أمام الشاشات الرغبة في السلام؛ وفي الخفاء يدعم إسرائيل بكل وسائل الردع العسكري من أسلحة؛ ومواقف دبلوماسية منحازة لها دون أن تلتفت إلى أرقام الضحايا الفلسطينية؛ وكما بدا ذلك واضحا في زيارة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن؛ حين أعلن فور وصوله إسرائيل: (جئت إلى هنا ليس كمسؤول أمريكي، ولكن كيهودي خسر أباه وجده من أيام النازية). رابعا: أحرج (طوفان الأقصى) الضمير الأخلاقى لمعظم دول العالم، التي لا تريد أن ترى حقيقة الصورة الإسرائيلية؛ ولا ترغب في الاعتراف بحقوق الإنسان الفلسطيني الذي يدافع عن ترابه وبيته؛ بينما تناصر الاحتلال الغاشم وتدعم حقوق مواطنيه وتدين المقاومة الفلسطينية؛ رغم بشاعة ما يرتكب من قتل وقصف ودمار في غزة. خامسا: كشفت المقاومة بوضوح تام كذب خطة إسرائيل للإخلاء الآمن حين اعتدت على الغزاويين بعد خروجهم؛ كما أمرت بإخلاء المستشفيات من مرضاها رغم أنها أماكن آمنة بحكم القانون الدولي لمنظمة الصحة العالمية؛ وهيئات الصليب الأحمر والقوانين الدولية، التي تعتبر إخراج المرضى دون علاجهم جريمة حرب. سادسا: رغم كل ما حدث تبقى التحية واجبة للمقاومة ورجالها الذين ما زالوا صامدين رغم المجازر الوحشية؛ رافضين مغادرة أرضهم إلى أي مكان؛ مصرين على استمرار القتال مهما كلفهم من جرحى وشهداء؛ لأنهم يؤمنون كما نجحوا في خداع المخابرات الإسرائيلية في التنبؤ بهجومهم؛ فسوف يصمدون حتى النصر لأن عقيدتهم راسخة أن إسرائيل لن تتمكن من إبادة شعب بأكمله؛ والنصر (لطوفان الأقصى).
ستنهار قريبا
انتهى الدكتور أحمد محمد خليل في “الوفد” لعدد من الحقائق المهمة: انتابت الإسرائيليين حالة من الهلع الشرائي، بعد أن أصدرت القيادة الداخلية للجيش الإسرائيلي تعليمات للناس بتخزين الأطعمة المعلبة والمياه والأدوية المطلوبة والمشاعل وحتى أجهزة الراديو حتى يتمكنوا من البقاء على قيد الحياة لمدة 72 ساعة داخل منازلهم إذا لزم الأمر، في ظل الوضع الأمني المتدهور في إسرائيل نتيجة عملية «طوفان الأقصى»، حيث تراجع الشيكل الإسرائيلي إلى أدنى مستوى له منذ ثمانية أعوام، مقابل الدولار الأمريكي، بعد عملية (طوفان الأقصى) التي شنتها المقاومة الفلسطينية ضد جيش الاحتلال ردا على الانتهاكات المستمرة للمسجد الأقصى، وبذلك يستمر مسلسل الخسائر الاقتصادية بعد الأزمة التي تمر بها تل أبيب في الشهور الأخيرة، إثر التوترات الداخلية، كما أن إسرائيل تصمم على القيام بعملية عسكرية كبيرة للثأر مما حدث، وبالفعل تم البدء، وروجت إلى العالم فكرة أن من قتلوا وأصيبوا وخطفوا مدنيين كانوا في احتفال، وهو ما يبث الرعب لدى السياح من كل العالم، بأن المدنيين في إسرائيل مستهدفون. ورغم تدخل البنك المركزي الإسرائيلي الأيام الماضية لدعم سوق الصرف لمنع الشيكل من الانهيار بضخ 30 مليار دولار لدعم سوق الصرف، واصل الشيكل الإسرائيلي المسار النزولي الحاد أمام الدولار الأمريكي بنحو 2.5%، وتجاوز سعر الصرف 3.95 شيكل/دولار، وبدأت بعض سلاسل المتاجر الكبرى في تقييد المبالغ التي يمكن للعملاء شراء السلع الأساسية بها.
خراب شامل
أعلنت شركة شوفرسال المحدودة عن أنه من أجل تلبية المتطلبات العديدة للعملاء، ستكون هناك قيود على شراء المياه والبيض والحليب والخبز التي يتم التحكم في أسعارها، ووفقا للدكتور أحمد محمد خليل سجلت البورصة الإسرائيلية انخفاضا حادا، وهبط مؤشرا بورصة تل أبيب الرئيسية (تي. إيه 125) و(تي.إيه 35) بما يصل إلى سبعة في المئة، وانخفضت أسعار السندات الحكومية بنسبة تصل إلى ثلاثة في المئة، وعلى الجانب الآخر أعلنت وزارة الطاقة الإسرائيلية مؤخرا أن إسرائيل علقت الإنتاج مؤقتا من حقل غاز «تمار» الذي يقع في البحر المتوسط، وستبحث عن مصادر وقود أخرى لتلبية احتياجاتها من الطاقة، ومن مظاهر الخسائر الأولية كذلك، فرار السائحين الأجانب إلى الخارج، هربا من الضربات، كما ألغت عديد من شركات الطيران والشحن رحلاتها إلى إسرائيل، على رأسها شركة «اأير فرانس»، ووفقا لصحية «هآرتس» الإسرائيلية فإن شركات الشحن ألغت هي الأخرى الرحلات البحرية إلى الموانئ الإسرائيلية، مما سبق نستنتج أنه قد تعرضت إسرائيل لضربات موجعة جميعها سيؤدى إلى تراجع اقتصادها وتحقيق خسائر اقتصادية بالغة تستمر على المدى الطويل، وشدد الكاتب على أن قضية تحرير المسجد الأقصى من أكثر القضايا الدينية التي تشغل مئات الملايين من المسلمين حول العالم، كما تعتبر الحلم الذي يراود كل مسلم، لا سيما الشعب الفلسطيني الذين ذاقوا الويلات من سلطات الاحتلال الإسرائيلي المغتصبة لوطنهم مما يسبب أيضا الانعكاسات السلبية في كل المجالات داخل الكيان المحتل، ومنها بالطبع الاقتصاد.
بين الحق والإفك
تحول موقف العاملين في الصحافة والإعلام من القضية الفلسطينية إلى معيار يحاسب بموجبه كل صاحب رأي مخالف للتوجهات الغربية المؤيدة للعدوان الإسرائيلي، وسقطت وفق رأي صلاح البلك في “الوطن” منصات إعلامية كبرى في اختبار «حرية الرأي»، الذي طالما ادعت بموجبه تفوقها على الإعلام العربي فيه، رغم غرقها في العنصرية، والانحياز الكامل، وفقدانها للمصداقية. اجتاح وسائل الإعلام الأمريكية والغربية «طوفان الأكاذيب» حول اجتياح المقاومة لأجزاء من الأراضي المحتلة عقب حديث بايدن عن مذابح ومحارق لم يستطع إثباتها، واعتذر عنه البيت الأبيض في ما بعد، لكن الإعلام الغربي واصل الكذب الممنهج من دون رادع، ما أسهم في انتشار تلك الأكاذيب التي لم يتراجع من روّج لها من ساسة وقيادات إعلامهم حتى اللحظة. هيئة الإذاعة البريطانية «BBC»، التي تفاخر عدد غير قليل ممن عملوا فيها من الصحافيين بمهنيتها ومعايير الحياد فيها وبعدها عن التوجيهات السياسية، كانت على رأس قائمة «السقوط» حين تبنت وجهة نظر الإسرائيليين وسوّقت لروايتهم المغلوطة عن تجاوزات المقاومة الفلسطينية في رداء يسرق قناعات متابعيها إلى باحة الباطل، خاصة وقد تعود غالبيتهم عدم تدقيق معلوماتهم من جهات أخرى، ما أوقعهم ضحية الخداع وانعدام المصداقية «الكل في خدمة الصهيونية». من تجرأ من الصحافيين العرب على رفع راية العصيان وإعلان تعاطفه مع الضحية صار ضحية مثله تماما على أيدي محطة «BBC» وإدارتها التي عميت عن كل المجازر التي ارتكبها جيش الاحتلال ولا يزال، وحرب الإبادة التي يشنها على قطاع غزة ولم تتوقف بعد. «بي بي سي» فتحت التحقيق مع 6 من مراسليها، بينهم صحافي كبير، بالإضافة إلى موظف، جميعهم من العاملين في القسم العربي، كل ذنبهم أنهم أعلنوا موقفهم من العدوان الإسرائيلي ونشروا على صفحاتهم الشخصية ما يؤكد تعاطفهم مع الضحايا، ولم يتطرق الأمر أو يتطرف الزملاء في مواقفهم إلى حد الإدانة الواجبة للوحشية والإجرام الإسرائيلي.
باهرون في الكذب
كل ما فعله صحافيو الهيئة البريطانية من وجهة صلاح البلك يندرج تحت باب حرية الرأي بعد نشرهم مقاطع فيديو توضح مختطفين وأسرى على سيارة، وتعليق: «لحظة فخر»، فيما كتب آخر: «الصهاينة سيعيشون كلصوص ومغتصبين». قررت الهيئة البريطانية استبعاد صحافية أخرى تعمل بالقطعة في إجراء أكثر تطرفا في التعامل مع أصحاب مهنة قوامها الرأي. التزييف المتعمد لم يقتصر على الترويج للأكاذيب الإسرائيلية، بل امتد إلى محاولة تكميم فم كل من تسول له نفسه التعامل بالموضوعية الواجبة مع حقائق وأحداث أكبر عملية عقاب جماعي وإبادة تبث على الهواء أمام أعين العالم أجمع دون أن يرف له جفن، بل يحاول تصوير الضحية وكأنها الجاني. لا يستحق إعلامهم ذلك القدر الكبير من الاحترام الذي حظي به طويلا في الكثير من الأوساط العربية، خاصة أهل المهنة من الصحافيين والإعلاميين الذين ظنوا طويلا أنهم أمام نموذج للمهنية والمصداقية فيما كانت أكبر عمليات خداع عبر تاريخ الإعلام الدولي تمارس بقدر كبير من الاحترافية الكاذبة انكشفت مع حدث كبير كـ«طوفان الأقصى». سيعاني الإعلام الغربي المنحاز طويلا لاستعادة مكانته الضائعة، وثقة مستخدميه بسبب موقفه هذا ليس بين العرب فحسب، ولكن بين شعوب الأرض جمعاء، بعد أن تغير موقف دول كثيرة في آسيا وأمريكا اللاتينية، وصارت لا تعول على المصادر المنحازة لدول الغرب وأمريكا، وهو ما انعكس بوضوح على الخطاب السياسي في كولومبيا ودول أمريكا الجنوبية الذين اعتمدوا على إرسال صحافييهم إلى منطقة الصراع لنقل الحقيقة، ووصل الأمر إلى تحول كبير في مواقف نواب البرلمان الأيرلندي وجميعهم تلمّس الحقيقة بعيدا عن منصات «الطوفان الإعلامي الكاذب».
لأنه مسلم
السؤال الذي ألح عليه محمد أمين في “المصري اليوم”: بأي ذنب قتل طفل بريء في أمريكا وليس في غزة؟ لأنه مسلم فلسطيني.. فلماذا أجرت بيتك للمسلمين وأنت تكره الإسلام والمسلمين؟ هذا المسن الإرهابي في أمريكا على بعد آلاف الأميال من فلسطين وغزة، يقتل طفلا لم يفعل شيئا وبالتأكيد هو مولود في أمريكا وأمه ذهبت به بعيدا لتوفر له الحماية، فلم ينج من القتل رغم كل هذا، وفي الوطن يحدث شيء من ذلك كما يحدث في المهجر، حيث يقتل الأطفال في كل مكان. الأرقام تشير إلى قتل آلاف الأطفال أو تشريدهم في الحروب التي تشهدها المنطقة، في سوريا والعراق واليمن. وقد ظل كثير من الأطفال في بلدانهم فشهدوا القتال والموت بأعينهم.. واضطر بعضهم للعيش بطريقة صعبة للبقاء على قيد الحياة، ما أدى إلى إصابتهم بأضرار نفسية دائمة تستدعي العلاج النفسي والعرض على أطباء متخصصين. ومن المؤكد أن الحروب تستهدف الجميع، لكن ضحاياها غالبا من الأطفال الذين ينظرون بأعينهم البريئة إلى سر الشر هذا، لأن شرور الكبار لا توفر الحماية للصغار. الأطفال في أوكرانيا وإثيوبيا وسوريا واليمن وأفغانستان ومالى وميانمار وروسيا وأوكرانيا، يتألمون ويموتون ويهربون ويُستغلون بشتى الطرق. كل هذا كوم والرجل السبعيني كوم تاني، هو وحش آدمي طعن الطفل حتى الموت، وأصاب أمه بطعنات قاتلة، واستخدم في الجريمة سكينا يستخدمه العسكريون أحيانا حين تنفد الذخيرة، وانقض على الطفل البريء يريد قتله لا لشيء إلا لأنه مسلم، ولأنه فلسطيني، وراح يقتل أمه أيضا وقد وجهت السلطات تهمة القتل وارتكاب جريمة كراهية إلى منفذ الاعتداء. وندد الرئيس الأمريكي جو بايدن بالجريمة التي اعتبرتها الشرطة مرتبطة بالحرب المستمرة بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة، ووصفها بـ«عمل كراهية مروّع».
جريرة فخر العرب
ينتظر البعض اللحظة التي يعتقد أنها مناسبة للهجوم على شخص يحملون داخلهم غضبا مكتوما منه، أو اعتقاد منهم بعدم الاستحقاق، منذ فترة ليست بالقصيرة لاحظ عبد اللطيف المناوي في “المصري اليوم” أن اللاعب محمد صلاح موضوع للجدل، بل والتراشق بسبب محاولات ضمه للعب في أحد الأندية العربية، وللأسف كان كان صلاح هدفا لكل أشكال السباب والتقليل من شأنه وقيمته، ثم انتهى الجدل. وفي أوقات متقطعة مرتبطة بمشاركة محمد صلاح مع المنتخب الوطني، الذي أصابنا بالإحباط خلال الأعوام الأخيرة، كان لوحة (التنشين) لهجوم يشكك في جدوى مشاركته، ومدى جديته وبذله الجهد الحقيقي مع منتخب بلاده، وهنا تكون إخفاقات المنتخب مناسبة للتشكيك في إخلاص الرجل، بل أحيانا في حقيقة مستواه كلاعب؟ ما يحدث من هجوم على صلاح عادة ما يكون منقسما إلى نوعين؛ أحدهما لحظة انتقام من جمهور أو أشخاص أو أطراف، تعتقد أنها تعرضت لما لا تستحقه أو تتوقعه من صلاح ومحيطه، والنوع الآخر هم أولئك الذين يجهضون الأحلام لذلك ينتظرون اللحظة التي يعتقدون أن هدفهم – في هذه الحالة صلاح – يكون في وضع ضعيف يمكن الهجوم عليه، والانتقاص والتشكيك في نجاحه. مع حرب غزة الدائرة شهدت مواقع «السوشيال ميديا» جدلا بشأن موقفه منها؛ فبينما يلح البعض على صلاح بإعلان دعمه «غزة» عبر حساباته على الـ«سوشيال ميديا»، باعتباره من المؤثرين العالميين؛ فإن آخرين أعطوا هذا الإلحاح نوعا من المزايدة على اللاعب الذي يتصرف بوصفه محترفا، ويدفعون في التشكيك في مواقفه وعروبته وإخلاصه لبني جنسه، وينزعون عنه المتابعة (follow) والإعجاب (like)، وقد تأثرت حسابات صلاح على «السوشيال ميديا» بالفعل بتراجع عدد المتابعين نسبيا. لست هنا في موقع الدفاع عن موقف صلاح فهو أدرى بظروفه وشروط تعاقده، ولن يكون من العدل محاسبة إنسان على ظروفه، أو المطالبة بإلقاء كل شيء وراء ظهره من أجل الإعلان عن موقف. ومن الخطأ، التشكيك في موقف الأشخاص مما يجري في غزة، فجميعنا مع أهلنا هناك، وضد الجريمة الإسرائيلية المستمرة، لذا ليس من العدل استخدام موقف بهذا الشكل للانتقام أو للتنفيس.
ارحموه
في هجوم غليظ يعتمد المغالَطات وتضليل المتابعين، ينتقد البعض محمد صلاح إلى حد اتهامه بالخيانة، لأنه لم يُعلِن تضامنه مع غزة منذ بدأ القتال بين حماس وإسرائيل، وزعم المهاجمون، بلا أي حجة أو منطق، كما أوضح أحمد عبد التواب في “الأهرام” أنهم هم من صنعوا لصلاح مجده كواحد من أفضل لاعبي الكرة في العالم، وأنهم سوف يعاقبونه ويبددون مجده لقبوله الهوان لنفسه ولصمته على الظلم الواقع على الفلسطينيين، لاحِظ أن هؤلاء يَجدِون تبريرات لحسن نصر الله الذي يترك إسرائيل حتى الآن تستفرد بالفلسطينيين، وتوقع بمدنييهم وأطفالهم أكبر أعداد من الضحايا، على الرغم من أن تصنيفه المهني: أحد كبار المناضلين ضد إسرائيل، بل إن المفترين على صلاح يجدون تبريرات أخرى لخالد مشعل رئيس حركة حماس، ولإسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس، بأنهما لم يغادرا عيشهم الرغيد في الخارج، ولم ينضما إلى مقاتليهم في غزة ليشدّا من أزرهم، وليكون لهما مصير مقاتليهم نفسه بما يتوافق مع خطابهما الثوري. صحيح أن محمد صلاح لاعب كرة عالمي استثنائي، ولكنه لا يدين بما تحقق له لأي أحد في هذا الإقليم، بل إن أخلاقه الرفيعة تأبى عليه أن يسجل أفضاله على صورة كل أبناء هذا الإقليم في العالم، بل على تحسين صورة المسلمين لدى الرأي العام العالمي، وأنه صار ظاهرة كمثل أعلى للأطفال الإنكليز وغيرهم في شغفهم بتقليده عن حب وتقدير، حتى في سجوده مع كل هدف. فلماذا لا ينظر مهاجمو صلاح إليه بالمرونة نفسها التي يطبقونها على نصر الله ومشعل وهنية، رغم أنه لم يدع لنفسه الثورية، ورغم أنهم يعلمون تعقيدات موقفه وإمكانية أن يلحق به أشد الأضرار، كما أنهم موقنون من أنهم لن يساعدوه على رفع الضرر عندما يقع؟ والأهم: لماذا يفرض مهاجمو صلاح آراءهم عليه ويجحدونه حقه في أن يكون له رأي آخر من ناحية المبدأ أليس من حقه، حتى وهو في أشد التعاطف مع الفلسطينيين، أن يختلف، مثلا، مع حماس في قرارها بالحرب مع عدم ضمانها لأمن مواطنيها، مثلما يوفرون أمن مقاتليهم، أو ربما يوافق حماس على كل هذا، ولكنه يختلف في توقيت اختيارهم لبدء معركتهم. فربما يرى أن هذا التوقيت أنقذ نتنياهو من العصف به من معارضيه وخصومه في إسرائيل، إلخ.
حسام عبد البصير
المصدر: صحيفة القدس العربي