أزمة تراخيص الطاقة النظيفة.. تقرير يرصد أبرز التحديات والحلول

Spread the love
image_pdfimage_print

تمثّل تراخيص الطاقة النظيفة حجر الزاوية لنمو القطاع الذي تتزايد الحاجة إليه في ظل الاهتمام العالمي بخفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري، وتحقيقًا لهدف الحياد الكربوني.

وفي هذا الصدد، يأتي تسريع إصدار تلك التراخيص الحاسمة بوصفه أحد التحديات الملحّة التي ما زالت تبحث عن حلّ، إذ لفت اهتمام مطوري المشروعات وصنّاع السياسات عالميًا مؤخرًا، لأنها تؤثّر سلبًا في تطوير مشروعات الطاقة الشمسية والرياح، وكذلك انتشار شبكات الكهرباء.

وفي هذا الصدد، أعدّ 4 باحثين تقريرًا نُشر عبر الموقع الرسمي للمنتدى الاقتصادي العالمي، لبحث تحديات تراخيص الطاقة النظيفة، وسبل حلّها، وفق المعلومات التي طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

والخبراء هم: كبيرة باحثي تحول الطاقة والطاقة المتجددة لمناطق أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، في منصة “أمازون ويب سرفيسز” لخدمات الحوسبة السحابية، كارول يان، ومديرة برنامج الطاقة النظيفة والكهربة بالمنتدى الاقتصادي العالمي، كريستين بانرالي، والزميلة الباحثة بالبرنامج، شويتا جادهاف، والمديرة العامة في شركة أكسنتشر العالمية للاستشارات، كارولين ناريتش.

جاءت توصيات التقرير بناءً على نتائج اجتماع لمجموعة عمل خبراء برنامج الطاقة النظيفة والكهربة بالمنتدى العالمي، حول تسريع إصدار تراخيص الطاقة النظيفة، المنعقد على مدار شهري أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي (2022)، بالإضافة إلى مجموعة عمل الخبراء حول إشراك المجتمعات في نشر الطاقة النظيفة، ومشاورات مع خبراء الصناعة وشركاء المنتدى.

تحديات تراخيص الطاقة النظيفة

تواجه مشروعات الطاقة النظيفة تباطؤًا لعدّة أسباب، أبرزها القيود التنظيمية والإدارية، وعدم كفاية سعة شبكات الكهرباء، وأمور تتعلق بالمنافسة على مواقع المشروعات، وتأثير ذلك في الغذاء والسكن والتنوع البيولوجي، إلى جانب معارضة السكان المحليين.

وعلى سبيل المثال، يحتاج الاتحاد الأوروبي لزيادة قدرات الطاقة النظيفة إلى 31 غيغاواط سنويًا في المتوسط حتى عام 2030، مقارنة بـ16 غيغاواط سنويًا حاليًا، وذلك من أجل تحقيق الحياد الكربوني في 2050.

وبحسب شركة “غلوبال داتا” للاستشارات وتحليل البيانات، مازالت 79% و74% و64% من إجمالي قدرات الرياح في الولايات المتحدة والصين والهند، على الترتيب، عالقة بانتظار التراخيص.

وفي الاتحاد الأوروبي، مازالت 81% من قدرات طاقة الرياح في طور الترخيص، كما يستغرق بدء عمليات البناء 5 إلى 10 سنوات، وفق المعلومات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

يستعرض الرسم البياني التالي-الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- استثمارات الطاقة المتجددة عالميًا:

تراخيص الطاقة النظيفة

دور محوري للرقمنة

ألقى التقرير الضوء على الدور المهم الذي تؤديه السياسات والتشريعات المحلية في تسريع إصدار تراخيص الطاقة النظيفة.

واستشهد -في هذا الصدد- بقانون المسؤولية المالية الأميركي الصادر في شهر يونيو/حزيران 2023، ويتضمن إصلاحات عديدة بشأن تيسير إصدار التراخيص.

كما أقرّ الاتحاد الأوروبي تدابير مماثلة ضمن برنامج “ريباور إي يو”، وتوجيهات الطاقة المتجددة.

ويؤكد التقرير أن تسريع إصدار تراخيص الطاقة النظيفة ليس كافيًا بمفرده، بل تجب رقمنتها أيضًا.

وعن ذلك، تقول نائبة الرئيس التنفيذي لهيئة صناعة طاقة الرياح في الاتحاد الأوروبي “ويند يوروب” (wind europe)، مالغوسيا بارتوشك: “إن توجيهات الطاقة المتجددة ستغيّر قواعد اللعبة؛ إذ تُلزم الدول الأعضاء برقمنة عمليات إصدار تراخيص الطاقة النظيفة في غضون عامين”.

وأضافت أن الأدوات الرقمية ستوفر الوقت والمال، كما ستجعل إصدار التراخيص أكثر كفاءة، وستحسّن القبول المجتمعي للمشروعات.

إحدى تلك الأدوات الرقمية تتمثل في النافذة الموحدة لمشروعات الطاقة النظيفة في الدنمارك، والتي تطورها وكالة الطاقة المحلية لإنشائها لتكون جهة تواصل، تستهدف جعل عملية تراخيص طاقة الرياح البحرية سلسة وشفافة ومركزية.

تنسّق النافذة بين الأجهزة الحكومية المعنية، ومنها وزارات البيئة والسلطات البحرية والدفاع والتراث الثقافي، لاستصدار تراخيص نيابة عن الشركة المُطورة للمشروعات، بغرض التسهيل عليها.

يأتي ذلك ضمن أهداف وضعتها الدنمارك لإنتاج 13 غيغاواط من طاقة الرياح البحرية، بحلول عام 2030.

مشروع يجمع بين الطاقة الشمسية وطاقة الرياح
مشروع يجمع بين الطاقة الشمسية وطاقة الرياح – الصورة من موقع Travelers Insurance

حل مقترح

تسعى مؤسسة “ويند يوروب” ومنصة “أمازون ويب سرفيزس” والمنتدى الاقتصادي العالمي وشركة “أكسنتشر” لإيجاد حلّ رقمي لإصدار تراخيص الطاقة النظيفة في أوروبا، من أجل أتمتة سير المشروعات وزيادة الدقة وتعزيز الشفافية، للسماح لمطوري المشروعات بإصدار التراخيص من السلطات الحكومية للاتحاد الأوروبي بطريقة أكثر كفاءة.

يعتمد الحل الجديد على إيجاد مخرج من 3 مشكلات رئيسة، وهي، إدارة المعلومات والتعاون والشفافية.

1- يمكن مواجهة تحدي إدارة المعلومات عبر إدارة نماذج التقديم والبحث بالكلمات المفتاحية والفحص الآلي للوثائق والإخطارات، من خلال قاعدة بيانات مركزية واحدة.

ومن المتوقع أن يقلل ذلك الوقت المهدَر في مراجعة طلبات تراخيص الطاقة النظيفة من 15-12 شهرًا حاليًا إلى شهرين فقط.

تُطَوَّر النافذة الموحّدة في الدنمارك، بوصفها حلًا تجريبيًا لاختبار قدرتها في تقليل الوقت، وفي حالة نجاحها سيكون ممكنًا تطبيقها على مستوى دول الاتحاد الأوروبي.

2- يمكن الاستفادة من الرقمنة وتسريع عملية إصدار تراخيص الطاقة النظيفة، في إشراك أصحاب المصالح، فالنزاعات على الأراضي ومعارضة السكان المحليين، تمثّلان أبرز المشكلات التي تُسبِّب تأخير إطلاق مشروعات الطاقة النظيفة وإقامة البنية الأساسية لشبكات الكهرباء، لأنها تبطئ إصدار مراجعات الآثار البيئية.

3- تؤدي مشاركة المعلومات الواضحة والمتكررة والاتصالات طويلة الأمد دورًا في تحسين التعاون مع السكان المحليين، عبر تبديد مخاوفهم ومنع سوء الفهم.

كما يمكن إجراء مشاورات لمنح أصحاب المصالح فرصة التعبير عن آرائهم لمطوري المشروعات والانخراط في عملية صنع القرار، بهدف تقليل التحديات القانونية التي قد تؤدي إلى إبطاء تراخيص الطاقة النظيفة.

أسماء السعداوي

المصدر: منصة الطاقة