عمت مشاعر الفخر والأمل مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، بعد عملية «طوفان الأقصى» في غلاف قطاع غزة، كما أثارت جرائم الاحتلال وعمليات القصف، مشاعر الغضب والاستنكار في صفوفهم على امتداد الأراضي اللبنانية.
ودعت حركة «حماس» الأحزاب والقوى السياسية والنقابية والشبابية اللبنانية والفصائل الفلسطينية للمشاركة في الوقفات التضامنية ومسيرات الوفاء لفلسطين.
وتعبيرا عن المشاعر الفلسطينية واللبنانية الداعمة لقطاع غزة، لبى اللاجئون الفلسطينيون والمواطنون اللبنانيون نداء حركة «حماس» بالنفير العام، وخرجت المسيرات والوقفات التضامنية في المدن والمناطق اللبنانية والمخيمات والتجمعات الفلسطينية دعما للمقاومة الفلسطينية واستنكارا للمجازر التي ينفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.
وشهدت مخيمات وتجمعات الرشيدية وبرج الشمالي وعين الحلوة وصبرا وشاتيلا ونهر البارد والبداوي والجليل في لبنان، حراكا شعبيا واسعا تضامنا مع قطاع غزة، حيث انطلقت المسيرات الشعبية الحاشدة ونظمت الاعتصامات والوقفات التضامنية، تعبيرا صارخا لمشاعر العزة بالعملية، واستنكارا للمجازر وحرب الإبادة التي تنفذها إسرائيل في قطاع غزة.
لا يُخفي اللاجئون الفلسطينيون فرحتهم واعتزازهم الشديديْن بعملية «طوفان الأقصى» المستمرّة منذ أيّام بلا توقف مع غياب هدنة عسكرية تُوفّر الراحة للفلسطينيين الذين أنهكتهم غارات الاحتلال المتتالية التي لم ترحم برجاً أو مبنى سكنيا في قطاع غزّة المحاصر. وفي وقت يُشدّد فيه الجيش الإسرائيلي ضرباته على القطاع الذي طُوّق بحزام من نار.
مسيرات غضب على العدوان الصهيوني
تعليقا على تطورات الأحداث في قطاع غزة أشار «المركز العربي الدولي للتواصل والتضامن» إلى أن «مع دخول حرب طوفان الأقصى يومها السابع، ستخرج الملايين من أبناء الأمّة وأحرار العالم في مسيرات غضب على العدوان الوحشي الصهيوني ودعماً للصمود الأسطوري للمقاومة في غزّة وعموم فلسطين، ليعلنوا غضبهم على العدو الصهيوني وكل دول العدوان المشاركة فيه والمتواطئة والصامتة وليعلنوا اعتزازهم بأبطال كتائب عز الدين القسام وكل فصائل المقاومة في فلسطين، وليؤكّدوا أن الدعم الحقيقي لأهلنا في غزّة وعموم فلسطين، إنما يكون بتوفير الدعم العسكري والمادي والإنساني لأبطال المقاومة وضحايا العدوان دون تأخير، لا سيّما في المجال الصحي والغذائي والمائي والكهربائي، الضغط على الحكومات العربية المطبّعة مع العدو، قديماً وحديثاً، لإسقاط اتفاقيات العار والسعي لجمع كلمة الأمّة ضد العدو الصهيوني وداعميه، المقاطعة الكاملة لدول العدوان وفي مقدمتها الإدارة الأمريكية والامتناع عن التعامل مع كل الشركات ذات الصلة بالعدو الإسرائيلي، وتحريك كل الجهات القانونية الرسمية وغير الرسمية لمحاكمة مجرمي الحرب الصهاينة وكل من يدعمهم بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، إنشاء فوري لصندوق عربي وإسلامي ودولي، شعبي ورسمي، لإعمار غزّة وإيواء السكان الذين هدم العدوان منازلهم ومعابدهم وجامعاتهم ومستشفياتهم وأبراجهم وتشكيل جبهة عالمية من كل القوى المناهضة للإمبريالية والصهيونية والعنصرية والفاشية على امتداد العالم وإطلاق حملة عالمية لنزع الشرعية الدولية عن الكيان الصهيوني».
وختم مؤكدا أن «شرفاء أمّتنا وأحرار العالم من كل تياراتهم وأحزابهم ونقاباتهم وتنظيماتهم مدعوون لتحويل النفير العام إلى منطلق لحراك مندّد بالعدوان ومنتصر لأهلنا ومقاومتنا في غزّة وعموم فلسطين وأكناف فلسطين، وليقول لأهلنا في غزّة وعموم فلسطين لستم وحدكم».
من جهته، أكد الكاتب الفلسطيني محمود ناصر لـ«القدس العربي» أن عملية «طوفان الأقصى» بعثت الأمل من جديد في نفوس اللاجئين الفلسطينيين من أن هناك أملا بعودتهم إلى وطنهم، وأن هناك قدرة لدى الشعب الفلسطيني على القتال والاقتحام وتحرير الأرض.
وتساءل ناصر، إذا كانت حفنة من الرجال الأبطال تمكنت من اقتحام أكبر المستوطنات العسكرية الإسرائيلية في غلاف غزة، ونشرت الرعب في نفوس المستوطنين ومن بينهم ضباط وجنود الاحتلال ودفعتهم للفرار، فكيف لو فتحت الحدود أمام المقاتلين والشعوب لمواجهة الاحتلال؟
واعتبر الكاتب الفلسطيني أن تصاعد القصف الوحشي الإسرائيلي الذي يستهدف قطاع غزة، جريمة ضد الإنسانية «يجب أن يحاسب عليها القانون الدولي» لافتا إلى ان إعلان نتنياهو الحرب على غزة إنما هي حرب إبادة ضد شعب تعرض للقتل والحصار والتجويع والتدمير طوال عقود من الزمن.
وقال أيمن شناعة المسؤول السياسي لحركة «حماس» وعضو دائرة العمل الوطني، أن عملية (طوفان الأقصى) بإنجازاتها الاستراتيجية وبطولاتها ونتائجها السياسية والعسكرية التي زلزلت الاحتلال، ستنقل الفلسطينيين إلى مرحلة متقدمة نحو التحرير الشامل وزوال الاحتلال، وأكد أن العملية ألحقت خسائر عميقة بالكيان تؤشر إلى اقتراب نهايته.
وشدد شناعة على الالتفاف الشعبي والوطني الفلسطيني حول عملية طوفان الأقصى، واعتبر ان هذا التأييد هو دليل على وحدة الشعب الفلسطيني وتبنيه خيار المقاومة وحق العودة.
واستنكر شناعة التصريحات الأمريكية الداعمة للاحتلال، وحذر من محاولات الاحتلال اجتياح قطاع غزة، مشددا على قدرة المقاومة على هزيمة العدو.
كما دان مجلس نقابة العاملين في الإعلام المرئي والمسموع، في بيان «المجازر التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة والتي طالت كل القاطنين فيه والتي سالت على أثرها دماء وحياة الكثير من المدنيين، لا سيما الأطفال والنساء والشيوخ. وقد أصابت هذه الاعتداءات بشكل مباشر الجهاز الإعلامي، ففقد عدد كبير منهم حياتهم في انتهاك صارخ للقوانين والأعراف المتفق عليها، وهذا يعكس حرص الاحتلال وسعيه الدؤوب لطمس حقيقة ما تقترفه آلته العسكرية من جرائم حرب يندى لها الجبين».
وإذ أكد المجلس شجبه وإدانته «لما يقترفه العدو الصهيوني من جرائم ومجازر بحق المدنيين في غزة» أعلن تضامنه «الكامل معها ومع سائر أبناء الشعب الفلسطيني» مشددا على «حقه الكامل في استعادة حريته وأرضه المسلوبة عنوة وتشكيل دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف».
ويقول أحد المسؤولين الفلسطينيين في مخيّم البداوي شمال لبنان: «نعجز عن تحمّل الاعتداء السافر الذي يرتكبه العدو بحقّ الأهالي في قطاع غزة، لذلك حاول بعض شبان مخيّم عين الحلوة الوصول إلى الحدود، الا أن الجيش منعهم، فهذه المسألة لا تُعدّ سهلة وبسيطة أبداً، لكن ندرك تماماً أنّ الحدود في حال فتحت، سنتوجّه جميعنا وفي مقدّمنا الفصائل الفلسطينية مباشرة إلى تلك البقعة لإعلان تأييدنا لبلادنا وقضيتها المحقّة».
وإذْ يلفت المسؤول إلى أنّ الدعوات إلى التظاهر لنصرة الشعب الفلسطيني تتمّ عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يُشدّد على أنّ هذه الخطوة تحتاج إلى شروط عدّة أبرزها يرتبط بأهمّية «التنسيق مع حزب الله الذي يقوم بدوره بالتنسيق مع الجيش اللبناني كي يسمح للشباب بالوصول، وهذا ما أعاق وصول الشبان المنتفضين إلى الحدود، فإذا لم يتمّ الاتفاق والتنسيق على عدد الشبان وتأمين ضمانات لهم ثمّ الموافقة، لن يحصل هذا الأمر، بغضّ النّظر عن إمكان التوجّه والوصول بسيّارة مثلاً تحمل عدداً محدوداً لا يفي بالغرض، لكن حتّى هذه اللحظة لا موافقة على هذه الخطوة التي نستعدّ لها بكلّ طاقتنا».
إلى ذلك، يعتبر المدير العام للهيئة 302 للدّفاع عن حقوق اللاجئين علي هويدي، أنّ «التوجه إلى الحدود والاعتصام ووقفات التضامن قرب الخط الأزرق، بات حلم كلّ فلسطينيّ في لبنان ليشعر بانتمائه إلى هذا الحدث وليُسهم أيضاً في استهداف الكيان الصهيوني بعد 75 عاماً على اللجوء بحيث آن الأوان للوصول إلى حقّه في العودة إلى بلاده، ولهذا السبب يُمكن القول، إنّ الدعوة إلى فتح الحدود أو إلى التظاهر والتجمهر جنوباً محقّة ومشروعة للاجئين الفلسطينيين الذين يُعانون الأمرين مع حرمانهم من حقوقهم الإنسانية، الاقتصادية، الاجتماعية والصحية وغيرها من الحقوق، وبالتالي إنّ طلب العودة يُعدّ أساسياً في هذا المجال، كما نؤكّد أنّه مطلب سياسي أكثر من كونه إنسانيّ.
وتعيش المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان حالاً من الغليان نظراً مع التطوّرات السريعة الذي تشهده بلادهم، وترتفع مشاعر القهر أمام جرائم الاحتلال في قطاع غزة، وتترجم على الأرض في وقفات ومظاهرات ومسيرات حاشدة، وهي الحال مع كل عدوان يتعرض له الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث تُنكأ جروح النكبة من جديد لأجيال من اللاجئين الفلسطينيين قد يكون جل ما تأمل به هو مقاسمة التضحية والمشاركة في المواجهة ضد الاحتلال.
عبد معروف
المصدر: صحيفة القدس العربي