هل تخمد «لجنة المنفي» الخلافات على عوائد النفط الليبي؟

Spread the love
image_pdfimage_print

طرح القرار الذي أصدره محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي الليبي، بتشكيل «لجنة مالية عليا» لتحديد أوجه الإنفاق العام والتوزيع العادل للموارد بالبلاد، مجموعة من التساؤلات حول مدى نجاحها في إنهاء الخلافات، والتهديد بوقف ضخ النفط، من قبل حكومة «الاستقرار» المدعومة مجلس النواب.

وكان المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، هدَّد مجدداً باتخاذ خطوات تصعيدية، ولوَّح بالتدخل العسكري، في حال لم يتم التوصل إلى حل بشأن توزيع إيرادات النفط «بشكل عادل».

ورفض المحلل والكاتب الليبي، عبد الله الكبير، ما يردده البعض بأن تشكيل المجلس الرئاسي، لـ«اللجنة المالية العليا» ليس إلا محاولة لتهدئة الأوضاع، بعد تهديد حفتر، بالتصعيد العسكري. وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن اللجنة جاءت نتيجة مشاورات مع البعثة الأممية، والمبعوث الأميركي الخاص لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند؛ وسبق وتم إبلاغ أطراف ليبية عديدة وممثلين لحفتر ولرئيس مجلس النواب عقيلة صالح، بشأن مهامها.

ورأى الكبير، أن حفتر، «استغل عدم الإعلان عن هذه اللجنة من قبل، وأشار إليها في خطابه الأخير على أنها مطلب له، لتبدو – متى جاء الإعلان عنها – وكأنها استجابة له ولتفادي تهديداته».

المشير خليفة حفتر (رويترز)

واعتبر الكبير أن ما يقدم من اعتراضات على الإنفاق، عبارة عن «نفس الحجج التي قدموها من قبل لتبرير إغلاق النفط، وهي عدم التوزيع العادل للإيرادات بين الأقاليم الليبية». وذهب إلى أن إقالة الرئيس السابق لـ«المؤسسة الوطنية للنفط»، مصطفى صنع الله في يوليو (تموز) الماضي، وتعيي الرئيس الحالي فرحات بن قدارة بدلا منه، جاءت في إطار «تفاهم غير معلن بين سلطات الشرق العسكرية وعبد الحميد الدبيبة (رئيس حكومة الوحدة المؤقتة)؛ منهية بذلك شهوراً من إغلاق إنتاج النفط».

ويأمل قطاع واسع من الليبيين، أن تنجح اللجنة المالية، التي شكلها المجلس الرئاسي في إخماد نار الصراعات والخلافات الدائرة في البلاد من سنوات بشأن عائدات النفط، والتي أدت إلى إغلاق الحقول والموانئ من قبل.

المنفي والدبيبة يتوسطان الكبير وعدد من المسؤولين الليبيين (المصرف المركزي)

وعدَّ عضو مجلس النواب، علي التكبالي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» التصعيد حول تعطيل إنتاج النفط، دليلاً «على فشل كل ما كان يتردد في كواليس المشهد السياسي حول وجود صفقة لتقاسم السلطة بين الدبيبة وحفتر، يتم بمقتضاها ترميم حكومة الأول ومنح الثاني عدداً من المقاعد السيادية بها».

وكان قائد «الجيش الوطني»، المشير خليفة حفتر، لوَّح بالتصعيد العسكري في حال التأخر في الاستجابة لمطلب تشكيل لجنة للترتيبات المالية لإدارة المال العام، وذلك خلال مهلة حددها حتى نهاية أغسطس (آب) المقبل.

ووصف عضو «ملتقى الحوار السياسي» الليبي، أحمد الشركسي، تهديدات قيادات الشرق بـ«الضرورية» لاستنفادهم كافة الأدوات السياسية المتعارف عليها لتغيير حكومة الدبيبة. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الهدف الرئيسي ليس إغلاق وإنما تجميد إيراداته»، لافتاً إلى أن المهددين بالإغلاق «يستهدفون كبح جماح الدبيبة في الإنفاق بلا رقابة وتخصيص نسبة غير هينة من الإيرادات النفطية لشراء ولاءات قيادات تشكيلات مسلحة تضمن استمرار سيطرته على العاصمة».

مؤسسة النفط الليبية (رويترز)

ولفت إلى تقديم حكومة الدبيبة 50 مليون دولار لتركيا في أعقاب الزلزال الذي ضربها في فبراير (شباط) الماضي من دون موافقة من البرلمان، وهو ما عدَّه «شراء للولاء بالخارج»، بالإضافة لتمويل مشاريع «تعزز من شعبيته».

وبالرغم من تفهمه من أن «سيطرة الدبيبة بمفرده على موارد الدولة تشكل مصدر إزعاج لقيادات الشرق» لم يستثن الشركسي الأخيرة «من ممارسة قدر من المسؤولية بالإنفاق غير المبرر للأموال، لكنه «لا يقارن بإنفاق الدبيبة» وفق قوله.

ورأى الشركسي «ضرورة انتباه الجميع إلى أن السيطرة على إيرادات النفط طالما كانت أحد المسببات الرئيسية للصراع بالبلاد، مما يتطلب سرعة معالجة الأمر».

أحد حقول النفط الليبية (سبوتنك)

وكانت محكمة استئناف بنغازي رفضت طعناً من المؤسسة الوطنية للنفط على قرار الحكومة المكلفة من مجلس النواب، برئاسة أسامة حماد، بالحجز على إيراداته.

وفي أعقاب ذلك أعلن حمَّاد، أن حكومته بصدد تعيين حارس قضائي على الأموال المحجوز عليها لتتمكن من حماية المال العام «من النهب الممنهج»، مهدداً بأنه حال استدعى الأمر سترفع الحكومة الراية الحمراء وتمنع تدفق النفط والغاز ووقف تصديرهم باللجوء للقضاء».

لكن القرار الذي أصدره المنفي، بتشكيل اللجنة المالية العليا تضمن مجموعة من الضوابط من بينها «تحييد المال العام عن الصراع السياسي وخلق بيئة مالية ملائمة لإجراء الانتخابات»، بالإضافة إلى «ضمان مبدأ التوزيع العادل للموارد السيادية للدولة خلال المرحلة السياسية الانتقالية».

جاكلين زاهر

المصدر: صحيفة الشرق الأوسط