لنعمل مجتمعين لحماية الأحداث

Spread the love
image_pdfimage_print

تدهشنا يوميًا الأخبار التي تُظهر تورّط أقرب المقرّبين، من حاضنين وحاضنات ومقدّمي رعاية وغيرهم من ضعفاء النفوس، في كلّ أشكال العنف ضد الأطفال. فخلال الأيام العشرين المنصرمة، تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام العديد من القضايا التي طاولت الأحداث، وشملت جرائم اغتصاب وتحرّش واتجار وزجّ في أعمال منافية للحشمة ودعارة وتعنيف جسدي ومعنوي وتخلِّ عن أطفال رضّع وحوادث أخرى لا يستوعبها المنطق. 
وبما أن مصلحة الأحداث تقع فوق كل الاعتبارات، فإن «الاتحاد لحماية الأحداث في لبنان» يشدد على ضرورة وضع خطة وطنية متكاملة لحماية الأطفال ورعايتهم، نستعرض في ما يلي أبرز الاقتراحات العملية


يعمل الاتحاد لحماية الأحداث في لبنان يوميًا كالجهة المولجة (بموجب القانون اللبناني 422/2002) بمتابعة الأعمال المنوطة به لحماية الأحداث، فيشكّل «خط تماس» اجتماعياً مسانداً للطفل ومولجاً من وزارة العدل بمتابعة الملفات ومواكبة القاصرين والقاصرات من كلّ الجنسيات على الأراضي اللبنانية كافة. إذ ترده الإخبارات من الوزارات المعنية بحماية الطفولة كوزارات الصحة والشؤون الاجتماعية والتربية والعدل والداخلية، إضافة إلى الجمعيات الأهلية المتعاقدة مع الوزارات وتلك التي تعمل بموجب «علم وخبر» من وزارة الداخلية أو عبر منصات التواصل الاجتماعي وغيرها، عبر الخط الساخن التابع للاتحاد في المحافظات كافة.

يعدّ الاتحاد أن ما تم تداوله أخيرًا من حوادث عنف ضد الأطفال لا يشكّل سوى جزء ضئيل من القضايا والحوادث التي يواجهها يوميًا، وعلى مدار السنة. فالمندوبون الاجتماعيون ينشطون بشكل لا يلاحظه المجتمع، من دون كلل أو ملل أو تراخٍ، وهم جنود مجهولون يساندون ويرافقون ويؤازرون ويعدّون التقارير الداعمة لمصلحة القاصرين. كما أنهم عرضة للتهديد، أحيانًا، من ذوي القاصرين المنكوبين، ويواجهون اتهامات بالرشوة وتغيير الوقائع. وفي هذا السياق، يهمّ الاتحاد لحماية الأحداث في لبنان أن يؤكد أن هدفه الأسمى هو الحفاظ على مصلحة القاصر الفضلى أولًا وأخيرًا.
وبالعودة إلى الأحداث التي تم تناقلها أخيرًا، وأظهرت تزايد وتيرة العنف ضد الأطفال، فإن الاتحاد يؤكد أن هذه الظاهرة ليست محصورة بهذه الفترة، بل تعود إلى بداية 2023. فقد رصدت إحصائيات الاتحاد الموثقة بالمحاضر العدلية التي نظّمت بحضور مندوبي الاتحاد أمام الضابطة العدلية في الأشهر الستة الأولى من عام 2023، 939 قاصرًا على الأراضي اللبنانية بين معنّف ومخالف للقانون. وبلغ عدد المعنّفين داخل منازلهم 227 قاصرًا، وعدد القاصرين المعرّضين للتحرّش أو الاغتصاب 117. ورغم أن هذه الأرقام تعود إلى فترة اعتكاف القضاة، إلا أنها تظهر وتيرة العنف الممارس على القاصرين والقاصرات.

ونظرًا إلى كون قضية الأحداث تتعلق بالانتظام العام، ولكون مسؤولية الأحداث تقع على عاتق كل مسؤول في الدولة اللبنانية، فإن الاتحاد لحماية الأحداث يقترح إنشاء هيئة وطنية متحدة ذات صلاحيات ممتازة لمتابعة قضايا الأحداث، تكون مهامها، على سبيل المثال لا الحصر، الآتي:

1. التشبيك والإشراف على مختلف الدوائر والأقسام الإدارية التي تعنى بالأحداث في الوزارات (العدل والتربية والشؤون والصحة) مع الأخذ في الاعتبار ضرورة إنشاء وحدة للأحداث في وزارة الداخلية.
2. إعطاء رقم وطني لكل قاصر على الأراضي اللبنانية منذ الولادة أو منذ دخوله الأراضي اللبنانية.
3. العمل على متابعة تعديل قوانين العقوبات لكل من يعتدي أو كل من يسيب الطفل.
4. تعميم ثقافة حماية الطفل عبر وضع سياسة حماية وطنية شاملة لكل عامل مع الطفل في كل المجالات والأماكن، بما يشمل المدارس، والحضانات، والمؤسسات الرعائية، والمخيمات الصيفية، والمستشفيات، والمستوصفات، والبلديات بحيث يكون هناك مجتمع صديق للطفل.
5. وضع معايير تقييمية دوريًا للعاملين مع الأطفال.
6. وضع خط ساخن متخصص لاستقبال البلاغات والإخبارات وتحويلها للمسار المختص.
7. مراقبة عمل الجمعيات التي تتابع وتستقبل القاصرين مهما كانت جهة تمويلها أو ترخيصها عبر معايير ومؤشرات وتقارير علمية موضوعية تضع مصلحة القاصرين فوق أي اعتبار.
8. متابعة ومراقبة برامج تأهيل الأحداث وإصلاحهم وتأديبهم وتعليمهم وإعادة دمجهم في المجتمع.
9. متابعة وضع القاصر المعرّض للأخطار النفسية.

فلنعمل مجتمعين لحماية الأحداث

أميرة سكّر

* رئيسة الاتحاد لحماية الأحداث في لبنان