في حفل شعبي كبير أزيح الستار، أمس الأربعاء، عن تمثال كبير لديك مدينة ماوت، الواقعة شرقي محافظة السليمانية، ضمن إقليم كردستان، شمالي العراق، تكريماً للحيوان الذي يحظى باحترام كبير لدى أهالي البلدة الواقعة على مقربة من الحدود العراقية الإيرانية، ويقطنها عشرات آلاف العراقيين الأكراد.
وشارك في حفل إزاحة الستار عن تمثال الديك وسط مدينة ماوت، والمشيّد على قاعدة إسمنتية كبيرة مغلفة بالرخام، عدد من المسؤولين المحليين وأعيان المدينة الذين يرون في العمل ما لا يراه سكان البلدات العراقية الأخرى المجاورة للبلدة.
كما شارك عدد من كبار السن في المدينة، وهم يشرحون للأطفال سرّ احترامهم للديكة.
ويعود تقدير أهالي المدينة للديك من بين باقي الحيوانات الموجودة في المدينة المحاطة بالجبال إلى قصة تاريخية متداولة منذ نحو 500 عام، وفقاً للباحث الكردي آكو عثمان، الذي أوضح أنّ الرواية التاريخية المتواترة في المدينة هي “استخدام الديكة كمنظومة إنذار مبكر وتحذير لسكان البلدة من الهجمات التي كانت تستهدفهم من مناطق أخرى”.
ويضيف عثمان: “شيخ الوفاء أو رمزه في هذه المدينة هو الديك لا الكلب، ويعود ذلك إلى قصة تفيد بأنّ هجوماً واسعاً في السابق استهدف المدينة فعمدت الديكة إلى الصياح في وقت واحد، وبوقت غير وقت الفجر المعهود سماع أصواتها فيه، فتنبه الأهالي لذلك واكتشفوا أنّ هناك حشوداً قادمة إليهم من خلف الجبل، فتمكّنوا من الاستعداد والتهيؤ وصدّ الهجوم وتجنّب كارثة كادت أن تحل بهم”.
وتابع: “منذ ذلك الحين يرى أهالي المدينة في الديكة رمزاً للوفاء والإخلاص، ولذلك يقدرونها كثيراً، وتجدها في لوحات فنية ومشغولات يدوية وقصص الأمهات والجدات”.
ورأى في القصة بذاتها واستمرار تداولها عبر الأجيال تعبيراً عن الاعتزاز بالتراث والتاريخ القديم لهذه المدينة.
وتزخر مدن شمالي العراق بالعديد من القصص والمرويات التاريخية التي يتعامل معها السكان على أنها جزء من هويتهم.
ويقول الناشط في محافظة السليمانية شوان شقلاوي، في حديث مع “العربي الجديد”، إنّ “طبيعة مناطق إقليم كردستان الجبلية والوعرة، وصعوبة التنقل قديماً من مدينة أو بلدة إلى أخرى جعلت لكل واحدة منها هوية مميزة عن الأخرى في قصصها وعادات أهلها، بل وحتى على مستوى اللبس والأكل، وهذا التنوع من أجمل الأشياء التي يمكن لزائر إقليم كردستان العراق ملاحظته”.
وأشار إلى أنّ مناطق أخرى في الإقليم تملك روايات مماثلة، معتبراً أنّه “بغض النظر عن صحتها أو لا، فقد صارت جزءاً من الفلكلور والتاريخ الشعبي الجميل الذي يحرص السكان على تداوله وتعريف الأجيال الجديدة به”.
محمد علي
المصدر: صحيفة العربي الجديد