طوفان الأقصى ضربة لوهم جهاز الاستخبارات العسكرية (أمان)

Spread the love
image_pdfimage_print

تعتمد أجهزة كيان الاحتلال بنشاطها العسكري في قطاع غزة على المعلومات التي يستطيع الحصول عليها بالجهد الاستخباري النشط ضد فصائل المقاومة الفلسطينية بشكل أساسي، حاصلاً على ذلك من خلال جهاز الاستخبارات العسكرية ( أمان)، والذي يُعتمد عليه بشكل أساسي في اتخاذ القرارات داخل حكومة الاحتلال، والتي تحصل على المعلومات من خلال وسائل تتشكل في ثلاثة فيالق أساسية متمثلة في فيلق الاستخبارات البشرية ” وحدة 504″ المختصة بتجنيد واستعمال عملاء ، والوحدة “8200” المسؤولة عن التنصت واعتراض الشفرات وتحليلها ومن ضمن تشكيلاتها هيئة وحدة السايبر التابعة للجيش، وشعبة المعلومات الضوئية  وحدة “9900” والمختصة بجمع المعلومات الضوئية القادمة من مصادر متنوعة، مثل: الأقمار الصناعية، وطائرات المراقبة، والاستشعار.

استطاعت حركة حماس وكتائب القسام تضليل أجهزة استخبارات الاحتلال على الرغم من الجهد المبذول خلال الأشهر القليلة التي سبقت عملية طوفان الأقصى، بسلوك ومعلومات خادعه فاقت قدرات أجهزة استخبارات كيان الاحتلال الأعلى ميزانية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي تزيد على ال 8 مليار شيكل، وهو ما كان أكثر ألما للاحتلال، وشكل صفعة قوية لها وللحليف الاستراتيجي الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول التي تعتبرها مصدراً مهماً لمعلوماتها في المنطقة.

بالإضافة للضربة العسكرية؛ استطاعت كتائب القسام بعملية طوفان الأقصى توجيه ضربة أمنية قوية لما تبقى من صورة الجيش الذي يقهر وحلفائه من خلال الخمس نقاط التالية:
أولا: العملية ستجعل دولاً وتنظيمات ذات قدرات أعلى أو أقل فيما بعد قد تتجرأ على كيان الاحتلال، أو تدعم كتائب القسام والمقاومة الفلسطينية بشكل علني، وهذا يفسر وقوف الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من الدول الأوروبية لجانب الاحتلال منذ اللحظة الأولى؛ والخروج بتصريحات شبه يومية لرؤساء هذه الدول التي تعتبر وجود كيان الاحتلال مصدر أمنها في منطقة الشرق الأوسط، وتضرر الاحتلال سيضر بمصالحها.
ثانياً: أضرت المقاومة الفلسطينية سابقا بصفقات عسكرية تمثلت بالهالة التي سوّقتها حكومة الاحتلال لدبابة الميركافا ( مفخرة اسرائيل) بتفجيرها بعبوة محلية تزن 80 كيلو فقط في ال 14 من فبراير 2002 وقد تبنتها ألوية الناصر صلاح الدين، وكذلك القبة الحديدية  التي استطاعت صواريخ المقاومة الفلسطينية من تجاوزها والتغلب عليها، وغيرها من الصناعات العسكرية التي تنتجها، وبعد عملية طوفان الأقصى جاءت الضربة القاضية لجهاز الاستخبارات الأقوى في المنطقة، وهي التي تعتبرها دول العالم من الدول الرائدة في العالم على صعيد التجسس والتنصت وجمع المعلومات، كما أن لجهودها الاستخبارية دورًا كبيرًا في إضعاف الدول المحيطة، ومساعدة الأنظمة على البقاء والاستمرار في الحكم؛ حيثُ تُقدم لها الدعم الاستخباري الذي يضمن لها اكتشاف أي نشاطات معارضة لها والتعامل معها، ويجب هنا أن نفرق بين العمليات شبه اليومية التي تحدث من خلال مقاومي الضفة الغربية وعملية بحجم وامكانيات طوفان الأقصى.
ثالثاً: تغنت حكومات الاحتلال بعد معركة سيف القدس بتقويض قدرات كتائب القسام العسكرية، وتأتي عملية طوفان الأقصى لتحرج وزراء دولة الاحتلال وتؤكد كذبهم، مما يضعف الشخصيات التي تقود دولة الاحتلال وتؤثر على الحياة السياسية في دولة الاحتلال، وأن عملية سيف القدس كانت استمرار لنقلة نوعية لتطوير القدرات العسكرية والأمنية للكتائب.
رابعاً: ضربت كل المؤتمرات واللقاءات الأمنية التي حدثت مؤخرا وجمعت عدداً من دول الإقليم بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والتوصيات التي خرجت بها للقضاء على المقاومة.
خامساً: من شأنها احداث تراجع أو تضرر في مسار التطبيع لبعض الدول العربية، بالذات الدول التي دخلت لهذا المسار أو تنوي ذلك لعامل القوة التي يتمتع فيه كيان الاحتلال في المنطقة، من خلال تبادل المصالح الأمنية والاستفادة من ذلك لإدارة دولهم، أو القدرات العسكرية والاقتصادية التي تضررت جميعها من هذه العملية.

ويتضح مما سبق سبب جنون الاحتلال والجيش الصهيوني وحلفائه بسلوكه الاجرامي بحق المدنيين بقطاع غزة، متجاوزة كل المعاهدات والقوانين السماوية والدولية التي تحمي المدنيين، واستخدامه سياسة الأرض المحروقة والحزام الناري؛ الذي لا يستخدم الا في ساحات المعركة العسكرية أثناء المواجهات بين الجيوش وذلك للتالي:
أولا: لإحداث ترميم لما تبقى له من هيبة جيشه وجهازه الاستخباري أمام شعبهم والعالم حتى لو كان هذا الإنجاز على حساب المدنيين.
ثانيا: واضح أن بنك المعلومات لدى الاحتلال فارغ وهناك ضعف بالمعلومات حول أماكن قيادات المقاومة العسكرية، وهو الذي طالما هدد بالعودة لسياسة الاغتيالات، وتغنى كثيرا أنه يمتلك التفاصيل الدقيقة في قطاع غزة، ولذلك تقوم بالاستعاضة عن ذلك باستخدام هذه السياسة لعلها تصيب لتجاوز ضعف المعلومات.
ثالثاً: تحاول حكومة الاحتلال التمهيد وارباك الساحة الداخلية لعملية قد تكون الاجتياح البري ان تقرر الدخول في هذا الخيار بعد توفر البيئة المناسبة لذلكـ، والتي أعتقد أنها نالت الدعم الأمريكي والدولي؛ إن لم تتدخل دول إقليمية مؤثرة تحول دون ذلك.
رابعاً: تحاول الحكومة الصهيونية من خلال ذلك التخلص من ضغط الشارع الصهيوني الذي سيتشكل بإنجاز بقتل عدد كبير من الفلسطينيين وهدم البيوت لعله يحدث توازن يستطيع مواجهة شعبه، ولذلك سعى للدخول في حكومة وحدة وطنية، لأن عملية طوفان الأقصى بمخرجاتها الحالية ستشكل نهاية نتنياهو السياسية ووزرائه.
خامساً: يحاول العدو استفزاز المقاومة لإخراج كل ما لديها دفعة واحدة والتعامل بردة الفعل؛ لعله يستطيع الحصول على بنك معلومات تساعده في تحقيق انجاز، لكن يبدو أن المقاومة استعدت استعدادا جيدا لهذه العملية، وتوجه ضربات متتالية لجيش العدو وحكومته.

فادي رمضان

المصدر: موقع الخنادق