ما آثار خفض إنتاج النفط اقتصاديًا وسياسيًا؟ وهل تتنافس السعودية وروسيا؟

Spread the love
image_pdfimage_print

قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن خفض إنتاج النفط له تأثيرات اقتصادية وسياسية عالمية، أولها أن الأسعار لم تتجاوب بشكل كبير من جهة الارتفاع.

وأضاف الحجي، في حلقة من برنامج “أنسيات الطاقة“، قدّمها بعنوان “تمديد السعودية لتخفيض الإنتاج: الانعكاسات الاقتصادية والسياسية” على موقع تويتر، أن هناك إشكالية كبيرة في موضوع التوقعات الاقتصادية وتوقعات الطلب على النفط منذ نهاية العام الماضي (2022).

وتابع: “كان هناك تفاؤل كبير بشأن انفتاح الصين، ولكن ثبت أن هذا التفاؤل ليس في محله، ومن ثم كانت الزيادة في الطلب أقل بكثير من المتوقع؛ لذلك لم يكن بالضرورة أن يؤدي خفض إنتاج النفط إلى رفع الأسعار”.

وأوضح أن من ينتقدون السعودية بشأن خفض إنتاج النفط، ويقولون إنها لم ترفع الأسعار؛ يقعون في مأزق منطقي، وهو أنه إذا كان هناك بالفعل انخفاض في نمو الطلب على النفط؛ فهذا يعني أن موقف المملكة الاستباقي صحيح، منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي؛ فهي قبل أي دولة في العالم عرفت أوضاع السوق.

خفض الإنتاج وثبات أسعار النفط

قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، إن إدراك أن موقف السعودية الاستباقي بخفض إنتاج النفط كان صحيحًا لا يدع مجالًا للمطالبة أو المعاتبة بأن أسعار النفط لم ترتفع على عكس الواقع.

وأضاف: “إذا كان هناك بالفعل انخفاض كبير في نمو الطلب على النفط مقارنة بالتوقعات؛ فهذا يؤكد السبق السعودي في معرفة وضع السوق من الناحية الاقتصادية، والأسعار مُتوقع أن ترتفع خلال الأشهر المقبلة، وكما ذكرنا في حلقة سابقة أن الصين ستستخدم المخزون الإستراتيجي الذي زاد بشكل كبير في الأشهر الأخيرة؛ ومن ثم فإن السعودية ستحدد أرضية الأسعار والصين ستحدد سقفها”.

إنتاج النفط السعودي

ومن ثم، وفق الحجي؛ فإن فكرة الوصول إلى 100 دولار للبرميل أو أكثر من ذلك غير منطقية خلال العام الجاري، بناء على الأوضاع الحالية بعد بناء المخزون في هذه الدول.

وبالنسبة إلى الأثر الاقتصادي؛ هناك إشكالية كبيرة، بدأ التركيز عليها بشكل كبير في الأوقات الأخيرة، وهي أن الصراع في ظاهره بين المضاربين والسعودية وأوبك، ولكنه في حقيقته بين البنك المركزي الأميركي (مجلس الاحتياطي الفيدرالي) وأوبك+، وبين البنك المركزي الأميركي والسعودية.

وأرجع الحجي ذلك إلى التخويف الدائم من زيادة البطالة، جراء محاولات تخفيض التضخم، التي ستؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي، ولكن في الوقت نفسه يؤدي الارتفاع الكبير في أسعار الفائدة إلى ارتفاع كبير في سعر الدولار.

وفي الوقت نفسه، بحسب الحجي، النفط يُسعَّر بالدولار، ومن ثم فإنه حتى مع انخفاض الأسعار، ما زالت بعض الدول تدفع الأسعار القديمة؛ لأن عملتها انخفضت بشكل كبير مقابل الدولار؛ ومن ثم فإن تصرفات البنك المركزي الأميركي هي المشكلة، وهي التي أدت إلى تصرفات المضاربين بناءً على أسعار الفائدة وسعر الدولار.

الآثار السياسية لخفض إنتاج النفط

قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن هناك أثرًا سياسيًا لخفض إنتاج النفط، وهذا الأثر يتفرّع إلى أمرين؛ الأول أن كل التصرفات حتى الآن أكّدت التلاحم بين مواقف السعودية والإمارات من جهة، وتلاحم السعودية وروسيا في السياسات النفطية من جهة أخرى.

توقعات انخفاض أسعار النفط

وأضاف: “هذا أمر مهم؛ لأن وسائل الإعلام المغرضة منذ العام الماضي 2022، تحاول أن تخبر العالم بأن هناك خلافًا بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وأن هناك تنافسًا كبيرًا بينهما على السوق في آسيا”.

وأوضح أن هذا الأمر يُسلّط الضوء على السؤال بشأن وجود تنافس بين السعودية وروسيا في الأسواق الآسيوية؛ إذ نشرت جريدة وول ستريت جورنال مقالًا مغرضًا، لا يليق حتى بالجريدة نفسها، قالت فيه إن هناك تنافسًا بين موسكو والرياض في الصين والهند.

وتابع: “السعودية لم تخسر صادراتها إلى الصين والهند، الصادرات نفسها التي كانت تصدرها للصين والهند سابقًا ما زالت تصدرها حتى الآن، ولكن ما حدث أنه بسبب الانفتاح في الصين زادت واردات الصين، وكانت هذه الزيادات من روسيا؛ ففي حالة حساب النسبة نجد نسبة الواردات من السعودية أقل، ولكن الكميات بقيت هي نفسها لم تتغير”.

وأشار إلى أن الحكومة الروسية غيّرت نظام الضرائب على النفط بربطه بسعر خام برنت؛ ومن ثم فإن الذي سيؤثر في الميزانية الحكومية هناك هو خام برنت؛ فإذا أرسلت السعودية السفن التي كانت في العين السخنة إلى الصين والهند لتنافس روسيا؛ فهذا لن يؤثر في خام برنت؛ لأنه خام أوروبي.

لذلك، وفق الحجي؛ فإن وجود السفن السعودية في العين السخنة على استعداد للذهاب إلى البحر المتوسط والأماكن الأخرى سيؤثر في خام برنت؛ ومن ثم يؤثر في الميزانية الروسية مباشرة.

مسار ناقلات النفط السعودية في مصر

وأردف: “لكن هناك أمرًا آخر، بالنظر إلى الخريطة، نجد أن كل ما يخرج من قناة السويس، يقابله في الطرف الآخر ما يخرج من المضايق التركية من حاملات نفط روسية قادمة من البحر الأسود تحمل خام الأورال، الذي يُسعّر في المنطقة حسب برنت؛ ومن ثم نجد موضوع الأثر والتهديد ليس في آسيا”.

أحمد بدر

المصدر: منصة الطاقة