المغني البريطاني روجر ووترز.. مؤسس فرقة “بينك فلويد” الذي تطارده لوبيات إسرائيل

Spread the love
image_pdfimage_print

روجر ووترز مغنٍّ بريطاني شهير، غيّرت زيارته لفلسطين وجهة نظره بشأن إسرائيل، فباتت تلاحقه اللوبيات الإسرائيلية وتحاول جاهدة القضاء على مسيرته الفنية بالدعوة لإلغاء حفلاته حول العالم، وتعمل على تشويه سمعته ملصقة به التهمة الشهيرة الجاهزة: “معاداة السامية”.

من روجر ووترز؟

ولد الفنان البريطاني جورج روجر ووترز في كامبريدج عام 1943، وظهر ولعه بالموسيقى منذ طفولته، وكان مهتما آنذاك بالرياضة وخاصة السباحة.

اكتسب شهرته بشكل أساسي من كونه مؤسس فرقة الروك الكلاسيكية البريطانية “بينك فلويد”، إذ أسسها رفقة سيد باريت ونيك ماسون وريتشارد رايت عام 1965.

لم يصدر الألبوم الأول للفرقة حتى عام 1967، إذ حمل اسم “الزمار على أبواب الفجر” (The Piper at the Gates of Dawn).

عرف ووترز منذ ذلك الحين بكونه أحد أبرز الموسيقيين البريطانيين، فإلى جانب الغناء برع في التلحين وتأليف الموسيقي والعزف على الغيتار.

أصدر ووترز مع فرقته العديد من الألبومات التي لاقت شعبية واسعة في مختلف أنحاء العالم، مثل “الجانب المظلم للقمر” (Dark Side of the Moon)، و”أتمنى لو كنت هنا” (Wish You Were Here)، و”تطفُّل” (Meddle).

وبعد تلك النجاحات برز اسمه قائدا للفرقة، وبات المؤلف الرئيسي لأغانيها، فحقق نجاحات عالمية في ألبومات مثل “الحيوانات” (Animals)، و”الحائط” (The Wall)، و”القطع النهائي” (The Final Cut).

خلافات مع الفرقة

لم يكن بقية أعضاء الفرقة سعداء بتصدر روجر ووترز، وبدأت الخلافات تظهر بينهم في فترة الثمانينيات، فوفقا لبقية الأعضاء كانت شخصية ووترز “مسيطرة”، وكانت أفكارهم لا تؤخذ بعين الاعتبار.

ومع حلول عام 1983، وبعد إصدار أغنية “The Final Cut”، انفصل ووترز عن المجموعة.

لم يكن انفصاله عن “بينك فلويد” سلميا، فقد رفع دعوى قضائية ضد بقية الأعضاء حاول من خلالها منعهم من استخدام اسم الفرقة، لكن الدعوى فشلت، واستمرت “بينك فلويد” بإصدار الأغاني من دون ووترز.

وبعد الانفصال بدأ، ووترز مسيرته مغنيا منفردا، وأصدر 3 ألبومات لم تحقق نجاحات مماثلة لألبوماته مع “بينك فلويد”.

السياسة في أغاني ووترز

لم تقتصر اهتمامات روجر ووترز على الموسيقى فقط، فقد كان ناشطا سياسيا كذلك، وانعكس ذلك على أعماله الفنية، فكتب أغنية حملت اسم “طوبة أخرى في الجدار”، تتحدث عن حق الأطفال السود في التعليم في جنوب أفريقيا، وتناهض سياسة الفصل العنصري التي كانت سائدة هناك، وقد حُظرت الأغنية عام 1980 من قبل حكومة جنوب أفريقيا.

قدم ووترز أيضا عام 1992 ألبوما حمل اسم “مسلٍّ حدَّ الموت” (Amused to death)، حمل عدة رسائل سياسية واجتماعية، انتقد بها الحروب والقتل.

كذلك أنتج ووترز عام 1990 فيلما موسيقيا حمل اسم “الجدار”، احتفى فيه بإنهاء الانقسام بين شرق ألمانيا وغربها بعد تدمير جدار برلين.

العودة بالزمن قليلا إلى الوراء، تشرح أكثر مواقف ووترز المعادية للحرب بشدة، فقد قتل والده على الجبهة الإيطالية عام 1944، في بداية الحرب العالمية الثانية، عندما كان طفلا يبلغ من العمر عاما واحدا فقط.

موقفه من فلسطين

كتب روجر ووترز مقالا في صحيفة الغارديان عام 2011، عبَّر فيه عن دعمه للفلسطينيين ورفضه سياسة الفصل العنصري التي تنتهجها إسرائيل.

وقال في المقال إنه قد تم التعاقد معه لتقديم عروض موسيقية في تل أبيب، إلا أن فلسطينيين من حركة تدعو إلى المقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل تواصلوا معه وشرحوا له الانتهاكات التي ترتكبها الحكومة الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، وطلبوا منه المجيء إلى فلسطين كي يعاين الأمر بنفسه.

وبالفعل، زار ووترز القدس وبيت لحم تحت حماية الأمم المتحدة، وشاهد بنفسه جدار الفصل العنصري، ومنذ ذلك اليوم قرر الوقوف إلى جانب الفلسطينيين، وامتنع عن إقامة حفلات في تل أبيب، لأن ذلك قد يعطي شرعية للحكومة الإسرائيلية.

وتحدث ووترز في مقاله عن سكان غزة كذلك، قائلا إنهم “مسجونون فعليا خلف جدار الحصار الإسرائيلي غير القانوني”، ووصف معاناة الأطفال الذين يعانون من نقص التغذية وانعدام الأمان.

وقال “برأيي، يتوجب على جميع المنصفين في أنحاء العالم أن يدعموا القضية الفلسطينية، بسبب السيطرة المقيتة والقاسية التي تمارسها إسرائيل على الفلسطينيين المحاصرين في غزة، والفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة (بما في ذلك القدس الشرقية)، إلى جانب حرمانها اللاجئين من حقوقهم في العودة إلى ديارهم”.

وإلى جانب موقفه الشخصي من القضية الفلسطينية، شجع ووترز زملاءه الموسيقيين على اتباع النهج ذاته. فعلى سبيل المثال، طلب عام 2013 من الموسيقي ستيفي وندر الامتناع عن أداء حفل موسيقي لصالح جيش الدفاع الإسرائيلي.

اتهامات بمعاداة السامية

لم يمرّ موقف ووترز الداعم لفلسطين مرور الكرام، لذلك ألصقت به تهمة “معاداة السامية”، وتعرّض لحملات ممنهجة على مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أنه بقي مع ذلك متمسكا بموقفه.

وعادت الاتهامات بمعاداة السامية للظهور مجددا بعد عرض مثير للجدل قدمه ووترز في ألمانيا في مايو/أيار 2023، إذ ارتدى في الحفل زيا شبيها بزي قوات الأمن الخاصة النازية، وعرض على الشاشة أسماء عديدة كان من بينها: آن فرانك، وجورج فلويد، وشيرين أبو عاقلة.

يذكر أن آن فرانك هي مراهقة يهودية قتلت خلال الهولوكوست، وتعتبر مذكراتها الشخصية واحدة من أشهر الروايات التي توثق تلك المرحلة، أما جورج فلويد فقد قتل على يد الشرطة الأميركية، وقتلت الصحفية شيرين أبو عاقلة على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي.

وبعد هذا العرض، فسّر البعض ارتداءه الزي النازي على أنه “خطاب كراهية” ضد اليهود، كما اعتبروا أن الربط بين اسمي آن فرانك وشيرين أبو عاقلة يحمل معاني “معادية للسامية”، وهكذا تجددت الاتهامات التي تستهدف ووترز.

حتى إن بعض اللوبيات الإسرائيلية شنّت حملات ضده، محاولة إلغاء حفلاته في عدة أنحاء من العالم، وقد نجحت في مسعاها ذلك في فرانكفورت الألمانية، حيث ألغيت حفلة كانت مقررة له بحجة أنه “يعتبر أحد أبرز المعادين للسامية وأكثرهم تأثيرا في العالم”.

ومن جهته، أوضح ووترز أن الحملات ضده يقودها أشخاص “يريدون تشويه صورته وإسكاته، لأنهم يختلفون معه في آرائه السياسية وقيمه الأخلاقية”.

وأضاف أن العرض الذي قدمه في ألمانيا “ليس إلا موقفا واضحا ضد الفاشية والظلم والتعصب، بأشكاله كافة”، واعتبر أن “تفسير العرض على أنه شيء آخر هو محاولات مخادعة وذات دوافع سياسية”.

وبيّن ووترز مرارا أن مواقفه السياسية لا تعني معاداة للسامية أو معاداة للشعب اليهودي على الإطلاق، كل ما هنالك أنه يقف بشدة ضد انتهاكات الحكومة الإسرائيلية بحق الفلسطينيين.

وقارن قمع الحكومة الإسرائيلية للشعب الفلسطيني بالأفعال التي اقترفها النازيون في ظل حكم أدولف هتلر.

المصدر : موقع الجزيرة+ مواقع إلكترونية