كاتب أمريكي يستعرض مؤشرات انهيار اتفاقيات التطبيع مع الاحتلال

Spread the love
image_pdfimage_print

نشر موقع “موندويس” الأمريكي مقال رأي للكاتب ميتشيل بليتنيك استعرض فيه مؤشرات بداية انهيار الاتفاقيات الإبراهيمية (التطبيع)، لا سيما بعد إلغاء المغرب اجتماعًا رئيسيًا للتطبيع بعد إعلان الاحتلال الإسرائيلي توسيع مستوطناته.

وقال الكاتب، في تقريره الذي ترجمته “عربي21″، إن الاتفاقيات الإبراهيمية بين دولة الفصل العنصري وبعض الديكتاتوريات الأكثر استبدادًا في العالم كانت قائمة في البداية على مخاوف أمنية مشتركة وبالتحديد التهديد الإيراني، لكن فيما بعد اكتست هذه الاتفاقية صبغةً اقتصادية.

بالنسبة لكل من الولايات المتحدة وإسرائيل، مثّلت هذه الاتفاقات وسيلة لدفع مصالحهما في الشرق الأوسط دون الاكتراث لحقوق الشعب الفلسطيني. وقد تبيّن أن هذا أيضًا أصعب بكثير مما توقعه دونالد ترامب وجو بايدن – اللذان كانا ولا يزالان متحمسين للاتفاقات ولانتهاك الحقوق الفلسطينية.

وذكر الكاتب أن المغرب أعلن إلغاء منتدى النقب – ساحة المفاوضات الرئيسية للولايات المتحدة وإسرائيل والدول العربية التي قامت بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، باستثناء الأردن – ردًا على إعلان إسرائيل توسيع مشاريعها الاستيطانية. وفي الواقع، هذه المرة الثانية التي يقع فيها تأجيل الاجتماع ردًا على الاستفزازات الإسرائيلية، في خطوة تمثل أحدث نكسة في الاتفاقيات الإبراهيمية في الوقت الذي تواصل فيه الولايات المتحدة إنعاشها.

يعمل بايدن مع أعضاء الكونغرس من كلا الحزبين لمحاولة إحياء هذا الاتفاق المتداعي. كان توسيع الاتفاقات لتشمل المملكة العربية السعودية نجاحًا يخدم مصالح بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. ولكن قيمة مثل هذه الصفقة، في حد ذاتها، بالنسبة للسعودية أقل بكثير مما هي عليه بالنسبة لإسرائيل والولايات المتحدة، لذلك وضعت المملكة سعرًا باهظا لتأييدها.

في هذا الإطار، اقترح بايدن ووافق مجلس النواب على تعيين مبعوث بمستوى سفير كممثل خاص للاتفاقات الإبراهيمية ووقع الاختيار على السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل دان شابيرو. إن الدفع المتجدد لتوسيع الاتفاقيات، والجهود التي من المرجح أن يبذلها شابيرو، يمكن أن تساعد الولايات المتحدة في إيجاد طريقة لتأمين اتفاق مع السعودية أو توسيع الاتفاقات لتشمل المزيد من البلدان الأفريقية. قد يكون ذلك مهما بالنسبة للمصالح العسكرية أو الاقتصادية لإسرائيل، لكنه من وجهة نظر الولايات المتحدة وسيلة لاحتواء النفوذ المتزايد لكل من الصين وروسيا في أفريقيا.

أورد الكاتب أن الكونغرس تحرّك هذا الأسبوع لتعزيز اتفاقيات التطبيع من خلال تقديم مشروع قانون يقضي بإنشاء مكاتب لإدارة الغذاء والدواء الأمريكية في البلدان التي انضمت إلى الاتفاقات. وتهدف هذه الخطوة إلى مواجهة الصين، مما قد يقلل من اعتماد الولايات المتحدة عليها كمركز توريد رئيسي للمواد الصيدلانية.

أبرمت الإمارات وإسرائيل اتفاقيتين الأسبوع الماضي للتعاون في قطاع التكنولوجيا والصحة، حيث بلغ حجم التجارة الثنائية بين البلدين قرابة مليار دولار سنة 2023. وقد سجلت إسرائيل سنة 2022 رقما قياسيا في صادرات الأسلحة، وهي قفزة تُعزى جزئيا إلى مبيعات الإمارات والبحرين والمغرب.

وبينما يحاول البعض رسم صورة وردية للاتفاقات بناءً على تلك التطورات بعد مرور ما يقارب ثلاث سنوات، لم تزدهر الاتفاقية بالطريقة التي كان يأملها مهندسوها ومروجوها في كل من واشنطن وتل أبيب. كانت الصفقة تهدف إلى تشكيل تحالف إقليمي يجمع إسرائيل مع دول الخليج العربية لمواجهة إيران.

وذكر الكاتب أن هناك خلافا منذ فترة طويلة بين كل من دول الخليج العربية وإيران إلا أن حدته اختلفت بمرور الوقت واختلاف الدول. فعلى سبيل المثال، تربط بعض البلدان، مثل قطر وعمان، علاقات جيدة مع إيران. لكن البعض الآخر، مثل المملكة العربية السعودية والبحرين، كان بينها خلافات حادة وهي لا تزال تبحث عن طرق للتعايش.

اختارت كل من الولايات المتحدة وإسرائيل مسار المواجهة المباشرة مع إيران، لأنها لا ترى سببًا وجيهًا يدفعها لإيجاد طريقة دبلوماسية لحل خلافاتهما مع الجمهورية الإسلامية. وقد شكلت المواجهة العسكرية وتغيير النظام المسار المفضل لإسرائيل، مقابل تفضيل القطاعات الرئيسية بالنسبة لكل من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة.

وأشار الكاتب إلى أنه بالنسبة للدول العربية المجاورة لإيران، كانت الحرب دائمًا سيناريو كارثيا سيكون له تداعيات إقليمية هائلة. وفي ظل الاتفاق بين السعودية وإيران بوساطة العراق والصين، من المحتمل أن الوضع سيتخذ منعطفا إيجابيا. وعلى النقيض من ذلك، تواصل الولايات المتحدة وإسرائيل فرض عقوبات  تجارية على إيران.

من جهتها، أعربت تل أبيب عن قلقها من تحرك كل من البحرين والإمارات لتعزيز علاقاتهما مع إيران. كانت المملكتان الخليجيتان أول من قام بتطبيع العلاقات مع إسرائيل بموجب اتفاقية إبراهيم فضلا عن السودان، الذي أوقف العملية بسبب اندلاع الحرب الأهلية. لكن التعليق جاء بعد شهور من تباطؤ السودان في إنهاء الاتفاق بسبب معارضة المجتمع المدني السوداني.

وأكد الكاتب أن إلغاء المغرب لمنتدى النقب من المطبات الأكثر خطورة في طريق ترسيخ الاتفاقات الإبراهيمية. وقد تم بالفعل تأجيل الاجتماع عدة مرات بسبب مخاوف الرباط والعديد من الدول العربية المعنية تجاه الجرائم المتصاعدة التي ترتكبها إسرائيل في الضفة الغربية. كان الهجوم الأخير على جنين، إلى جانب إعلان إسرائيل عن آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة، بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس.

جاء ذلك في أعقاب إدانة السعودية الشديدة للهجوم الإسرائيلي على جنين وأعمال أخرى في الضفة الغربية. وقد أصدرت المملكة، بيانا تدين فيه  “… التصعيد الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة وآخرها العدوان على جنين”. وتابع البيان أن “وزارة الخارجية تؤكد رفض المملكة التام للانتهاكات الجسيمة التي تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي …”.

وأشار الكاتب إلى أن هذه الخطوة تأتي في تناقض مع الكثير من الشائعات المتعلقة بتطبيع المملكة العربية السعودية مع إسرائيل. وبدلاً من ذلك، يبدو الأمر أشبه بما حذرت الولايات المتحدة إسرائيل منه قبل أن تهاجم جنين. بعد أن ورد أن الإمارات قالت إنها “محرجة من إسرائيل” الشهر الماضي، أعرب المغرب عن الشيء ذاته لإدارة بايدن في الأيام الأخيرة قبل إلغاء اجتماع منتدى النقب.

وخلُص الكاتب إلى أن عجز إدارة بايدن عن كبح جماح المشاريع الاستيطانية الإسرائيلية يعني أنها ستستمر في تحمل الإهانات الإسرائيلية ومواصلة خدمة مصالح إسرائيل رغم ذلك. وتعتقد إسرائيل أنه يمكنها مواصلة أجندتها بمباركة من الولايات المتحدة وجهود إدارة بايدن لتأمين اتفاقيات التطبيع مع العالم العربي.

للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)

المصدر: موقع موندويس الأميركي

ترجمة: موقع عربي 21