النيابة العامة بدأت التحقيق في واقعة «المنقوش – كوهين»
ا يزال الكشف عن اجتماع وزيرة خارجية حكومة طرابلس (المقالة) نجلاء المنقوش، ونظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين، يثير حالة من الغضب المتصاعد في الأوساط الليبية، ما طرح علامات استفهام جديدة حول ما إذا كانت هذه الصفحة طويت، على الأقل في المدى القريب، أم لا؟
وفيما لا تزال موجات الرفض تتوالى، حيال الاجتماع، الذي احتضنته العاصمة الإيطالية روما، وسط تنصل مسؤولين بحكومة عبد الحميد الدبيبة، منه، بدأت النيابة العامة الليبية الأحد، التحقيق في هذا الاجتماع، واستجواب «جميع من شاركوا به من المسؤولين الليبيين».
وأصدر مكتب النائب العام الصديق الصور مساء السبت، قراراً بتشكيل لجنة تقصي أسندت إليها «الوقوف على الضرر الذي أصاب مصالح الدولة الليبية من واقع تقارير جهاز الاستخبارات، بالإضافة إلى سماع أقوال من يمكن الحصول منهم على إيضاحات تلزم تحقيق واقعة».
وسؤال التطبيع الذي انشغلت به الأوساط الليبية، واستغلته القوى المناوئة للدبيبة، لتوجيه ضرباتها إلى حكومته، بات مخيفاً، في ظل الخلفيات السياسية والدينية التي يحتكم إليها جُل الليبيين، فضلاً عن القانون الليبي الذي يجُرّم التطبيع، ما يجعل من عملية تكرار التجربة مستحيلاً، أقله في الوقت الراهن، وفق متابعين للأزمة.
سياسيون ليبيون كثيرون يرون أن الولايات المتحدة، هي من رعت اجتماع روما، وعملت على ذلك منذ أشهر عدة مع حكومة الدبيبة… وهنا يتساءل السياسي الليبي محمد بويصير، قائلاً: «لو كان غرض الولايات المتحدة في ليبيا هو تطبيع العلاقات مع إسرائيل، فقد خسرت أمام شبابنا».
ومنذ الكشف عن الاجتماع، تتواصل حالة الغضب الشعبي والمظاهرات في عدد من المدن الليبية، وخصوصاً من قطاعات الشباب؛ تنديداً بالتطبيع، والمطالبة «بضرورة محاسبة المنقوش، وكل من شاركها في التخطيط والاجتماع بكوهين».
ومن دون الإعلان عن أي نتائج، انتهى الموعد الذي حدده الدبيبة، السبت الماضي للجنة التحقيق التي أمر بتشكيلها، من دون الكشف عن أي نتائج قد تكون توصلت إليها. وسبق وأصدر الأخير قراراً بتشكيل اللجنة برئاسة وزيرة العدل وعضوية وزير الحكم المحلي بدر الدين التومي.
ويعتقد الكاتب الأميركي بين فيشمان، أن تبعات لقاء المنقوش بكوهين «أخّرت التقارب بين إسرائيل وليبيا سنوات، نتيجة ما ارتكبه الطرفان من أخطاء».
وعدّ فيشمان، وفق ما نشره معهد «واشنطن لسياسات الشرق الأدنى» الأسبوع الماضي، أنه «لا شك في أن هذا الحدث الناجم عن سوء تقدير سيؤخر التقارب بين إسرائيل وليبيا لسنوات، إذا كانت الفكرة مطروحة على الإطلاق».
ورأى «أن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: إلى أي مدى يمكن للدبيبة أن يصمد؟ وما إذا كان هذا الجدل سيجدد الضغط لإجراء انتخابات في ليبيا».
وقال إن الدبيبة «عدّ أن التواصل مع كوهين، على الأرجح، إشارة إلى الولايات المتحدة بأنه مستعد للتفاعل مع إسرائيل، رغم دعم بلاده تاريخياً للقضية الفلسطينية». وتابع: «على نحو مماثل، عندما واجه الدبيبة ضغوطاً سياسية في الداخل أواخر العام الماضي، استجاب للطلب الذي تقدمت به واشنطن منذ فترة طويلة باعتقال وتسليم المشتبه به في تفجير طائرة (بان إم 103)، أبو عجيلة مسعود، وواجه نتيجة ذلك احتجاجات مناهضة له واتهامات بتجاوز القانون».
الآن، ورغم مرور قرابة أسبوع على واقعة «المنقوش – كوهين» لا تزال موجات الرفض للتطبيع تتواصل إلى أبعد من الاحتجاج، إذ يتمسك «حراك» شباب المنطقة الغربية، بالاستمرار في التظاهر لحين إسقاط حكومة الدبيبة، وإسناد إدارتها إلى المجلس الأعلى للقضاء، مع تشكيل أخرى مصغرة تسمى حكومة «إنجاز الانتخابات» مدتها لا تتجاوز سنة.
وأكد «الحراك» الشبابي في بيانه الأحد على رفضه الاعتراف بـ«الكيان الإسرائيلي». وأعلن أن اللقاء معه «لا يمثلنا ولا يمثل مبادئنا»، مشيرا إلى أنه «ضد التطبيع وكل من يروج لهذا المشروع البغيض».
وطالب «الحراك» النائب العام بالإسراع في التحقيق في واقعة الاعتراف بـ«الكيان الإسرائيلي»، كون ذلك «يخالف القوانين والمواثيق الليبية والإسلامية»، مشدداً على أهمية «الإفراج الفوري عن شباب الحراك المخطوفين من دون قيد أو شرط، وإن لم يطلق سراحهم خلال 12 ساعة فسوف يتم التصعيد».
وللتأكيد على عدم انتماء «الحراك» إلى أي من أطراف الصراع الراهنة بالبلاد، طالب البيان أيضاً بإسقاط حكومة أسامة حماد المكلفة من مجلس النواب، وقال: «ليس لنا أي توجه سياسي أو عسكري لا في شرق ليبيا ولا في غربها… نحن حراك سلمي يهدف إلى تطهير مؤسسات الدولة من الفساد والمفسدين».
جمال جوهر
المصدر: صحيفة الشرق الأوسط