شيء ما يحصل في وسط اسيا وتحديدًا في افغانستان تلك الدولة الغنية بالموارد الطبيعية بالاضافة الى صاحبة الموقع الجيوسياسي المهم، فبعد عامين ونصف من وصول حكومة طالبان إلى السلطة، لم تعترف أي دولة حتى الآن بنظام حكم طالبان، بالرغم من الانفتاح الايجابي الروسي تجاهها كحال باقي دول المنطقة هناك.
لطالما قالت دول المنطقة والعالم إن تشكيل حكومة شاملة، ومراعاة حقوق الإنسان، وخاصة حقوق المرأة في مجال التعليم والعمل، هي شروط مهمة للاعتراف بحكم طالبان، لكن هذه الازدواجية في المعايير تؤكد انه يجب الانفتاح ايجابًا وعدم ترك الشعب الافغاني دون استقرار سياسي واداري واقتصادي مستدام.
يقول مسؤولي طالبان بانهم على الطريق الصحيح باتجاه استيفاء الشروط الطبيعية للاعتراف بهم، لكن يبدو بأن المجتمع الدولي يواجه ازمة اعتراف بالمجموعة التي تحكم البلاد وذلك ربما قد يعود لاسباب جيوسياسية تتعلق بضرورة عدم اخراج البلاد من ازمتها في تأمين حكم مستدام ومستقر.
تهتم الدول المجاورة لأفغانستان بما في ذلك إيران وطاجيكستان بإنشاء حكومة شاملة في أفغانستان واعتبار إنشاء حكومة شاملة كأحد أولوياتها، بحيث يمثل كل الشعب الأفغاني في حكومة شرعية تقوم على اسس متوازنة وتلتقي مع دول المنطقة في تثبيت الاستقرار في وسط اسيا.
بالتوازي قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إنه إذا ضمنت طالبان حكومة شاملة، فإن موسكو ستنظر في الاعتراف بالجماعة كحكومة شرعية لأفغانستان، مع التشديد على ان لروسيا دور مهم في وسط اسيا خاصة على مستوى علاقتها الايجابية مع دول المنطقة وبالتزامن مع تنامي الحلف الروسي-الصيني-الايراني مما يسمح بفتح الابواب امام افغانستان لتسير في ركب بناء دولة قوية تستطيع الاستفادة من ثرواتها وموقعها الجغرافي في آنٍ معًا.
وفي نهاية سبتمبر المنصرم، طُلب من حركة طالبان في جمهورية تتارستان الروسية تشكيل حكومة شاملة بالتعاون مع روسيا وإقامة علاقات اقتصادية مع هذا البلد، مع التشديد على اهمية موقع جمهورية تتارستان في العمق الروسي.
من ناحية أخرى ، تقول جميع المنظمات الدولية أنه عندما يتضح أن طالبان ستفي بوعدها وتشكل حكومة شاملة من حيث العرق والدين ، فإننا سنعمل على الاعتراف بالحكومة الجديدة في أفغانستان.
بالنظر إلى أنه لا توجد دولة تعترف بحكومة طالبان دون تشكيل حكومة شاملة، فإن إحدى أهم أولويات طالبان في الوقت الحالي هي إنشاء حكومة شاملة لا تساعد فقط على الاعتراف بهم، ولكن أيضًا على وضع البلاد على السكة الصحيحة.
لا شك ان الحكم الشامل والمستقر يؤمن فوائد عارمة لافغانستان، ولكن يجب ان لا ننسى ان الولايات المتحدة الاميركية لن تتوقف عن عرقلة مشاريع بناء افغانستان حالها كحال دول اخرى تقوم الولايات المتحدة الامريكية بعرقلة بناء الدولة فيها عبر فرض عقوبات دولية كلبنان وسوريا والعراق وغيرها، وجميعها دول تعترض قيامها الغطرسة الاميركية.
خاص الوطنية