«شو قصة الـ 50 مليون دولار؟»

Spread the love
image_pdfimage_print

الخزينة الفارغة وأسس الاقتراض من مصرف لبنان

تداول مسؤولون لبنانيون ووسائل إعلامية بياناً صدر عن نواب حاكم مصرف لبنان، يُطالب بتعديل قانوني يجيز الاقتراض من مصرف لبنان، فيما الواقع أن الاقتراض وفق القانون الحالي لا يحتاج إلى أي تعديل أو ضمانات، إلا إذا أراد المعنيّون تعديل شرط من هذه الشّروط. فالمبدأ العام، وفق أحكام قانون «النّقد والتّسليف وإنشاء المصرف المركزي» المنفّذ بمرسوم رقم 13513 تاريخ: 01/08/1963، يقضي بأن الاقتراض ممنوع إلّا في حالات استثنائية، وإن توافرت هذه الحالات فإن عقد الاقتراض هو الذي يحال إلى مجلس النواب. لكنّ للكلام عن دور مجلس النواب هدفاً آخر هو تعديل قانون النّقد والتّسليف، فهل سيعلن عن صيغة التّعديل المطلوب أم أن الأمر مجرّد إجازة عامّة بالاقتراض من دون أي قيود؟ 


كيف تقترض الحكومة من مصرف لبنان؟


من صفات المصرف المركزي الأساسية أنه مصرف القطاع العام، الذي تودع فيه أموال هذا القطاع ويدفع المبالغ التي يأمر بصرفها ويحوّل الأموال التي يطلبها، إلا أنه مقيّد بسقف قيمة موجودات هذا القطاع لديه.
وقد وضع قانون النّقد والتّسليف قاعدة عامة مفادها أنه، من حيث المبدأ، لا يمنح المصرف المركزي قروضاً للقطاع العام باستثناء حالات محددة (المادة 90). إلا أن لذلك أيضاً قيوداً لا يجوز تجاوزها، إذ أجاز القانون للمصرف المركزي أن يمنح الخزينة، بطلب من وزير المالية، تسهيلات صندوق لا يمكن أن تتعدى قيمتها عشرة في المئة من متوسط واردات موازنة الدولة العادية في السنوات الثلاث الأخيرة المقطوعة حساباتها، ولا يمكن أن تتجاوز مدة هذه التسهيلات الأربعة أشهر (المادة 88). إلا أن حسابات الحكومة غير مقطوعة عن السنوات الثلاث الماضية لعدم صدور قطع حساب للموازنات السابقة.
ورغم أن القانون أعطى الحكومة إجازة دائمة تخوّلها اللجوء إلى هذا الاستلاف، كلما تبيّن لوزارة المالية وللمصرف المركزي أن موجودات الخزينة الجاهزة لدى هذا المصرف غير كافية لمواجهة التزامات الدولة الفورية. إلا أن هناك شرطاً آخر هو أن هذه الإجازة لا يمكن استعمالها أكثر من مرة واحدة خلال اثني عشر شهراً (المادة 89).

ما هو الإجراء القانوني في ظروف استثنائية الخطورة؟


إذا ما ارتأت الحكومة الاستقراض من المصرف المركزي، في ظروف استثنائية الخطورة أو في حالات الضرورة القصوى، تحيط حاكم المصرف علماً بذلك. 
ووفقاً للمادة 91 من القانون، يدرس المصرف مع الحكومة إمكانية استبدال مساعدته بوسائل أخرى، كإصدار قرض داخلي أو عقد قرض خارجي أو إجراء توفيرات في بعض بنود النفقات الأخرى أو إيجاد موارد ضرائب جديدة. وفقط في الحالة التي يثبت فيها أنه لا يوجد أي حل آخر، وإذا ما أصرّت الحكومة مع ذلك، على طلبها، يمكن للمصرف المركزي أن يمنح القرض المطلوب. 
حينئذ يقترح المصرف على الحكومة، إن لزم الامر، التدابير التي من شأنها الحد مما قد يكون لقرضه من عواقب اقتصادية سيئة وخاصة الحد من تأثيره، في الوضع الذي أعطي فيه، على قوة النقد الشرائية الداخلية والخارجية. 

كيف يحدد معدل فائدة القرض وما مدته؟


تنتج القروض الممنوحة للقطاع العام، بموجب المادة 93 من القانون، فوائد لمصلحة المصرف يحدد معدل الفائدة بالنسبة إلى أوضاع السوق. حيث لا يمكن أن يكون معدل الفائدة على تسهيلات الصندوق المشار إليها أعلاه في المادة 88، أقل من معدل الحسم المعمول به لدى المصرف مخفضاً واحداً. ولا يمكن أن يقلّ معدل الفائدة على القروض المعقودة مع الحكومة عن معدل الحسم المعمول به لدى المصرف مضافاً إليه واحد. ولا يمكن أن تمنح القروض المشار إليها لمدة أطول من عشر سنوات.
ما الشروط المذكورة في عقد الاستقراض؟
نصّ القانون بموجب المادتين 95 و96، على أن يجري تحديد معدل الفائدة ومدة القرض وشروطه الأخرى في عقد يوقّع بين المصرف والمستقرض. ويحال العقد على مجلس النواب مع كامل ملف دراسات وتقارير الإدارة والمصرف. كما يمكن للمصرف المركزي أن يفرض، في تحقيق القروض، إصدار المستقرض وتسليمه المصرف سندات مالية قابلة التداول وممكن بيعها من الجمهور.

هل القرض الأخير في 27 شباط 2023 قانوني؟


سبق أن قرر مجلس الوزراء في جلسته بتاريخ 27 شباط 2023، الموافقة على عقد استقراض بقيمة 50 مليون دولار من مصرف لبنان، لزوم دفع مستحقات القروض المتوجبة للهيئات والمؤسسات والمنظمات الدولية، وعلى تفويض وزير المالية التوقيع على العقد.
وقد حُدّدت الفائدة السنوية بمعدل 4% عن جميع المبالغ المسحوبة من القرض وغير المسدّدة، وتسري الفائدة لكل مبلغ اعتباراً من تاريخ سحبه. والتزمت الحكومة بموجب المادة الخامسة من عقد القرض بردّ قيمة القرض والفوائد من إيرادات المقترض بالعملات الأجنبية في حسابات مصرف لبنان في الخارج، ومن أي دفعات قد تتلقاها الحكومة من الجهات المانحة أو من خلال شراء العملات الأجنبية من الجمهور وفقاً للمادة 75 من قانون النقد والتسليف. ويُحتسب القسط بشكل سنوي وعلى ثلاث سنوات كحد أقصى، وفي هذا الخصوص يتعهّد المقترض بأن يتم الإيفاء بمعزل عن مسؤولياته المتعلقة بقرار التوقف عن الدفع أو متوجبات الدفع المتعلقة باتفاقيات القروض السابقة أو المقبلة أو بأي عملية إعادة تقييم لمتوجبات الحكومة ضمن خطة التعافي.
إذا كان هذا الاقتراض قد تم بصورة قانونية فما الفارق، وإن كان لا يجوز الاقتراض إلا بتعديل قانوني فكيف تمّت الموافقة عليه سابقاً؟ 

صادق علوية

المصدر: ملحق القوس بصحيفة الأخبار