ليست مجرد حرب وليسوا مجرد مقاومين.. إذ تعيد الأيام سيرتها لسنوات المجد وأفضل فصولها في تاريخ الأمة مستعيدة زمن القائد العظيم خالد بن الوليد، فمنذ فجر السبت أعاد أبطال القسام وإخوانهم من الفصائل الفلسطينية للأذهان البطولات المذهلة لسير أجدادهم في صدر الإسلام.. بأسلحة بدائية ليس من بينها صواريخ الباتريوت ولا سلسلة طائرات أف 16 وشقيقاتها يذهلون العالم ويعيدون الالتفات للسنن الكونية الماضية في خلق الله. وأشارت مصادر أمنية مصرية، إلى أن القضية الفلسطينية الآن تشهد منعطفا هو الأخطر في تاريخها. وقالت المصادر، في تصريحات للقاهرة الإخبارية، أن هناك مخططا واضحا لخدمة أهداف الاحتلال القائمة على تصفية الأراضي الفلسطينية المحتلة من أصحاب الأرض وسكانها، وإجبارهم على تركها ودفعهم للخيار ما بين الموت تحت القصف الإسرائيلي، أو النزوح خارج أراضيهم. وبدوره قال عمرو موسى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، إن سد آفاق الأمل أمام شعب فلسطين وتحدي كرامته وإهانته، وتولي حكومة تمارس تكريس الاحتلال والاستيطان والعنصرية والفاشية في الأراضي المحتلة، مع صمت المجتمع الدولي؛ أوصل الأمور إلى ما نشهده، مشيرا إلى أن تلك السياسة المتطرفة يجب أن توقف، وإلا فالبديل المنطقي هو المقاومة وتصاعدها. وتابع: لعل الإسرائيليين فهموا الآن أن نظريتهم في الأمن تهرّأت، وأن أمنهم يتحقق فقط عبر السلام مع الفلسطينيين، وقيام دولتهم المستقلة والعيش معا في سلام تعاقدي. لعلهم فهموا أن القضية الفلسطينية لن تتبخر أو تدفن وأنها حية تسعى. في المقابل فلسنا في وارد إزالة إسرائيل وإنما ضبط سلوكها. الآن وقت عودة الإصرار العربي على عقد مجلس الأمن، وأوضح موسى أن ما تسوقه جهات مشبوهة من أن العرب أنفسهم يتجاهلون القضية الفلسطينية في اتصالاتهم الدولية، وأن التطبيع (السلام مقابل السلام) هو المسار الوحيد الممكن، هو أمر ظهر بطلانه. وأكد أنه يجب إحياء الموقف العربي كما تلخصه المبادرة العربية، وأن تستأنف إثارة القضية الفلسطينية في المحافل الدولية. فيما رفض المهندس حازم الجندي عضو مجلس الشيوخ، وعضو الهيئة العليا لحزب الوفد، تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية، بشأن دعوته لمواطني غزة بمغادرة القطاع، في ما يعني تهجير الأهالي للدول المجاورة، ومن بينها شبه جزيرة سيناء في مصر، مشيرا إلى أن الدولة ذات سيادة ولن تسمح بالمساس بأمنها وحدودها. وأكد أن فكرة النزوح لسيناء تمثل خطورة على القضية الفلسطينية، وتمهد لترك الفلسطينيين لأراضيهم وضياع حقوقهم التي كفلها القانون الدولي لهم، وكل المواثيق الدولية التي اعترفت بسيادتهم وحقوقهم، فضلا عن أن الفلسطينيين لن يقبلوا هذه الدعوة ولن يتركوا وطنهم لحظة واحدة. وأدان شن الاحتلال الإسرائيلي حملة إبادة جماعية، وحصار كامل على قطاع غزة، بما يشمل في ذلك منع وصول الكهرباء والمياه، ولوازم المعيشة كافة، وتدمير الطرق والبنية التحتية، لمنع الحركة ووصول سيارات الإسعاف للمستشفيات.
وأشار إلى أن صمت المجتمع الدولي عن كل هذه الجرائم التي ترتكب في حق الشعب الفلسطيني، يتنافى تماما مع الشعارات الوهمية التي ترفعها دائما بدفاعها عن قضايا الشعوب، والامتثال للقوانين الدولية والقرارات الشرعية التي أثبتت حق الشعب الفلسطيني والاعتراف بملكيته لأرضه. ومن القضايا التي لها علاقة بمساعي الحكومة ضبط الأسعار: قال الدكتور إبراهيم عشماوي مساعد أول وزير التموين، إن مبادرة «خفض أسعار السلع الأساسية» متميزة، وتقوم على مجموعة من المحاور والسياسات؛ المالية والنقدية والصناعية والتجارية والزراعية. ولفت إلى أن دور الدولة ضمن المبادرة، يتمثل في إعادة النظر في مدخلات الإنتاج، وتقديم تسهيلات جمركية أو إعفاءات جمركية، أو تسريع وتيرة الإفراج عن تلك السلع.
نهاية الأوهام
أمعنت تل أبيب في التنكيل اليومي بالفلسطينيين، وغضت غالبية دول العالم كما أوضح طلعت إسماعيل في “الشروق”، الطرف عن الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على المسجد الأقصى، والتنكيل اليومي والحصار وجرائم القتل واحتجاز عشرات آلاف الأسرى الفلسطينيين في السجون والمعتقلات، وأطلقت إسرائيل يد المستوطنين ليعيثوا فسادا، تحميهم حكومة يمينية متطرفة تضم وزراء يجاهرون بأن «العربي الصالح» هو العربي الميت، ماذا كان ينتظر الجميع بعد ذلك؟ انشغل العالم بالحرب الروسية الأوكرانية، والصراع الخفي والمكشوف بين الغرب عموما والولايات المتحدة، خصوصا مع الروس، لتستغل إسرائيل المشهد لتدعيم أركان وجودها، وتوسيع دائرة الاعتراف بها عربيا، وممارسة فعل التطبيع جهارا نهارا، لتحقيق حلم القيادة الإسرائيلية للمنطقة، بلا ثمن، فقط الحصول على مكاسب مجانية، بمباركة أوروبية وضغوط ورعاية أمريكية. وضعت غزة تحت حصار مميت، واقتحمت القوات الإسرائيلية جنين ونابلس وبلدات فلسطينية عدة في الضفة الغربية، واعتدى غلاة اليهود المتطرفين على المصلين المسيحيين في كنائس بيت لحم، والعمل على التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، ومنع المصلين المسلمين من الوصول إليه، وتهجير الفلسطينيين من القدس المحتلة وهدم منازلهم، وكلما اشتكى هؤلاء لا يجدون سوى المزيد من الممارسات القمعية الإسرائيلية، القائمة على القتل والحصار وفرض الأمر الواقع، وتسويق الأوهام للعرب عن سلام زائف. في ظل هذا الوضع، كسرت المقاومة الفلسطينية نظرية الأمن الإسرائيلية، وأذلت جيشا طالما تبجح بقدراته العسكرية والاستخباراتية التي لا تقهر، وحطمت المقاومة بهجوم مباغت برا وبحرا «وجوا» للمرة الأولى، أساطير وهمية صنعها العدو عن إمكانياته، فإذا بجنرالات يقعون في الأسر، ومستوطنين، رغم تسلحهم، يفرون كالفئران المذعورة، تاركين مستوطناتهم الحصينة التي بنيت على حدود قطاع غزة، هربا من الجحيم الذين ظنوا أنهم غير ملاقيه يوما. فشل استخباراتي إسرائيلي لا يحتاج أي برهان، بعد أن قدمت المقاومة الفلسطينية كل دليل على تفوقها في إطلاق عملية «طوفان الأقصى» التي أغرقت الإسرائيليين بآلاف الصواريخ، مئات المسلحين الذين اقتحموا أكثر من عشرة مواقع إسرائيلية داخل الأرض المحتلة المتاخمة لقطاع غزة، والسيطرة على مقار أمنية وعسكرية ومستوطنات، والعودة إلى القطاع بالأسرى والغنائم، في وضح النهار، وأمام أعين العدو الذي وقف مشلولا من هول المفاجأة!
تشبه البارحة
أعادت عملية «طوفان الأقصى» التي جاءت غداة الاحتفال بمرور خمسين عاما على نصر السادس من أكتوبر/تشرين الأول عام 1973 إلى الأذهان الإسرائيلية، كما انتبه طلعت إسماعيل ذكرى يوم أليم، مع دخول السابع من أكتوبر 2023 التاريخ باعتباره «يوما أسود» جديدا يضاف إلى سجل الهزائم التي تنتظر الغطرسة والغرور الصهيوني في الأفق القريب، ليتمرغ الكبرياء الإسرائيلي في الوحل، ويجعل نتنياهو يصرخ من «أيام صعبة» بعد أن تكبد مئات القتلى وآلاف الجرحى. سيتحدث المحللون ومراكز الأبحاث العسكرية كثيرا عما جرى صبيحة السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وسيقف القادة العسكريون في كل مكان في لحظات تأمل تغير رؤيتهم لنظريات الحروب التقليدية، وليتعلموا درسا جديدا يقول، إن فئة قليلة يمكنها هزيمة أعتى الجيوش، فقط بالتخطيط والعزيمة والثقة في النصر، وعدم الالتفات إلى دعاة الوقوع والركوع لسلام الأمر الواقع، المبني على الأوهام. وكما حدث في حرب أكتوبر 1973، ها هي الولايات المتحدة تسارع لنجدة إسرائيل بإرسال البوارج، والعتاد الحربي، وإجبار الحلفاء والتابعين على إصدار بيانات الشجب والإدانة لما فعلته المقاومة بجنود الاحتلال، وهي البيانات التي لم تكن لترى النور لو كانت اليد الطولى في ما جرى للإسرائيليين، على نحو ما تم في أكثر من عدوان على الفلسطينيين في الضفة الغربية والقطاع، على مدى سنوات طوال. بقي أن التاريخ ربما يعيد نفسه، عندما يركب الغرور الرؤوس، ففى الثالث من أكتوبر/تشرين الأول قال رئيس الأركان الإسرائيلي آنذاك ديفيد إليعازر مطمئنا الصحافيين إنه «لن تنشب حرب في القريب» وإنه بإمكانهم «النوم بهدوء»، وبعد خمسين عاما على زلزال السادس من أكتوبر 1973، قال جنرال إسرائيلي آخر للصحافيين قبل طوفان السابع من أكتوبر بأيام قليلة «اذهبوا للعيد، لن تنشب عمليات كبيرة».. وما أشبه الليلة بالبارحة.
الحسابات اختلفت
أصبح من المؤكد أننا بين تاريخ اختلف وعلى العالم أن يعيد حساباته ما بين طوفان الأقصى وما بعده. نحن وفق رؤية فاروق جويدة في “الأهرام” أمام واقع جديد تغيرت فيه أشياء كثيرة هناك إسرائيل التي لم تعد الجبروت الذي لا يقهر وهناك الشعب الفلسطيني الذي جربت فيه إسرائيل كل أنواع القتل والدمار عشرات السنين وهناك عالم عربي تخاذل وسوف يدفع الثمن.. لقد جرب الفلسطينيون كل ألوان التنازلات أمام مشروعات كاذبة ومضللة لسلام واهم، وتنقلوا في كل عواصم الدنيا من أوسلو إلى مدريد إلى عواصم عربية تراجعت عن قضيتها الأولى. وما بين التطبيع والتنازلات مضت الأحداث ولم تحقق شيئا، وما بين أمريكا وأوروبا والسلام الكاذب دفع الشعب الفلسطيني أغلى شبابه، بينما كانت فرق السماسرة وتجار القضية يقبضون الثمن. كل الحسابات غيرتها الآن دماء الشهداء وركعت إسرائيل أمام شباب فلسطين. قلت يوما إن أرض فلسطين أنجبت أجيالا جديدة سوف تغير كل الحسابات بالقوة والعلم والإصرار. إن شباب الانتفاضة هم الذين يحاربون الآن الجبروت الإسرائيلي ويقتحمون حدود الأرض ويطهرون رجس القتلة، ويثبتون للعالم أن هناك شعبا لن يفرط في أرضه وكرامته. لقد فعلت إسرائيل في الشعب الفلسطيني كل ما أرادت قتلا ودمارا وهي الآن تدفع الثمن أمام العالم كله وعلى العالم العربي الذي فاوض، أن يدرك الآن أنه استهلك قدراته في صراعات ليس فيها منتصر ومهزوم. إن إسرائيل تواجه الآن طوفان الأقصى ولم تستطع أن تعرف كيف جاء كل هذا الغضب. إنها سنوات القهر والظلم وامتهان حق الشعوب. المهم الآن أن يدرك العالم العربي أن الشعب الفلسطيني لن يفرط في أرضه، حتى لو حارب عشرات السنين، وعلى إسرائيل أن تدرك أن الإصرار على الطغيان والدمار والقتل نهايته ما يحدث لها الآن.
الرابح والخاسر
بادر عماد الدين حسين رئيس تحرير “الشروق”، بالتأكيد على أن كل ما حدث يمثل مكاسب للمقاومة وخسائر لإسرائيل.. سيقول البعض أيضا إن المعركة لم تنته وإن قوة إسرائيل النارية أقوى ألف أو مليون مرة مما تملكه المقاومة، وبالتالي فإن إسرائيل قادرة على محو قطاع غزة نفسه من الوجود. والإجابة نعم، إسرائيل قوة احتلال غاشمة وتملك أحدث الأسلحة حتى مقارنة بالدول العربية ولديها أسلحة نووية، لكن ألم تدمر إسرائيل قطاع غزة العديد من المرات كل عامين أو ثلاثة أعوام تقريبا؟ وبالتالي ما هو الجديد حينما تقوم إسرائيل بنسف البيوت والأبراج وقتل المدنيين وتدمير المزارع؟ فإذا كانت إسرائيل تضرب وتهاجم وتعتدى كل مرة، فإن الثابت هذه المرة هو أن المقاومة وجهت لها ضربة غير مسبوقة، وأظن أنها سوف تتحول إلى كابوس يطارد الإسرائيليين طويلا، مثلما حدث، ولكن بصورة أكبر في انتصار المصريين في حرب 6 أكتوبر/تشرين الأول المجيدة عام 1973. أول مكسب للمقاومة ولفلسطين ولعموم الشعب العربي هو أنهم قادرون على ضرب إسرائيل في عقر دارها لأول مرة منذ معارك النكبة عام 1948. استراتيجية إسرائيل الدائمة أنها تحارب في أرض العرب، والمقاومة أثبتت أنها قادرة على دخول المستوطنات والسيطرة عليها والتحصن فيها وقتل وأسر الجنود والمستوطنين. المكسب الثاني هو الفشل الأمني والاستراتيجي والاستخباراتي الإسرائيلي الخطير وغير المسبوق، فحينما تفشل كل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية والصديقة في الحصول على معلومة واحدة بنوايا المقاومة، فهذا يعني أن هذه الأجهزة ومعها المجتمع الإسرائيلي قد وصلت إلى حالة من الترهل والانهيار غير المسبوق، وهو ما يعني أساسا سقوط خرافة قدرتها المطلقة، فحينما تفشل في معرفة وتوقع ما يحدث في مناطق تسيطر عليها أو تحاصرها فكيف لها أن تزعم قدرتها على النجاح خارج أراضيها؟
إهانة لا تمحى
يوم السبت الماضي، والكلام ما زال لعماد الدين حسين، أصيبت إسرائيل في أعز ما تملك وهو الوهم بأنها قوة غير قابلة للاختراق أمنيا ومعلوماتيا واستخباراتيا. فى المقابل أثبتت المقاومة أن لديها قدرة هائلة على التخطيط والتمويه والتضليل. الخسارة الكبرى أيضا لسمعة السلاح الإسرائيلي الذي يتعامل معه كثيرون في المنطقة وخارجها، على أنه الأفضل والأحسن على كل ما عداه، ويتهافت عليه العديد من الدول التي تخوض معارك أهلية أو ثنائية، وحينما يعجز هذا السلاح عن التصدي لوسائل عسكرية غاية في البدائية، فهي إهانة لا تمحى، وستؤثر كثيرا على سمعته وعلى الإقبال عليه. خسرت إسرائيل معنويا بصورة لا يمكن تخيلها الآن. فحينما يتم اقتحام مواقع عسكرية بمثل هذه السهولة واقتياد الجنود المستوطنين أسرى وهم شبه عرايا، ويتم تجريسهم في مواكب في شوارع غزة فهو أمر يضرب معنويات الإسرائيليين في الصميم، وأظن أن هذه المشاهد المذلة سوف تطاردهم لسنوات طويلة، وربما إلى أن يتم تحرير الأرض الفلسطينية بالكامل. خسرت إسرائيل اقتصاديا بصورة لا يمكن تصورها أيضا، فهي أنفقت أكثر من مليار دولار على بناء السلك والجدار العازل مع غزة، لكن تم اقتحامه في دقائق، وكأنه من ورق. وخسرت اقتصاديا من ضرب بنيتها التحتية، وخسرت بورصتها كثيرا وسوف تخسر أكثر حينما نطالع الكشف النهائي لنتائج المعركة. خسرت إسرائيل بشريا بصورة لم تحدث منذ حرب 1973، فلم يسقط مثل هذا العدد من الخسائر البشرية في صورة قتلى وجرحى منذ 50 عاما، ناهيك عن الأسرى. مهما كان العدوان الإسرائيلي الآن، أو في المستقبل باطشا ومدمرا لغزة والضفة، فإن قدرة العدو على البلطجة ومحاولات تهويد المسجد الأقصى، والتفكير جديا في احتلال الضفة وحصار غزة قد تزعزع بصورة جوهرية..
من حقنا الفرح
داهمت العالم أجمع حالة من الاستغراب، كما أكد صلاح البلك في “الوطن” مع الإعلان عن “طوفان الأقصى”، الذي هاجمت خلاله حركة حماس مواقع إسرائيلية، وقتلت وأسرت من الإسرائيليين ما يجعل منها قوة لا يمكن الاستهانة بها، وهو ما لم تستوعبه أو تتقبله العقلية المتغطرسة لشعب إسرائيل، الذي منح الأغلبية عبر صناديق الاقتراع لمجموعة من اليمين المتطرف عدة مرات متتالية، واضعا أول حروف صفحة النهاية لدولة قامت على العنف والقتل، وفشلت في اختبار السلام مع كل جيرانها وأولهم الفلسطينيون. لم تتوقف جماعات الحكم في تل أبيب عند عمليات الاغتيال والاجتياحات والقتل غير المبرر، ولكنها كشفت الوجه القبيح للمجتمع الإسرائيلي الذي لا يؤمن بالسلام ولا التعايش السلمي من الأساس وصار العالم في سابقة هي الأولى من نوعها عبر التاريخ الإنساني الطويل أمام حكومة وشعب اتفقا على التمادي في التطرف الفكري والعملياتي، ظنا منهم أن القضية الفلسطينية قد انتهت، في ظل «التهافت العربي» على توقيع معاهدات سلام وتطبيع علاقات يسابق الريح. تناست الحكومة المتطرفة أن هؤلاء لم يكونوا طرفا مباشرا في أي حرب طوال العقود الثمانية، التي تمثل عمر الصراع العربي الإسرائيلي، وتوهمت أن الشعوب على دين ملوكها حقا، وأن اليأس قد تمكن من أصحاب الحق في غزة والضفة الغربية، فما بالكم ببقية الشعوب العربية التي اختطفتها مشاكلها وأزماتها الداخلية، ولم يعد الشأن الفلسطيني يهمها على الإطلاق. لقد استعدت قوى اليمين لإعلان النصر مبكرا والبدء في طرد الفلسطينيين إلى الدول المجاورة في ظل ظروف دولية مهيئة لما هو أبعد، فالعالم منشغل هو الآخر بالحرب الروسية الأوكرانية، والولايات المتحدة تحركها إسرائيل أيا كانت حكومتها، بل تستخدمها في السيطرة على ما تبقى من «العرب المقاومين»، وهو صنف منقرض أصلا.
ليست عنقاء
تابع صلاح البلك، تملك اليأس الشعوب العربية وأيقنت أن الحل العادل للقضية الفلسطينية قضية العرب التاريخية صار يجاور «العنقاء والخل الوفي» في برج المستحيلات، وبات الجميع ينتظر الحل من السماء، وهي حالة استهدفتها إسرائيل وكل من حالفها طويلا، دون أن تدرك أننا أمام خطر داهم يهدد حالة السلم والأمان العالمي حال انفجار الأوضاع، وهو ما حدث بالفعل، ولم يعد بالإمكان السيطرة عليه أو التحكم فيه. ساهمت المواقف الأمريكية والأوروبية المنحازة لإسرائيل في تعميق الهوة بين الشعوب العربية، وعلى رأسها الشعب الفلسطيني، وبين محاولات التوصل إلى حل سلمي، وجعلت من مفاوضات الحل النهائي وحل الدولتين أمرا مرفوضا، وعدنا ثمانية عقود للوراء زمن قيام دولة الاحتلال أربعينيات القرن الماضي، ولم تعد تصورات التعايش السلمي تجد لها مؤيدين، وأيقن عدد غير قليل من العرب استحالة ذلك، وإن سعت الحكومات للعكس. العنف الإسرائيلي المبني على باطل خلق شبيهه عند أصحاب الحق من المقاومين والذين لم يعد الموت يخيفهم وها هم قد نفذوا «الطوفان» وأذلوا الإسرائيليين وأذاقوهم عار الهزيمة ومذلة الأسر وجرفوا أطرافا أخرى للصراع واشتعل الشمال عند مزارع «شبعا» اللبنانية وبات الحضور الإيراني وشيكا.. واستعادت شعوب العرب ذاكرتها وهبت شامتة في هزيمتهم وقد يظهر ما لا تحمد عقباه في دول كثيرة لم تعد آمنة لوجود كل من له علاقة مع إسرائيل بصرف النظر عن وجود اتفاقات سلام بين الحكومات. سوف تستمر تداعيات الطوفان ولن تتوقف وقد يغرق المنطقة في دوامة عنف لا تتوقف عند حدود الشرق الأوسط، إن لم يتم احتواء الصراع سريعا، واتخاذ إجراءات لحلول سريعة تضمن تبادل الأسرى والتهدئة ووقف العنف وهو ما ستؤول له الأمور، عاجلا أو بعد تنفيذ إسرائيل عمليات انتقامية في قطاع غزة، ستتوقف حتما مهما بلغت وحشيتها، وإن استمر الدعم الأمريكي وحاملات الطائرات، تدخل دول العالم، وعلى رأسها دول عربية لعبت هذا الدور من قبل بات ضروريا لوضع حلول دائمة وليس حلولا مؤقتة، لن تكتب لها الحياة طويلا.
آن زوالها
ما كتبه الصحافي والباحث الإسرائيلي جدعون ليفي في صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية مهم وذو دلالة، كما أخبرنا عمرو الشوبكي في “المصري اليوم” فهو يمثل نوعية من الكتابات تحمل موقفا نقديا للسياسات الإسرائيلية غابت عن كثير من المواقف والكتابات العربية. اعتبر الكاتب أن كل الأزمات ترجع إلى «الغطرسة الإسرائيلية»، وقال: «مسموح لنا أن نفعل أي شيء، وأننا لن ندفع ثمنا ولن نعاقب على ذلك أبدا.. نقتل، نسيء معاملة، نسلب، نحمي مستوطِني المذابح، نزور قبر يوسف ومذبح يشوع، وكلها في الأراضي الفلسطينية.. وبالطبع نزور جبل الهيكل، ونطلق النار على الأبرياء، نقتلع عيونهم ونهشّم الوجوه، نرحّلهم، نصادر أراضيهم، ونقوم بتطهير عرقي.. أيضا نواصل الحصار، نبني حاجزا هائلا حول القطاع.. وفي النهاية تمكنت جرافة بدائية وقديمة من اختراق أكثر العوائق تعقيدا والأعلى تكلفة في العالم بهذه السهولة». مقال ليفي أشار إلى قضية صناعة السلام مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ونسيان الفلسطينيين، بل محوهم، «كما يرغب عدد غير قليل من الإسرائيليين». ويعدد كوارث السياسات الإسرائيلية، من احتجاز آلاف الأسرى الفلسطينيين، بينهم أسرى دون محاكمة، وأغلبهم سجناء سياسيون، ولا نوافق على مناقشة إطلاق سراحهم حتى بعد عقود في السجن. وكأننا نقول لهم إنه فقط بالقوة يمكن لأسراهم أن يحصلوا على الحرية. لقد ظننا أن نواصل بغطرسة صد أي محاولة للحل السياسي، لمجرد أنه لا يناسبنا..
ثمن يناسب الجريمة
من المؤكد وفق رأي عمرو الشوبكي، أن كل شيء سيستمر على هذا النحو إلى الأبد. وأضاف: «لقد نجح عدة مئات من المسلحين الفلسطينيين في اختراق السياج الحدودي، وغزوا إسرائيل بطريقة لم يتخيلها أي إسرائيلي، وأثبتوا أنه من المستحيل سجن مليوني إنسان إلى الأبد، دون دفع ثمن باهظ». والحقيقة أن الحديث الدائر في إسرائيل وفي كثير من الأوساط الأمريكية لا يرى إلا هدم غزة ومحوها من الوجود، ويستخدم لغة انتقامية بدائية، هدفها فقط عقاب أهلها، أو كما قال ليفي إن «إسرائيل تعاقب غزة منذ عام 1948 دون توقف للحظة واحدة. 75 عاما من التنكيل. وإن التهديدات الحالية تثبت أمرا واحدا فقط: أننا لم نتعلم شيئا. أن الغطرسة موجودة لتبقى، حتى بعد أن دفعت إسرائيل ثمنا باهظا». يقينا، معضلة ما يجري في القطاع وفي مجمل الأراضي الفلسطينية المحتلة أن إسرائيل ومعها القوى الكبرى الداعمة لها، لم تتعلم دروس الماضي والحاضر، وأن التفسير الأساسي لفهم هجوم غزة هو سياسات الاحتلال التي انتقلت من سياسة قهر شعب والتنكيل به، إلى شطبه تماما من كل الحسابات وإلغاء وجوده، كما تفعل حكومة نتنياهو المتطرفة. لا يمكن أن تقضي على حل الدولتين ببناء المستوطنات في الضفة الغربية، وبتمزيق أوصالها، وأن تدنس المقدسات الدينية، وأن تقتل الأطفال في جنين، وأن تأسر الآلاف وتنتظر ورودا من الشعب الفلسطيني!
عاش الرجال
كثيرون صدمتهم العملية خاصة من وصفهم الدكتور محمد سيد أحمد في “فيتو” بالمبهورين بقوة العدو، فأسرعوا في إصدار حكم بأن العملية صناعة إسرائيلية. كتب أحدهم “إسرائيل قوية عسكريا بصورة تفوق الخيال العربي، وإسرائيل أيضا قوية في ألاعيبها السياسية بصورة تتجاوز حدود العقل العربي السياسي، ومن هذا المنطلق حدثت عملية “طوفان الأقصى” المليئة بالألغاز، وقد تعودنا من إسرائيل، على مدى تاريخها، القدرة الفائقة على صناعة حدث يصعب فهم دلالاته إلا بعد سنوات.. ومن ثم فإن هذه العملية المفاجئة التي تخوضها حماس ليست بعيدة عن الصراع السياسي الداخلي في إسرائيل ضد الحكومة الحالية، وأتوقع أن تكون العملية جزءاً من محاولة إسقاط شرعية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عبر تضخيم الهلع في نفوس الإسرائيليين من الفلسطينيين.. وهكذا يمكن استخدام هذا الحدث كذريعة لإسقاط نتنياهو شعبيا، ومن ناحية أخرى يمكن اتخاذ هذه العملية ذريعة أمام الرأي العام العالمي لسحق المقاومة الفلسطينية بصورة لم يسبق لها مثيل”.. وبالطبع لم أجد ردا على هذا العقل المغيب إلا ببعض الكلمات البسيطة والتي تتلخص في أن المقاومة أصبحت قوية أيضا عسكريا وسياسيا بصورة تفوق خيال العقل العربي الكسول، ولننتظر. فعلى الرغم من عدم قدرتنا على المشاركة في عملية طوفان الأقصى ميدانيا، إلا أن واجبنا الوطني والقومي يحتم علينا المشاركة بالكلمة، والكلمة كما قال عبد الرحمن الشرقاوي في عمله الأدبي المبدع الحسين ثائرا “أتعرف ما معنى الكلمة، الكلمة زلزلت الظالم، الكلمة حصن الحرية، الكلمة مسؤولية، أن الرجل هو الكلمة، شرف الرجل هو الكلمة، شرف الله هو الكلمة”. سنقول الكلمة ما دام في العمر بقية، وما دام في الجسد المنهك قلب ينبض وفي الشرايين دماء تتدفق بصعوبة، فالقضية الفلسطينية لكل قومي عربي هي قضيتنا المركزية، وفي كل مرة ينتفض شعبنا العربي الفلسطيني البطل المرابط فوق التراب المحتل في فلسطين العربية نعاود الكتابة من جديد، ونذكر العالم أجمع بأن ما شهدته الأرض العربية الفلسطينية واحدة من أهم الجرائم العالمية التي ارتكبت في تاريخ البشرية..
أزمة العصر
يعيش قادة وزعماء إسرائيل وكل المسؤولين فيها، خاصة أعضاء الحكومة العنصرية المتطرفة، حالة متصاعدة من الصدمة والذهول والغضب العارم المصحوب برغبة شديدة في الانتقام، نتيجة ما جرى لهم من مهانة خلال «طوفان الأقصى»، الذي جرف في وقائعه وأحداثه وفق ما قاله محمد بركات في “الأخبار” كل دعاوى التفوق والقوة والمنعة، وهز بعنف مشاعر الأمن والأمان والسيطرة وفرض الأمر الواقع والخضوع على الفلسطينيين تحت الاحتلال. وفي ظل هذه الحالة من الاضطراب والتخبط والخلل، لا توجد دلائل جادة تشير إلى إمكانية وقف موجات العدوان الهمجي واللاإنساني الإسرائيلي على المواطنين الفلسطينيين في غزة في القريب المنظور، بل على العكس من ذلك، توجد دلائل شبه مؤكدة تشير إلى استمرار آلة الحرب الإسرائيلية في ما تقوم به حاليا من قصف عنيف، وهدم ودمار للمباني والمنشآت في القطاع، وما ينتج عنه من قتل مقصود وممنهج للأهالي المدنيين من الأطفال والشيوخ والنساء وغيرهم. والمتابع للمستجدات والتطورات الجارية علـى الساحة السياسية إقليميا ودوليا، يدرك بوضوح أن الأمل في وقف هذه المذابح الإسرائيلية ضعيف جدا، خاصة بعد أن حصلت إسرائيل على إذن مباشر وواضح من الإدارة الأمريكية بممارسة أقصى درجات الانتقام والعنف ضد الفلسطينيين، تحت حجة حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. وإذا ما أردنا الحقيقة على أرض الواقع فلا بد أن نقول بكل الوضوح، إن هذه الحجة وذلك القول الأمريكي هو تصريح واضح لإسرائيل بممارسة العدوان والقتل ضد الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال. وأمريكا تتجاهل في موقفها هذا عن عمد وقصد واضح، حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه، وتتجاهل أيضا عن عمد وقصد واضح أن الشعب الفلسطيني هو الشعب الواقع تحت الاحتلال، وأن إسرائيل هي المحتل الغاصب للأراضي الفلسطينية، وأن أبسط حقوق الشعب الواقع تحت الاحتلال هو السعي بقوة وإصرار والعمل بكل الوسائل على تحرير أرضه والحصول على حقه المشروع في النضال والتحرير والحياة في دولته المستقلة ذات السيادة.
وهم القبة
عشنا نصدق وهم القبة الحديدية في إسرائيل.. ونصدق مع محمد أمين في “المصري اليوم” التفوق الإسرائيلي في التسليح، حتى قامت حرب أكتوبر/تشرين الأول واكتشفنا الوهم في كل شيء، وأنها فقط عملية صناعة وهم وأكاذيب حول الجيش الذي لا يُقهر وخط بارليف الحصين، وتم التعامل معه، وتدميره بخراطيم المياه، بعد أن روجت إسرائيل أن القنبلة النووية لا تستطيع أن تقهره. وفي هذه الأيام اكتشفنا وهما آخر حول القبة الحديدية وانهيارها أما صواريخ غزة، التي ضربت تل أبيب، دون أن يعوقها عائق، فضلا عن السور الذي يحمي إسرائيل واستطاع بعض شباب غزة أن يدمروه بمعدات بسيطة ويجرفوه مع الجرافات وسط بكاء شباب غزة! ورأينا من يتندر على القبة الحديدية ويعرضها للبيع خردة بقوله: استعمال خفيف! السؤال هو كيف انهارت القبة الحديدية؟ وهل كانت أكذوبة كبرى روجت لها الآلة الإعلامية الإسرائيلية، كما روجت كلاما مماثلا عن الجيش الذي لا يُقهر وخط بارليف والموساد، الجهاز الذي فشل في اكتشاف الضربة الحمساوية؟ يواجه القادة العسكريون تساؤلات متزايدة حول كيفية فشل القبة الحديدية في صد الهجمات، وقد شاهدت الناطق الرسمي باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي، وهو يحاول التبرير بصعوبة فيقول: «القبة الحديدية هي فخر الصناعة الإسرائيلية، وقد نجحت في صد هجمات صاروخية كثيرة، إلا أن هناك إخفاقات نأخذ منها العظات والدروس والعبر وسوف نعالجها»، وراح يشتم شباب حماس، حتى أدركه المذيع بقوله: «أتحفظ على هذا الكلام، وأرجو أن تتوقف عن هذه التعبيرات لو سمحت». وواصل الكلام أن القبة الحديدية أنقذت تل أبيب، بينما كانت الحرائق في الخلفية تشتعل في كل مكان، وطبعا لم يعترف بفشل القبة الحديدية، ولكنه قال: «سندرس كل النقاط ونأخذ منها الدروس». مفهوم أن القبة الحديدية كانت وهما كبيرا روّجه الإسرائيليون في إطار الحرب النفسية، كما حدث لخط بارليف والجيش الذي لا يُقهر، وغيرها، وأثبتت الأيام أن الوهم كان صناعة إسرائيلية.
أزمة مستمرة
يعيش الكثير من الطلاب المصريين العائدين من روسيا وأوكرانيا والسودان، أزمة كبيرة داخل بعض الجامعات التي تم قبولهم بها منذ فترة، وتم دفع المصروفات بها، تتمثل الأزمة التي اهتم بها صلاح شرابي في “الوفد” في أن غالبية الطلاب بل جميعهم لم يلتحق بالسنة الدراسية التالية للسنة الدراسية التي كان مسجلا بها في الخارج قبل عودته لأسباب كثيرة، نعرفها وندركها جيدا، لكن كان هناك الكثيرون الذين تم قبولهم في السنة الدراسية الأولى بالقطاعات الطبية المختلفة، رغم الانتهاء من قرابة عامين دراسيين في الخارج ليصبح الطالب على موعد مع بداية من جديد للدراسة الجامعية، بما يمكن أن نسميه «تصفير العداد» كما يقولون. ولعل أولياء أمور الطلاب يشعرون بالضيق لما حدث، ومنهم من يرى أن ما حدث نتيجة طبيعية ولا يجدون مشكلة في بدء الدراسة من جديد، معتبرين أن الطلاب قضوا عاما أو أكثر خارج البلاد بمثابة «التحسين» ثم العودة للدراسة هنا داخل البلاد بشكل آمن ومستقر، لكن غالبية الطلاب الذين قضوا عامين أو أكثر في الخارج وتم ترشيحهم في جامعات، وتحديدا بعض الجامعات الأهلية المنبثقة عن الجامعات الحكومية، لم يكن فيها طلاب أو سنة دراسية لطلاب في الفرقة الثالثة من الأساس، واقتصار الطلاب فيها على الفرقتين الأولى والثانية، وهو الأمر الذي يترك الكثير من علامات الاستفهام. لقد وجد الكثير من أولياء الأمور أبناءهم مرشحين في جامعات لم تكن فيها السنة الدراسية التي قد يلتحق بها الطالب حتى ولو بإضافة بعض المواد له خلال السنة الدراسية، الأمر الذي يعني وجود خطأ في التوزيع لجامعات لا توجد فيها سنة دراسية مكملة لبعض الطلاب، فلماذا كانت الاختبارات أو المحتوى العلمي لبعض الطلاب طالما تم ترشيحهم في أماكن مصيرهم فيها واضح دون لبس، ودون اختبارات أو مقاصة علمية.
حسام عبد البصير
المصدر: صحيفة القدس العربي