ضمن مساعيها المستميتة لفرض هيمنتها على محافظة حضرموت؛ وبخاصة عقب النجاح والحضور والتأييد الذي ناله مجلس حضرموت الوطني.. تبدأ ميلشيا المجلس الانتقالي الجنوبي (الانفصالي) الثلاثاء في تنفيذ الخطة (ب) من تصعيدها في المحافظة الأكثر أمنا واستقرارا في اليمن. ويتمثل هذا التصعيد في وقفات احتجاجية وتسليم مطالب وإمهال السلطة المحلية خمسة أيام ما لم تتحمل تبعات كل ما يحدث في المديريات، وفق نص البيان الصادر عن اللجنة التنفيذية لمخرجات لقاء حضرموت الجامع (حرو). وهو التصعيد الذي يأتي بعد ثلاثة أيام من تصعيد شهدته المحافظة الجمعة، ممثلا في تظاهرات شملت ست ساحات.
مما سبق يتضح أن “الانتقالي” قرر أن يخوض معركته في حضرموت في أكثر من اتجاه؛ في دليل على مدى استشعاره للخطر المحدق به عقب إعلان مجلس حضرموت الوطني.. ففي الوقت الذي وضع خطة تظاهرات الجمعة؛ وضع خطة أخرى تالية لها في حال لم تحقق الأولى أهدافها، وفي ذات الوقت تمثل تكريسًا لنجاحها في حال نجحت.
على صعيد النجاح والفشل فعلى الرغم من جلب الانتقالي حشودا من خارج المحافظة فإن تظاهرات الجمعة لم تحقق أي نجاح على المستوى الاستراتيجي؛ فأعداد المتظاهرين كانت قليلة، ولم تشكل حضورًا فاعلًا وفق ما نقلته صور وسائل الاعلام، علاوة أن تأثيرها يكاد يكون منعدمًا في ظل تنامي موقف محلي ووطني هناك ينحاز للسلطة المحلية، ويلتف حول مكون مجلس حضرموت الوطني، الذي تم اشهاره في الرياض في العشرين من يونيو/حزيران الماضي كحامل سياسي لتطلعات المحافظة وايده عدد كبير من الأحزاب والمكونات وحظي بدعم الرياض ومجلس القيادة الرئاسي.
ولهذا استعدت مليشيات الانتقالي لوضع ما يمكن تسميته بـ(الخطة ب)، والتي سبق وأعلنت عنها الهبة الحضرمية الثانية ولجنة تنفيذ مخرجات لقاء حضرموت العام (حرو) الخميس الفائت، في بيان صادر عن اجتماع اللجنة بزعامة حسين الجابري؛ وهو زعيم الهبة الحضرمية الثانية الموالية للانتقالي.
مليشيا الانتقالي تبدأ المرحلة الثانية من التصعيد الثلاثاء، ويتصدر زمام التصعيد هذه المرة مكونات حضرمية محلية، وتحمل لافتات التصعيد الجديد عنوان (تردي الخدمات في الماء والكهرباء) و(مواجهة فساد السلطة المحلية)… وإقحام السلطة المحلية في بيان التصعيد بهذا الشكل يمثل موقفا جليًا وتحديا لم يظهر في التظاهرات التي أقيمت الجمعة، بينما ظهر كتحد واضح في بيان التصعيد الذي يبدأ الثلاثاء؛ وهو موقف ضد السلطة المحلية؛ باعتبارها انحازت لمكون مجلس حضرموت الوطني؛ وانطلاقا من هذا ذكر البيان المحافظ بالاسم.
مما لا شك فيه أن الانتقالي مصمم وباستماتة على فرض هيمنته على حضرموت، وتحديدا وادي حضرموت، مهما كان الثمن، وكأن المعركة بالنسبة باتت معركة مصير؛ وهي كذلك معركة مصير؛ لأن لا قيمة لمشروعه بدون حضرموت، المحافظة الأكبر مساحة والأغنى نفطًا في جنوب اليمن، وعلى مستوى اليمن ككل، علاوة أن تأسيس مكون مجلس حضرموت الوطني كان بمثابة انقلاب على مشروع الانتقالي (الانفصالي) في المحافظة؛ إذ بات للمحافظة مكونها السياسي؛ وهو ما سيكون ممثلا لها في أي تفاوض سياسي يمني مستقبلي؛ وبالتالي تنتفي الحاجة للمجلس الانتقالي هناك، وبالتالي بات مصير مشروع المجلس الانتقالي المدعوم اماراتيا محكومًا بالفشل؛ ولهذا يشحذ كل أسلحته للاستحواذ على حضرموت، وتحديدا وادي حضرموت كما سبقت الاشارة؛ كون الساحل صار في قبضة قوات النخبة الحضرمية الموالية للإمارات، كما أن معظم حقول النفط متوفرة في الوادي، علاوة أن القوات الحكومية المتبقية في حضرموت، وتحمل عقيدة قتالية وطنية يمنية خالصة، هي تلك الموجودة في وادي حضرموت ومحافظة المهرة، ممثلة في قوات المنطقة العسكرية الأولى، والتي تمثل تهديدا لوجود الانتقالي؛ ولهذا يتوعد الأخير، في كل مناسبة، بإخراج هذه القوات بأي شكل.
برنامج تصعيد الخطة (ب)
ووفقًا لبيان اجتماع لجنة تنفيذ مخرجات لقاء حضرموت العام (حرو) فإن التصعيد سيبدأ الثلاثاء بتنفيذ وقفات احتجاجية في جميع مديريات المحافظة، وتسليم مديري المديريات قائمة بالمطالب العامة لأبناء المديرية، وإمهال السلطة المحلية في المديرية خمسة أيام من تاريخ الوقفة للرد على مذكرة المطالب.
وطبقا لنص البيان «في حال عدم الرد أو انتهاء المهلة المحددة فإننا سنتخذ عدة إجراءات للتصعيد الميداني، وتتحمل السلطة المحلية تبعات ما يحدث بالمديريات».
وأكدت اللجنة التنفيذية لمخرجات لقاء حضرموت العام (حرو) أنها غير معنية «بالمكون الجديد المسمى مجلس حضرموت الوطني، الذي يمثل شقا للنسيج الحضرمي ومصدر فتنة ونحمل المحافظ بن ماضي مسؤولية ذلك» حد نص البيان الذي طالب «بفوارق سعر الديزل المدعوم والبالغة (101687350000) ريال وتوزيعها على المديريات بنسب حصتها» في اتهام ضمني للسلطة المحلية بالفساد، ويأتي في سياق تصعيد يستهدف كل مَن لهم علاقة بمجلس حضرموت الوطني ضمن معركة متعددة الاتجاهات تخوضها مليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي (الانفصالي)، وكأنها لم تستفق بعد من صدمة تأسيس مجلس حضرموت الوطني الذي لم يكن تأسيسه في حسبان هذه المليشيات.
أحمد الأغبري
المصدر: صحيفة القدس العربي