هل تستطيع أميركا التخلي عن الوقود الأحفوري؟.. الأرقام تجيب
ما زالت الولايات المتحدة تعتمد على الوقود الأحفوري بصورة كبيرة للغاية في توفير احتياجاتها من الكهرباء والطاقة، رغم الهجوم الشرس الذي يتعرّض له النفط والغاز والفحم في أميركا والعالم.
واحتفلت الولايات المتحدة الثلاثاء (4 يوليو/تموز 2023) بذكرى الاستقلال عن بريطانيا العظمى في 4 يوليو/تموز عام 1776، لكن استقلالها عن النفط والغاز ما زال بعيدًا جدًا رغم سيل الانتقادات الإعلامية المتكررة التي توحي بأن أميركا على وشك الخلاص من مصادر الوقود الملوثة.
وأظهرت بيانات حديثة استحواذ الوقود الأحفوري -النفط والغاز والفحم- على 79% من إجمالي استهلاك الطاقة في الولايات المتحدة عام 2022، وفقًا لتقرير صادر عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية.
وكشفت البيانات عن أن مصادر الوقود غير الأحفوري -مصادر الطاقة المتجددة والطاقة النووية- لم تستحوذ سوى على 21% من إجمالي استهلاك الطاقة في الولايات المتحدة عام 2022.
ورغم أن هذه النسبة هي الأعلى منذ مطلع الـ20، فإنها ما زالت تشير إلى أن حلم الاستقلال الأميركي عن الوقود الأحفوري ما زال بعيدًا جدًا، وربما يستغرق وقتًا أطول بكثير من الخطط الطموحة المتوالية في عهد الرئيس الأميركي جو بايدن.
بايدن يتراجع بعد محاولات للتضييق
حاول جو بايدن إيقاف تأجير الأراضي لمشروعات الوقود الأحفوري الجديدة (النفط والغاز)، بعد توليه الرئاسة بمدة وجيزة، لكنه تعرّض لانتقادات واسعة من قِبل جزء لا يُستهان به من النخبة الحاكمة في البلاد (الحزب الجمهوري)، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
كما تعرّض لانتقادات أشد من قبل حكام الولايات المنتجة للنفط والغاز، ما اضطره إلى التراجع للخلف قليلًا، ولكن دون التخلي عن نهج التقييد وتشديد الخناق بصورة أو بأخرى، إلى أن قرر السحب من مخزون النفط الإستراتيجي الأميركي بعد الحرب الأوكرانية، فانكسرت شوكة الانتقادات الموجهة إلى النفط والوقود الأحفوري وهدأت إلى حين.
كما ذهب بايدن إلى مغازلة أنصار البيئة والمناخ بإقرار أكبر حزمة إعفاءات ضريبية من أموال دافعي الضرائب لصالح المستثمرين في الطاقة المتجددة عبر قانون خفض التضخم (أغسطس/آب 2022).
ويتضمن القانون حزمة تيسيرات ائتمانية وتخفيضات ضريبية تصل إلى 370 مليار دولار لصالح المبادرين إلى نشر الطاقة المتجددة في الولايات المتحدة حتى عام 2030، على أمل التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري وتعويض النقص في التوليد من خلال الطاقة المتجددة.
ورغم الطموحات المنفردة للرئيس الأميركي جو بايدن والحزب الديمقراطي في التخلص من الوقود الأحفوري، فإن الحزب الجمهوري لا يشاطرهما هذا الرأي ولا يؤيدهما في خطط المناخ إلا مضطرًا، وفقًا لما ترصده وحدة أبحاث الطاقة بصورة دورية.
الوقود الأحفوري يستحوذ على 79%
تظهر البيانات الحديثة الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية، أن الوقود الأحفوري ما زال يهيمن على 79% من إجمالي استهلاك الطاقة في البلاد مقابل 21% لمصادر الطاقة غير الأحفورية شاملة الطاقة النووية رغم الاختلاف حول تصنيفها.
وارتفع إجمالي استهلاك الطاقة في الولايات المتحدة إلى 100.4 كوادريليون وحدة حرارية بريطانية، بزيادة 3% عن حجم الاستهلاك في عام 2022.
وزاد استهلاك الطاقة المتجددة في الولايات المتحدة بنسبة طفيفة من 12.1 كوادريليون وحدة حرارية بريطانية عام 2021، إلى مستوى قياسي بلغ 13.2 كوادريليون عام 2022.
وأسهم التوسع في مشروعات توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، لا سيما من طاقة الرياح والطاقة الشمسية في زيادة استهلاك الطاقة المتجددة إلى حد كبير خلال عام 2022.
واستحوذت طاقة الرياح على النصيب الأكبر في مصادر الطاقة المتجددة عام 2022، متجاوزة الطاقة الكهرومائية، ثاني أكبر مصدر متجدد للكهرباء في عام 2019.
وبلغ إجمالي استهلاك الطاقة النووية في العام الماضي قرابة 0.8 كوادريليون وحدة حرارية بريطانية، بانخفاض طفيف عن 8.1 كوادريليون عام 2021.
وأسهم إغلاق محطة باليسيدز النووية خلال مايو/أيار 2022 في هذا الانخفاض، فقد أغلقت قبل انتهاء ترخيص التشغيل الخاص بها بنحو 9 سنوات.
النفط الأكثر استهلاكًا منذ تخطي الفحم عام 1950
ما يزال النفط هو مصدر الطاقة الأكثر استهلاكًا في الولايات المتحدة منذ أن تجاوز الفحم عام 1950، وإن كان استهلاكه في عام 2022 أقل من ذروة استهلاكه عام 2005.
وبلغ إجمالي استهلاك النفط في العام الماضي قرابة 35.8 كوادريليون وحدة حرارية بريطانية، أغلبها تركز في قطاع النقل -أكبر مستهلك للنفط في الولايات المتحدة والعالم-، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ورغم زيادة حصة السيارات الكهربائية على الطرق- عامًا بعد عام- فإن النفط ومشتقاته ما زالا مصدر الوقود المهيمن على تشغيل السيارات والشاحنات والطائرات.
أما بالنسبة إلى الغاز الطبيعي، فقد ارتفع إجمالي استهلاكه في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى على الإطلاق عام 2022، ليسجل 33.4 كوادريليون وحدة حرارية بريطانية، وفقًا لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية.
ويرجع السبب الرئيس في زيادة استهلاك الغاز الطبيعي إلى ارتفاع الطلب على استعماله في قطاع الطاقة الكهربائية، الذي ارتفع استهلاكه السنوي من الغاز أكثر من أي قطاع آخر على مدار السنوات الـ5 الماضية.
أما الفحم -أكثر أنواع الوقود الأحفوري تعرضًا للانتقادات البيئية- فقد انخفض استهلاكه في الولايات المتحدة إلى 9.8 كوادريليون وحدة حرارية بريطانية عام 2022، وهو ثاني أدنى مستوى له على مدار 60 عامًا.
وانخفض استهلاك الفحم عامة في الولايات المتحدة بأكثر من النصف، منذ أن بلغ ذروته في الاستهلاك المحلي عام 2005، بسبب العزوف عن استعماله في توليد الكهرباء بصورة كبيرة.
المصدر: منصة الطاقة