اكتشاف أكبر مخزون لصخور الفوسفات في العالم .. كيف يُفيد أوروبا؟

Spread the love
image_pdfimage_print

أعلنت النرويج اكتشاف أكبر مخزون لصخور الفوسفات في العالم، وهو ما يضعها على قمة البلدان التي تضم احتياطيات ضخمة من هذا المعدن المهم حول العالم.

وتلبي هذه الاكتشافات الجديدة الطلب العالمي على الأسمدة ومكونات الألواح الشمسية وبطاريات السيارات الكهربائية خلال الأعوام الـ100 المقبلة، وفقًا لما نشره موقع يوراكتيف (EURACTIVE).

وتسعى الشركة، صاحبة اكتشاف أكبر مخزون لصخور الفوسفات في العالم، إلى الإسراع في الحصول على التراخيص اللازمة للبدء في الإنتاج بعد انتهاء مرحلة الاستكشاف التي أُعلنت لأول مرة في عام 2018، بحسب المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

احتياطيات تضاهي المخزون العالمي

يُقدر أكبر مخزون لصخور الفوسفات في العالم -الذي أعلنته النرويج على أراضيها- بـ70 مليار طن على الأقل، بنسبة أصغر قليلًا من الاحتياطيات العالمية المؤكدة، التي تبلغ 71 مليار طن، حسب تقييم هيئة المسح الجيولوجي الأميركية في عام 2021.

وتوصلت شركة “نورج مايننغ” إلى الكشف عن أكبر مخزون لصخور الفوسفات في العالم لأول مرة في عام 2018 بناءً على المعلومات التي قدّمتها هيئة المسح الجيولوجي النرويجية.

وفي بداية الأمر، اكتشفت الشركة أن صخور الفوسفات الموجودة في باطن الأرض تمتد إلى أعماق 300 متر، لكن في الواقع -كما تبيّن بعد ذلك- أن هذه الاحتياطيات تمتد إلى عمق 4500 متر.

ويبدو أنه من المستحيل حاليًا الحفر على أعماق 4500 متر؛ لذا قام الجيولوجيون العاملون في المشروع بتقييم ثلث حجم أكبر مخزون لصخور الفوسفات في العالم على مسافة 1500 متر تحت سطح الأرض.

قال مؤسس شركة نورج مايننغ، مايكل ورمسر: “عندما اكتشفنا ذلك، قمنا ببرنامجين للحفر في منطقتين، وفي هاتين المنطقتين، عند مسافة 400 متر تحت الأرض، أنشأنا مصدرين لإمدادات صخور الفوسفات؛ ما يسمح لكل منطقة بإمدادات المادة الخام لمدة 50 عامًا على الأقل.

وأكد أن احتياطيات أكبر مخزون لصخور الفوسفات في العالم لا تقل عن 70 مليار طن.

وإلى جانب صخور الفوسفات تزخر النرويج أيضًا بمعادن الفاناديوم والتيتانيوم، والتي صُنِّفَت أيضًا من قِبل الاتحاد الأوروبي على أنها مواد خام أساسية وتستخدم في صناعات الطيران والدفاع.

متى يبدأ الإنتاج؟

تتطلع شركة نورج مايننغ إلى البدء في عملية الإنتاج التعديني من أكبر مخزون لصخور الفوسفات في العالم، بعد أن انتهت مرحلة الاستكشاف رسميًا.

وقبل بدء الإنتاج من المشروع، يتعين الحصول على تراخيص عملية التعدين، وفي هذا الإطار تؤكّد الشركة أن المتطلبات الأساسية للحصول على تراخيص التعدين مستوفاة، بما في ذلك دراسات الجدوى الاقتصادية.

وأشار مؤسس شركة نورج مايننغ، مايكل ورمسر، إلى أن المشروع يحظى بدعم كبير من الحكومة النرويجية؛ إذ أعلنت في ديسمبر/كانون الأول 2022، أن جميع مشروعات المواد الخام المُهمة في النرويج ستحصل على موافقة سريعة.

وتمثل عملية الحصول على التراخيص اللازمة للمشروع أهمية كبرى، إذ تُحدث فارقًا كبيرًا في قطاع التعدين، ويستغرق الأمر عادةً بين 10 و15 عامًا بين الاستكشاف وأول استخراج تجاري للخامات.

وفي هذا الصدد، قال ورمسر إن الحصول على الموافقات أهم بكثير من توفير التمويل للمشروع، مضيفًا: “إذا كانت لديك الأموال ولم تحصل على الموافقة؛ فلن يساعدك ذلك، ولكن إذا حصلت على الموافقات اللازمة للقيام بالتعدين، فيمكنك بسهولة زيادة رأس المال”.

ويبدو أن شركة نورج مايننغ قد بدأت بالفعل في أن تحظى بتواصل مع الشركات في أوروبا والولايات المتحدة واليابان؛ بما في ذلك “شركتان مهمتان من مصنّعي الطائرات” المهتمة بإمدادات التيتانيوم.

أهمية صخور الفوسفات

يُعَد صخر الفوسفات عنصرًا أساسيًا يُستعمل في إنتاج الفوسفور لصناعة الأسمدة، وقد تم تضمينه في اقتراح المفوضية الأوروبية لشهر مارس/آذار بشأن قانون المواد الخام الحرجة، وهو ما يعطي أهمية كبرى لمشروع أكبر مخزون لصخور الفوسفات في العالم بالنرويج.

ويُستعمل نحو 90% من صخور الفوسفات المستخرجة في العالم في الزراعة لإنتاج الفوسفور لصناعة الأسمدة، كما يدخل الفوسفور في إنتاج الألواح الشمسية وبطاريات الليثيوم والحديد والفوسفات للسيارات الكهربائية، فضلًا عن صناعة الرقائق.

تجدر الإشارة إلى أن كميات الفوسفور اللازمة لإنتاج البطاريات هي كميات قليلة خلال الوقت الحالي، ومن المتوقع أن تمثل نحو 5% فقط من الطلب العالمي بحلول عام 2050، وفقًا لمقال نُشر العام الماضي (2022) في المجلة العلمية نيتشر.

وصنّفت المفوضية الأوروبية هذه المنتجات بوصفها “ذات أهمية إستراتيجية”؛ لما لها من أهمية كبرى في تصنيع التقنيات الرئيسة للانتقال الأخضر.

قال ورمسر: “هذا هو السبب وراء اعتقادنا أن الفوسفور الذي يمكننا إنتاجه سيكون مهمًا للغرب؛ فهو يوفر الاستقلال الذاتي”، مؤكدًا الأهمية القصوى لاكتشاف أكبر مخزون لصخور الفوسفات في العالم.

الفوسفات حول العالم

يمتلك المغرب أكبر احتياطيات لصخور الفوسفات حول العالم بواقع 50 مليار طن، تليه الصين بمخزون يُقدر بـ3.2 مليار طن، ومصر باحتياطيات 2.8 مليار طن، والجزائر بواقع 2.2 مليار طن.

أحد مواقع استخراج الفوسفات من صحراء المغرب
أحد مواقع استخراج الفوسفات من صحراء المغرب – الصورة من ذي أتلانتك

قال مؤسس شركة نوج مايننغ، مايكل ورمسر: “الآن، عندما تجد اكتشافًا بهذا الحجم في أوروبا -أكبر من جميع المصادر الأخرى التي نعرفها- فهو أمر مهم”.

ويبدو أن البلدان المنتجة الرئيسة لخام الفوسفات -مثل الصين والولايات المتحدة- قد تسعى إلى حماية إمداداتها المحلية من خلال تقييد عملية التصدير، كما حدث في عام 2008 من فرض رسوم على الصادرات الصينية، وفقًا للمقالة التي نشرتها مجلة نيتشر.

وتجدر الإشارة إلى أن الاحتياطيات المعروفة لصخور الفوسفات عالية الجودة تُستنفذ ببطء ويحتفظ بها 4 أو 5 من كبار الموردين خارج أوروبا، وفقًا لتحالف المواد الخام الحرجة.

ومن المرجّح أن تتسم الاضطرابات المستقبلية في الإمدادات بأنها ذات طبيعة جيوسياسية واقتصادية، قبل وقت طويل من استنفاد الاحتياطيات العالمية.

وأحد الأسباب المهمة وراء عدم إنتاج مادة الفوسفات الخام في أوروبا هو أن تكريره يعد عملية كثيفة الكربون؛ لذا تتركز صناعات التكرير في الصين وفيتنام وكازاخستان.

وفي هذا الإطار قال ورمسر: “ستكون النرويج قادرة على مراقبة المعايير البيئية بحيث تكون أكثر صرامة عند التنقيب عن تلك المعادن وتنقيتها مقارنة بالمنافسين في آسيا من خلال تطبيق تكنولوجيا احتجاز الكربون وتخزينه، بعد اكتشافها أكبر مخزون لصخور الفوسفات في العالم”.

أحمد أيوب

المصدر: منصة الطاقة