هل يسترد اللبنانيون أموالهم من البنوك بعد رحيل سلامة؟

Spread the love
image_pdfimage_print

مع اقتراب ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، من نهايتها في يوليو (تموز)، ستتجه الأنظار إلى خليفته، وكيف ستكون المرحلة المقبلة في ظل انهيار مالي واقتصادي وفشل المودعين في الوصول إلى مدخراتهم بالبنوك.

وبحسب القانون اللبناني، يتولى النائب الأول لحاكم مصرف لبنان المسؤولية في حال شغور منصب الحاكم إلى حين تعيين حاكم جديد، وهو أمر يبدو مستبعداً في الوقت الحالي مع فشل لبنان في انتخاب رئيس للجمهورية منذ نهاية ولاية الرئيس السابق ميشال عون في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ولا يعتقد الخبير المصرفي نيكولا شيخاني، أن شيئاً سيتبدل بعد نهاية ولاية سلامة. وقال إن المسألة غير مرتبطة بالشخص فقط، بل أيضاً بالسياسة النقدية للدولة.

وقال شيخاني: «سعر الصرف ثابت لأن مصرف لبنان يتدخل في السوق من خلال ضخ دولارات من الاحتياطي عبر منصة (صيرفة)، ولكن مع الوقت سيتدهور السعر، وما تحققه (صيرفة) أنها تخفف من الانحدار ولا تمنعه».

وأضاف: «إذا أردنا تثبيت أو خفض التدهور في سعر الصرف، فيجب القيام بإصلاحات، فالسياسية النقدية هي التي تسهم في استقرار سعر الصرف».

ويتولى سلامة (72 عاماً) منصب حاكم مصرف لبنان منذ تسعينات القرن الماضي، ورفض مراراً دعوات للاستقالة، على الرغم من اتهامه، في نهاية تحقيقات استمرت لفترة طويلة في أوروبا، بإساءة استخدام منصبه لاختلاس ثروة من المال العام، وأصدرت الشرطة الدولية (الإنتربول) نشرة حمراء بحقه الشهر الماضي، بينما أعلنت فرنسا وألمانيا أنه مطلوب.

وانهار النظام المالي اللبناني في 2019، ولا يستطيع المودعون الوصول إلى أموالهم في البنوك، وكان سلامة ضمن مسؤولين وأعضاء في النخبة الحاكمة ألقي عليهم باللوم في هذا الانهيار.

ومضى شيخاني قائلاً إن هناك ضرورة لوضع خطة لاسترداد أموال المودعين على المديين القصير والمتوسط. وتابع: «الدولة تسعى إلى شطب أموال المودعين حسب خطة التعافي… وهو حق لهم ولا يجب عليها اتخاذ مثل هذا الإجراء المتناقض مع الدستور الذي يؤدي إلى ضرب الثقة في الاقتصاد»، في إشارة إلى ما تردد حول إمكانية حدوث اتفاق بشطب أموال المودعين مقابل استغناء الدولة عن طلبها في الحصول على أموال سلامة.

لكن السؤال الأبرز للمواطن اللبناني يبقى: كيف يسترد أمواله من البنوك؟

يقول شيخاني إن الحل في إنشاء صندوق سيادي تستعمل فيه جميع مرافق وأصول الدولة اللبنانية، «وهذا الصندوق يعمل بعد تطويره على ضخ من 3 إلى 5 مليارات دولار في السنة، تدفع من خلالها الدولة الدين المتبقي ودعم المرافق وجزء منه يكوّن رأس المال البنك المركزي الذي سيمثل أموال المودعين».

ويؤكد محمد فحيلي، الباحث الاقتصادي وخبير المخاطر المصرفية، أهمية استعادة الليرة اللبنانية عافيتها، مشيراً إلى أن الدولة لم تتخذ أي إجراء لمعالجة الأزمة.

ويتابع فحيلي: «رياض سلامة يؤسس لمرحلة انتقالية لإدراكه أنه غير باقٍ في منصبه، وهذا الاستقرار الذي نشهده في السوق النقدية وسعر الصرف في السوق الموازية وانخفاض الاضطرابات بالقطاع المصرفي وتراجع الانتقادات في وسائل الإعلام، نتيجة تأمينه لنوع من المناعة لدى القطاع والمصرف المركزي من كل الاتهامات الموجهة إليه».

وأردف الباحث الاقتصادي: «حتى لو دخل سلامة إلى السجن، مديرية العمليات ومديرية القطع بالمصرف المركزي لن تتأثر». وأضاف: «أنا على قناعة أنه إذا لم ينتخب رئيس جمهورية، فسيبقي السياسيون على رياض سلامة بطريقة ما، أو بإصدار قرار التمديد الإداري. لكن حين يرحل، ستتغير السياسات النقدية لأن سياسات ما بعد نهاية الحرب الأهلية عام 1990 لا يجب أن تشبه السياسات النقدية في الوقت الحالي».

وثمة ضرورة أيضاً لإجراء إصلاحات في المالية العامة وإصلاحات في مصرف لبنان، ومنها فصل لجنة الرقابة على المصارف من تحت سلطته حتى تمارس مهامها بشكل جدي، على حد قول فحيلي.

ومضى قائلاً: «هيكلة المصارف ممر إلزامي لإعادة الحياة الطبيعية للقطاع المالي والوصول إلى استقرار في سعر الصرف بالسوق الموازية، وتجب إعادة العمل بوسائل الدفع المتاحة من خلال القطاع المصرفي، مثل بطاقات الائتمان».

وأشار فحيلي إلى تعميم أصدره مصرف لبنان يعمل على تقليل التداول بالأوراق النقدية، «ليزيح الاتهامات بأن لبنان مكان لتبييض الأموال، فهو يؤمن للمواطن القدرة على الدفع بالبطاقات بعيداً عن النقد، خصوصاً أن مجموعة العمل المالي أعطت فترة سماح لمدة سنة لترتيب البيت الداخلي».

وكانت هيئة التحقيق الخاصة في وحدة الإخبار المالي اللبنانية قالت الشهر الماضي، إن لبنان سيعمل على مدى عام على التصدي لثغرات في التعامل مع الفساد كانت قد كشفتها مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، وهي هيئة معنية بمراقبة الجرائم المالية.

وفي وقت سابق من الشهر الحالي، قال صندوق النقد الدولي إن لبنان بحاجة إلى تحرك عاجل لتنفيذ إصلاحات اقتصادية شاملة من أجل تجنب «عواقب يتعذر إصلاحها».

المصدر: صحيفة الشرق الأوسط