مدير النشاط الثقافي في المركز الثقافي الروسي القاهرة لـ”الوطنية”: موسكو تبني علاقة شراكة مستدامة مع القارة الأفريقية بعيداً عن التبعية

Spread the love
image_pdfimage_print

خاص “الوطنية”

بعد أن كان الاتحاد السوفياتي الداعم الأبرز لحركات التحرر في القارة الأفريقية، ابتعد وريثها الاتحاد الروسي عن أفريقيا لعقود، وأهمل السوق الأفريقية بكل ما تحمله من فرص واعدة للاستثمار.

يقول الأستاذ شريف جاد، رئيس الاتحاد العربي لخريجي الجامعات السوفياتية والروسية، ومدير النشاط الثقافي في المركز الثقافي الروسي – القاهرة لموقع “الوطنية” أن “روسيا ابتعدت عن أفريقيا، ولم يكن هناك تعاون اقتصادي وتجاري وثقافي، لكنها أردكت أهمية العودة الى المنطقة الأفريقية. وها هي اليوم تنظم النسخة الثانية من المنتدى الروسي – الأفريقي. وما بين المنتدى الأول والثاني قامت روسيا بتنفيذ العديد من المشاريع الاقتصادية في أفريقيا”.

يضيف جاد “لقد أدركت موسكو مدى أهمية أفريقيا، وأنها تشكل سوقاً واعداً للاقتصاد الروسي، وبالتالي فهي لن تتراجع عن هذا المسار وستمضي به حتى النهاية، وهو أمر مهم جداً وسيعود بالفائدة على دول القارة السمراء”.

كرة النار عند أميركا والغرب

وعن إمكانية لعب مصر ودول القارة الأفريقية دوراً لحل الأزمة الأوكرانية، ولا سيما أنه جرت محاولات سابقة قام بها بعض القادة الأفارقة، يشير شريف جاد الى هناك “دول عربية والكثير من الدول الأفريقية التي تضررت من آثار الأزمة الأوكرانية. لذلك فإن القادة العرب والأفارقة يدركون تماماً أنه لا بد من المفاوضات السلمية من أجل وضع حد لهذه الحرب، فضررها وصل الى كل بيت عربي تقريباً، والغلاء والأزمة الاقتصادية في كل مكان بسببها”.

ويرى جاد أن الكرة ليست في المنطقة العربية ولا حتى الأفريقية بخصوص إنهاء الأزمة، كالرة هي في ملعب الغرب وأميركا بالذات، وكلا الطرفان لديهما مصالح في استمرار الحرب الى أمد بعيد”.

علاقات شراكة لا تبعية

يلفت جاد الى نقطة هامة ومحورية في الانفتاح الروسي على أفريقيا “روسيا تبني علاقات مع الدول العربية والأفريقية على قاعدة الشراكة وتبادل المصالح، في حين أن أميركا تبني علاقاتها على مبدأ التبعية، والتدخل في الشأن الداخلي والنيل من سيادة الدول، وهذا واقع ملموس نراه في العديد من الدول مع الأسف الشديد”.

أزمة الحبوب سببها العقوبات على موسكو

أما عن أزمة الحبوب العالمية فيشير جاد الى أن “الأزمة التي تطورت في الأيام الأخيرة مصدرها العقوبات الغربية على روسيا، فهي أعاقت حركة السفن الناقلة للحبوب من روسيا وأوكرانيا الى العالم. هذه المعوقات ليست ناتجة عن الحرب، بدليل أن روسيا زادت حصة مصر، بما يعني أن روسيا تلتزم في تنفيذ وعودها، لا بل على العكس تضاعف من الكميات، ولم تخذل الدول العربية والأفريقية”.

يضيف جاد “الأزمة موجودة في العقوبات التي فرضها الغرب على روسيا. على الرغم من الظروف الصعبة التي تمر بها الحرب على أوكرانيا، التزمت موسكو بوعودها، وقامت بتنفيذ البرنامج التجاري المتفق عليه، وبالتالي الجانب الروسي لم يقصر بالتزاماته. من دون إغفال أن الدور الأوكراني يشكل أحياناً ضغطاً على الدول، لأنه يعمل على إعاقة حركة التصدير بحجج وذرائع مختلفة فقط من أجل تحميل مسؤولية أزمة الغذاء العالمية الى روسيا”.

أوكرانيا تنفذ أجندة غربية أميركية

ويعتبر شريف جاد أن “أوكرانيا ربما تحاول كسب تعاطف الدول الأوروبية” من خلال ما جرى الحديث عنه من تصدير الحبوب الأوكرانية الى السوق الأوروبية وحرمان الدول الفقيرة منها رغم حاجة الأخيرة الماسة اليها. وبحسب جاد فالدول الأوروبية هي الجهة المانحة لأوكرانيا، وهي القادرة على مساعدتها بالسلاح والمال. أما الدول الفقيرة فلس لديها ما تقدمه لأوكرانيا بهذا الصدد”.

ويضيف جاد “أوكرانيا تبحث عن مصلحتها، لكن المشكلة أنها لم تعد دولة ذات سيادة، فهي تنفذ اليوم أجندة أميركية غربية واضحة. أي رئيس أوكراني يحب وطنه فعلاً لن يدخل في مسارات متوترة تؤدي الى حرب. ويذكر جاد بأن أوكرانيا تربطها بروسيا علاقات تاريخية ومصالح مشتركة، لذلك المفاوضات هي الحل لإنهاء الحرب، أما الإصرار على استمرارها فمعناها المضي بتنفيذ الأجندة الغربية”.

مستقبل واعد للعلاقات الروسية – المصرية

ويرى شريف جاد أن “العلاقات بين موسكو والقاهرة طيبة جداً، وهي تتطور باضطراد. اليوم تبني مصر مع روسيا مشروع عظيم اسمه “البعة” من أجل إنتاج الطاقة النووية السلمية، وذلك بهدف إنتاج طاقة أكبر بأربع مرات من السد العالي. هذا المشروع سيفتح آفاقاً جديدة لمصر وأبنائها، وسيكون نقلة نوعية، حيث ستصبح مصر مركزاً دولياً للطاقة في العالم. كما أن هذا المشروع سيحل مشاكل كثيرة للدولة على الصعيد الداخلي”.

كما يبين جاد أن مصر “تسعى لبناء منطقة صناعية شرق بور سعيد، وهذا سيعني الكثير للصناعة المصرية والأفريقية أيضاً، وبالتالي فإن آفاق العلاقات الروسية المصرية تبدو واعدة جداً”. ويختم جاد “أتوقع المزيد من التعامل التجاري والاقتصادي بين روسيا ومصر”.